responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 457
وَمَنْ قَالَ مِنْ الْعُلَمَاءِ: إنَّ طَوَافَ أَهْلِ الْآفَاقِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْمَسْجِدِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُمْكِنُهُمْ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ، بِخِلَافِ الطَّوَافِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِمَكَّةَ، وَالْعَمَلُ الْمَفْضُولُ فِي مَكَانِهِ وَزَمَانِهِ يُقَدَّمُ عَلَى الْفَاضِلِ، لَا لِأَنَّ جِنْسَهُ أَفْضَلُ كَمَا يُقَدَّمُ الدُّعَاءُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ عَلَى الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ، وَيُقَدَّمُ الذِّكْرُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا وَسَاجِدًا» .
وَكَمَا يُقَدَّمُ الْقِرَاءَةُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ، وَكَمَا تُقَدَّمُ إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَفُوتُ وَذَلِكَ لَا يَفُوتُ الْآفَاقِيَّ إذَا خَرَجَ فَقُدِّمَ ذَلِكَ لَا لِأَنَّ جِنْسَهُ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ، بَلْ وَلَا مِثْلُهَا فَإِنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ، وَالْحَجُّ كُلُّهُ لَا يُقَاسُ بِالصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ عَمُودُ الدِّينِ، فَكَيْفَ يُقَاسُ بِهَا بَعْضُ أَفْعَالِهِ، وَإِنَّمَا فَرَضَ اللَّهُ الْحَجَّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مَرَّةً فِي الْعُمُرِ، وَلَمْ يُوجِبْ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِهِ مَرَّتَيْنِ، بَلْ إنَّمَا فَرَضَ طَوَافًا وَاحِدًا، وَوُقُوفًا وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ السَّعْيُ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي أَنَصِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ: لَا يُوجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ إلَّا سَعْيًا وَاحِدًا، إمَّا قَبْلَ التَّعْرِيفِ وَإِمَّا بَعْدَهُ، بَعْدَ الطَّوَافِ، وَلِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَجِبُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي الدَّلِيلِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُوجِبْ إلَّا حَجَّ الْبَيْتِ، وَلَمْ يُوجِبْ الْعُمْرَةَ، وَلَكِنْ أَوْجَبَ إتْمَامَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عَلَى مَنْ يَشْرَعُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ هِيَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ، فَيَجِبُ إتْمَامُهَا كَمَا يَجِبُ إتْمَامُ الْحَجِّ التَّطَوُّعِ، وَاَللَّهُ لَمْ يُوجِبْ إلَّا مُسَمَّى الْحَجِّ، لَمْ يُوجِبْ حَجَّيْنِ أَكْبَرَ وَأَصْغَرَ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ اسْمِ الْحَجِّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَلَا يَجِبُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى أَعْمَالِ الْحَجِّ، فَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ يَجِبْ إلَّا عَمَلٌ وَاحِدٌ مَرَّتَيْنِ. وَهَذَا خِلَافُ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ فِي الْحَجِّ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 457
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست