responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 410
كُلَّ مَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ مُلَابَسَتِهِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَنِيَّ يُصِيبُ أَبْدَانَ النَّاسِ، وَثِيَابَهُمْ، وَفُرُشَهُمْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ أَكْثَرَ مِمَّا يَلَغُ الْهِرُّ فِي آنِيَتِهِمْ، فَهُوَ طَوَافُ الْفَضَلَاتِ، بَلْ قَدْ يَتَمَكَّنُ الْإِنْسَانُ مِنْ الِاحْتِرَازِ مِنْ الْبُصَاقِ، وَالْمُخَاطِ، الْمُصِيبِ ثِيَابَهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الِاحْتِرَازِ مِنْ مَنِيِّ الِاحْتِلَامِ وَالْجِمَاعِ، وَهَذِهِ الْمَشَقَّةُ الظَّاهِرَةُ تُوجِبُ طَهَارَتَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُقْتَضِي لِلتَّنْجِيسِ قَائِمًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّارِعَ خَفَّفَ فِي النَّجَاسَةِ الْمُعْتَادَةِ فَاجْتَزَأَ فِيهَا بِالْجَامِدِ، مَعَ أَنَّ إيجَابَ الِاسْتِنْجَاءِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ أَهْوَنُ مِنْ إيجَابِ غَسْلِ الثِّيَابِ مِنْ الْمَنِيِّ، لَا سِيَّمَا فِي الشِّتَاءِ فِي حَقِّ الْفَقِيرِ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ. فَإِنْ قِيلَ: الَّذِي يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَنِيِّ وُجُوهٌ:
أَحَدُهَا: مَا رُوِيَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّمَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْ الْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ، وَالْمَنِيِّ، وَالْقَيْءِ» رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ. وَحَدِيثُ عَائِشَةَ قَدْ مَضَى فِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْسِلُهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ خَارِجٌ يُوجِبُ طَهَارَتَيْ الْخَبَثِ وَالْحَدَثِ، فَكَانَ نَجِسًا كَالْبَوْلِ وَالْحَيْضِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ إيجَابَ نَجَاسَةِ الطَّهَارَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ نَجِسٌ، فَإِنَّ إمَاطَتَهُ وَتَنْحِيَتَهُ أَخَفُّ مِنْ التَّطْهِيرِ مِنْهُ، فَإِذَا وَجَبَ الْأَثْقَلُ، فَالْأَخَفُّ أَوْلَى، لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْهُ، فَإِنَّ الِاسْتِنْجَاءَ إمَاطَةٌ وَتَنْحِيَةٌ، فَإِذَا وَجَبَ تَنْحِيَتُهُ فِي مَخْرَجِهِ فَفِي غَيْرِ مَخْرَجِهِ أَحَقُّ وَأَوْلَى.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْمَذْيِ فَكَانَ نَجِسًا كَالْمَذْيِ، وَذَاكَ؛ لِأَنَّ الْمَذْيَ يَخْرُجُ عَنْ مُقَدِّمَاتِ الشَّهْوَةِ، وَالْمَنِيُّ أَصْلُ الْمَذْيِ عِنْدَ اسْتِكْمَالِهَا، وَهُوَ يَجْرِي فِي مَجْرَاهُ، وَيَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِهِ، فَإِذَا نَجِسَ الْفَرْعُ فَلَأَنْ يَنْجَسَ الْأَصْلُ أَوْلَى.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ الذَّكَرِ، أَوْ خَارِجٌ مِنْ الْقُبُلِ، فَكَانَ نَجِسًا كَجَمِيعِ الْخَوَارِجِ مِثْلُ: الْبَوْلِ، وَالْمَذْيِ، وَالْوَدْيِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي النَّجَاسَةِ مَنُوطٌ بِالْمَخْرَجِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْفَضَلَاتِ الْخَارِجَةَ مِنْ أَعَالِي الْبَدَنِ لَيْسَتْ نَجِسَةً، وَفِي أَسَافِلِهِ تَكُونُ نَجِسَةً، وَإِنْ جَمَعَهَا الِاسْتِحَالَةُ فِي الْبَدَنِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 410
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست