responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك نویسنده : عليش، محمد بن أحمد    جلد : 1  صفحه : 62
لَيْسَ فِي فَضْلِ الِاخْتِيَارِ قَلَّدَ رَجُلًا يَقْوَى فِي نَفْسِهِ فَاخْتِيَارُ الرَّجُلِ كَاخْتِيَارِ الْقَوْلِ انْتَهَى. فَانْظُرْ إلَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ مِنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَهُوَ يَقْتَضِي انْصِرَافَ التَّقْلِيدِ إلَى مَسْأَلَةِ الْمُقَلِّدِ عَلَى سَبِيلِ الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فِيمَا يُقَلِّدُهُ بِكَوْنِهِ مَشْهُورًا أَوْ أَصَحَّ أَوْ قَائِلُهُ أَفْضَلُ.
وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ لِابْنِ هِشَامٍ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يُشَاوِرُهُمْ فِيهِ فَقِيلَ يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَعْلَمِهِمْ وَقِيلَ بِقَوْلِ أَكْثَرِهِمْ وَقِيلَ يَأْخُذُ بِقَوْلِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ.
وَفِي الْمُتَيْطِيِّ يَنْظُرُ فِي أَقْوَالِهِمْ فَمَا رَآهُ عِنْدَهُ أَقْرَبَ إلَى الْجَوَازِ أَخَذَ بِهِ انْتَهَى فَقِفْ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ يَأْخُذُ بِقَوْلِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِلُهُ أَعْلَمَ، وَلَا أَكْثَرَ بَلْ يَكُونُ مِثْلًا أَوْ أَقَلَّ عَدَدًا أَوْ أَدْنَى عِلْمًا فَهَذَا هُوَ عَيْنُ الْقَوْلِ الشَّاذِّ وَقَدْ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ بِجَوَازِ تَقْلِيدِهِ فَأَيْنَ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ وَلَعَلَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ تَبِعَ الْقَاضِي أَوْ الْمُفْتِي فِي تَقْلِيدِ الشَّاذِّ هَوَاهُ فَإِنْ أَبْغَضَ شَخْصًا أَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْخُمُولِ شَدَّدَ عَلَيْهِ فَقَضَى عَلَيْهِ وَأَفْتَاهُ بِالْمَشْهُورِ، وَإِنْ أَحَبَّهُ أَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِنَّةٌ وَكَانَ مِنْ أَصْدِقَائِهِ أَوْ أَقَارِبِهِ وَاسْتَحْيَا مِنْهُ لِكَوْنِهِ مِنْ ذَوِي الْوَجَاهَةِ أَوْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا أَفْتَاهُ أَوْ قَضَى لَهُ بِالشَّاذِّ الَّذِي فِيهِ رُخْصَةٌ وَلَا حَقًّا وَفِي تَحْرِيمِ هَذَا وَحَكَى ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنْعِ ذَلِكَ الْإِجْمَاعِ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ الشَّاذَّ وَإِنْ كَانَ حَقًّا مَثَلًا فَلَمْ يَتَّبِعْهُ هَذَا الْمُقَلِّدُ لِأَجْلِ حَقِيقَتِهِ بَلْ لِأَجْلِ مُتَابَعَةِ هَوَاهُ بِهِ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي سِرِّ قَوْله تَعَالَى لِدَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى} [ص: 26] بَعْدَ أَمْرِهِ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْحَقِّ أَنَّ فِيهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الِامْتِثَالَ لَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ حَتَّى يَكُونَ الْبَاعِثُ عَلَى الْحُكْمِ بِهِ أَحَقِّيَّتَهُ لَا اتِّبَاعَ الْهَوَى فَيَكُونُ مَعْبُودُ مَنْ اتَّصَفَ بِهَذَا هَوَاهُ لَا مَوْلَاهُ - جَلَّ وَعَلَا - حَتَّى إنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ هَوَاهُ فِي الْحَقِّ تَرَكَهُ وَاتَّبَعَ غَيْرَ اللَّهِ أَمَّا مَنْ قَلَّدَ الْقَوْلَ الشَّاذَّ لِأَنَّهُ حَقٌّ فِي حَقِّ مَنْ قَالَ بِهِ، وَفِي حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ وَلَمْ يَحْمِلْهُ عَلَيْهِ مُجَرَّدُ الْهَوَى بَلْ الْحَاجَةُ وَالِاسْتِعَانَةُ عَلَى دَفْعِ ضَرَرٍ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ ثُمَّ شَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَافَقَ غَرَضَهُ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْحَقِّ مَا يُوَافِقُ هَوَاهُ أَجْرَاهُ وَخَافَ اللَّهَ تَعَالَى فَهَذَا تُرْجَى لَهُ السَّلَامَةُ فِي تَقْيِيدِهِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى.
وَأَجَابَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِمَا نَصُّهُ: " حُكْمُ الْمُقَلِّدِ الْمَذْكُورِ وَصِفَةُ حُكْمِ الْمُسْتَفْتِي إذَا أَخْبَرَهُ الْمُفْتِي بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ اسْتَفْتَاهُ فِيهَا فَقِيلَ لَهُ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ وَأَنَّ الْأَقْوَالَ الْمَنْسُوبَةَ لِلْأَمْوَاتِ كَالْأَقْوَالِ الثَّابِتَةِ لِلْأَحْيَاءِ.
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لَهُ التَّخْيِيرُ وَلَا يَسُوغُ لِلْمُفْتِي إطْلَاقُ الْخِلَافِ لِلْمُسْتَفْتِينَ فَيَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ فَإِنْ تَأَهَّلَ لِلتَّرْجِيحِ وَجَبَ وَالْأَرْجَحُ بِرُجْحَانِ الْقَائِلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُصِيبَ فِي الِاجْتِهَادِيَّات وَاحِدٌ وَأَنَّ تَقْلِيدَ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ

نام کتاب : فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك نویسنده : عليش، محمد بن أحمد    جلد : 1  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست