responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك نویسنده : عليش، محمد بن أحمد    جلد : 1  صفحه : 95
اكْتِفَاؤُنَا مِنْ الْمُكَلَّفِ بِفِعْلِ التَّكَالِيفِ ظَاهِرًا، وَقَدْ يَكُونُ فِي بَاطِنِهِ زِنْدِيقًا عَلَى خِلَافِ مَا أَظْهَرَهُ لَنَا وَإِنْ كَانَ مُرَادُ الشَّارِعِ بِشَرِيعَتِهِ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ مَا وَافَقَ فِيهِ الظَّاهِرُ الْبَاطِنَ فَمَنْ شَهِدَ أَوْ صَلَّى غَيْرَ مُؤْمِنٍ فَلَيْسَ هُوَ عَلَى شَرْعٍ مُطْلَقًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى يُقَابَلَ بِالْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الدِّينِ وَقَدْ يَنْتَصِرُ الْحَقُّ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - لِمُنْصِفِ الشَّرْعِ فَيُنَفِّذُ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فَيُسَامِحُ شُهُودَ الزُّورِ فِي الْآخِرَةِ وَيَعْفُو عَنْهُمْ وَيُمَشِّي حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَسْأَلَتِهِمْ كَمَا تَمْشِي شَهَادَةُ الْعُدُولِ وَيُرْضِي الْخُصُومَ كُلُّ ذَلِكَ فَضْلٌ مِنْهُ - تَعَالَى - وَرَحْمَةٌ لِعِبَادِهِ وَسِتْرٌ عَلَى فَضَائِحِهِمْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَسَمِعْت سَيِّدِي عَلِيًّا الْخَوَّاصَ يَقُولُ لَا يَكْمُلُ إيمَانُ الْعَبْدِ بِأَنَّ سَائِرَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ إلَّا إنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْقَوْمِ، وَأَمَّا أَصْحَابُ الْحُجُبِ الْكَثِيفَةِ مِنْ غَالِبِ الْمُقَلِّدِينَ فَمَنْ لَازَمَهُمْ سُوءُ الِاعْتِقَادِ فِي غَيْرِ إمَامِهِمْ وَيُسَلِّمُونَ لَهُ قَوْلَهُ وَفِي قَلْبِهِمْ مِنْهُ حَزَازَةٌ فَإِيَّاكُمْ أَنْ تُكَلِّفُوا أَحَدًا مِنْهُمْ بِهَذَا الِاعْتِقَادِ الشَّرِيفِ فِي غَيْرِ إمَامِهِمْ إلَّا بَعْدَ السُّلُوكِ وَإِنْ شَكَكْت فِي هَذَا فَاعْرِضْ عَلَيْهِمْ أَقْوَالَ الْمَذَاهِبِ وَقُلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ اعْمَلْ بِقَوْلِ غَيْرِ إمَامِك فَإِنَّهُ لَا يُعْطِيك فِي ذَلِكَ وَيَقُولُ لَك أَنْتَ تُرِيدُ تَهْدِمُ قَوَاعِدَ مَذْهَبِهِ عِنْدَهُ بَلْ وَلَوْ سَلَّمَ لَك ظَاهِرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى انْشِرَاحِ قَلْبِهِ بَاطِنًا وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ مِنْ وَرَاءِ النَّهْرِ جَمَاعَةً مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ يُفْطِرُونَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ لِيَتَقَوَّوْا عَلَى الْجِدَالِ وَإِدْحَاضِ بَعْضِهِمْ حُجَجَ بَعْضٍ انْتَهَى.
وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ الْأَئِمَّةَ الْمُجْتَهِدِينَ مَا سُمُّوا بِذَلِكَ إلَّا لِبَذْلِ أَحَدِهِمْ وُسْعَهُ فِي اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ الْكَامِنَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّ الِاجْتِهَادَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْجَهْدِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي إتْعَابِ الْفِكْرِ وَكَثْرَةِ النَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَجْزِي جَمِيعَ الْمُجْتَهِدِينَ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ لَوْلَا اسْتَنْبَطُوا لِلْأُمَّةِ الْأَحْكَامَ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا قَدَرَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ عَلَى ذَلِكَ وَسَمِعْت شَيْخَنَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ لَوْلَا بَيَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُجْتَهِدِينَ لَنَا مَا أُجْمِلَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَمَا قَدَرَ أَحَدٌ مِنَّا عَلَى ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الشَّارِعَ لَوْلَا بَيَّنَ لَنَا بِسُنَّتِهِ أَحْكَامَ الطَّهَارَةِ مَا اهْتَدَيْنَا لِكَيْفِيَّتِهَا مِنْ الْقُرْآنِ وَلَا قَدَرْنَا عَلَى اسْتِخْرَاجِهَا مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي بَيَانِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَالصَّلَوَاتِ مِنْ فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَكَيْفِيَّتِهَا وَبَيَانِ أَنْصِبَتِهَا وَشُرُوطِهَا وَبَيَانِ فَرْضِهَا مِنْ سُنَّتِهَا وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الَّتِي وَرَدَتْ مُجْمَلَةً فِي الْقُرْآنِ فَلَوْلَا أَنَّ السُّنَّةَ بَيَّنَتْ لَنَا ذَلِكَ مَا عَرَفْنَاهُ وَلِلَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ أَسْرَارٌ وَحِكَمٌ يَعْرِفُهَا الْعَارِفُونَ انْتَهَى.
قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ النَّاسَ الْآنَ يَصِلُونَ إلَى ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْكَشْفِ فَقَطْ لَا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَقَامٌ لَمْ يَدَّعِهِ أَحَدٌ بَعْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ إلَّا الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ وَلَمْ يُسَلِّمُوا لَهُ ذَلِكَ وَجَمِيعُ مَنْ ادَّعَى

نام کتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك نویسنده : عليش، محمد بن أحمد    جلد : 1  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست