نام کتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى نویسنده : آل معمر، حمد بن ناصر جلد : 1 صفحه : 195
وقد قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} فيا سعادة من تجرد عن العصبية والهوى، والتجأ إلى حصن الكتاب والسنة، فإن العلم معرفة الهدى بدليله وما ليس كذلك فجهل وضلال.
وأما قول المعترض: فأنظر إلى الشفاء تجده حكى كفر من قال مثل هذه الكلمة أي الكلمة التي ذكرها المجيب في معنى قوله: {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً} الآيات ذكر عبارات النسفي في معناها، وهي قوله: هو إظهار للعبودية وبراءة مما يختص بالربوبية من علم الغيب أي أبا عبد ضعيف لا أملك لنفسي اجتلاب نفع ولا دفع ضر إلى آخر كلامه.
إذ من عادة هذا المعترض الجاهل رد الحق، والمكابرة في دفعه والغلو المتناهي وإلا فمن المعلوم عند من له معرفة بدين الإسلام أن المجيب إنما أتى في جوابه بتحقيق التوحيد ونفي الشرك بالله، وذلك تعظيم لجانب الرسالة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى أمته عن كل ما يؤول بهم إلى الغلو، ولما قيل له صلى الله عليه وسلم، أنت سيدنا وابن سيدنا وخيرنا قال: "يا أيها الناس قولوا بقولكم أو بعض لكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا عبد الله ورسوله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله تعالى" والنبي صلى الله عليه وسلم هو أحق الخلق بالتواضع لله وحده سبحانه وفي الحديث "فإنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة وإني لا أثق إلا برحمتك" الحديث، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة يخبر بذلك عن نفسه، ويعترف بذلك لربه وهو الصادق المصدوق، فإذا قال المسلم مثل هذا في حقه صلى الله عليه وسلم وأخبر به عن نفسه لم يكن منتقصاً له بل هذا من تصديقه والإيمان به.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: إذا كان الكلام في سياق توحيد الرب، ونفي خصائصه عما سواه لم يجز أن يقال: هذا سواء عبارة في حق دون الله من الأنبياء، والملائكة، فإن المقام أجل من ذلك، وكل ما سوى الله يتلاشى عند تجريد توحيده، والنبي صلى الله عليه وسلم كان أعظم الناس تقريراً لما يقال على هذا الوجه، وإن كان نفسه المسلوب كما في الصحيحين في حديث الإفك لما نزلت براءة عائشة من السماء وأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قالت لها أمها: قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت واله لا أقوم إليه ولا أحمده ولا أياكما ولا أحمد إلا الله الذي أنزل براءتي فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم وأبوها على لهذا الكلام الذي نفت فيه أن نحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية أخرى بحمد الله لا بحمدك، ولم يقل أحد أن هذا سوء أدب عليه صلى الله عليه وسلم، وأخرج البيهقي بسنده إلى محمد بن مسلم سمعت حبان صاحب ابن المبارك يقول قلت لعبد الله بن المبارك: قول عائشة الحمد أهله، وكذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسنده عن الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بأسير فقال: اللهم أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عرف الحق لأهله".
نام کتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى نویسنده : آل معمر، حمد بن ناصر جلد : 1 صفحه : 195