responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 366
وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الْأُخْرَى وَهِيَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] بِالْخَفْضِ فَهِيَ لَا تُخَالِفُ السُّنَّةَ الْمُتَوَاتِرَةَ، إذْ الْقِرَاءَتَانِ كَالْآيَتَيْنِ، وَالسُّنَّةُ الثَّابِتَةُ لَا تُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ، بَلْ تُوَافِقُهُ وَتُصَدِّقُهُ، وَلَكِنْ تُفَسِّرُهُ وَتُبَيِّنُهُ لِمَنْ قَصُرَ فَهْمُهُ عَنْ فَهْمِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ فِيهِ دَلَالَاتٌ خَفِيَّةٌ تَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ، وَفِيهِ مَوَاضِعُ ذُكِرَتْ مُجْمَلَةً تُفَسِّرُهَا السُّنَّةُ وَتُبَيِّنُهَا.
وَالْمَسْحُ اسْمُ جِنْسٍ يَدُلُّ عَلَى إلْصَاقِ الْمَمْسُوحِ بِهِ بِالْمَمْسُوحِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى لَفْظِهِ وَجَرَيَانِهِ لَا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَغَيْرُهُ: الْعَرَبُ تَقُولُ: تَمَسَّحْت لِلصَّلَاةِ، فَتُسَمِّي الْوُضُوءَ كُلَّهُ مَسْحًا، وَلَكِنْ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ إذَا كَانَ الِاسْمُ عَامًّا تَحْتَهُ نَوْعَانِ، خَصُّوا أَحَدَ نَوْعَيْهِ بِاسْمٍ خَاصٍّ، وَأَبْقَوْا الِاسْمَ الْعَامَّ لِلنَّوْعِ الْآخَرِ، كَمَا فِي لَفْظِ الدَّابَّةِ، فَإِنَّهُ عَامٌّ لِلْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ الدَّوَابِّ، لَكِنْ لِلْإِنْسَانِ اسْمٌ يَخُصُّهُ، فَصَارُوا يُطْلِقُونَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْحَيَوَانِ، وَلَفْظُ ذَوِي الْأَرْحَامِ، يَتَنَاوَلُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ، لَكِنْ لِلْوَارِثِ بِفَرْضٍ، أَوْ تَعْصِيبٍ اسْمٌ يَخُصُّهُ. وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْمُؤْمِنِ، يَتَنَاوَلُ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَمَنْ آمَنَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، فَصَارَ لِهَذَا النَّوْعِ اسْمٌ يَخُصُّهُ وَهُوَ الْكَافِرُ، وَأَبْقَى اسْمَ الْإِيمَانِ مُخْتَصًّا بِالْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْبِشَارَةِ، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
ثُمَّ إنَّهُ مَعَ الْقَرِينَةِ تَارَةً، وَمَعَ الْإِطْلَاقِ أُخْرَى، يُسْتَعْمَلُ اللَّفْظُ الْعَامُّ فِي مَعْنَيَيْنِ، كَمَا إذَا أَوْصَى لِذَوِي رَحِمِهِ، فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ أَقَارِبَهُ مِنْ مِثْلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي آيَةِ الْوُضُوءِ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] يَقْتَضِي إيجَابَ مُسَمَّى الْمَسْحِ بَيْنَهُمَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَسْحِ الْخَاصِّ الْخَالِي عَنْ الْإِسَالَةِ، وَالْمَسْحُ الَّذِي مَعَهُ إسَالَةٌ يُسَمَّى مَسْحًا، فَاقْتَضَتْ الْآيَةُ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِ الْآيَةِ مَا يَمْنَعُ كَوْنَ الرِّجْلِ يَكُونُ الْمَسْحُ بِهَا هُوَ الْمَسْحُ الَّذِي مَعَهُ إسَالَةٌ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] فَأَمَرَ بِمَسْحِهِمَا إلَى الْكَعْبَيْنِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَسْحَ الْخَاصَّ هُوَ: إسَالَةُ الْمَاءِ مَعَ الْغَسْلِ، فَهُمَا نَوْعَانِ: الْمَسْحُ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 366
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست