نام کتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى نویسنده : آل معمر، حمد بن ناصر جلد : 1 صفحه : 216
وكذلك المساجد المبينة على القبور التي تمسى المشاهد محدثة في الاسلام، والسفر إليها محدث في الاسلام لم يكن شيء من ذلك في القرون الثلاثة المفضلة، بل ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما فعلوا قالت عائشة: ولولا ذلك لابرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجداً، وثبت في الصحيح عنه أنه قال قبل أن يموت بخمس: "ان من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد إلا فلا تتخذوا القبور مساجد فأني أنهاكم عن ذلك" وقد تقدم أن عمر لما أجدبوا استسقى بالعباس فقال اللهم انا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وانا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون، فلم يذهبوا إلى القبر ولا توسلوا بالعباس وكان توسلهم به توسلاً بدعائه كالامام مع المأموم وهذا تعذر بموته.
فأما قول القائل عن ميت من الانبياء والصالحين اللهم اني أسالك بفلان، أو بجاه فلان، أو بحرمة فلان فهذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة ولا التابعين، وقد نص غير واحد من العلماء أنه لا يجوز فكيف بقول القائل للميت: أنا أستغيث بك أو أستجير بك، وأنا في حسبك أوسل الله لي، ونحو ذلك، فتبين أن هذا ليس من الأسباب المشروعة لو قدر أنه له تأثير، فكيف إذا لم يكن له تأثير صالح وذلك أن من الناس الذين يستغيثون بغائب أو ميت من تتمثل له الشياطين، وربما كانت له صورة ذلك الغائب وربما كلمته، وربما قضت له بعض أحياناً بعض حوائجه كما تفعل له شياطين الأصنام.
فإن أحداً من الأنبياء والصالحين لم يعبد في حياته إذ هو ينهي عن ذلك وأما بعد الموت فهو لا يقدر أن ينهي فيفضي ذلك إلى اتخاذ قبره وثناً يعبد ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا قبري عيداً" وقال: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد" وقال غير واحد من السلف في قوله تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} الآية أن هؤلاء كانوا قوماً صالحين في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم، ولهذا المعنى لعن النبي صلى الله عليه وسلم الذين اتخذوا قبور الأنبياء والصالحين مساجد انتهى ملخصاً.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الزبير أنه رأى قوماً يمسحون المقام فقال لم تؤمروا بهذا إنما أمرتم بالصلاة عنده، وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} قال: إنما أمروا أن يصلوا عنده ولم يؤمروا بمسحه، ولقد تكلفت هذه الأمة شيئاً ما تكلفته الأمم قبلهم، فإن كان المعترض يستدل بكلام شيخ الإسلام، فهذا صريح كلامه المؤيد بالأدلة والبراهين، وكلام العلماء كمثل كلام الشيخ في هذا كثير جداً لو ذكرناه لطال الجواب.
وأما قول المعترض بل مدح الصرصري وأثنى عليه بقوله قال الفقيه الصالح يحيى بن يوسف الصرصري في نظمه المشهور.
نام کتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى نویسنده : آل معمر، حمد بن ناصر جلد : 1 صفحه : 216