responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 253
وَلِهَذَا «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ بِئْرِ بُضَاعَةَ، لَمَّا ذُكِرَ لَهُ أَنَّهَا يُلْقَى فِيهَا الْحَيْضُ، وَلُحُومُ الْكِلَابِ، وَالنَّتْنُ، فَقَالَ: الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» وَقَالَ فِي حَدِيثٍ الْقُلَّتَيْنِ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ» وَفِي اللَّفْظِ الْآخَرِ «لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ. فَقَوْلُهُ «لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ» : بَيَّنَ أَنَّ تَنْجِيسَهُ بِأَنْ يَحْمِلَ الْخَبَثَ، أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْخَبَثُ فِيهِ مَحْمُولًا، وَذَلِكَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ مَعَ اسْتِحَالَةِ الْخَبَثِ لَا يَنْجُسُ الْمَاءُ.

[فَصْلٌ سَائِرُ النَّجَاسَاتِ يَجُوزُ التَّعَمُّدُ لِإِفْسَادِهَا]
فَصْلٌ وَإِذَا عُرِفَ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَالْحُكْمُ إذَا ثَبَتَ بِعِلَّةٍ زَالَ بِزَوَالِهَا، كَالْخَمْرِ لَمَّا كَانَ الْمُوجِبُ لِتَحْرِيمِهَا وَنَجَاسَتِهَا هِيَ الشِّدَّةَ، فَإِذَا زَالَتْ بِفِعْلِ اللَّهِ طَهُرَتْ، بِخِلَافِ مَا إذَا زَالَتْ بِقَصْدِ الْآدَمِيِّ عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا تَأْكُلُوا خَلَّ خَمْرٍ، إلَّا خَمْرًا بَدَأَ اللَّهُ بِفَسَادِهَا، وَلَا جُنَاحَ عَلَى مُسْلِمٍ أَنْ يَشْتَرِيَ خَلًّا مِنْ خَمْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ تَعَمَّدُوا فَسَادَهَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اقْتِنَاءَ الْخَمْرِ مُحَرَّمٌ، فَمَنْ قَصَدَ بِاقْتِنَائِهَا التَّخْلِيلَ كَانَ قَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا، وَالْفِعْلُ الْمُحَرَّمُ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْحِلِّ وَالْإِبَاحَةِ، وَأَمَّا إذَا اقْتَنَاهَا لِشُرْبِهَا، وَاسْتِعْمَالِهَا خَمْرًا فَهُوَ لَا يُرِيدُ تَخْلِيلَهَا، وَإِذَا جَعَلَهَا اللَّهُ خَلًّا كَانَ مُعَاقَبَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، فَلَا يَكُونُ فِي حِلِّهَا وَطَهَارَتِهَا مَفْسَدَةٌ.
وَأَمَّا سَائِرُ النَّجَاسَاتِ: فَيَجُوزُ التَّعَمُّدُ لِإِفْسَادِهَا، لِأَنَّ إفْسَادَهَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ، كَمَا لَا يُحَدُّ شَارِبُهَا؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا يُخَافُ عَلَيْهَا بِمُقَارَبَتِهَا الْمَحْظُورَ كَمَا يُخَافُ مِنْ مُقَارَبَةِ الْخَمْرِ، وَلِهَذَا جَوَّزَ الْجُمْهُورُ أَنْ تُدْبَغَ جُلُودُ الْمَيْتَةِ، وَجَوَّزُوا أَيْضًا إحَالَةَ النَّجَاسَةِ بِالنَّارِ وَغَيْرِهَا.

وَالْمَاءُ لِنَجَاسَتِهِ سَبَبَانِ. أَحَدُهُمَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالْآخَرُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست