responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى نور على الدرب نویسنده : ابن عثيمين    جلد : 22  صفحه : 2
يقول متى يصبح الذهب محرماً على النساء يا فضيلة الشيخ؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذهب ليس حراماً على النساء بل هو مما أحله الله لهن قال الله تعالى في كتابه (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) يعني المرأة وقال النبي عليه الصلاة والسلام في الذهب والحرير (حلٌ لإناث أمتي حرامٌ على ذكورها) فلها أن تلبس من الحلي ما شاءت إلا أن يكون محرماً بعينه أو بوصفه فالمحرم بعينه مثل أن يكون هذا الحلي على صورة حيوان ثعبان أو أسد أو غير ذلك فإن هذا لا يجوز لأن لبس الصورة أو ما فيه صورة محرم فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) وإذا ابتليت المرأة بحليٍ على شكل صورة حيوان فإن بإمكانها أن تذهب به إلى الصاغة ليغيروا هذه الصورة إما بتصنيعه إلى وجهٍ آخر وإما بحك رأس هذه الصورة حتى تكون بلا رأس فإن الصورة إذا أزيل رأسها فهي حلال لما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام (أن جبريل قال له مر برأس تمثالك ليقطع حتى يكون كهيئة الشجرة) أما الحلي المحرم لوصفه فهو أن يكون بالغاً إلى حد الإسراف فإنه إذا خرج إلى حد الإسراف صار محرماً لأن كل شيئ يخرج به الإنسان إلى حد الإسراف يكون محرماً لقوله تعالى في الأكل والشرب (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) ونفي محبة الله للمسرفين يقتضي كراهة فعلهم وأنه لا يجوز لأنه عرضة إلى انتفاء محبة الله سبحانه وتعالى عن فاعل الإسراف هناك شيءٌ محرمٌ لكسبه من الحلي وهو أن يكون الحلي مسروقاً أو منهوباً أو ما أشبه ذلك فهو حرام فصار الأصل في حلي المرأة أنه يباح لها من الذهب ما شاءت إلا في الأحوال الثلاثة وهي ما كان محرماً لعينه أو لوصفه أو لكسبه فالمحرم لعينه كما أسلفنا هو ما كان على صورةٍ محرمة مثل أن يكون على صورة حيوان أو إنسان أو ما أشبه ذلك والمحرم لوصفه أن يكون بالغاً حد الإسراف والمحرم لكسبه أن يكون مكتسباً بطريقٍ محرم كالسرقة والنهب والغصب وما أشبه ذلك.
***

ما حكم لبس أسنان الذهب بالنسبة للرجل وذلك للضرورة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لبس أسنان الذهب للضرورة لا بأس به ودليل ذلك (أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في الرجل الذي ذهبت أنفه في القتال أن يتخذ أنفا من ذهب) فإذا انكسرت سن الإنسان واحتاج إلى أن يجعل بدلها قطعة من الذهب فلا بأس لكن لو جعل بدلها شيئا من السن الصناعي لكان أحسن وأقرب إلى تلائم الأسنان وعدم التشويه.
***

يقول ما هي العلة في تحريم لبس الذهب على الرجال لأننا نعلم أن دين الإسلام لا يحرم على المسلم إلا كل شيء فيه مضرة عليه فما هي المضرة المترتبة على التحلي بالذهب للرجال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: اعلم أيها السائل وليعلم كل من يستمع هذا البرنامج أن العلة في الأحكام الشرعية لكل مؤمن هي قول الله ورسوله لقوله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) فأي إنسان يسألنا عن إيجاب شيء أو تحريم شيء دل على حكمه الكتاب والسنة فإننا نقول العلة في ذلك قول الله تعالى أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم وهذه العلة كافية لكل مؤمن ولهذا لما سئلت عائشة ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة قالت (كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة) لأن النص من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام علة موجبة لكل مؤمن ولكن لا بأس أن يتطلب الإنسان الحكمة وأن يلتمس الحكمة من أحكام الله تعالى لأن ذلك يزيده طمأنينة ولأنه يتبين به سمو الشريعة الإسلامية حيث تقرن الأحكام بعللها ولأنه يتمكن به من القياس إذا كانت علة هذا الحكم المنصوص عليه ثابتة في أمر آخر لم ينص عليه فالعلم بالحكمة الشرعية له هذه الفوائد الثلاث
ونقول بعد ذلك في الجواب على سؤال الأخ إنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام تحريم لباس الذهب على الذكور دون الإناث ووجه ذلك أن الذهب من أعلى ما يتجمل به الإنسان ويتزين به فهو زينة وحلية والرجل ليس مقصوداً لهذا الأمر أي ليس إنساناً يتكمل بغيره أو يكمل بغيره بل الرجل كامل بنفسه لما فيه من الرجولة ولأنه ليس بحاجة إلى أن يتزين لشخص آخر لتتعلق به رغبته بخلاف المرأة فإن المرأة ناقصة تحتاج إلى تكميل لجمالها ولأنها محتاجة إلى التجمل بأعلى أنواع الحلي حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها فلهذا أبيح للمرأة أن تتحلى بالذهب دون الرجل قال الله تعالى في وصف المرأة (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) وبهذا يتبين حكمة الشرع في تحريم لباس الذهب على الرجال وبهذه المناسبة أوجه كلمة نصيحة إلى هؤلاء الذين ابتلوا من الرجال بالتحلي بالذهب فإنهم بذلك قد عصوا الله ورسوله وألحقوا أنفسهم لحاق الإناث وصاروا يضعون في أيديهم جمرة من النار يتحلون بها كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فعليهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى وإذا شاءوا أن يتحلوا بالفضة في الحدود الشرعية فلا حرج في ذلك وكذلك بغير الذهب من المعادن لا حرج عليهم أن يلبسوا خواتم منه إذا لم يصل ذلك إلى حد السرف.
***

السؤال: هل يجوز لبس خاتم الذهب للرجل؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للرجل أن يلبس شيئا من الذهب لا الخاتم ولا السلسلة ولا السوار ولا القلادة كل الذهب حرام على الرجال قال النبي صلى الله عليه وسلم في الذهب والحرير (هما حل لإناث أمتي حرام على ذكورها) ورأى رجلا عليه خاتم ذهب فنزعه النبي صلى الله عليه وسلم من يده وطرحه في الأرض أو رمى به في الأرض وقال (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده) فلما انصرف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قيل للرجل (ألا تأخذ خاتمك) قال والله لا أخذ خاتما طرحه النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على عظم المخالفة في لبس الرجل لخاتم الذهب فإن قال قائل هذا رجل قد صُنع له خاتم من الذهب ماذا يصنع به نقول إن كان يصلح لامرأته أعطاها إياه وإن كان لا يصلح فليذهب به إلى الصائغ وليحوله إلى خاتم للنساء ويبيعه.
***

السؤال: ويقول ما هي الحُلي التي يجوز للرجل أن يلبسها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً لا ينبغي للإنسان الرجل أن يذهب إلى التحلي وأن يجعل نفسه بمنزلة المرأة ليس له هم إلا تحسين شكله فإن هذا من شؤون النساء قال الله تبارك وتعالى (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) يعني كمن لا ينشأ في الحلية وهو مبين في الخصام والذي ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين هو المرأة والذي لا ينشأ في الحلية وهو مبين في الخصام هو الرجل فلا ينبغي للرجل أن ينزل نفسه منزلة الأنثى بحيث ينشأ نفسه في الحلية ولهذا حرم على الرجل لباس الذهب سواء كان قلادة أو سواراً أو خاتماً لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذهب والحرير (حل لإناث أمتي حرام على ذكورها) وأبيح للمرأة من الذهب كل ما جرت به العادة سواء كان من الخواتم أو الأسورة أو القلادة أو الخروص أو غير ذلك مما جرت العادة بلبسه فأما ما لم تجر العادة بلبسه لكونه إسرافاً فإن الإسراف لا يجوز في اللباس ولا في الأكل والشرب ولا في غيرهما لقوله تعالى (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) .
وأما لبس الرجل الخاتم من الفضة فإنه جائز ولا حرج فيه لأن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه اتخذ خاتماً من ورق) أي من فضة.
أما الخاتم من الحديد فاختلف فيه أهل العلم فمنهم من كرهه ومنهم من أجازه وأظن أن بعضهم حرمه لأن النبي صلى الله عليه وسلم (ذكر أنه من حلية أهل النار) ومثل هذا الوصف يقتضي أن يكون حراماً لكن الحديث اختلف العلماء في صحته فمنهم من قال إنه ضعيف لمخالفته لحديث سهل بن سعد الثابت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي أراد أن يتزوج المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يردها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (التمس ولو خاتماً من حديد) وهذا يدل على أن الخاتم من الحديد جائز فمن تنزه عنه أي عن خاتم الحديد فهو أولى وفي غيره من المعادن كفاية.
***

السؤال: المستمع يقول تناقشت مع أحد الإخوة يقول بأن لبس الذهب للرجال حلال بحجة أن الرجل الغريب عن بلده يمكن أن يلبسه بثمن كفنه أفيدونا جزاكم الله خيرا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لبس الذهب على الرجال حرام لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها) ولأنه رأى رجلاً وفي يده خاتم ذهب فنزعه النبي صلى الله عليه وسلم من يده وطرحه في الأرض وقال (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيبقيها في يده أو قال فيضعها في يده) وأما قول السائل أنه يجعله في يده من أجل أن يكون كفنه لو مات فهذا رأي عجيب وغريب ولا يمكن أن تعارض به السنة النبوية الثابتة عن محمد صلى الله عليه وسلم ثم إنه ربما إذا مات وأراد أحد أن يجهزه يأخذ هذا الخاتم ويدعه يعني يسرقه منه بعد موته وعلى كل حال فإنها هذه علة عليلة علة ميتة لا أثر لها فلبس الذهب من الخواتم وغير الخواتم حرام على الرجال.
***

السؤال: تقول المستمعة من العراق يملك أخي قلادة ذهبية لكنه لا يلبسها وإنما يحتفظ بها فقط في بعض الأحيان وبعض الأحيان يقوم بحملها في جيبه هل يصح عمله هذا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: القلادة الذهبية لا بأس باقتنائها لكن بشرط أن لا يلبسها إن كان رجلاً ويجوز لبسها للمرأة وإذا كان الرجل لا يلبس القلادة من الذهب فأي فائدة لأخيكِ أن يحملها أو يضعها في جيبه أنا أخشى أنه يفعل ذلك من أجل أن يتبجح بها عند الناس حيث يخرجها أمامهم ويلعب بها في يده مثلاً وإلا فلا أظن عاقلاً يحمل قلادة في جيبه من الذهب دون أن يصنع بها شيئاً على كل حال إذا لم يلبسها ولم يخرجها مخرج الإعجاب والفخر فإن حمله إياها لا بأس به ولكني أقترح عليه أن يجعل هذه القلادة لزوجته إن كان متزوجاً أو لأحد من نسائه من أقاربه حتى يسلم من الإشكال الذي ورد عليّ الآن في كونه يحملها بدون أن يلبسها أو أن يخرجها في يده مخرج الإعجاب.
***

السؤال: هل يجوز نقش الأسماء وكذلك الحروف سواء كانت بالعربي أم بالإنجليزي على الذهب هل في ذلك حرمة أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كتابة الأسماء على الذهب إذا كان تعني أن يكتب الاسم على الخاتم مثلاً لا بأس به وقد ثبت (أن نقش خاتم النبي صلى الله عليه وسلم كان محمد رسول الله) فإذا نقش الاسم على الخاتم فلا بأس به اللهم إلا ما ذكر عن أهل الدبل الذين يكتبون أسماء زوجاتهم على خواتمهم وتكتب زوجاتهم أسمائهم على خواتمهنّ فإن هذا هو الذي ينهى عنه لأنه لا يخلو غالباً من اعتقاد فاسد حيث يظنون أن الرجل إذا كتب اسم زوجته على خاتمه وأن المرأة إذا كتبت اسم زوجها على خاتمها كان ذلك أدعى للارتباط بينهما وهذه عقيدة فاسدة باطلة.
***

لبس الذهب

السؤال: ما حكم لبس لذهب الذي شكل الفراشة والموسى حيث إن إحدى المدرسات تقول إن هذا من الشرك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لبس قطع من الذهب إذا كان على صورة حيوان فإنه لا يجوز لأن لبس الصور محرم سواء كانت هذه الصور أحجاماً كما في قطع الذهب التي تشير إليها السائلات أو كان ألواناً كما يوجد في بعض الفنائل أو بعض القماش صور فراشة أو إنسان أو حيوان فهذا كله حرام لأن استعمال ما فيه الصورة أو استعمال الصورة محرم إلا صورةً في شيء يمتهن كالصور التي في الفرش وفي الوسائد وشبهها فإن الصحيح أن استعمالها جائزٌ ولا حرج فيه وأما قول المدرسة أن هذا من الشرك فليس من الشرك في شيء لكنه شيء محرم كما قلنا موسى الحلاقة هذا لا بأس به وإن كنت أكره من ناحية أنه يشير أو يرمز إلى موسى الحلاقة العانة أو ما أشبه ذلك وكل شيء يذكر بهذه الأمور فإنه لا ينبغي للمرأة أن تتجمل به.
***

السؤال: ما حكم لبس الذهب أو غيره المنقوش عليه لفظ الله أو محمد؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لبس الذهب للرجال حرام بكل حال حتى وإن لم يكن عليه نقوش لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذهب والحرير (حل لإناث أمتي حرام على ذكورها) أما بالنسبة للمرأة فالذهب حلال لها الخواتم والأسورة وغير ذلك لكن ما كتب عليه الله أو محمد فلا يلبس أما ما كتب عليه الله فلأنه تعبد لله تعالى بما لم يشرعه ولأن فيه امتهان لاسم الله عز وجل لأن المرأة ربما توضئ طفلها باليد التي فيها الخاتم وأما ما كتب عليه محمد فإنه يخشى أن يكون هذا من باب التبرك بهذا الاسم وهذا محرم إذ إن التبرك باسم الرسول صلى الله عليه وسلم المكتوب على ورقة أو على حديدة أو على غير ذلك من البدع فلم يكن الصحابة رضي الله عنهم يتباركون بمثل هذا أما لو كتبت المرأة اسمها على خاتمها لحاجة فلا بأس وأما ما يفعله بعض النساء من كتابة اسم الزوج على خاتمها وكتابة الزوج اسم امرأته على خاتمه فهذا بدعة بلا شك واتخاذ سبب لم يجعله الله تعالى سبباً لأنهم يزعمون إذا كتب اسم الزوج على خاتم المرأة أنه لا يطلقها وإذا كتب اسمه على خاتمها لم يطلقها هذا غلط لا أثر لهذا في الإمساك والطلاق.
***

السائلة بركات من الجزائر تقول ما حكم لبس الذهب المحلق بالنسبة للمرأة وماذا تفعل المؤمنة إذا وقعت في حيرة من أمرها في ارتداء الذهب المحلق عند اختلاف العلماء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: القول الراجح في هذه المسالة ما عليه جمهور العلماء حتى إن بعضهم حكى الإجماع عليه وهو جواز لبس النساء للذهب المحلق كالخواتم والأسورة وأنه لا بأس بذلك فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي حث النساء يوم العيد على الصدقة وقال (يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإني رأيتكن أكثر أهل النار) فجعلت النساء تتصدق من خواتيمها وخرصها وأقراطها وما زالت النساء في عهود المسلمين إلى عهدنا هذا يلبسن الذهب المحلق وأجاب الجمهور عما ورد من التحريم في ذلك بأنه شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة الدالة على الجواز أو أنه كان حين قلة ذات اليد فحذر النبي صلى الله عليه وسلم من التوسع في ذلك أو أنه محمول على من أسرفت في استعمال المحلق من الذهب بأن تجعل على الإصبع خواتم تملأ الأصبع مثلاً أو على الذراع أسورة تملأ الذراع وما أشبه ذلك وعلى كل حال فنقول لهذه السائلة لا تتحيري إن الجمهور من أهل العلم من الأئمة وأتباعهم يقولون بجواز لبس الذهب المحلق للنساء وإذا تعارض عند الإنسان قولان أو فتويان من أهل العلم فليتبع من يرى أنه أقرب إلى الصواب في نظره لغزارة علمه وقوة إيمانه وتقواه لله عز وجل فإن لم يترجح عنده أحد من المختلفين فقيل إنه يخير بين أن يأخذ بقول هذا أو قول هذا وقيل بل يأخذ بقول أيسرهما قولاً لأن الأصل براءة الذمة من التزام الترك أو الفعل ولأن الأيسر أوفق للشريعة فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) ومن العلماء من قال يأخذ بالأشد لأنه أحوط وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) وقال (من اتق الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) وقيل يأخذ بما تطمئن إليه نفسه ولو بدون مرجح لقول النبي صلى الله عليه وسلم (البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب) لكن الغالب أنه لا يتساوى عالمان مفتيان من كل وجه بل لابد أن يكون أحدهما أرجح من الآخر إما في علمه وإما في ورعه وتقواه لكن هذا قد لا يتسنى لكل واحد علمه فيبقى الإنسان متردداً وعليه فالذي أراه أقرب للصواب أن يأخذ بالأيسر لموافقته لروح الدين الإسلامي ولأن الأصل براءة الذمة.
***

السؤال: تقول هل يجوز لي أن ألبس الذهب في الحفلات والمناسبات السعيدة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز لها أن تلبس الذهب في المناسبات والحفلات إذا لم يشاهدها أحد من الرجال الذين لا يحل لهم مشاهدتها يعني بأن لم يكن عندها إلا نساء أو رجال من محارمها.
***

السؤال: تقول هل يجوز تركيب أسنان الذهب وإذا مات الميت هل تؤخذ هذه الأسنان الذهب التي في فمه أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: فإن أسنان الذهب لا يجوز تركيبها للرجال إلا لحاجة مثل أن تنقلع سنه ويحتاج إلى ربطها بشيء من الذهب أو تتغير بتكسر وغيره ويحتاج إلى تلبيسها ذهباً هذا بالنسبة للرجال
وأما بالنسبة للنساء فإذا اعتدن التجمل بتلبيس بعض الأسنان الذهب فإن هذا لا بأس به لأنه المرأة يجوز لها أن تتحلى بالذهب بما جرت به العادة فإذا كان من عادة النساء مثلاً أن يتحلين بالذهب في أسنانهن فإنه لا حرج في ذلك وفي تلك الحالين حال الحاجة للرجل وحال التجمل للمرأة إذا مات الميت فإن هذا الذهب يخلع منه لأن بقائه فيه إضاعة للمال والمال قد انتقل إلى الورثة بموت المورث ولكن إن خشي من ذلك مثلة بمعنى أننا لو خلعناه لانخلعت الأسنان الأخرى فإنه يبقى مع الميت وبقاؤه مع الميت إذا بلي يستخرج منه وإن سمح الورثة فلا حرج في ذلك لأنه مالهم وإذا تنازلوا عنه فلا حرج عليهم فيه.
***

السؤال: تقول تخريق آذان البنت للتجميل أو لتعليق حلية من الذهب بها هل هذا جائز أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذا جائز ولا حرج فيه لأن المرأة محتاجة إلى تعليق الخروص وشبهها في أذنيها وهذا الثقب الذي يكون في شحمة الأذن لا يضرها بشيء.
***

السؤال: التختم الجائز ما هو يا فضيلة الشيخ؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما مسألة التختم، فالتختم ليس بسنة مطلوبة بحيث يطلب من كل إنسان أن يتختم ولكنه إذا احتيج إليه فإن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أن يلبسه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له إن الملوك الذين كانوا في عهده لا يقبلون كتاباً إلا مختوماً اتخذ الخاتم عليه الصلاة والسلام من أجل أن يختم به الكتب التي يرسلها إليهم، فمن كان محتاجاً إلى ذلك كالأمير والقاضي ونحوهما كان اتخاذه اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن لم يكن محتاجاً إلى ذلك فليس بسنة أن يلبسه.
***

السؤال: تقول ما حكم لبس المرأة خلخال الذهب في قدميها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يجوز للمرأة أن تلبس من الذهب ما شاءت ما لم يصل إلى حد الإسراف سواء كان اللباس في القدمين أو في الذراعين أو في الأذنين أو على الرأس أو على النحر المهم أن المرأة يجوز لها أن تلبس من الذهب ما تريد ما لم يصل إلى حد الإسراف وكذلك لا تلبس من الذهب ما صنع على صورة حيوان كثعبان أو فراشة أو نحو ذلك فإنه لا يجوز لبس ما كان على صورة حيوان أو إنسان وكذلك لا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان أو إنسان من الألبسة التي تلبس على البدن كالقميص والفنيلة وشبهها.
***

السؤال: السائل يقول ما حكم استعمال أقلام الذهب أو الساعات؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما لبس الساعات المذهبة للنساء فلا بأس به لأن ذلك من جملة الحلي بشرط أن لا تكلف المرأة نفسها بشراء هذه الساعات بحيث تكون قليلة ذات اليد فتستدين لشراء هذه الساعات أو تشتري هذه الساعات على حساب النفقة لأن ذلك من الإسراف وقد قال الله تعالى (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) أما الرجل فلا يحل له أن يلبس الساعات المذهبة لعموم الحديث (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها) وكذلك الأقلام لأن وضع الأقلام في الجيب نوع من التحلي ولذلك تجد بعض الناس يختار أنصع الأقلام وأحسنها شكلاً يضعه في جيبه والخلاصة أنه إذا كان ذلك أي إذا كان استعمال ذلك من الرجال فحرام وإن كان من النساء فحلال أما إذا كانت الساعة مطلية بالذهب لوناً فقط وليس له جرم فهذا لا بأس به ولكننا ننصح بعدم استعماله.
***

بارك الله فيكم ما حكم الشرع في نظركم في لبس الخاتم المنقوش عليه اسم الجلالة وما حكم لبس خاتم الحديد؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما المنقوش عليه لفظ الجلالة فإن كان ذلك لكون صاحبه نقش عليه اسمه وكان اسمه عبد الله فإن هذا لا بأس به وقد كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم مكتوباً عليه محمد رسول الله وأما إذا كتب لفظ الجلالة فقط فإن كتابة لفظ الجلالة فقط على الخاتم أو غيره لا معنى له ولا فائدة منه لأنه ليس كلاماً مركباً مفيداً وغالب من يكتبه على هذا الوجه إنما يقصد التبرك بهذا الاسم والتبرك باسم الله على هذا الوجه لا أصل له في الشرع فيكون إلى البدعة أقرب منه إلى الإباحة
وأما لبس خاتم الحديد فالصحيح أنه لا بأس به لقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ولم يردها قال له (التمس ولو خاتماً من حديد) وهذا الحديث في الصحيحين وأما ما ورد (من أن الحديد لباس أهل النار) فقد قال بعض العلماء إنه حديث شاذ فلا يقبل.
***

السؤال: هل يجوز التختم بالحديد وإذا كان جائزاً فما هي الأحاديث الواردة في ذلك بارك الله فيكم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التختم بالحديد اختلف فيه أهل العلم فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز إما مكروه كراهة تنزيه وإما مكروه كراهة تحريم واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم (سماه حلية أهل النار) وذهب آخرون إلى أنه مباح واستدلوا لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي طلب منه أن يزوجه المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي عليه الصلاة والسلام (التمس ولو خاتماً من حديد) وهذا دليل على جواز التختم بالخاتم إذ أن الخاتم لا ينتفع به إلا بالتختم فلولا أنه جائز ما قال له النبي صلى الله عليه وسلم (التمس ولو خاتماً من حديد) والأصل الحل إلا ما ثبت تحريمه والذي أرى في هذه المسألة أنه ينبغي للإنسان أن يتجنبه لأن الحديث الذي استدل به من قالوا بكراهة تنزيها أو تحريماً وإن كان بعضهم طعن فيه لكن يوجب للإنسان شبهة واجتناب الشبهات مما جاءت به الشريعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهنّ كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) .
***

السؤال: تقول ما حكم لبس الخاتم في السبابة اليمنى واليسرى بالنسبة للرجل والمرأة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الخاتم يلبس في الخنصر وفي البنصر وفي الوسطى هذا هو الأكمل والأفضل سواءٌ بالنسبة للرجل أو للرجل والمرأة لكن لو جرت العادة بأن المرأة تتحلى بالخواتم في أصابعها الخمسة فلا حرج في ذلك.
***

السؤال: تقول السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته تقول ما حكم ثقب الأذنين بالنسبة للمرأة لتضع فيه النساء الخلاخل من الذهب كما هي عادة النساء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول لهذه السائلة وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته حكم ثقب الأذن جائز على القول الراجح ولا حرج فيه لأن ألمه وأذاه قليل ولا سيما إذا كان ذلك في أيام الصغر وما يحصل فيه من التجمل فيه كمال للمرأة لأن المرأة تكمل نفسها بالتحلي والتجمل كما قال الله تبارك وتعالى (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) يعني أيكون من ينشأ بالحلية وهو في الخصام غير مبين كالكامل في نفسه الذي لا ينشأ في الحلية والذي هو بالخصام مبين يعني هل تكون المرأة كالرجل الجواب لا ليست المرأة كالرجل فالمرأة محتاجة إلى التزين والتجمل ومن ذلك ما تضعه في أذنها من الخروص ونحوها وعلى هذا فلا حرج أن تثقب شحمة أذنها لتعلق بها هذه الحلي.
***

السائلة أم عبد الرحمن من البحرين تقول فضيلة الشيخ أعيش في عائلة يجتمع فيها الرجال والنساء الغير متحجبات ويحدث بينهم مزاح وضحك وما أشبه ذلك وعندما سألت عن ذلك قيل لي بأن ذلك لا يجوز ولا يجوز لي أيضاً الجلوس معهم وأن أشاركهم حتى على الوجبات غير أن ذلك يسبب لي المضايقات وأظل طول الوقت الذي هم فيه يجتمعون أقوم بالاختلاء في غرفتي وحيدة فبماذا تنصحونني مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: النصيحة لك ولأمثالك ممن تجري عليه هذه القضية هو تقوى الله عز وجل بقدر المستطاع لقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) .
ثانياً النصيحة لهؤلاء والموعظة بالتي هي أحسن لعل الله يهديهم على يد الإنسان.
ثالثاً أن يكون الإنسان مرناً واسع الصدر فيما يجري فيه الخلاف بين العلماء من غير دليلٍ قاطعٍ فاصل فإنه لا يلزم الإنسان بل ولا يجوز للإنسان أن يلزم الناس بما يرى وأن ينقلهم عما يرون فما دامت المسألة مسألة اجتهاد وليس فيها نصٌ قاطعٌ فاصل فإن لكلٍ من الناس اجتهاده فيترك الناس واجتهادهم وحسابهم على الله عز وجل فمثلاً هذه المرأة إذا كانت في بيئةٍ يرى أهلها أنه يجوز كشف وجه المرأة لغير المحارم والزوج فإنه لا يلزمها بأن تلزمهم بما ترى من وجوب الحجاب بل ولا يجوز لها أن تلزمهم بذلك لكن لها أن تناظرهم في هذه المسألة وأن تناقشهم في هذه المسألة حتى يصل الجميع إلى ما تقتضيه الأدلة الشرعية.
***

هذا السائل مصري مقيم بالمملكة بريدة يقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد كثر الكلام في موضوع الحجاب والنقاب واختلفت آراء المشايخ والفقهاء فمنهم من يرى أن كشف الوجه واليدين للمرأة حرام ومنهم من لا يرى ذلك إلا إذا خشيت الفتنة والغريب أن كل فريق استند إلى بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والفريق الذي يرى أن ذلك حرام استند لآيات الحجاب في سورة النور وغير ذلك والفريق الذي لا يرى أن ذلك حرام استند إلى أن الله عز وجل أمر المؤمنين بغض البصر وقالوا إن غض البصر لا يأتي إلا عند كشف المرأة عن وجهها فكيف يكون غض البصر والمرأة تغطي وجهها وكيف تغض المرأة من بصرها عن الرجال وهل تغطي وجهها فما رأيكم في هذا الموضوع وما ورأيكم حفظكم الله يا شيخ محمد في الاختلافات في مثل هذا الموضوع وغيره وماذا يجب علينا نحن المسلمين في مثل هذه الاختلافات ولا سيما وأن كل فريقٍ يستند على آياتٍ وأحاديث صحيحة جزاكم الله خيرا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال سؤالٌ مركزٌ جيد ويعجبني سياقه على هذا الوجه لأنه يدل على أن هذا الرجل السائل قد اعتنى في هذه المسألة ألا وهي مسألة كشف المرأة وجهها لغير المحارم والزوج ولاشك أن العلماء اختلفوا فيها وأن كل واحدٍ منهم أدلى بحججه ولكن لدينا ميزانٌ أمرنا الله تعالى به أي بالرجوع إليه وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين ما قال الله تعالى (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) وقال تعالى (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) وبتأمل الإنسان للأدلة التي استدل بها كل واحدٍ من الطرفين يتبين له أن الأدلة تؤيد من قال بوجوب ستر الوجه عن الرجال غير المحارم والزوج وفي ذلك أدلة سقناها في رسالةٍ صغيرة لنا أسميناها الحجاب وبينا فيها الأدلة من الكتاب والسنة والاعتبار على وجوب ستر المرأة وجهها عن الرجال غير المحارم والزوج وأجبنا عن أدلة القائلين بالجواز بجوابين أحدهما مجمل والثاني مفصل:
فأما المجمل فإننا ذكرنا أن النصوص الواردة والتي فيها ما يدل على جواز كشف الوجه لغير المحارم والزوج يمكن أن تُحمل على أحد أمرين إما على أنها قبل وجوب الحجاب وذلك لأن المسلمين كان لهم حالان الحال الأولى حالٌ قبل الحجاب وفيها كشف الوجه والكفين والحال الثانية حالٌ بعد الحجاب وفيها الأمر بستر الوجه والكفين وهذا جوابٌ مجمل ومن الجواب المجمل أن يكون هناك قضايا معينة فيها أسباب خاصة ظاهرها جواز كشف الوجه لغير المحارم والزوج.
وكذلك أجبنا عن أدلة القائلين بالجواز على وجه التفصيل فيحسن بالأخ السائل أن يرجع إلى هذه الرسالة وإلى غيرها أيضاً مما كتبه أهل العلم ولا سيما كتاب عودة الحجاب فإنه كتابٌ مطول وفيه ما يشفي العليل ويروي الغليل وإني أقول لهذا الأخ السائل إنه على فرض ألا يكون هناك دليلٌ على وجوب ستر الوجه عن الرجال غير المحارم أو الزوج أو أن الأدلة متكافئة أدلة وجوب الستر وأدلة جواز كشفه فإن الحال اليوم تقتضي إلزام النساء بستر الوجه وذلك لكثرة الفتن وضعف الدين فإنه كلما كثرت الفتن وضعف الدين فإنه يجب أن يجعل هناك روادع وزواجر تمنع من الوصول إلى ما تكون به الفتنة ولهذا أصلٌ في الشريعة فقد قال الله عز وجل (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) فنهى عن سب آلهة المشركين لأننا لو سببنا آلهتهم لسبوا إلهنا وهو الله عز وجل ونحن إذا سببنا آلهتهم فهي أهلٌ للسب ولكن إذا سبوا الله عز وجل فإنهم يسبون الله تعالى عَدْواً بغير علم فسد الله تعالى هذا الباب الذي يكون وسيلةً أو يكون ذريعةً إلى سب الله عز وجل مع أنه محمود أي أننا نؤمر بأن نسب آلهة المشركين وأن نبين بطلانها لكن إذا كان يفضي إلى سب من لا يستحق السب وهو الله عز وجل لكمال صفاته فإننا نمنع من سب آلهتهم ولهذا لما كثر شرب الخمر في المسلمين بعد كثرة الفتوح في زمن عمر رضي الله عنه استشار الصحابة كيف يجعل عقوبته بعد أن كانت عقوبته نحوٌ من أربعين جلدة فأشاروا إليه أن يرفع هذه العقوبة إلى أخف الحدود إلى ثمانين جلدة وهو أخف الحدود وهو حد القذف فإن حد القذف ثمانون جلدة فأشار الصحابة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يرفع عقوبة شارب الخمر إلى ثمانين جلدة فرفعها فزاد في العقوبة نظراً لكثرة شربها من الناس ولما استهان الناس بأمر الطلاق الثلاث في مجلسٍ واحد وهو من اتخاذ آيات الله هزواً رأى عمر رضي الله عنه أن يلزم من طلق ثلاثاً بما ألزم به نفسه وأن يمنع من الرجوع إلى زوجته فقد روى مسلمٌ في صحيحه عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال (كان طلاق الثلاث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فلما تتايع الناس فيه قال عمر رضي الله عنه أرى الناس قد تتايعوا في أمرٍ كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه) .
فعلى فرض أن النصوص في جواز كشف المرأة وجهها لغير المحارم والزوج أو عدمه متكافئة فإنه في هذا الزمان يجب أن يسار في الطريق الأحوط والأمثل لمنع الفتنة والشر والفساد وهو إلزام المرأة بالحجاب أي بستر وجهها ولا يخفى علينا جميعاً ما حصل للبلاد التي أستباح أهلها كشف الوجه والكفين من التهتك في ذلك حتى كشفت المرأة ذراعيها وعنقها وشيئاً من رأسها أو رأسها كله كما هو مشاهدٌ في البلاد الأخرى فالمرأة لن تقف أبداً على الحد الذي هو موضع الخلاف وهو كشف الوجه والكفين فقط بل ستهتك الستر فيما وراء ذلك لهذا نرى أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال غير المحارم والزوج ولنا في ذلك أدلة وكما قلت إنه لو فرض تكافؤ الأدلة في ذلك لكانت القواعد الشرعية تقتضي منع النساء كشف وجوههن في هذا العصر أما النقاب فالنقاب لا شك أنه جائز وأنه على عهد النبي عليه الصلاة والسلام ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في المحرمة (لا تنتقب) وهذا يدل على أن النقاب كان معروفاً بينهم ولكن النقاب المعروف في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم نقابٌ بقدر الحاجة أي أن المرأة لا تنتقب إلا بمقدار ما ترى الطريق فتفتح لعينيها فتحة تكون بقدر العين فقط لكن النقاب اليوم توسع فيه كثيرٌ من النساء وصارت المرأة تنتقب بنقابٍ واسع تخرج منه كل العين بل والحاجب وطرف الجبهة وطرف الخد وربما تتوسع النساء في ذلك إلى أكثر فلهذا نرى منعه من هذه السياسة وعدم التجاوز في حد النقاب المباح، ولسنا نرى منعه لأن الأدلة تدل على منعه بل الأدلة تدل على جوازه لكن الجائز إذا كان يفضي إلى شيء محرم لا يمكن انضباطه فإن من الحكمة منعه درءاً للمفسدة التي تترتب على القول بإباحته
وأما قول السائل إن الله تعالى أمر المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم وهذا يدل على أن هناك شيئاً ينظر إليه فيقال إن هذه الآية إن لم تكن دليلاً عليه أي على قول من قال بجواز كشف الوجه فليست دليلاً له لأن أمر الله سبحانه تعالى بالغض من البصر لا يستلزم أن تكون المرأة كاشفة وجهها إذ أن الإنسان قد ينظر إلى المرأة من حيث حجم جسمها ولباقته وما أشبه ذلك ثم إنه قد يكون للرجل نظرةٌ أولى حينما يواجه المرأة وجهاً لوجه قبل أن تعلم به أو قبل أن يعلم بها ولهذا جاء في الحديث (لك النظرة الأولى وليس لك النظرة الثانية) فإذا صادف أن رجلاً واجهته امرأة وهي كاشفةٌ وجهها فإن الواجب عليه أن يغض البصر وهي يجب عليها في هذه الحال أن تستر وجهها.
وقوله ما هو موقف الإنسان من خلاف العلماء والجواب على ذلك أن نقول إذا كان الإنسان طالب علم يمكنه أن يجتهد وينظر في أدلة الفريقين فيحكم بما يرى أنه أقرب إلى الصواب فهذا هو الواجب عليه أما إذا كان الإنسان عامياً لا يستطيع ذلك فإن الواجب عليه أن يتبع من يظنه أقرب إلى الصواب في علمه وفي دينه وأمانته كما أن الإنسان لو اختلف عليه طبيبان وهو مريض بوصفة الدواء فإنه بمقتضى الفطرة سيأخذ بقول من يرى أنه أحذق وأقرب إلى الصواب وهكذا مسائل العلم يجب على الإنسان أن يتبع من يرى أنه أقرب إلى الصواب إما لغزارة علمه وإما لثقته وأمانته ودينه فإن لم يعلم أيهما أرجح في ذلك فقد قال بعض أهل العلم إنه يخير إن شاء أخذ بقول هذا وإن شاء أخذ بقول هذا وقال بعض العلماء يأخذ بما هو أحوط أي بالأشد احتياطاً وإبراءً للذمة وقال بعض العلماء يأخذ بما هو أيسر لأن ذلك أوفق للشريعة إذ أن الدين الإسلامي يسر كما قال الله تبارك تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) وكما قال تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وكما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إن الدين يسر) وكما قال وهو يبعث البعوث (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) أي أنه إذا اختلفت آراء العلماء عندك وليس عندك ترجيح فإنك تأخذ بالأيسر لهذه الأدلة ولأن الأصل براءة الذمة ولو ألزمنا الإنسان بالأشد للزم من ذلك إشغال ذمته والأصل عدم ذلك وهذا القول أرجح عندي أي أن العلماء إذا اختلفوا على قولين وتكافأت الأدلة عندك في ترجيح أحد القولين فإنك تأخذ بالأيسر منهما وهذا أعني القول بالأخذ بالأيسر فيما يتعلق بنفس الإنسان أما إذا كان يترتب على ذلك مفسدة فإنه يمتنع من إظهار ذلك وإعلانه مثال هذا لو قدرنا أن الرجل ترجح عنده أن المرأة يجوز لها أن تكشف وجهها لغير المحارم والزوج لكن فئة أخرى لا ترى ذلك ونساؤها ملتزماتٍ محتجبات ففي هذه الحال لا يسمح لامرأته بأن تخرج كاشفة الوجه في مجتمعٍ أخذوا بالقول الثاني وهو وجوب ستر الوجه لما في ذلك من المفسدة على غيره لأن من عادة الناس أن يتبعوا ما هو أسهل سواءٌ كان صواباً أم كان غير صواب إلا من عصم الله وعلى هذا فنقول القول الصحيح أن نأخذ بالأيسر ما لم يتضمن ذلك مفسدة فإن تضمن ذلك مفسدة فليأخذ بالأيسر في حق نفسه فقط.
***

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تلبس الخاتم في الإصبع الأوسط أو السبابة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الظاهر لي أنه لا بأس إذا كان ذلك من عادة النساء أن يتحلين به وأما ما ورد من النهي في وضع الخاتم في السبابة فقد يقال إن هذا خاصٌ بالرجال وأما النساء فإن العادة في التجمل تبيح ذلك والله أعلم.
***

المستمعة سمية تقول نحن في المدرسة وتلقى المحاضرات والاحتفالات ودائماً نستفتح بالقرآن الكريم فقد يطلبوا مني أن افتتح لهم أنا بالقرآن علماً بأن القراءة تكون بمكبر الصوت ويوجد في الاحتفال أو المحاضرة عدد من الرجال فهل في هذا إثم وإذا قرأنا القرآن هل صوت المرأة عورة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال يتضمن عدة أسئلة:
أولاً افتتاح المحاضرات والندوات بالقرآن الكريم هل هذا من الأمور المشروعة لا أعلم في هذا سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والنبي عليه الصلاة والسلام كان يجمع أصحابه كثيراً حين يريد الغزو أو للأمور المهمة التي تهم المسلمين ولا أعلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يفتتح هذه الاجتماعات بشيء من القرآن لكن لو كانت المحاضرة أو الندوة تشتمل على موضوع معين وأراد أحد أن يقرأ شيء من الآيات التي تتعلق بهذا الموضع ليكون بها افتتاح ذلك الموضوع فإن هذا لا بأس به وأما اتخاذ افتتاح المحاضرات أو الندوات بآيات من القرآن دائماً كأنها سنة مشروعة فهذا لا ينبغي.
المسألة الثانية في هذا السؤال كون المرأة تقرأ القرآن بمكبر الصوت فيسمعها الناس من قريب ومن بعيد حيث ينتهي مدى صوت هذا المكبر هذا أمر لا ينبغي لأن المرأة مأمورة بالتستر والاختفاء عن الرجال وكونها تعلن صوتها بمكبر الصوت ينافي ذلك.
وأما المسألة الثالثة في السؤال فهي هل صوت المرأة عورة والجواب أن صوت المرأة ليس عورة فإن النساء كنّ يأتين إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يسألنه بحضرة الرجال ولم ينكر صلى الله عليه وسلم عليهن ذلك ولو كان صوتها عورة لأنكره النبي عليه الصلاة والسلام فصوت المرأة ليس بعورة لكن لا يجوز للرجل أن يتلذذ به سواء كان ذلك التلذذ تلذذ شهوة جنسية أو تلذذ استمتاع وراحة نفس وإنما يستمع إليها بقدر ما تدعو الحاجة إليه فقط إذا كانت أجنبية منه.
***

يقول عندما أذهب لوطني أثناء فترة الإجازة يحضر للسلام علي من النساء من ليس بمحرم لي سواء كن كبار في السن او شابات فما حكم مصافحتهن؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصواب في هذا أنه لا يجوز لك أن تصافح من ليست محرما لك سواء كانت شابة أم عجوزا لأن ذلك يؤدي إلى الفتنة وإذا كان النظر إلى الوجه محرما فالمصافحة أشد وأعظم ويجب عليك أن تنصح هؤلاء النساء إذا مددن أيدهن إليك وتقول إن هذا ليس بجائز والذي فهمته من هذا السؤال أن هؤلاء النسوة اللاتي يسلمن عليه يكن كاشفات الوجوه فإن كان الأمر كما فهمت فهذه أيضا بلية أخرى فعليه أن ينهاهن عن كشف الوجه أمامه لأن هذا من النهي عن المنكر وهو فرض وإذا كان فعله هذا اتباعا لمرضاة الله والتماسا لمرضاة الله عز وجل فإن الله تعالى سوف يرضى عنه ويرضي عنه الناس فإن من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ومن التمس سخط الله برضا الناس سخط الله عليه وأسخط عنه الناس ولا يضره إذا قال لهن بكلام لين إن هذا لا يجوز لا لي ولا لكن لا يضره هذا شيئا بل هذا مما يزيده هيبة واحتراماً بين ذويه من النساء.
***

السؤال: تقول المستمعة من العادات التي أظن أنها سيئة في قريتنا وهي أن المرأة تجلس في منزلها مع الأجانب الذين يدخلون البيت سواء من أصدقاء زوجها أو والدها أو أبناء عمها أو أبناء خالها وكثير من الأجانب كالجار وزوج الأخت تقول ما الحكم في ذلك بارك الله فيكم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحكم في ذلك أنه لا ينبغي للمرأة أن تختلط بالرجال ولو كانوا من أقاربها لأن ذلك سبب للفتنة وما أحسن أن يكون للرجال مجلس خاص وللنساء مجلس خاص بالعوائل حتى يكون الرجال على حدة والنساء على حدة وتبعد الفتنة التي تخشى من الاختلاط.
***

السؤال: بارك الله فيكم هل يجوز للمرأة أن تخدم ضيوف زوجها من الرجال بحضور زوجها وهل تجلس معهم كاشفةً للوجه إذا أمنت الفتنة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز ذلك أي لا يجوز للمرأة أن تخدم الرجال مباشرةً ولو بحضور زوجها أو محرمها لأن هذا يؤدي إلى الفتنة بلا شك ولا يجوز لها أن تكشف وجهها وإن لم تباشر الخدمة مثل أن تأتي بالطعام أو بالقهوة تسلمها لزوجها أو وليها وتنصرف وهي في هذه الحال كاشفةٌ وجهها فإن ذلك حرامٌ ولا يجوز لأن كشف المرأة وجهها للرجال الأجانب محرم كما دلت على ذلك آياتٌ من القرآن وأحاديثٌ من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما ما يروى من حديث عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكرٍ رضي الله عنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثيابٌ رقاق فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها وقال (إن المرأة إذا بلغت سن المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا) وأشار إلى وجهه وكفيه فإن هذا الحديث ضعيف سنداً ومنكرٌ متنا أما ضعفه سنداً فإن فيه رجالٌ ضعفاء ولأن خالد بن دريك الذي رواه عن عائشة لم يدرك عائشة فيكون فيه علتان من علل السند إحداهما انقطاع السند بين من رواه عن عائشة وبينها الثاني ضعف بعض رواته وأما المتن فوجه إنكاره أن أسماء بنت أبي بكر وهي المرأة العاقلة المؤمنة لا يمكن أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم بثيابٍ رقاق يكشفن ما ورائه حتى يعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها فإنها أجل قدراً وأغزر علماً وديناً وأشد حياءً من أن تظهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا المظهر ومن المعلوم بأن المتن إذا خالف ما يعلم أنه على خلافه فإنه يدل على أنه متنٌ منكر وعلى هذا فإنه لا يجوز الاعتماد على هذا الحديث في جواز كشف الوجه والكفين.
***

السؤال: السائل من اليمن من أبين يقول اختلاط الرجال بالنساء خصوصاًً في المناطق الريفية التي يعتبرون كأسرة واحده؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هناك ثلاثة أمور، الأمر الأول السفر بالمرأة وحدها بدون محرم، والثاني الخلوة بالمرأة بغير محرم، والثالث الاختلاط في المجامع.
فأما الأول: وهو السفر سفر المرأة بلا محرم فإنه محرم لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يخطب الناس (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) ولا فرق بين سفر العبادة وسفر العادة لعموم الحديث فلا يحل للمرأة أن تسافر للعمرة بلا محرم ولو كان معها نساء ولو كانت كبيرة السن ولو كانت ممن لا تتعلق بها أطماع الرجال لعموم الحديث ولا يحل لها أن تسافر لصلة رحم أو زيارة صديق أو ما أشبه ذلك ولا يحل لها أن تسافر سفر نزهة أو تجارة كل هذه الأسفار بجميع أنواعها لا يحل لها أن تقوم بها إلا بمحرم لنهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك ولأن سفرها بدون محرم عرضة لتعلق الأطماع بها وربما تحتاج إلى شيء فلا تجد عندها محرم يعينها أو يكفيها المؤونة.
الثاني: الخلوة بالمرأة بلا محرم محرمة لقول النبي صلى الله عليه وعلى وسلم (لا يخلون رجل بامرأة) وفي حديث آخر (ما خلى رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) وهذا يدل على التحذير البالغ من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأن شخصين ثالثهما الشيطان لا تؤمن عليهما الفتنة والزلة ولا فرق بين أن يكون الذي خلى بها قريب من غير المحارم أو غير قريب لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (إياكم والدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) وهذه الجملة تفيد التحذير البالغ من خلوة الحمو الذي هو قريب الزوج بامرأته، وإن بعض الناس يتهاون في مثل هذا الأمر فتجد أخوين في بيت واحد ولأحدهما زوجة يخرج هذا الزوج إلى عمله ويبقي زوجته مع أخيه في البيت وهذا من أخطر الأمور وما أكثر المآسي التي نسمع بها من جراء ذلك ولا فرق في الخلوة بين أن تكون في منزل أو في سيارة ونحوها لأن العلة الموجودة في الخلوة في المنزل موجودة في الخلوة في السيارة والشريعة الإسلامية لا تفرق بين شيئين متماثلين أبداً وتهاون بعض الناس في هذا الأمر خطير جداً لأن بعض الناس يرسل ابنته الشابة مع السائق إلى المدرسة أو يرسل زوجته مع السائق إلى المدرسة وليس معهما أحد وهذا خطير جداً وكثيراً ما نسمع قضايا مزرية من جراء ذلك فعلى الإنسان أن يتقي ربه عز وجل وأن يحفظ محارمه وأن يكون فيه غيرة على أهله ونسائه
القسم الثالث الاختلاط العام فهذا إذا كان في السوق فمن المعلوم أن المسلمين تمشي نساؤهم في أسواقهم مع الرجال ولكن يجب هنا التحرز من المماسة والمقاربة بمعنى أنه يجب على المرأة وعلى الرجل أيضاً أن يبتعد أحدهما عن الآخر ويحسن جداً أن يكون معها محرم إذا نزلت إلى السوق لا سيما إذا كثر الفساد
هناك قسم رابع عام لكنه في الحقيقة فيه نوع من الخصوصية وهو الاختلاط في المدارس والجامعات والمعاهد وهذا أخطر من الاختلاط في الأسواق وذلك لأن الرجل والمرأة يجلسان مدة طويلة للاستماع إلى الدرس ويخرجان جميعاً إلى أسياب المدرسة أو المعهد أو الكلية فالخطر فيه أشد فنسأل الله أن يحمي شعوب المسلمين من كل سوء ومكروه.
***

السؤال: يقول ما حكم الشرع في نظركم في المرأة التي لم تحتجب وخاصة ونحن في الأرياف والاختلاط في البيت مع إخوان الزوج وكذلك الأقارب من العشيرة وهل يجوز لها أن تصافح أخا الزوج إذا عاد من سفره أو في مناسبة الأعياد وغيرها من المناسبات أفيدونا بهذا جزاكم الله خيرا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على المسلمين أن تكون مجتمعاتهم مجتمعات إسلامية يعني أن ينظروا ما كان عليه السلف الصالح من الهدي والأخلاق والآداب فيقوموا بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذي يلونهم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا حثاً لأمته على اتباع هذا القرن الذي هو خير القرون وأما العادات الحادثة بعد فإنه يجب أن تعرض على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما كان مخالفاً لكتاب الله أو سنة رسول صلى الله عليه وسلم وجب طرحه والبعد عنه وما كان موافقاً أو غير مخالف فلا بأس به ثم إن العادات التي لا تخالف الشرع إذا وردت على عاداتنا وليس فيها خير ومصلحة زائدة على ما نحن عليه فإن الأولى بنا التمسك بما نحن عليه حتى نكون أمة لها شخصية وترتفع عن أحوال الجهال فهذه القرية التي أشار إليها السائل من كونهم لا يهتمون بهذا الأمر وإذا قدم أبناء العم من السفر صافحتهم بنت عمهم أو إذا أردوا أن يسافروا أو ما أشبه ذلك كل هذا من العادات القبيحة المخالفة للشرع فإنه لا يجوز للإنسان أن يصافح امرأة ليست من محارمه لأن في هذا خطراً وفتنة ودعوة إلى الفاحشة ولا يقول الإنسان أنا من الأقارب أنا مأمون وما أشبه ذلك وإن هذا هو الذي يجب الحذر منه ومن ثم سأل الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الحمو يعني أقارب الزوج حين قال النبي عليه الصلاة والسلام (إياكم والدخول على النساء قالوا يا رسول الله أرأيت الحمو قال الحمو الموت) يعني أنه يجب الحذر منه كما يجب الحذر من الموت وذلك لأن الحمو الذي هو قريب الزوج إذا دخل بيت أخيه أو عمه أو قريبه لم يستنكره أحد ودخل وهو منشرح الصدر غير خائف فيكون في مثله الخطر والفتنة ولهذا حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام قال (الحمو الموت) .
***

السؤال: بارك الله فيكم تقول لي أخت متزوجة من رجل أبكم وأصم فهل يجوز لي أنا وأمي وأخواتي أن نجلس ونأكل من طعام واحد معه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يجوز هذا بشرط أن تحتجب المرأة عنه لأن الأصم الأبكم يرى فإذا كان يرى فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها إلا أن تكون من محارمه ثم إنه لا بد من ملاحظة وهي الأمن من الفتنة فإن كان يخشى من الفتنة لم تجز مجالسته والأكل معه ولو كان حال تغطية الوجه وأما الأعمى فإنه يجوز للمرأة أن تكشف وجهها عنده لأنه لا يبصر وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لفاطمة بنت قيس (اعتدي في بيت لابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده) وكان عليه الصلاة والسلام (يستر عائشة وهي تنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد) فدل هذا على أن نظر المرأة للرجال ليس بمحرم إلا أن يكون نظر تمتع سواء كان تمتع نظر أو تمتع شهوة فإنه يحرم عليها أن تنظر هذا النظر.
***

السؤال: السائل يقول أنا متزوج والحمد لله ولكن في بعض الأحيان تكون زوجتي خارج المنزل وعندما أحضر من السوق تناولني الطعام زوجة أخي التي معنا في حوش واحد هل هذا صحيح؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما إن كنت خالياً بزوجة أخيك ولم يكن في البيت سواكما فإن هذا حرام ولا يحل لك أن تخلو بها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إياكم والدخول على النساء قالوا يا رسول الله أرأيت الحمو قال الحمو الموت) وهذا غاية التحذير من الخلوة بالحمو، والحمو هو قريب الزوج وإنما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالموت لشدة التحذير منه لأن كل أحد يفر من الموت فكأنه قال فرَّ من الحمو كفرارك من الموت ونظير هذا قوله (فر من المجذوم فرارك من الأسد) والحاصل أن نقول إن كان هذا الذي تناوله زوجة أخيه القهوة والشاي أو الطعام في خلوة فإن ذلك حرام ولا يحل له أن يدخل البيت إلا ومعه أخوه إذا كان ليس في البيت إلا زوجة أخيه وأما إذا كان أخوه معه وقدمت القهوة أو الشاي أو الطعام لهما جميعا فهذا لا بأس به وقد جرت العادة بذلك ولا يحصل فيه شر اللهم إلا في قضية معينة بأن تكون امرأة الأخ شابة جميلة أو متجملة فهذه قد تحدث شهوة عند أخي زوجها وحينئذ يكون هذا حراما.
***

المستمعة أم جويرية من دولة الكويت تقول تعودنا السفر بالطائرة وكما تعلمون إجراءات السفر للجوازات في المطار فكيف أتصرف إذا طلب مسئول التفتيش التأكد من شخصيتي كحاملة لهذا الجواز علماً بأنني كما أسلفت منقبة وهل يجوز للمنقبة أن تكشف وجهها أو يديها متى دعت الحاجة أمام أولاد العم أو الخال أو غير ذلك من المقربين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن كلمة دعت الحاجة كلمةٌ واسعة فما هي هذه الحاجة قد يظنها الإنسان أنها حاجة وليس بحاجة لكن أهل العلم ذكروا أنه يجوز للمرأة عند الحاجة أن تكشف وجهها لأن تحريم كشف الوجه من باب الوسائل فإذا دعت الحاجة إلى كشفه كان جائزاً ولكن لا بد أن تكون حاجةً حقيقية لا حاجةً وهمية.
***

السؤال: أحسن الله إليكم يقول شاب يسكن في بيت أهله ولكن هذا البيت فيه اختلاط ولا تستطيع زوجة هذا الشاب أن تتحجب بسبب الاختلاط هل يجوز أن يبني له بيتا بمفرده أم يعتبر ذلك من العقوق لتركه والديه مع إخوانه الذين يبلغ عددهم ثلاثة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان يتضرر أو يتأذى ببقائه مع أهله في البيت فلا بأس أن ينفرد عنهم بسكن لكن مع قيامه ببر الوالدين والحضور إليهما صباحا ومساء والسؤال عنهما وعن أحوالهما وهل يحتاجان شيئا إذا كان عنده فضل مال ولا حرج عليه في هذا أما إذا كان لا يلحقه ضرر ولا أذية فالأولى أن يبقى عند والديه لأن ذلك أسر لهما وأجمع للشمل ومن الأذية أن يشاهد من إخوانه ما يخشى منه الفتنة بالنسبة لزوجته فإن الإنسان لا يمكنه أن يستقر في بيت يخشى على أهله من الفتنة.
***

لبس العمامة

السؤال: ما حكم جلوس العائلة برجالها مع عائلات أخرى برجالها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الجلوس المجرد مع المعارف فهذا لا بأس به لكن إن لزم منه تبرج أو كشف وجهه أو غيره مما لا يجوز كشفه للأجانب فإنه لا يجوز من هذه الناحية لما في ذلك من الفتنة أو ارتكاب المحرم في كشف الوجه وما يجب ستره لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يجوز للمرأة كشف وجهها إلا لزوجها أو محارمها وأما من ليس محرماً لها ولا زوجاً فلا يجوز لها أن تكشف له وجهها بأدلة ليس هذا موضع ذكرها وقد كتبنا في ذلك رسالة طبعت مرتين.
***

السؤال: يقول وسائل النقل في بلدنا جماعية ومختلطة وأحياناً يحدث ملامسة لبعض النساء دون قصد أو رغبة في ذلك ولكن نتيجة الزحام فهل نأثم على ذلك وما العمل ونحن لا نملك إلا هذه الوسيلة ولا غنى لنا عنها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على المرء أن يبتعد عن ملامسة النساء يعني عن مزاحمتهن بحيث يتصل بدنه ببدنها ولو من وراء حائل فإن هذا داع للفتنة والإنسان ليس بمعصوم قد يرى من نفسه أنه يتحرز من هذا الأمر ولا يتأثر به ولكن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فربما يحصل منه حركة تفسد عليه أمره فإذا اضطر الإنسان إلى ذلك اضطراراً لابد منه وحرص على أن لا يتأثر فأرجو أن لا يكون عليه بأس لكن في ظني أنه لا يمكن أن يضطر إلى ذلك اضطراراً لابد منه إذ من الممكن أن يطلب مكاناً لا يتصل بالمرأة حتى ولو كان واقفاً وبهذا يتخلص من هذا الأمر الذي يوجب الفتنة وعلى المرء أن يتقي الله ما استطاع وأن لا يتهاون بهذه الأمور كما أننا نرجو من القائمين على هذه الوسائل أي وسائل النقل أن يجعلوا مكاناً مخصصاً للنساء لا يتصل بهن الرجال.
***

المرأة والاختلاط

السؤال: ماحكم قراءة الكتب الدينية للحائض؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول يجوز للمرأة الحائض أن تذكر الله وتهلله وتسبحه وتكبره وتقرأ ما شاءت من الكتب الدينية سواء كانت هذه الكتب من تفسير القرآن أو من الأحاديث النبوية أو من كتب الفقه أو غيرها فلا حرج عليها في ذلك
أما قراءة القرآن وهي حائض فقد اختلف فيها أهل العلم ولكن الراجح عندنا أنه لا يحرم عليها قراءة القرآن إذا احتاجت لذلك مثل أن تكون معلمة تحتاج إلى قراءة القرآن أمام الطالبات للتعليم أو تكون متعلمة تحتاج إلى قراءة القرآن للاختبار أو نحوه فهذا لا بأس به لأنه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ليس في منع الحائض من قراءة القرآن سنةٌ صحيحةٌ صريحة والأصل براءة الذمة وجواز ذلك وهو مما تعم به البلوى ولوكان أمراً محرماً لكانت السنة في ذلك بينة واضحة لا تخفى على أحد ولهذا نقول اتباعاً للأحوط أن المرأة إذا احتاجت إلى قراءة القرآن وهي حائض فلا حرج عليها في ذلك وإلا فلها غنيةٌ بالتسبيح والتكبير والتهليل وقراءة الكتب الدينية كما في هذا السؤال.
***

مستمعة تقول مجموعة من النساء لا نستطيع أن نحضر إلى المساجد لسماع الندوات فنضطر لشراء أشرطة المسجل لسماع هذه الندوات سؤالي هل ثواب السامع من الشريط هو نفس ثواب الجالس في المسجد مباشرة من تنزل الملائكة عليهم وإحاطتهم بالرحمة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا ليس الذين يستمعون إلى الأشرطة كالذين يحضرون إلى حلق الذكر ويشاركون الذاكرين في مجالسهم ولكن السامعين للأشرطة لهم أجر الانتفاع وطلب العلم الذي يحصلونه من هذه الأشرطة وكما قلت آنفاً ما أكثر ما حصل من الهدى والاستقامة بواسطة هذه الأشرطة والشريط كما نعلم خفيف المحمل سهل الاستفادة فالإنسان يمكن أن يستمع إليه وهو في شغله يمكن أن يستمع إليه في سيارته ماشياً في طريقه ومن أجل ذلك كان لهذه الأشرطة فضل كبير من الله سبحانه وتعالى علينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على هذا التسهيل والتيسير.
***

يقول السائل بالنسبة للمرأة عندما تقرأ القرآن مجوداً هل في ذلك شيء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس في قراءة المرأة للقرآن مجوداً شيء من الإثم أو الحرج والمرأة كالرجل في الذكر والقراءة وإن كانت تختلف عنه في الأمور التي قد تحصل بها فتنة كرفع الصوت عند الرجال ونحو ذلك فإذا قرأت المرأة القرآن مجوداً فلا حرج عليها في ذلك اللهم إلا أن يكون حولها رجال وتقرأ بصوت مرتفع يخشى منه الفتنة فإنها لا تفعل.
***

السؤال: تقول أيهما أفضل بالنسبة للبنت أن تكمل تعليمها حتى الجامعة أو تكتفي بالمتوسطة وتجلس في رعاية أولادها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان لها أولاد فإن الأفضل أن تقتصر على ما يحصل به الكفاية من قراءةٍ وكتابة وتتفرغ لأولادها وبيت زوجها.
***

المرأة والتعليم

السؤال: هل يؤخذ من لبس الرسول صلى الله عليه وسلم للعمامة أن العمامة التي يعملها الطاعنون في السن هذه البيضاء التي تتخذ على الشماغ أن هذه من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هي كونها من هدي الرسول أو ليست من هدية مبنية على هل التعمم عبادة أو عادة والذي يظهر أنه عادة وليس بعبادة وعلى هذا فيلبس الإنسان ما اعتاده الناس في بلده يكون هذا هو السنة أن يلبس الإنسان ما يعتاده الناس في بلده وليست العمامة من العبادة ويدل على هذا أننا لو قلنا إن العمامة من العبادة لقلنا أيضاً الرداء والإزار من العبادة وليدع الناس ثيابهم ويلبسوا أردية وأزراً وإن كان القميص قد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يلبس القميص لكن مع هذا يلبس كثيراً الرداء والإزار ومع هذا لو أن الرجل خرج في غير الإحرام بحج وعمرة بإزار ورداء في بلد لا يعتادون ذلك لعدوا هذا شذوذاً والصواب أن هذا أي لبس الرداء والإزار والعمامة من الأمور العادية إذا اعتادها الناس فالسنة ألا يخرج عما كان عليه الناس وإن كان لا يعتادونه فليلبس ما اعتاده الناس إذا لم يكن محرماً في الشرع.
***

السؤال: يقول لبس العمامة هل هي من السنن المؤكدة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لبس العمامة ليس من السنن لا المؤكدة ولا غير المؤكدة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يلبسها اتباعا للعادة التي كان الناس عليها في ذلك الزمن ولهذا لم يأت حرف واحد من السنة يأمر بها فهي من الأمور العادية التي إن اعتادها الناس فليلبسها الإنسان لئلا يخرج عن عادة الناس فيكون لباسه شهرة وإن لم يعتدها الناس فلا يلبسها هذا هو القول الراجح في العمامة.
***

السؤال: تقول بأنها امرأة متزوجة تسكن في بيت أهل زوجها وفي البيت يوجد إخوان زوجي تقول وعندما أكون أعمل في داخل المطبخ مثلاً يأتي الإخوة إخوان زوجي ويدخلون في المطبخ ويأخذون ما يريدون ثم يخرجون وأكون متحجبة الحجاب الشرعي إلا اليدين أخرجهما لكي أستطيع العمل فهل عليّ إثم في ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك إثم في إخراج الكفين للعمل بحضور إخوان زوجك لأن هذا مما تدعو الحاجة إليه ويشق التحرز منه وقد قال الله سبحانه وتعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) اللهم إلا أن يصحب ذلك خوف من الفتنة مثل أن يكون إخوان الزوج ينظرون إلى كفيها نظرة مقصودة يخشى أن يكون فيها محذور ففي هذه الحال لا يجوز لها أن تكشف كفيها عند إخوان زوجها وأما دخول أحدهم عليها وهي في المطبخ فإن كان المطبخ شارعاً بمعنى أنه مفتوح وفي وسط الحاضرين الجالسين فإن هذا لا بأس به أما إذا كان المطبخ في ناحية من البيت وكان عليه باب فإنه لا يحل له أن يخلو بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إياكم والدخول على النساء قالوا يا رسول الله أرأيت الحمو قال الحمو الموت) يعني أنه هو البلاء الذي يجب الفرار منه كما يحب المرء الفرار من الموت.
***

يقول هل يجوز للفتاة أن تكشف وجهها للأعمى والقراءة عليه حيث إنه مدرس متوسط؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن العلماء رحمهم الله اختلفوا في جواز نظر المرأة إلى الرجل فمنهم من قال إنه لا يجوز لعموم قوله تعالى (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) الآية ولحديث أم سلمة رضي الله عنها (أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم هي وحفصة فدخل ابن أم مكتوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم احتجبن منه فقالت إنه ضرير أعمى لا يبصرنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم أفعمياوان أنتما) ومن العلماء من قال إنه يجوز للمرأة أن تنظر للرجل بشرط ألا يكون نظرها بغرض شهوة ولا لتمتع وهذا القول هو الراجح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت قيس (اعتدي في بيت أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستر عائشة وهي تنظر للحبشة في المسجد وكذلك كان إذا خطب الرجال في يوم العيد نزل إلى النساء فخطبهنّ ولا شك أنه إذا كان يخطبهنّ سينظرن إليه وكان معه بلال رضي الله عنه وأما الآية التي استدل بها من منع نظر المرأة للرجل فإن الله تعالى يقول فيها (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِن) ومن للتبعيض والآية تحمل على ما إذا منعنا من النظر إلى الرجل بشهوة أو لتمتع فإنه في هذه الحال يجب عليها غض البصر ويبقى ما عدا ذلك على ما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأماحديث أم سلمة فإن في صحته نظراً لأن راويه عن أم سلمة وهو مولاها نبهان قال فيه ابن عبد البر إنه رجل مجهول وحديث تكون درجته هكذا لا يمكن أن يعارض الأحاديث الصحيحة الواضحة في جواز نظر المرأة إلى الرجل لكن يجب كما أسلفنا ألا يكون نظرها إليه نظر شهوة أو نظر تمتع فإن ذلك لا يجوز والله أعلم.
***

السؤال: يقول ما هو الحجاب الشرعي للمرأة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحجاب الشرعي أول شيء أن تغطي وجهها وذلك لأن الوجه أعظم ما تكون به الفتنة وهو مقصود الرجال من النساء ولهذا يهتم الإنسان بجمال الوجه أكثر من غيره بكثير تجده مثلا يسأل عن وجهها ولا يسأل عن قدميها عند إرادة خطبتها فهو أولى الأعضاء بالستر ولنا في هذا رسالة اسمها رسالة الحجاب مختصرة قد بينا فيها الأدلة من القرآن والسنة والنظر الصحيح على وجوب تغطية المرأة وجهها عن الرجال الأجانب وأجبنا عما استدل به القائلون بجواز كشف الوجه فما أحسن أن تراجع هذه الرسالة أو غيرها مما ألف في هذا الباب.
***

السؤال: يقول هل هذا حديث فضيلة الشيخ (إن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره) ؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث روي عن النبي صلى الله عليه واله وسلم لكنه ضعيف لا تقوم به حجة والمسبل إزاره وإن قبلت صلاته فهو آثم بل إثم كبيرة من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توعد ما كان من أسفل من الكعبين بالنار فقال عليه الصلاة والسلام (ما أسفل من الكعبين ففي النار) أي ما كان أسفل من الكعبين فإنه في النار أي يعذب به صاحبه على قدر ما نزل من ثوبه والتعذيب هنا التعذيب الجزئي للمكان الذي وقعت فيه مخالفة وليس تعذيبا للبدن كله فالتعذيب المجزأ أمر واقع ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (ويل للأعقاب من النار) لما رأى بعض أصحابه توضؤا وخففوا غسل الأقدام قال (ويل للأعقاب من النار) فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الوعيد على ما حصلت فيه المخالفة فقط أما إذا جر ثوبه خيلاء فإن الأمر أشد وأعظم قال النبي عليه الصلاة والسلام (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) قال أبو ذر وهو راوي الحديث خابوا وخسروا من هم يا رسول الله قال (المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) فالعقوبة في جر ثوب الخيلاء أشد وأعظم وعلى هذا فمن أسبل ثوبه أو سرواله أو مشلحه إلى أسفل من الكعبين فهو آثم بكل حال ولكنه إن كان خيلاء فجره فعليه هذا الوعيد الشديد وقد تهاون بعض الناس في هذا الأمر فعلى إخواني الذين ابتلوا بهذا الأمر أن يتوبوا إلى الله عز وجل مما صنعوا وألا يبدلوا نعمة الله كفرا بها بل يشكروه على ما يسر لهم من اللباس ويستعملوه على الوجه الذي ليس فيه سخط الله عز وجل وقد جاء شاب من الأنصار إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن جاء إليه يعوده فلما ولى هذا الشاب إذا إزاره قد نزل فقال له يا ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأبقى لثوبك فأمره عمر رضي الله عنه بأن يرفع ثوبه وبين له فائدتين عظيمتين فائدة دينية وهي التقوى وفائدة دنيوية وهي بقاء الثوب لئلا تأكله الأرض بحكه عليها.
***

السؤال: يقول إذا كان الثوب والبنطلون طويلاً إلى أسفل الكعبين هل تصح الصلاة فيه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب إذا كان البنطلون نازلاً عن الكعبين فإنه محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) وما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الإزار فإنه يكون في غيره وعلى هذا فيجب على الإنسان أن يرفع بنطلونه وغيره من لباسه عما تحت كعبيه وإذا صلى به وهو نازل تحت الكعبين فقد اختلف أهل العلم في صحة صلاته فمنهم من يرى أن صلاته صحيحة لأن الرجل قد قام بالواجب وهو ستر العورة ومنهم من يرى أن صلاته ليست بصحيحة لأنه ستر عورته بثوب محرم وجعل هؤلاء من شروط الستر أن يكون الثوب مباحاً والإنسان على خطر إذا صلى في ثياب مسبلة فعليه أن يتقي الله عز وجل وأن يرفع ثيابه حتى تكون فوق كعبيه.
***

السؤال: يقول السائل ما حكم الصلاة بالثوب الطويل هل تبطل الصلاة أم لا علما بأن كثيراً من الناس يصلون بثياب طويلة ويتجاهلون حكم لبس الثوب الطويل فيما أسفل الكعبين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال يقتضي الجواب عليه أن نتكلم على مسألتين:
المسألة الأولى إطالة الثوب أو السروال أو المشلح حتى ينزل عن الكعبين نقول هذه الإطالة من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (ما أسفل من الكعبين ففي النار) ولا وعيد إلا على معصية من الكبائر ولا فرق بين أن ينزل عن الكعبين خيلاء وتيهاً أو رغبة بدون خيلاء وقد ظن بعض الناس أن هذا الوعيد لا يكون إلا إذا كان خيلاء وقال أنا لم أصنعه خيلاء ولكن رغبة في ذلك وهذا ظن خطأ فإن الوعيد في الخيلاء أشد وأعظم من الوعيد على من نزل ثوبه أو سرواله أو مشلحه عن الكعبين لأن الوعيد على الخيلاء ألا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم كما ثبت في صحيح مسلم عن إبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قال خابوا وخسروا يا رسول الله من هم قال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) فلما اختلف العقاب امتنع أن يلحق أحدهما بالآخر لأنه لو ألحق أحدهما بالآخر لزم من ذلك تكذيب أحد الخبرين بالثاني لأنه إذا كان العمل واحدا لم تختلف عقوبته على كل حال أقول لهؤلاء الذين ابتلوا بتنزيل ثيابهم أو سراويلهم أو مشالحهم إلى أسفل من الكعبين اتقوا الله في أنفسكم واعلموا أن ما قاله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو حق وأنكم إذا فعلتم أسبابه وموجباته فقد تعرضتم له وظلمتم أنفسكم
أما بالنسبة للصلاة فقد اختلف العلماء رحمهم الله فيمن صلى في ثوب محرم عليه هل تصح صلاته أو لا تصح فمنهم من قال إن الصلاة صحيحة لأن النهي عن لبس الثوب المحرم عام لا يختص بالصلاة والنهي العام الذي يتناول ما إذا كان الإنسان في عبادة أو غير عبادة لا يبطل العبادة ولهذا لا تبطل الغيبة الصيام مع أنها محرمة في الصيام وغيره حيث إن تحريمها عام وأما إذا كان التحريم خاصا فإنه يبطل العبادة ولهذا بطل الصيام بالأكل والشرب لأن تحريمهما خاص بالصيام ومعلوم أن إنزال الثوب إلى ما تحت الكعب محرم في الصلاة وخارج الصلاة فتكون الصلاة في الثوب المحرم صحيحة لكن اللابس آثم بهذا اللبس فالذي ينزل ثوبه أو سرواله أو مشلحه إلى أسفل من الكعبين على خطر عظيم في صلاته حيث إن كثيراً من العلماء قال إن صلاته غير صحيحة.
***

السؤال: يقول قرأت حديثاً فيما معناه بأن الله لا ينظر يوم القيامة إلى ثلاثة منهم المسبل إزاره، يقول بأنه لا يرتاح في لبس الثوب القصير وأيضاً لا أرتدي ثوباً طويلاً جداً بل إلى الكعبين فما هو حكم الشرع في نظركم في عمله هذا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الحديث الذي أشار إليه هو ما رواه مسلم عن أبي ذر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قالها ثلاثاً صلوات الله وسلامه عليه فقال أبو ذر خابوا وخسروا من هم يا رسول الله قال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) فأما المسبل فهو الذي يسبل ثوبه أو سرواله أو مشلحه والإسبال المحرم ما كان نازلاً عن الكعب أما الكعب فما فوقه فإن ذلك ليس بمحرم، وعلى هذا فإننا نقول لهذا السائل إذا كان ثوبك أو مشلحك أو سروالك أو إزارك إلى الكعب فما فوق فهذا جائز ولا حرج عليك فيه، لكن الحرج أن يكون نازلاً عن الكعب فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما أسفل من الكعبين ففي النار) فلا يحل لأحد أن ينزَّل سرواله أو إزاره أو ثوبه يعني القميص أو مشلحه إلى أسفل من الكعبين فإن فعل فليصبر على نار جهنم بقدر ما نزل من هذا ونعود إلى حديث أبي ذر فنقول المنان المراد به من يمن بالصدقة بحيث إذا تصدق على شخص صار يمن عليه بها كلما جرى شيء قال أنا الذي تصدقت عليك أنا الذي فعلت وما أشبه ذلك، وأما المنفق سلعته بالحلف الكاذب فهو الذي يحلف على سلعته من أجل زيادة الثمن مثل أن يحلف بأنها سلعة جيدة وهي ليست كذلك أو يحلف بأنه اشتراها بكذا وهو اشتراها بأقل أو ما أشبه هذا من الأيمان التي تزيد في قيمة السلعة، فإن من حلف هذا اليمين ليزيد ثمن سلعته فإن الله تعالى لا يكلمه يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم.
***

السؤال: ما حكم إسبال الثياب؟

فأجاب رحمه الله تعالى: حكم إسبال الثياب للنساء لا بأس به لأنه ستر لأقدامهنّ وأما إسبال الثياب للرجال فإنه محرم بل هو من كبائر الذنوب ويقع الإسبال على وجهين:
أحدهما أن يكون للخيلاء والفخر والتعاظم فهذا جزاؤه أن الله تعالى لا يكلمه يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم لحديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم كررها ثلاثاً فقال أبو ذر خابوا وخسروا من هم يا رسول الله قال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) والمسبل هو الذي يرخي ثوبه حتى يصل إلى الأرض فهذه العقوبة كما ترى عقوبة عظيمة شديدة.
أما الوجه الثاني فأن يقع الإسبال لا على وجه الفخر والخيلاء فعقوبته أهون لقول النبي عليه الصلاة والسلام (ما أسفل من الكعبين ففي النار) أي أن ما نزل من الكعبين فإن صاحبه يعذب عليه بالنار فيكون العذاب على قدر النازل من الثوب عن الكعبين وهذه العقوبة أهون من العقوبة الأولى ومن ثم نقول إنه لا يمكن أن يقيد هذا الحديث المطلق بالحديث السابق وهو من جر ثوبه خيلاء ذلك لأن العقوبتين مختلفتان وإذا اختلفت العقوبتان امتنع حمل أحد الحديثين على الآخر لأنه يلزم منه تكذيب أحداهما بالآخر عقوبة هذا كذا وعقوبة هذا كذا مع أن العمل واحد وبهذا نعرف أن ما يتعلل به بعض الناس إذا نهيته عن إسبال ثوبه أو سرواله أو مشلحه قال أنا لم أفعله خيلاء فهذا التعلل الذي يتعلل به لا وجه له وذلك لأن العقوبتين مختلفتان فلا يحمل أحدهما على الآخر وقد نص علماء الأصول رحمهم الله على أنه إذا اختلف الحكم فإنه لا يحمل المطلق على المقيد وضربوا لذلك مثلاً بطهارة التيمم وطاهرة الوضوء فالله سبحانه وتعالى قال في الوضوء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) وقيد الغسل بالمرافق وقال في التيمم (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) ولم يقيدها بالمرافق فكان موضع التيمم الكفين فقط أما الوضوء فموضعه الكفان والذراع والمرفق ولم يحمل المطلق في التيمم على المقيد في الوضوء وذلك لاختلاف الحكم بين الطهارتين وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يعرفها وهي أنه لا يحمل المطلق على المقيد مع اختلاف الحكم.
***

الإسبال

السؤال: يقول ما المقصود بكلمة القواعد من النساء؟

فأجاب رحمه الله تعالى:المراد بالقواعد العجائز اللاتي قعدن عن الحركة لعدم قوتهن ونشاطهن (اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً) يعني اللاتي يئسن من أن يتقدم لهن أحد لكبر سنهن هؤلاء القواعد ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة يعني أن يضعن ثياب الخروج التي جرت العادة أن تخرج بها النساء بشرط ألا يتبرجن بزينة أي ألا يظهرن زينة جمال يكون بها فتنة وعلى هذا فإذا خرجت مثل هذه المرأة إلى السوق بثياب البيت التي ليست ثياب زينة فلا حرج عليها في ذلك إلا أنه ينبغي ألا تخرج لئلا يقتدى بها ولئلا تظن الشابة أن هذا الحكم عام لها وللقواعد وما كان يفضي إلى مفسدة فإنه ينبغي ألا يفعل وإن كان مباحا سدا للزريعة وفي هذه الآية دليل واضح على أن من سوى النساء القواعد فعليها جناح إذا وضعت ثوبها الذي اعتادت أن تخرج به إلى السوق وهو دليل على وجوب ستر الوجه لأن ستر الوجه من أعظم التبرج بالزينة فإن إظهار الوجه أشد فتنة من ثوب جميل بل وأشد فتنة من طيب يفوح فإن تعلق الرجل بالمرأة التي كشفت وجهها أشد من تعلقه بامراة عليها ثياب جميلة إذا لم يشاهد الوجه وبهذه المناسبة أود أن أوجه نصيحة إلى بناتنا وأخواتنا بأن يتقين الله تعالى في أنفسهن وألا يخرجن إلى السوق متبرجات بزينة وألا يخرجن إلى السوق بريح طيب تظهر ويشمها الرجال وألا يكشفن وجوههن لأن الوجه أعظم زينة تجلب الفتنة والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ويحمل المرأة على أن تدرج من القليل إلى الكثير ومن الصغير إلى الكبير فلتبقى النساء على عادتهن وعلى ما جبلهن الله عليه من الحياء وألا تغتر بمن هلك فإن الله تعالى يقول في كتابه (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) (الأنعام: من الآية116) نسأل الله التوفيق والحماية من أسباب الشر والفتنة.
***

ما هي حدود غض البصر وهل لي أن أنظر إلى أي رجل خاصة إذا دعت الظروف أن أتعامل مع رجل؟

فأجاب رحمه الله تعالى: غض البصر يعني قصر البصر بحيث لا يمتد إلى ما لا يحل النظر إليه والمرأة لا حرج عليها إذا رأت الرجل لأن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخرجن إلى المسجد ويخرجن إلى الأسواق وينظرن إلى الرجال بالطبع لأن عليهن النقاب ولكن إذا كانت تنظر للرجل نظر تمتع أو نظر شهوة كان ذلك حراماً عليها فيجب عليها حينئذٍ أن تصرف نظرها وأما ما دعت الضرورة إليه فالضرورة لها شأنٌ آخر.
***

ما الحكم إذا كشفت المرأة وجهها أثناء قراءة القرآن الكريم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس على المرأة إذا كانت تقرأ القرآن أن تكشف وجهها ولا حرج عليها في ذلك إلا إذا كان حولها رجال غير محارم لها فإنه في هذه الحال يجب عليها أن تغطي وجهها وذلك لأن المرأة لا يحل لها أن تكشف وجهها إلا لزوجها ولمن كان من محارمها والمحارم هم الذين يحرم نكاحهم إياها بنسب أو سبب مباح فكل من تحرم عليه تحريماً مؤبداًً بنسب أو سبب مباح فهم من محارمها وهم آباؤها وإن علوا سواء كانوا من قبل الأب أو من قبل الأم وأبناؤها وإن نزلوا سواء كانوا أبناء أبناء أو أبناء بنات وإخوتها وأبناؤهم وإن نزلوا سواء كانوا إخوة من الأم أو إخوة من الأب أو إخوة أشقاء وسواء كانوا الأبناء الذين تفرعوا منهم من أبنائهم أو أبناء أبنائهم أو أبناء بناتهم والأعمام دون أبنائهم والأخوال دون أبنائهم وكذلك أبو زوجها من النسب وآباؤه وإن علوا سواء كانوا آباءه من قبل الأب أو من قبل الأم وكذلك أبناء زوجها وإن نزلوا سواء كانوا أبناء بناته أو أبناء أبنائه هؤلاء هم المحارم للزوجة وأما أبناء بني العم وأبناء الخال وأخو الزوج وأقاربه سوى آبائه وأبنائه فإنهم غير محارم للزوجة فيجب عليها أن تستر وجهها عنهم.
وخلاصة الجواب أنه يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن وهي كاشفة وجهها ولا حرج عليها في ذلك إلا إذا كان حولها رجال ليسوا بمحارم لها فيجب عليها ستر وجهها.
***

السؤال: يقول أنا شاب في العشرين من عمري محافظ على أداء الصلوات المكتوبة وعلى تلاوة القرآن الكريم وأوامر ربي عز وجل إلا أنني أعاني من أمر هو أن ثيابي التي ألبسها عادة ما تكون طويلة وأنا لا أقصد بذلك الكبر والخيلاء وحاولت مراراً أن أقصر من ثيابي لكنني أقول في نفسي ما دام أنني لم أقصد الكبر أو غير هذا فهذا إن شاء الله ليس فيه ذنب أرجو من فضيلتكم إجابة شافية عن هذا الموضوع وفقكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: تضمن هذا السؤال مسألتين:
المسألة الأولى أن الرجل أثنى على نفسه بكونه قائماً بطاعة الله محباً لما يرضي الله عز وجل أرجو أن يكون هذا الثناء على نفسه من باب التحدث بنعم الله عز وجل لا من باب تزكية النفس وذلك أن الذي يتحدث عن نفسه بفعل الطاعات لا يخلو من حالين:
الحال الأولى أن يكون الحامل له على ذلك تزكية نفسه وإدلاله بعمله على ربه وهذا أمر خطير قد يؤدي إلى بطلان عمله وحبوطه وقد نهى الله سبحانه وتعالى عباده عن تزكية نفوسهم فقال تعالى (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى) .
الحال الثانية أن يكون الحامل له على ذلك التحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى وأن يتخذ من هذا الإخبار عن نفسه سبيلاً إلى أن يقتدي به نظراؤه وأشكاله من بني جنسه وهذا قصد محمود لأن الله سبحانه وتعالى يقول (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) .
أما المسألة الثانية مما تضمنه السؤال فهو السؤال عن كونه يرخي ثوبه وينزله إلى أسفل من الكعبين وكان يمني نفسه بأنه لم يفعل ذلك من باب الكبر ولا من باب الخيلاء فيكون هذا مباحاً والجواب على ذلك أن عمله هذا محرم بل إن ظاهر النصوص أنه من كبائر الذنوب وذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) وهذا الحديث مطلق لم يقيده النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خيلاء أو بطراً ولا يمكن أن يحمل على المقيد بذلك لأن الحكم فيهما مختلف وقد ذكر أهل العلم أنه لا يحمل المطلق على المقيد إلا إذا كان الحكم فيهما واحداً ولتستمع إلى فرق الحكم بينهما فإن من جر ثوبه خيلاء عقوبته أن الله عز وجل لا يكلمه يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قالها ثلاثة فقال أبو ذر رضي الله عنه خابوا وخسروا من هم يا رسول الله فقال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) فبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن عقوبة المسبل أن الله تعالى لا يكلمه يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم وهذا الحديث مطلق لكنه مقيد بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) فقيده النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خيلاء وقال لم ينظر الله إليه وهذه العقوبة بعض العقوبة التي دل عليها حديث أبي ذر فيحمل حديث أبي ذر المطلق على هذا الحديث المقيد إذاً عقوبة من جر ثوبه خيلاء أعظم من عقوبة من نزل إزاره عن كعبيه لأن من نزل إزاره عن كعبيه عقوبته أن يعذب بالنار ما قابل النازل من الإزار عن الكعبين وأما عقوبة من جر ثوبه خيلاء فهي أعظم وأكبر فإنها ألا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم وبهذا الفرق علمنا أنه لا يمكن حمل المطلق على المقيد اتباعاً للقاعدة التي ذكرها الأصوليون والتي دل عليها كتاب الله عز وجل وإيضاح ذلك أن الله سبحانه وتعالى ذكر في آية الطهارة في الوضوء أن غسل اليدين يكون إلى المرافق فقال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فقيد غسل اليدين ببلوغ الغسل إلى المرافق وقال في التيمم (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) ولم يقيد الأيدي ببلوغ التيمم إلى المرافق ولا يحمل حكم التيمم على حكم الوضوء وذلك لاختلافهما في الحكم ففي الوضوء تتعلق الطهارة بأربعة أعضاء وفي التيمم بعضوين وفي الوضوء تكون الأعضاء بعضها مغسولاً وبعضها ممسوحاً وفي التيمم تكون ممسوحة وكذلك في طهارة التيمم تتفق الطهارتان الصغرى والكبرى وفي طهارة الماء تختلف الطهارتان الصغرى والكبرى وعليه فلا يحمل المطلق في حكم التيمم على المقيد في الوضوء ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم عمار بن ياسر كيفية التيمم ضرب الأرض بيديه ضربة واحدة ومسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه ولم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم بالتيمم إلى المرافق فدل هذا أن القاعدة التي قررها الأصوليون قاعدة مستقرة دل عليها الكتاب والسنة فليتق الله تعالى المرء وليجتنب ما حرم الله عليه في لباسه فإن فعل ما حرم الله على المرء في لباسه من كفران النعم وقد أشار الله تبارك وتعالى حين ذكر أنه أنزل على عباده لباساً يواري سوآتهم وريشا أشار الله تبارك وتعالى إلى أنه يجب على الإنسان أن يراعي جانب التقوى في ذلك حيث قال (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) وتقوى الله عز وجل واجبة على كل مسلم كما قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ولقد عاد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن عاده شاب من الأنصار وكان عليه ثوب يضرب على الأرض فلما ولى دعاه عمر رضي الله عنه فقال له يا ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأبقى لثوبك وفي لفظ وأنقى لثوبك فذكر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن في رفع الثوب فائدتين عظيمتين إحداهما تقوى الله عز وجل التي أعد الله سبحانه وتعالى للمتصفين بها جنة عرضها السموات والأرض كما قال تعالى (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) والفائدة الثانية أن ذلك أبقى للثوب فإن الثوب إذا انجر على الأرض أكلته وقطعت أسفله وأنقى له أيضاً فإن الثوب إذا انجر على التراب تلوث به
فإن قلت هل يمكن أن تكون العقوبة على جزء من البدن دون جميعه فالجواب نعم يمكن ذلك ألا ترى إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى تقصيراً من بعض الصحابة رضي الله عنهم في غسل أرجلهم نادى بأعلى صوته (ويل للأعقاب من النار) فجعل العقوبة في العضو الذي حصل فيه الخلل وهكذا نقول فيمن نزل ثوبه عن كعبيه إن عقوبته تكون في مقدار ما حصلت به المخالفة فيعذب بالنار ما كان أسفل من الكعبين وإني أوجه إلى السائل بارك الله فيه وإلى غيره ممن ابتلوا بهذه المسألة أعني مسألة الإسبال أوجه إليهم نصيحة بأن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي مجتمعهم وأن يذكروا بقلوبهم وعلى ألسنتهم أناساً لا يجدون ما يسترون به عوارتهم أو يتقون به الحر والبرد من الثياب حتى يكون ذلك داعياً إلى شكرهم نعمة الله سبحانه وتعالى والتزامهم بأحكام الله في هذه الثياب التي أنعم الله عليهم بوفرتها وكثرتها.
***

ما حكم الحجاب عن المدرس الأعمى؟

فأجاب رحمه الله تعالى:لا يجب الحجاب عن المدرس الأعمى لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لفاطمة بنت قيس (اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجلٌ أعمى تضعين ثيابك عنده) ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أذن لعائشة أن تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد) فالمرأة يجوز لها النظر للرجل بشرط أن لا تنظر إليه بشهوة أو تمتعٍ بالنظر وتلذذٍ به ولا يلزمها أن تحتجب عنه وأما ما يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (أفعمياوان أنتما) فحديثٌ ضعيف لا تقوم به الحجة.
***

السؤال: من اليمن باعثها المستمع يحي بن علي يقول في رسالته ما حكم الشرع في نظركم يا فضيلة الشيخ في مسابقة الإمام وأيضاً مسبل إزاره خيلاء نرجو إفادة بذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال تضمن سؤالين السؤال الأول في مسابقة الإمام فمسابقة الإمام محرمة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول صورته صورة حمار أو يجعل رأسه رأس حمار) وهذا يدل على التحريم ثم إن السبق يختلف فإن كان السبق بتكبيرة الإحرام فإنه الصلاة لا تنعقد لأن الصلاة لا تنعقد إلا إذا كانت تكبيرة المأموم بعد انتهاء الإمام من تكبيرة الإحرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر) وإن كان السبق بركن آخر ففيه تفصيل عند بعض أهل العلم والراجح عندي أنه لا تفصيل في ذلك وأن المأموم متى سبق الإمام بالركن أو إلى الركن فإن صلاته تبطل إذا كان عالماً بالنهي أما إذا كان جاهلاً فإنه معذور ولكن عليه أن يتعلم أحكام دينه حتى يعبد الله على بصيرة وكذلك لو نسي فسبق إمامه فإنه لا تبطل صلاته وعليه أن يرجع ليأتي بما سبق إمامه بعده وبهذه المناسبة أود أن أبين أن للمأموم مع إمامه أربع حالات متابعة وموافقة ومسابقة وتخلف فأما المتابعة فهي الحال الوحيدة التي دلت السنة على الحث عليها والأمر بها وهي أن يأتي الإنسان بأفعال الصلاة بعد إمامه بدون تأخر وقد دل عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم (إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد) .
والحال الثانية الموافقة بأن يأتي الإنسان بأفعال الصلاة مع إمامه لا يتقدم عنه ولا يتأخر وهذه خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكر أهل العلم أنه إذا كانت الموافقة في تكبيرة الإحرام فإن الصلاة لا تنعقد وعلى المأموم أن يعيدها بعد ذلك.
الحال الثالثة المسابقة وهي أن يأتي بأفعال الصلاة قبل إمامه فإن كان ذلك في تكبيرة الإحرام فصلاته لم تنعقد وإن كان في غيرها ففيها تفصيل عند أهل العلم بل فيها تفصيل على المشهور من مذهب الإمام أحمد والراجح أن الصلاة تبطل بذلك إذا كان الإنسان عالماً ذاكراً.
والحال الرابعة التخلف وهي خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم مثل أن يتخلف عن الإمام فلا يبادر بمتابعته فهذا خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (إذا كبر فكبروا) ومعلوم أن المشروط يتبع الشرط ويليه فليكن تكبيرك تلو تكبيرة الإمام وركوعك تلو ركوع الإمام وسجودك تلو سجود الإمام وهكذا فلا تتخلف عنه لكن لو تخلف الإنسان لعذر مثل أن لا يسمع صوت الإمام أو يكون ساهياً ففي هذه الحال متى زال ذلك العذر تابع الإمام يعني أتى بما تخلف عن الإمام حتى يلحقه إلا أن يصل الإمام إلى الركن الذي أنت فيه فإنها تلغى الركعة التي حصل فيها التخلف وتقوم الركعة الثانية مقامها مثال ذلك لو كنت واقفاً مع الإمام أول ركعة ثم ركع الإمام وسجد وقام إلى الثانية وأنت لم تعلم به حتى وصل إلى القيام وأنت الآن قائم على أنها الركعة الأولى والإمام قام إليها على أنها الثانية فإنك تبقى معه وتكون الركعة الثانية للإمام ركعة أولى لك فإذا سلم أتيت بركعة بعده أما لو علمت به وهو ساجد بأن ركع ورفع وأنت لم تعلم ثم لما ركع للسجود سمعته فإنك تركع وترفع وتسجد وتتابع الإمام.
أما السؤال الثاني فهو مسبل إزاره وإسبال الإزار حرام ويقع إسبال الإزار على وجهين الوجه الأول أن يسبله بدون خيلاء فهذا عقوبته أن ما أسفل من الكعبين ففي النار هذه هي عقوبته والوجه الثاني أن يكون خيلاء فعقوبة هذا أن الله لا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيه ولا يكلمه وله عذاب أليم كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم كررها ثلاث مرات فقال أبو ذر من هم يا رسول الله خابوا وخسروا فقال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) وأما من جر ثوبه لغير خيلاء فقد ثبت في الصحيح (أن ما أسفل من الكعبين ففي النار) ولا يجوز أن يحمل هذا على الأول لاختلاف العقوبتين وإذا اختلفت العقوبتان في عمل فإنه لا يمكن أن يحمل أحدهما عن الآخر للتناقض والتضاد لأن تلك العقوبة غير تلك وإذا كانت غيرها فإننا لا نحمل أحد الحديثين على الآخر، وذلك لأن العقوبتين مختلفتان فلا يحمل أحدهما على الآخر وقد ذكر أهل العلم أنه إذا اختلف الحكم فإنه لا يحمل أحد النصين على الآخر ومثلوا لذلك بقوله تعالى في التيمم (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) ولم يقيد الأيدي بالمرافق وفي آية الوضوء قال (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) فلا تحمل آية التيمم على آية الوضوء وذلك لاختلاف الحكم بين الطهارتين فإن طهارة التيمم في عضوين فقط وطهارة الوضوء في أربعة أعضاء وطهارة التيمم لا يختلف فيها الحدث الأكبر والأصغر وطهارة الوضوء الماء يختلف فيها الحدث الأصغر والأكبر فهكذا هذان الحديثان (ما أسفل من الكعبين ففي النار) و (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) لا يحمل أحدهما على الآخر وقد دل على ذلك ما أخرجه مالك من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إزرة المؤمن إلى نصف ساقه وما أسفل من الكعبين ففي النار ومن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بين من جر ثوبه خيلاء وبين ما نزل عن الكعبين.
***

السؤال: تقول ما رأيكم في غطاء الوجه والكفين هل هو ضروري للمرأة وإذا لم تغطِ المرأة الوجه والكفين هل تحاسب على ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: القول الراجح من أقوال العلماء الذي دل عليه الكتاب والسنة والنظر الصحيح أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الذين ليسوا من محارمها لأن ذلك هو الحشمة والبعد عن الفتنة ولهذا نرى أن البلاد التي تطبق ما دل عليه الكتاب والسنة والنظر الصحيح فتغطي المرأة وجهها نجد أن هذه البلاد أبعد البلاد عن الفتنة وأسلمها من الشر فنصيحتي لأخواتي المسلمات في كل مكان أن يتقين الله وأن يسترن الوجوه وأن يبعدن عن التبرج وعن الفتنة فإن المرأة مسئولة عن كل ما تكون سببا له من الشر والبلاء.
***

السؤال: تقول إننا نلبس قفازات لليد لونها أسود عندما نكون خارجين من المنزل أو عندما نكون ذاهبين إلى المدرسة فما حكم لبس مثل هذه القفازات مع العلم أنها تجعل شكل اليد أجمل من شكلها الطبيعي؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن الذي أرى أن لبس المرأة القفازين من باب تكميل الحجاب والتستر عن الرجال وقلت قبلاً أرى ألا تلبسه المرأة لأنه يكون لباس شهرة ويوجب لفت النظر إليها أما الآن وقد كثر والحمد لله لمن يلبسه من النساء فإني أرى أن لبسه من تمام التستر وموجبات الحياء وقد كان نساء الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يلبسنّ ذلك أي يلبسنّ القفازين كما يدل عليه قول النبي عليه الصلاة والسلام في المحرمة (لا تنتقب ولا تلبس القفازين) فإن هذا يدل على أن من عادتهم لباس ذلك ولا شك أنه أستر لليد وأبعد عن الفتنة سواء كان أسود أو أحمر أو أخضر والسواد في رأيي هو اللون المناسب لأنه يكون الأقرب إلى موافقة لون العباءة والخمار فيكون أولى من الألوان الأخرى أولى من البياض ولون الحمرة والخضرة وما أشبه ذلك فلتسر نساؤنا بهذا وليحتجبن الحجاب الذي يبعدهنّ عن الفتنة وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم على بلادنا هذه نعمة الإسلام والتمسك به وأن يحفظ علينا ديننا ويحفظنا به إنه جواد كريم.
***

السؤال: يقول هل يجوز أن تتخذ المرأة حجاباً بلونٍ غير الأسود؟

فأجاب رحمه الله تعالى: كأنه يقول هل يجوز أن تلبس المرأة خماراً غير أسود فالجواب نعم لها أن تلبس خماراً غير أسود بشرط أن لا يكون هذا الخمار كغترة الرجل فإن كان مثل غترة الرجل كان حراماً لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) أما إذا كان لونه أبيض ولكنه لا يلبس على كيفية لباس الرجل فهذا إذا اعتاده الناس في بلادهم لا بأس به وأما إذا كان غير معتادٍ عندهم فلا لأن لباس الشهرة منهيٌ عنه وإنني بهذه المناسبة أود أن أذكر أخواتنا المسلمات بأمرٍ هام ألا وهو ما اعتاده بعض النساء من تلقي الموضات الجديدة بالقبول والمتابعة ولو على حساب الآداب الشرعية فإن من النساء من فتنت بتلقي الموضات واستعمالها سواءٌ كان ذلك في اللباس الظاهر أو اللباس الباطن أو في المزينات وهذا غلطٌ عظيم والذي ينبغي للمرأة أن يكون لها اعتداد بنفسها وعاداتها وما ألفه الناس من قبل حتى لا تكون إمعة تقول ما يقول الناس وتفعل ما يفعل الناس لأنها إذا عودت نفسها المتابعة كان ذلك خطراً عليها ألا يكون لها شخصية ولا قيمة فليحذر النساء من تلقي الموضات الجديدة لا سيما التي تنافي الدين وتوجب التشبه بأعداء الله.
***

يقول إن عندنا في القرى نساء يشتغلن في المزارع وأرضنا صعبة المسالك مما يؤدي إلى أن المرأة تجبر على ترك تغطية الوجه فما رأيكم في ذلك وفقكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس أن تكشف المرأة وجهها في فلاحتها ومزرعتها إذا لم يكن حولها أحد من الرجال غير المحارم فإن كان حولها رجل من غير المحارم فإنه يجب عليها أن تستر وجهها وبإمكانها إذا كان حولها طريق أو جادة يمر الناس به أن تصرف وجهها عن الجادة والطريق وتكون كاشفة له.
***

السؤال: يقول ما الحكم في لباس المرأة الشرعي حيث إن هناك أخوات يتركن الوجه مكشوفاً ويقلن بأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما دخلت عليه أسماء أعرض عنها وقال لها (المرأة إذا بلغت المحيض لا يظهر منها إلا الوجه والكفين) هل هذا الحديث صحيح أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث ليس بصحيح فيه انقطاع وهو حديث ضعيف سندا ومتنا أيضا فلا يجوز أن يكون حجة تثبت به أحكام شرعية مهمة كهذا الحكم وليس من المعقول أن تدخل عليه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها بثياب رقيقة يرى من ورائها الجلد وهي مَنْ هي في دينها وعقلها والمدخول عليه هو مَنْ هو، هو رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنقول إن هذا الحديث باطلٌ متنا وضعيف سندا وليس بحجة.
***

المرأة والدعوة

السؤال: تقول بأنها فتاة مصابة بالصرع وتحمد الله تعالى على ما قدر لها وتقول لها عشر سنين تشكو من هذا المرض والآن تأخذ العلاج وهذا المرض يكون على هيئة تشنج ويحدث لها إغماء ثم تسقط على الأرض بعد ذلك تجد نفسها في الإسعاف مكشوفة الشعر والوجه أمام الأطباء فقلت لوالدتي لِمَ لمَْ تغطي شعري ووجهي فقالت أنت تنزعينها والسؤال هل علي إثم في عدم تستري أمام الأطباء وأنا في هذه الحالة من المرض؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول اسأل الله تعالى لها الشفاء العاجل وأن يثيبها ويأجرها على ما يصيبها من هذه المصيبة وليس عليها جناحٌ ولا حرج إذا كشفت وجهها حال الصرع لأنها تكشفه بدون قصد ولا إرادة وكذلك لو أن الأطباء احتاجوا إلى كشف وجهها للنظر والعلاج فلا حرج في هذا ولكن لا بد أن يكون معها محرم بحيث لا يخلو بها الطبيب أو يكون مع الطبيب رجلٌ آخر أو ممرضة أو ما أشبه ذلك المهم لا يجوز للأطباء أن يخلو واحدٌ منهم بالمرأة بدون محرم.
***

السؤال: تقول هل يجوز للمرأة إذا خرجت لصلاة التراويح أن تتبخر فقط بالبخور دون العطور؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للمرأة إذا خرجت إلى السوق لصلاة أو غيرها أن تتطيب لا ببخور ولا بدهن ولا غيرهما وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا صلاة العشاء) وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أمر يفعله بعض النساء اللآتي يحضرن إلى المسجد في ليالي رمضان يحضرن معهنّ مبخرة وعوداً ويتبخرنّ بها وهن في المسجد فتعلق الرائحة بهنّ فإذا خرجنّ إلى السوق وجد فيهنّ أثر الطيب وهذا خلاف المشروع في حقهنّ نعم لا بأس أن تأتي المرأة بالمبخرة وتبخر المسجد فقط بدون أن يتبخر النساء بها وأما أن يتبخر النساء بها فلا.
***

تقول بحمد الله سبحانه وتعالى اقتنعت بشرعية الحجاب الساتر لكل البدن وقد التزمت بلبس ذلك الحجاب منذ سنوات وقد قرأت كثيراً من الكتب في الحجاب وبخاصة في كتب التفسير المختلفة وهي تتعرض لموضوع الحجاب في أثناء تفسير بعض السور مثل سورة النور والأحزاب ولكنني لا أدري كيف أوفق بين لبس المسلمات في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وفي عصر بني أمية وأهمية الحجاب الذي أكاد أراه فرضاً على جميع النساء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يجب أن نعلم أن عصر النبي صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى قسمين أحدهما ما كان قبل الحجاب والنساء فيه كاشفات الوجوه ولا يجب عليهنّ التستر والثاني ما كان بعد الحجاب وهو ما بعد السنة السادسة فهذا التزم فيه النساء رضي الله عنهنّ الحجاب وصرن كما أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم يقول لبناته ونساء المؤمنين وأزواجه يقول (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) فصرن رضي الله عنهن يلبسن أكسية سوداًَ ولا يبدين إلا عيناً واحدة ينظرن بها الطريق وما زال الناس والحمد لله في بلادنا هذه على هذه الطريق التي هي مقتضى دلالة الكتاب والسنة والاعتبار والنظر الصحيح وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يبقي على نساءنا ما منّ به عليهنّ من هذا الحجاب الساتر الذي هو مقتضى دلالة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والنظر الصحيح المطرد.
***

السؤال: تقول إنني شابة مسلمة دخل الإيمان في قلبي منذ صغري لأنني نشأت في عائلة محافظة ومتدينة أؤدي الصلوات في أوقاتها ولا أخطو خطوة واحدة إلا وضعت الله أمام عيني وأفكر كثيراً مع نفسي في يوم الحساب وأخاف من عقاب الله ومع ذلك لم ألبس الحجاب مع أنني دائماً أفكر بلبس الحجاب مستقبلاً فهل جزائي في الآخرة هو النار أرشدوني أفادكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب أن هذا السؤال تضمن مسألتين:
المسألة الأولى ما وصفت به نفسها من الاستقامة على دين الله عز وجل بكونها نشأت في بيئة صالحة وهذا الوصف الذي وصفت به نفسها إن كان الحامل لها على ذلك التحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى وأن تجعل من ذلك الإخبار وسيلة للاقتداء بها فهذا قصد حسن تؤجر عليه ولعلها تدخل في ضمن قوله تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) وإن كان الحامل لها على ذلك تزكية النفس والإطراء والإدلال بعملها على ربها فهذا مقصود سيئ خطير ولا أظنها تريد ذلك إن شاء الله تعالى.
أما المسألة الثانية فهي تفريطها في الحجاب كما ذكرت عن نفسها وتسأل هل تعذب على ذلك بالنار في الآخرة والجواب على ذلك أن كل من عصى الله عز وجل بمعصية لا تكفرها الحسنات فإنه على خطر فإن كانت شركاً وكفراً يخرج عن الملة فإن العذاب محقق لمن أشرك بالله وكفر به قال تعالى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) وقال سبحانه (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) وإن كان دون ذلك أي دون الكفر المخرج عن الملة وهو من المعاصي التي لا تكفرها الحسنات فإنه تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له كما قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) والحجاب الذي يجب على المرأة أن تتخذه هو أن تستر جميع بدنها عن غير زوجها ومحارمها لقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) والجلباب هو الملاءة أو الرداء الواسع الذي يشمل جميع البدن فأمر الله تعالى نبيه أن يقول لأزواجه وبناته ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ حتى يسترن وجوههنّ ونحورهنَّ وقد دلت الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والنظر الصحيح والاعتبار والميزان على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها وليسوا من أزواجها ولا يشك عاقل أنه إذا وجب على المرأة أن تستر رأسها وأن تستر رجليها وأن لا تضرب برجليها حتى يعلم ما تخفي من زينتها من الخلخال ونحوه لا يشك عاقل أنه إذا كان هذا واجباً فإن وجوب ستر الوجه أوكد وأعظم وذلك أن الفتنة الحاصلة في كشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة الحاصلة بنظر شعرة من شعر رأسها أو ظفر من ظفر رجليها وإذا تأمل العاقل المؤمن هذه الشريعة وحكمها وأسرارها تبين له أنه لا يمكن أن تلزم المرأة بستر الرأس والعنق والذراع والساق والقدم ثم تبيح للمرأة أن تخرج كفيها وأن تخرج وجهها المملوء جمالاً وتحسيناً لأن ذلك خلاف الحكمة ومن تأمل ما وقع الناس فيه اليوم من التهاون في ستر الوجه الذي أدى إلى أن تتهاون المرأة بما وراءه حيث تكشف رأسها وعنقها ونحرها وذراعها وتمشي في الأسواق بدون مبالاة في بعض البلاد الإسلامية علم أن الحكمة تقتضي إلزام النساء بستر وجوههنّ فعليك أيتها المرأة عليك أيتها المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن تحتجبي الحجاب الواجب الذي لا تكون معه الفتنة بتغطية جميع البدن عن غير الأزواج والمحارم وأن تتقي الله تعالى في ذلك ما استطعت.
***

تقول قرأت لفضيلتكم فتوى مضمونها بأنه يجوز إجراء عمليات التجميل إذا كانت لإزالة عيب ناتج عن حادث أو غيره، وسؤالي هل يجوز للمرأة أن تكشف وجهها للطبيب إذا كان العيب في الوجه ويحتاج لإجراء عملية لإصلاح هذا التشوه أرجو الإفادة مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما ما ذكرته من كشف الوجه للطبيب الذي يزيل عيباً حصل فيه فإن هذا جائز لا بأس به لكن إذا وجدت امرأة تقوم بالعلاج فإنها أولى وإذا لم توجد فلا حرج أن يقوم بالعلاج رجل لكن بشرط أن لا يخلو بالمرأة في مكان وحدها وذلك لأن الخلوة بالمرأة محرم نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس على المنبر كما قال عبد الله بن عباس رضى الله عنهما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) فإذا كانت محتاجة إلى إزالة العيب الذي في وجهها وصار معها محرم يحضر إجراء العملية وتمتنع به الخلوة المحرمة فإن ذلك جائز لا بأس به ولكن الأفضل إذا وجد امرأة تقوم مقام الطبيب ألا تذهب إلى الرجل.
***

السؤال: يقول امرأة تخصص ثوباً للصلاة وهو من ثياب الرجال هل تجوز صلاتها وهل يدخل ذلك في باب التشبه بالرجال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الثوب الذي تلبسه المرأة من الثياب الخاصة بالرجال فإن لبسها إياه حرام سواء كان في حال الصلاة أو في غير حال الصلاة وذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (لعن المتشبهات من النساء بالرجال ولعن المتشبهين من الرجال بالنساء) فلا يحل لامرأة أن تلبس ثوباً خاصاً بالرجل ولا يحل للرجل أن يلبس ثوباً خاصاً بالمرأة ولكن يجب أن نعرف ما هي الخصوصية ليست الخصوصية في اللون ولكنها في اللون والصفة ولهذا يجوز للمرأة أن تلبس الثوب الأبيض إذا كان تفصيله ليس على تفصيل ثوب الرجل
وإذا تبين أن لبس المرأة ثوباً يختص بالرجل حرام فإن صلاتها فيه لا تصح عند بعض أهل العلم الذين يشترطون في السترة أن يكون الساتر مباحاً وهذه المسألة مسألة خلاف بين أهل العلم فمن العلماء من اشترط في الثوب الساتر أن يكون مباحاً ومنهم من لم يشترط ذلك وحجة القائلين باشتراطه أن ستر العورة من شروط الصلاة ولا بد أن يكون الشرط مما أذن الله فيه فإذا لم يأذن الله فيه لم يكن ساتراً شرعاً لوقوع المخالفة وحجة من قالوا بصحة الصلاة فيه مع الإثم أن الستر قد حصل والإثم خارج عن نطاق الستر وليس خاصاً بالصلاة بتحريم لبس الثوب المحرم في الصلاة وخارجها وعلى كل حال فالمصلى بثوب محرم عليه على خطر في أن ترد صلاته ولا تقبل منه.
***

السؤال: تسأل عن وضع الدبلة عند الخطوبة حتى يعرف الشاب أو الشابة بأنهما مخطوبان وكذلك بعد الزواج، وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلبس خاتماً في يده كدبلة كما سمعت من البعض نرجوا الإفادة جزيتم خيراً؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الدبلة لباسها على قسمين:
القسم الأول أن يكون مصحوباً بعقيدة مثل أن يعتقد كل من الزوجين أن بقاء الدبلة في أصبعه سبب لدوام الزوجية بينهما ومن هنا تجد الرجل يكتب اسم زوجته في الدبلة التي يلبسها والمرأة تكتب اسم زوجها في الدبلة التي تلبسها وهذا القسم لا شك أنه حرام ولا يجوز لأنه نوع من التولة وهي نوع من الشرك الأصغر وذلك أن هذا الزوج أو الزوجة اعتقدا في أمر من الأمور أنه سبب بدون دليل شرعي ولا واقع حسي وكل من أثبت سبباً من الأسباب بدون دليل شرعي ولا واقع حسي فقد فعل شركاً أصغر لأنه جعل ما لم بجعله الله سبباً سبباً.
أما القسم الثاني كأن يلبس الدبلة للإشعار بأنه خاطب أو بأنها مخطوبة أو بأنه قد دخل بزوجته وقد دخل بها زوجها وهذا عندي محل توقف لأن بعض أهل العلم قال إن هذه العادة مأخوذة عن النصارى وأن أصلها من شعارهم، ولا شك أن الاحتياط للمرء المسلم البعد عنها، لئلا يقع في قلبه أنه تابع لهؤلاء النصارى الذين سنوها أولاً فيهلك، وأما ما يرسل إلى المخطوبة عند الخطبة من أنواع الحلي فإن هذا لا بأس به لأنه عبارة عن هدية يقصد بها تحقيق رغبة الزوج لمخطوبته.
***

السؤال: يقول ما حكم الإسلام في نظركم في لبس الرجل للذهب إن كان في حالة خطبة للمرأة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لبس الرجل للذهب محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذهب والحرير (إنهما حلال لإناث أمتي حرام على ذكورها) ورأى رجلاً عليه خاتم من ذهب فأخرجه النبي صلى الله عليه وسلم من يده ورمى به وقال (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده) فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قيل للرجل خذ خاتمك انتفع به فقال لا والله لا آخذ خاتماً رمى به النبي صلى الله عليه وسلم فتركه الرجل ترك خاتمه فلا يحل للرجل أن يلبس خاتماً من الذهب ولا إزاراً من الذهب ولا قلادة من الذهب سواء لبسه لبساً دائماً أو لبسه لمناسبة خطبة امرأة أو غير ذلك والرجل رجل برجولته لا بما يتحلى به وإنما التي تحتاج إلى التحلي هي المرأة كما قال الله تعالى (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) بعد قوله (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ) (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) يعني لا يستوي هذا وهذا فنصيحتي لإخواني المسلمين أن يدعوا لبس الذهب سواء كان ذلك لمناسبة أو غير مناسبة ومن كان عنده شيء من ذلك فليبعه لمن يلبسه من النساء أو يهديه إلى أهله من زوجة أو قريبة.
***

لبس الخاتم

السؤال: تقول أفيدكم بأني أرى بعض الناس يفرشون الديباج وتحتها مفروش بالزل ونريد أن نفرش بالديباج هل هذا يجوز أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الديباج الذي أكثره حرير لا يجوز فرشه وإذا كان الحرير أقل من الموجود فيه مما نسج معه فإنه جائز ولكن الأولى أن لا يفعل لأن هذا قد يكون من الإسراف الذي لا يحبه الله عز وجل ولا فرق بين أن يكون هذا الافتراش بالديباج المحرم لا فرق بين أن يكون المفترش له رجلاً أم امرأة لأن القول الصحيح أن الديباج أو الحرير إنما يباح للنساء في ألبستهن فقط وأما في الفرش فإنه لا فرق بين المرأة والرجل في منعها من افتراش الحرير.
***

السؤال: يقول اشتريت لباسا من نوع معين وبعد اللبس اتضح لي بأنها مصنوعة من الحرير هل أستمر في لبسها أم أتصدق بها أم أقوم ببيعها لأن الحرير محرم كما سمعت؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا تبين لك أن هذا اللباس الذي كنت تلبسه من الحرير الخالص الحرير الطبيعي فإنه لا يحل لك أن تلبسه لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حرم على الرجال لباس الحرير والتحريم عام يشمل الصغار والكبار إلا ما استثني وليس عليك إثم فيما مضى حيث كنت تلبسه وأنت لا تعلم أنه من الحرير لقول الله تبارك وتعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى (قد فعلت) أما إذا كان من الحرير الصناعي أو كان مخلوطا من الحرير والقطن أو من الحرير والصوف وغالبه من غير الحرير فلا حرج عليك في الاستمرار في لبسه.
وإنني بهذه المناسبة أحذر شبابنا في بلادنا وغير بلادنا من لبس الحرير فإن الحرير للنساء والرجل ينبغي أن يكون رجلَ قوة وخشونة وليس رجل ميوعة وليونة لأن الليونة إنما تكون للنساء لاستعدادهن للتجمل للرجال والرجل ليس أهلا لذلك فعلى المؤمن أن يشكر نعمة الله عليه وألا يجعلها سبباً في معاصيه فإن صرف النعمة فيما لا يرضي الله كفر للنعمة وكفر النعم يخشى منه زوالها قال الله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَار ِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) وقال تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) الآيات في هذا المعنى كثيرة أي في التحذير من كفران النعمة وصرفها فيما لا يرضي الله عز وجل.
***

السائل: يقول سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة) أو كما قال فهل هناك فرقٌ بين الحرير الطبيعي والصناعي؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لباس الحرير للمرأة جائز لقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحرير والذهب (أحل لإناث أمتي) وأما الذكر فإنه لا يجوز له لبس الحرير والحديث الذي أشار إليه السائل (من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة) يدل على أن لبس الحرير من كبائر الذنوب لأن الوعيد لا يقع إلا على كبيرة من الكبائر وهذا في الحرير الحقيقي الطبيعي أما الحرير الصناعي الذي ليس بطبيعي فإنه لا يحرم على الرجل ولكن ينبغي للإنسان أن لا يلبسه لأنه قد يشعر بميوعة وحب الترف وهذا قد يدخل في الإسراف أو قد يدخل فيما يكون به الفتنة فالبعد عنه أولى وإن كان جائزاً.
***

لبس الحرير

يقول هل لبس المرأة البنطلون والفستان القصير أمام النساء حرام أم يجوز؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم لا شك أن البنطلون والفستان القصير لا يحصل به ستر العورة أما الأول فلأن البنطلون على قدر العضو كل عضو له قدر مقدر فيه ومعنى ذلك أنه يصف أعضاء البدن أي يصف أحجامها وهذا نوع من الكشف فهي في الحقيقة كاسية عارية وأما الفستان القصير فإنه كذلك لا يحصل به ستر العورة لكن إذا كان قصيرا بحيث لا يحصل منه كشف المرأة لجسمها إلا ما يجوز كشفه للمرأة فهذا لا بأس به أمام النساء لأن المرأة يجوز لها أن تنظر من المرأة إلى ما سوى ما بين السرة والركبة فإذا كان لا يظهر منه إلا ذلك فلا حرج فيه مع النساء.
***

السؤال: تقول يا فضيلة الشيخ يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ما معناه (من تشبه بقوم فهو منهم) السؤال يا فضيلة الشيخ بأن الأمر قد بلغ حدا كبيرا فألبستنا من الكفار غالبا ومتاع البيت أيضا فما العمل في هذا مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المراد بالتشبه أن يفعل الإنسان شيئا خاصا بالكفار بمعنى أن من رآه ظن أنه كافر لأن حليته ولباسه حلية الكافر ولباسه وليس كل فعل فعله الكفار يكون تشبها إذا فعلناه وليس كل الأطعمة التي يصنعها الكفار يكون تشبها إذا أكلناها المراد بالتشبه أن يفعل ما يختص به الكافر فمن تشبه بقوم فهو منهم ولهذا لما كان لبس الرجل للبنطلون تشبها بالكفار لأن المسلمين ما كانوا يلبسونه ثم شاع وانتشر وصار غير خاص بالكفار صار لبسه جائزا للرجال وأما النساء فمعلوم أنه لا يجوز لهن لبس البنطلون ولو عند الزوج لأن ذلك من باب التشبه بالرجال.
***

ما رأي الشرع في نظركم فضيلة الشيخ في ارتداء الملابس المستوردة من أوروبا أمام المحارم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الألبسة الواردة من أوروبا أو من غيرها من بلاد الكفر لا تخلو من حالين:
إما أن تكون من الألبسة الخاصة بالكفار التي لا يلبسها إلا الكفار فهذه يحرم على المسلم لبسها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقومٍ فهو منهم) وأدنى أحوال هذا الحديث التحريم وإن كان ظاهره يقتضي أن من تشبه فهو كافر ككفرهم لكن إذا كان التشبه ليس تشبهاً في العقيدة أو في العمل الذي يؤدي إلى الكفر فإنه يحرم فقط.
أما إذا كانت هذه الألبسة ليست خاصةً بالكفار بل يلبسها المسلمون وغيرهم فينظر فيها إن كانت مشتملة على محرم مثل أن يكون فيها صور حيوان أو كانت ضيقة بالنسبة للمرأة أو كانت قصيرة فإنها حرام وإلا فلا بأس بها وإنما قلنا بتحريم الضيقة والقصيرة لأنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد نساءٌ كاسياتٌ عاريات مائلاتٌ مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) وهذا يدل على تحريم اللباس الذي يكون كسوةً لا تستتر بها العورة إما لضيقها أو لقصرها كما قال بذلك أهل العلم أو لكونها شفافة يرى من ورائها.
***

السؤال: يقول إذا أسبل الرجل ثوبه دون أن يكون قصده الكبر أو الخيلاء فهل يحرم عليه ذلك وهل يكون في الكم إسبال وجزاكم الله خيرا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أسبل الرجل ثوبه فإنه على قسمين:
القسم الأول أن يسبله خيلاء حتى يصل إلى الأرض فهنا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) ويقول صلى الله عليه وسلم (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) وهذه عقوبة عظيمة لأن الفاعل أتى مفسدتين المفسدة الأولى جر الثوب والمفسدة الثانية كونه ناشيءا عن خيلاء وكبرياء
أما القسم الثاني فأن يجره بغير الخيلاء وهذا قليل في الناس لكن قد يقع فجزاء هذا ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام في قوله (ما أسفل من الكعبين ففي النار) أي أن الإنسان يعذب في النار على قدر ما نزل من ثوبه عن كعبيه وهذا العذاب كما جاء في الحديث عذاب جزئي وهو دون التعذيب بإعراض الله عنه وعدم تزكيته له كما جاء في القسم الأول وعلى هذا يكون تنزيل الثوب أو السروال أو المشلح عن الكعب من كبائر الذنوب لأنه إن كان عن خيلاء وجره على الأرض فعقوبته ألا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم وإن نزل عن الكعب لغير الخيلاء فعقوبته أن يعذب في النار بقدر ما نزل من ثوبه وهذا يشمل الثوب والسروال والمشلح وأما تطويل الأكمام في اليدين فإن من العلماء من قال إن فيه الخيلاء فإن بعض الناس قد يطيل أكمامه وقد يوسعها توسيعا أكثر مما يحتاج إليه فخرا وخيلاء وتطاولا فيناله من الوعيد مثل ما نزل ثوبه وعلى كل حال فإن تطويل الأكمام وتوسيعها أكثر مما يحتاج إليه قد يكون داخلا في الإسراف الذي نهي الله عنه قال تعالى (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) .
***

السؤال: تقول في بعض الأحيان تلبس المرأة قميص زوجها فهل يجوز ذلك أم أن ذلك يدخل ضمن التشبه بالرجال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذا يدخل ضمن التشبه بالرجال فلا يجوز للمرأة أن تلبس ثوب الرجل ولا يجوز للرجل أن يلبس ثوب المرأة لأن النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم (لعن المتشبهين من الرجل بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) وأما ما كان مشتركا بينهما مثل بعض الفنائل التي يلبسها الرجال والنساء فإنه لا بأس به أي لا بأس أن يلبسه الرجال والنساء لأنه مشترك.
***

السؤال: يقول هل يجوز لبس دبلة من الذهب الأبيض للرجال وذلك لغرض الزواج؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب لبس الدبلة للزواج إن كانت من ذهب فهي حرام على الرجل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذهب والحرير (هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم (أنه رأى رجلاًَ عليه خاتم من ذهب فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فطرحه فقال يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قيل للرجل خذ خاتمك انتفع به قال والله لا آخذ خاتماًَ طرحه النبي صلى الله عليه وسلم)
وأما إذا كانت من فضة وتعبير السائل عنها بالذهب الأبيض إن كان يريد الفضة فهو خطأ وإن كان يريد الماس فالماس ليس بذهب بل الذهب هو الذهب المعروف الأحمر أقول إن كانت الدبلة من غير الذهب فإنه لا بأس بها من حيث هي بذاتها لكن إن صحبها عقيدة بأنها توجب بقاء المودة والمحبة بين الرجل وبين زوجته كانت حراماً لهذه العقيدة الفاسدة فإن وجود الدبلة لا يستلزم بقاء المودة بين الرجل وزوجته وكم من أناس لبسوا دبلاً فحصل بينهم وبين زوجاتهم الفراق والعداوة والبغضاء وكم من أناس لم يلبسوا ذلك وألقى الله بينهم المودة والمحبة ثم إنه قد قيل إن أصل هذه الدبلة مأخوذ من النصارى فإذا كان الأمر كذلك صار فيه محذور آخر وهو التشبه بأعداء الله النصارى.
***

التشبه في اللباس

السؤال: يقول ما حكم الشرع في نظركم فضيلة الشيخ في لبس الساعة باليمين؟

فأجاب رحمه الله تعالى:لبس الساعة باليد اليمنى أو اليسرى على حدٍ سواء لأن أقرب ما يكون إليها الخاتم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان أحياناً يلبس الخاتم باليمين وأحياناً يلبسه باليسار فالساعة أقرب شيء إلى الخاتم فمن لبسها باليمين فهو على خير ومن لبسها باليسار فهو على خير ولكن أكثر الناس اليوم يلبسها باليسار لأن اليمين أكثر شغلاً من اليسار وإذا لبسها أي لبس الساعة باليمين فقد تعيقه عن الشغل وربما تتعرض لانكسار أو تخلخل فلهذا اختار أكثر الناس أن يلبسها في اليسار ولا حرج في هذا ولا فضل لليمين عن اليسار في هذه المسألة.
***

السؤال: يسأل عن حكم الشرع في نظركم في لبس الساعة باليد اليمنى هل فيه حرج؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لبس الساعة باليمين لا حرج فيه ولا أفضلية فيه فالإنسان مخير بين أن يلبس ساعته باليمين أو في الشمال وقد ثبت (عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يتختم باليمين تارة وباليسار تارة) ولبس الساعة من جنس التختم وعلى هذا فنقول من لبسها باليسار فلا شي عليه ومن لبسها باليمين فلا شي عليه ولا أفضلية لأحدهما على الأخر.
***

السؤال: يقول بالنسبة لاستعمال الساعة باليد اليمنى كموضة جديدة أتميز بها عن الآخرين هل هذا بدعة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: وضع الساعة باليد اليمنى أو اليسرى على حد سواء لأن الساعة أشبه ما تكون بالخاتم والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يختتم بيده اليسرى ويده اليمنى لكن لو أن الإنسان وضعها باليمنى إشعاراً بأنه ملتزم أي ملتزم بالسنة فهذا ينهى عنه لأنه لم ترد السنة بوضع الساعة باليد اليمنى ووضعها باليد اليسرى هو الموافق لأكثر الناس وهو أسلم للساعة إذ أن اليد اليمنى هي يد العمل والحركة ولأنه غالبا أسهل للإطلاع عليها فإذا كان الإنسان يأكل مثلا وهي بيده اليمنى قد يكون من الصعب أن ينظر إليها ولكن من السهل أن ينظر إلى يده اليسرى وعلى كل حال فالأمر واسع إن شاء وضعها في اليمنى وإن شاء وضعها في اليسرى.
***

السؤال: يقول يوجد في الأسواق ساعات تحمل إشارة صلىب فهل استعمالها مباح أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ينبغي أن يعرف أن الصلىب كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكسره ويزيله عليه الصلاة والسلام فإذا كان الصلىب مجسماً وجب كسره وإذا كان بالتلوين كما يوجد في بعض الساعات فإنه يطمس بأن يوضع عليه لون يزيل صورته حتى لا يبقى في الساعة شيء منه ولا ينبغي للإنسان أن يحمل في يده ما فيه شعار النصارى فإن هذا فيه من تعظيمهم ما هو ظاهر وفيه أيضاً من التشبه بهم
قد يقول قائل إن هذا الصلىب لا يقصد به التعظيم في وضعه في مثل الساعة وبعض الآلات وإنما هو شعار الشركة فنقول إن ظاهر الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا فرق بين أن يوضع الصلىب من أجل تعظيمه والإشارة إلى كونه من شعائر النصارى وبين أن يكون لمجرد الدلالة على هذه الشركة أو هذا المصنع والمسلم يجب عليه أن يبتعد ابتعادا شديدا عما يكون من شعائر غير المسلمين لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من تشبه بقوم فهو منهم) أما ما يظهر منه أنه لا يراد به الصلىب لا تعظيماً ولا لكونه شعاراً مثل بعض العلامات الحسابية أو بعض ما يظهر في الساعات الإلكترونية من علامة زائد فإن هذا لا بأس به ولا يعد من الصلبان في شيء.
***

لبس الساعة

السؤال: يقول السائل فضيلة الشيخ البعض من الناس يقومون بتقصير ثيابهم إلى ما فوق الكعب ولكن السراويل تبقى طويلة فما الحكم في ذلك مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى:قبل أن أجيب على هذا السؤال أحب أن أذكر إخواني المسلمين بنعمة الله علينا بما أنزل علينا من اللباس قال الله تعال (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً) فاللباس المواري للسوءات هو اللباس الضروري والريش هو اللباس الكمالي وكلاهما قد أنعم الله به علينا في هذه البلاد ولله الحمد والمنة نسأل الله تعالى أن يرزقنا شكر هذه النعمة حتى تدوم وتزيد يقول الله عز وجل (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً ولباس التقوى ذلك خير) لباس التقوى ذلك خير وهذا إشارة إلى أنه يجب علينا أن نستعمل هذا اللباس الذي أنزله الله علينا على وجه تحصل به تقوى الله عز وجل ومن ذلك أن نتجنب في لباسنا ما حرم علينا من تنزيل اللباس إلى ما تحت الكعب أي كعب الرجل فإن تنزيل اللباس إلى ما تحت كعب الرجل كبيرة من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم توعد على ذلك فإن جره الإنسان خيلاء فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم وإن نزل عن الكعب لغير خيلاء فإن ما أسفل من الكعبين ففي النار صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا فرق في هذا بين الثوب أو السروال أو المشلح كل ما يلبس لا يجوز للإنسان أن ينزل ثوبه أو سرواله أو مشلحه أسفل من الكعبين هذا في الرجال أما النساء فإنهن مأمورات بأن ينزلن ثيابهن حتى تستر أقدامهن وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تنزل ثوبها إلى ذراع يكون وراءها من أجل أن تستر أقدامها عن الناظرين إذن الشرع الإسلامي يوجب على المرأة أن تنزل من الثياب ما يحرمه على الرجال لكن مع الأسف أن الأمر انقلب رأسا على عقب تجد طفلا وطفلة يمشيان في السوق الطفل ثوبه إلى كعبه والطفلة ثوبها إلى ما فوق الركبة يعني عكسنا الآداب الإسلامية تماما وهذا مما يخشى منه أن تنزل بنا عقوبة نحن لا نقول إن الصغيرة التي دون السبع لا يحل أن تكشف ساقها لكننا نقول تعويد البنت على هذا اللباس القصير يرفع عنها الحياء ويوجب لها أن تستمرئ هذا اللباس القصير وأن يكون هذا من دأبها إذا كبرت الآن تجد أن الحضارة عند بعض الناس أن يكون لباس المرأة قصيرا ولباس الرجل طويلا أليس هذا قلبا للحقائق الإسلامية أليس هذا مما يوجب الخوف على هذه الأمة أن تستمرئ المعاصي ولاسيما الكبائر في تنزيل ثياب الرجال تحت الكعبين ثم تستمرئ معصية أخرى ثم أخرى ثم أخرى حتى يخشى أن نقع جميعا في قوله تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) وإنني بهذه المناسبة وإن لم يكن لها ذكر في السؤال أود أن أحذر أخواتي المسلمات وأولياء أمورهن من التسرع والتسابق إلى أنواع هذه الألبسة التي ترد علينا من الخارج والتي توجد في المجلات الأجنبية التي ملأت محلات الخياطة حتى إذا وقفت المرأة على المحل عرض عليها من هذه الأزياء ما يخالف فطرتها ودينها وما يوجب أن تتشبه بأعداء الله الذين جاءت منهم هذه المجلات وتسمى عند النساء الفردة فأنا أحذر أخواتي المسلمات من النظر في هذه المجلات وأقول للمسئولين عنهن إنكم مسئولون عنهن أمام الله وإنه لا يحل لكم أن تمكنوهن من اقتناء هذه المجلات أو النظر فيها ثم أقول مرة ثانية إنكم مسؤولون عن أموالكم التي تبذلونها لهؤلاء النساء كلما جاءت موضة جديدة تركت الموضة الأولى ولو لم تكن لبستها إلى الموضة الجديدة فضاع المال بل حتى وإن كانت الأموال منهن من النساء فامنعوهن من هذا التصرف الذي أدنى ما نقول فيه إنه إسراف وقد قال الله تبارك وتعالى (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) أسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي أمتنا ورعاتها ورعيتها ذكورها وإناثها صغارها وكبارها إلى ما كان عليه نهج هذه الأمة في سلفها الصالح إنه على كل شيء قدير.
***

السؤال: بارك الله فيكم نشاهد البعض من الناس يقصر ثوبه ويطيل السروال فما ترون في ذلك فضيلة الشيخ؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نرى أنه لا حرج في ذلك ما دام السروال لم ينزل عن الكعبين إلا أن يكون هذا اللباس شهرة بحيث يشتهر به بين الناس بحيث يقال فلان يلبس على هذه الكيفية أو يقال إن فلاناً من الطائفة الفلانية يعني الذين يعتادون هذا اللباس فإنه في هذه الحال لا يفعل لأنه منهيٌ عن لباس الشهرة وأما إذا قصر الثوب ونزل السروال إلى أسفل الكعبين فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ما أسفل من الكعبين ففي النار) فلا يجوز للإنسان أن ينزل سرواله أو قميصه أو مشلحه عن الكعبين فإن فعل فقد عرض نفسه لهذه العقوبة أن يعذب ما نزل في النار والمراد بذلك أن يعذب من قدمه بمقدار ما نزل عن الكعبين.
فإن قال قائل كيف يكون التعذيب على جزء البدن قلنا يمكن هذا لا غرابة فيه ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ذات يومٍ في سفر فأدركتهم صلاة العصر فجعلوا يتوضئون ويمسحون على أقدامهم وربما يغسلونها دون العقب فنادى الرسول صلى الله عليه وسلم بأعلى صوته (ويلٌ للأعقاب من النار) فهنا جعل الوعيد على ما حصلت به المخالفة.
***

السؤال: يقول فضيلة الشيخ ما حكم الإسبال الذي عم بين الكثير من الناس وما هو ضابطه وهل هو مقيد بالخيلاء

فأجاب رحمه الله تعالى: الإسبال هو أن يكون الثوب أو السروال أو المشلح نازلاً عن الكعب في حق الرجال وهو محرم بل من كبائر الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما رواه مسلمٌ عن أبي ذرٍ رضي الله عنه (ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليم قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله قال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) المسبل هو من نزل ثوبه من سروال أو إزار أو قميص أو مشلح عن الكعبين والمنان هو الذي يمن بما فعل من المعروف لغيره فتجده يمن عليه ويذكره بما فعل فيه من معروف، والمنان صيغة مبالغة تقتضي أنه كثير المن فيما يأتي به من معروف أما المنفق سلعته بالحلف الكاذب فهو الذي يحلف في بيعه وشرائه من أجل زيادة الثمن وهو كاذب بأن يقول والله قد اشتريتها بمائة وقد اشتراها بثمانين أو يصفها بصفةٍ ليست فيها من أجل أن يزيد الثمن الشاهد في هذا الحديث هو قوله المسبل وظاهر الحديث الإطلاق سواءٌ أسبل بخيلاء أم لا وإنما حددناه بالكعبين لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ما أسفل من الكعبين ففي النار) أما ما كان فوق الكعبين فلا يضر وقد يقال إن النازل عن الكعبين ينقسم إلى قسمين الأول أن يجر ثوبه خيلاء فهذا هو الذي فيه الوعيد الشديد أن الله لا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذابٌ أليم وعلى هذا فيكون حديث أبي ذر مقيداً يدل على أن المراد من فعل ذلك خيلاء وأما من نزل ثوبه عن كعبيه بلا خيلاء فإن عقوبته دون ذلك وهو أنه يعذب في النار بحسب ما نزل من ثوبه عن كعبيه وهذا عذابٌ جزئي ولا تستغرب أن يكون العذاب جزئياً فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال حين جعل بعض الصحابة يغسل رجليه دون عقبيه نادى بأعلى صوته (ويلٌ للأعقاب من النار) وخلاصة الجواب أن من أسبل ثوبه خيلاء فله هذا الوعيد الذي في حديث أبي ذر أن الله لا يكلمه يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذابٌ أليم وإذا كان غير خيلاء فإنه متوعد عليه بالنار لكنه وعيدٌ جزئي فيما حصلت فيه المخالفة فقط.
***

السؤال: يقول في حديث تحريم إسبال الثوب إلا لغير الخيلاء ما المقصود بالخيلاء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا قول السائل تحريم إسبال الثوب إلا لغير الخيلاء هذا غلط فإن إسبال الثوب محرم سواء كان لخيلاء أو لغير خيلاء لكن إن كان للخيلاء فإن وعيده شديد جدا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قالوا من هم يا رسول الله قال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) وهذا وعيد عظيم وأما الإسبال بدون خيلاء فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ما أسفل من الكعبين ففي النار) فهو يعذب بالنار عذابا جزئيا على قدر ما حصل منه من المعصية والفرق بين الوعيدين عظيم فيكون قول السائل إذا لم يكن خيلاء يكون غلطا بل نقول إنه إذا أسبل فقد أتى منكرا وكبيرة من كبائر الذنوب لكن تختلف العقوبة فيما إذا كان ذلك خيلاء أو غير خيلاء والخيلاء معناه التكبر والتعاظم أن الإنسان يفعل ذلك تكبرا وتعاظما وفخرا وما أشبه ذلك من المعاني.
(ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم وله عذابٌ عظيم قالها ثلاثاً وأبو ذر يقول خابوا وخسروا من هم يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكذب) وفي حديث ابن عمر (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) فيكون حديث ابن عمر موافقاً لحديث أبي ذر ويكون المسبل أي خيلاء فإذا جر الإنسان ثوبه خيلاء فإن الله تعالى لا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذابٌ عظيم أما إذا صنعه لغير الخيلاء وإنما هو للعادة فإنما أسفل من الكعبين ففي النار لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما أسفل من الكعبين فهو في النار) فيكون حراماً لكن ليست له العقوبة التي يعاقب بها من جر ثوبه خيلاء لأن هذا (ما أسفل من الكعبين فهو في النار) يكون التعذيب بالنار على ما نزل من الكعبين فقط يكوى به ويعذب به في النار ولا تعجب أن يكون العذاب بالنار بجزءٍ من البدن فهذا ثابت في الحديث الصحيح حديث أبي هريرة (ويلٌ للأعقاب من النار) في قومٍ توضؤوا وقصروا في غسل أرجلهم فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى صوته (ويلٌ للأعقاب من النار، ويلٌ للأعقاب من النار) فهنا العقوبة على محل التقصير فقط وهي الأعقاب كذلك (ما أسفل من الكعبين فهو في النار) العقوبة على ما حصل فيه التعدي وهو ما تحت الكعبين فقط على هذا نقول ما نزل عن الكعبين من الثياب فهو حرامٌ سواءٌ صنعه الإنسان خيلاء أو لعادةٍ بين الناس وهذه العادة يجب أن يبتعد عنها لأن العادة إذا خالفت الشرع فهي عادةٌ باطلة يجب على المرء أن يتجنبها.
وأما بالنسبة لصحة الصلاة فإن هذه المسألة مبنية على أصلٍ مختلفٍ فيه وهو هل من شرط صحة الصلاة أن يكون الساتر مباحاً أولا, فمن العلماء من قال إنه يشترط في الثوب الساتر أن يكون مباحاً وأن الرجل إن صلى في ثوبٍ محرمٍ عليه بطلت صلاته وعلى هذا فإذا صلى في ثوبٍ خيلاء فصلاته باطلة وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله وفيه حديثٌ تكلم العلماء فيه من حيث الصحة ومن العلماء من يقول إنه لا يشترط في الساتر أن يكون مباحاً بل يحصل الستر بالثوب المحرم لأن حقيقة الستر حصلت وكون الثوب محرماً لا يمنع من الستر به وإنما يأثم الإنسان به وعلى هذا فتصح الصلاة بالثوب وإن كان خيلاء وعلى كل حال المسألة يجب على المسلم ألا يكون نظره من زاويةٍ واحدة هل تصح الصلاة أو لا تصح بل يجب أن ينظر من الناحيتين فنقول هذا ثوبٌ محرم والواجب على المسلم أن يتجنبه في صلاته وغير صلاته وهذا كما هو معروف بالنسبة للرجال أما النساء فالمشروع في حقهن أن يسترن أقدامهن بثيابهن.
***

السؤال: تقول عندما نشتري بعض الملابس للأولاد أو للبنات ويكبروا عنها فلا تعد تصلح لهم مع أنها صالحة للاستعمال فهل يجوز أن نلبس البنت ملابس الولد أو العكس نرجوا الإفادة بهذا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز أن تلبس البنت ملابس الولد ولا الولد ملابس البنت لأن هذا يتضمن تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشهين من الرجال بالنساء) وقد نص أهل العلم رحمهم الله أنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم على البالغ لبسه وعلى هذا فإذا كان عند الإنسان فضل لباس لا يصلح لمن يلبسه فإن الأفضل أن يتصدق به إما على المحتاجين في بلده أو على المحتاجين في بلدٍ آخر يرسله إليهم ولا يجوز في هذه الحال أن يتلفه مع إمكان الانتفاع به لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن إضاعة المال) وإتلاف ما يصلح للاستعمال مع إمكان وجود من يستعمله إضاعةٌ للمال.
***

السؤال: يقول هل يجوز للمرأة أن تصافح الرجل الذي قدم من سفر بعيد وهو من قرابتها كابن العم أو ابن الخال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: مصافحة المرأة لرجل من غير محارمها حرام ولا تحل لأي مناسبة كانت سواء كان ذلك من أجل قدومه من الغَيْبَةِ أو بمناسبة العيد أو بأي مناسبة كانت لا يحل للرجل أن يصافح امرأة أجنبية منه كما دلت على ذلك أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما في ذلك من الفتنة العظيمة في مصافحة الرجل للمرأة التي ليست من محارمه، وقد كان بعض الناس يتهاون في هذا فتجده يصافح المرأة التي هي أجنبية منه لأنها ابنة عمه أو ابنةَ خاله أو ما أشبه ذلك وهذا حرام عليهم، ولا يجوز لهم أن يقوموا بهذا العمل، قد يقولون إن هذا من عاداتنا وإننا اعتدنا هذا ولا نرى فيه بأساً فنقول العمدة لكل مسلم هي الشرع سواء وافقته العادة أم خالفته، لقول الله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) فلا خيار للمرء المؤمن في دين الله أبداً بل الواجب عليه أن يسلم ويستسلم كما قال الله تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) فتأمل هذه الآية الكريمة حيث أقسم الله تعالى قسماً مؤكداً بربوبيته لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لا يؤمنون أي من أرسل إليهم من وقته إلى يوم القيامة حتى يحكموك فيما شجر بينهم فيجعلوك الحكم فيما حصل بينهم من النزاع والاختلاف ثم بعد ذلك لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ولا تضيق صدورهم بالحكم الذي حكمت به ثم يسلموا تسليماً أي ينقادوا انقياداً تاماً ليس فيه توان ولا فتور، فعلى كل مسلم أن يتجنب ما حرمه الله ورسوله وإن كانوا قد اعتادوا أن يفعلوه لأن العادة لا تحكم على الشرع، وإنما الشرع هو الذي يحكم على العادة.
***

السؤال: ما حكم جلوس المرأة في الطريق سواء في الليل أو في النهار ومع محرم لها أفيدونا بذلك بارك الله فيكم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: جلوس المرأة في الطريق إذا كان يؤمن عليها الفتنة ومعها محرمها فلا بأس بذلك ولا حرج وأما إذا كانت لا تؤمن الفتنة ويخشى من العدوان عليها فإنه لا يجوز لها أن تتعرض للفتن والعدوان ثم إن المرأة عليها إذا خرجت إلى الأسواق وإلى الطرقات أن لا تخرج متبرجة بزينة ولا متطيبة بل تخرج على وجه لا يحصل به الفتنة لا في لباسها ولا في رائحتها ولا في هيئة مشيتها أيضاً فإن التعرض للفتنة خطر على المرأة وعلى المجتمع كله والله عز وجل يقول لنساء نبيه صلى الله عليه وسلم وهنّ أطهر النساء (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) وإذا كان هذا الخطاب موجهاً إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم فإن غيرهنّ من باب أولى.
***

السؤال: تقول السائلة هل يجوز لي أن أؤخر الحمل لفترةٍ مؤقتة علماً بأنني لا أنجب إلا بقيصرية وكم في رأيكم تجلس المرأة من سنة في هذه الحالة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أنا رأيي أن المرأة تلد كل عام ولا حرج في ذلك فمن استعان بالله أعانه الله ومن توكل على الله فهو حسبه وكافيه وكون المرأة تريد أن لا يشق عليها شيء في الحمل ولا في الوضع هذا شيء لا يمكن ولتعلم المرأة أن ما يصيبها من أذىً أو ألم في حال الحمل أو عند الوضع أو في الحضانة بعد ذلك فإنما هو رفعةٌ في درجاتها وكفارةٌ لسيئاتها إذا احتسبت هذا على الله سبحانه وتعالى وأرى أنه كلما كثر الأولاد فهو خيرٌ وأفضل لأن هذا هو مراد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد حث صلى الله عليه وعلى آله وسلم على تزوج الودود الولود الودود كثيرة المودة للزوج والولود كثيرة الولادة فلا ينبغي أن نعدل عن شيء يحبه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
***

تقول السائلة بأنها امرأة ذات عيال عددهم سبعة تقول وهي تأخذ في هذه الفترة مانع للحمل كي تستريح فترة ولكن الزوج يصر على عدم أخذ هذه الحبوب وقد مكثت آخذها دون علمه هل يجوز لي ذلك مع أنه يحب الإنجاب كثيراًً؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أنا مع هذا الزوج الذي يحب الإنجاب كثيراً لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حث على المرأة الودود الولود وكلما كثرت الأمة الإسلامية كان ذلك أعز لها وأوفى بحاجاتها وما يتوهمه بعض الناس من أن كثرة النسل تؤدي إلى ضيق الرزق وهمٌ باطل لا يصدر ممن يؤمن بقول الله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) فأنا أشكر لزوج هذه المرأة الذي يحب كثرة الإنجاب وأسأل الله تعالى أن يكثر من أمثاله وأقول لهذه المرأة إنه لا يحل لها أن تأخذ مانع الحمل بدون إذن الزوج ورضاه وعليها أن تتقي الله عز وجل وأن تقلع عن أخذ هذه الحبوب محبةً لما يحبه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كثرة الأولاد وطاعةً لزوجها وزوجها له حق في الإنجاب كما أنها هي أيضاً لها حقٌ في الإنجاب ولهذا لو أراد الزوج أن يعزل عن زوجته حتى لا تحمل كان ذلك حراماً عليه إلا بإذنها يعني مثلاً لو أراد الزوج من زوجته أن لا تحمل وصار يعزل عنها أي إذا أراد أن ينزل نزعه وأنزل في الخارج فإن ذلك لا يحل له إلا إذا وافقت الزوجة على ذلك وسبب هذا أن الزوجة لها حقٌ في الأولاد فلا يحل للزوج أن يحول بينها وبين هذا الحق بغير رضاها ثم إنه بهذه المناسبة أحذر النساء من أن يتعاملن هذه المعاملة التي هي ظلم في حق الزوج ثم على فرض أن الزوج رضي بذلك فإني أنصح الزوج والزوجة عن هذا العمل وأقول إن كثرة الأولاد من النعم التي تستحق الشكر لله عز وجل كما أظهر الله ذلك في قوله في بني إسرائيل (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) وكما ذكر شعيبٌ قومه بذلك فقال (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) فأنصح كلاً من الزوجين أن يحرصوا على كثرة الإنجاب لأن ذلك خير لهما وخير للأمة الإسلامية وكلما كثرت الأمة الإسلامية كان ذلك أعز لها وأكرم.
***

تقول المستمعة في رسالتها إنها متزوجة وعندها ثلاثة أولاد والحمد لله وتقول إن عندها ضعف في الجسم وعندما تحمل تمرض مرضاً شديداً وعندما تضع الطفل تفقد الوعي هل يجوز لها أن تتناول حبوب منع الحمل؟

فأجاب رحمه الله تعالى: حبوب منع الحمل هي فيما ذكر لنا ضارة على الرحم قد تسبب القرحة فيه ثم إن محاولة منع الحمل في الأصل جائزة لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعزلون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينهوا عن ذلك ولكن هي خلاف الأولى لأن تكثير الأولاد أمرٌ مشروعٌ ومطلوب ولكن مع هذا الضرر الذي أشارت إليه السائلة نقول إنه لا بأس أن تتناول هذه الحبوب إذا أذن بذلك زوجها وإذا تحسنت حالها وصارت بحالٍ تشعر بأنه لا يصيبها هذا الأذى فإنها تمسك عنه.
***

المرأة والحمل وتنظيم النسل

السؤال: تقول هل يجوز لزوجها أن يصافح زوجة أبيها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا. لا يجوز لزوجها أن يصافح زوجة أبيها فمعلوم أن زوجة أبيها غير أمها أما لو صافح أمها فلا بأس لأن أم الزوجة محرم للزوج.
***

السؤال: هل يجوز لمس المرأة الأجنبية حال القراءة عليها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز أيضا مس المرأة الأجنبية حال القراءة عليها لأنه لا داعي لذلك ثم لو فرض أنها دعت الحاجة إلى هذا كما لو كان المرض في عضو معين كاليد والقدم وأراد أن يضع يده على هذا الموضع من الألم ويقول أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما تجد وتحاذر أقول إن دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس بشرط أن يأمن الإنسان نفسه فإن خاف من ثوران الشهوة أو التمتع باللمس فإن ذلك حرام عليه ثم إن المواضع في البدن تختلف بعضها مسه فتنة ولا شك وبعضها دون ذلك ويختلف أيضا وضع اليد على موضع الألم بينما إذا كان هناك حائل أو كانت المماسة مباشرة وعلى كل حال فإني أحذر إخواني القراء من أن يضعوا أيديهم على أي موضع من بدن المرأة لا مباشرة ولا من وراء حائل وإذا أراد الله في قراءتهم خيرا حصل بدون لمس.
***

السؤال: يقول هل يجوز التسليم على الأجنبية بلمس يدها وهل التسليم ينقض الوضوء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المراد بالأجنبية من سوى زوجته ومحارمه يعني التي ليست زوجة له ولا من محارمه والسلام عليها بالمصافحة مباشرة لا يجوز وذلك لأن النظر إليها لا يجوز والمصافحة أشد وأبلغ في إثارة النفس والتعلق بها ولهذا يحرم على المرء أن يصافح من ليست من محارمه ولا زوجة له بيده مباشرة وأما من وراء حائل فإنه لا بأس به إذا أمنت الفتنة ولكن مع ذلك ما ينبغي أن يفعل إلا لمن كان بينه وبينها معرفة كمن كان معها في البيت من امرأة أخيه ونحوها بشرط ألا يكون في ذلك فتنة وأن تكون المصافحة من وراء حائل وأن تكون متحجبة عنه فهذا لا بأس به.
***

السؤال: تقول هل مصافحة الرجال غير المحارم تجوز علماً بأن عندنا رجال يقفون احتراماً للمرأة ويصافحونها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للمرأة أن تمد يدها إلى رجال ليسوا من محارمها لتصافحهم ولا يجوز للرجل أيضاً أن يمد يده إلى امرأة ليست من محارمه ليصافحها لأن مس الإنسان لبشرة امرأة ليست من محارمه حرام لأنه مثل النظر أو أشد في إثارة الفتنة ولكن إذا كانت المرأة من معارفه وصافحها من وراء حائل فهذا لا بأس به لأن ذلك ليس فيه مماسة ولا مباشرة ولا يثير الشهوة غالباً ولكن إن خافا من ثوران الشهوة أو تحركها فإنه لا يجوز له أن يصافحها ولو من وراء حائل والخلاصة أن مصافحة الرجل لمحارمه لا بأس بها ومصافحة الرجل لغير محارمه ولو من معارفه حرام إلا إذا كانت من وراء حائل وأمنت الفتنة بذلك فلا حرج فيها.
***

السؤال: يقول هل صحيح أن كل امرأة تلد تسقط عنها ذنوبها كلها لما تلاقيه أثناء الولادة من آلام ومتاعب ففيها تمحيص لذنوبها؟

الشيح: هذا ليس بصحيح ولكن المرأة كغيرها من بني آدم إذا أصابها شيء فصبرت واحتسبت الأجر فإنها تؤجر على هذه الآلام والمصائب حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام مثل بما دون ذلك مثل بالشوكة يشاكها فإنه يكفر بها عنه واعلم أن المصائب التي تصيب المرء إذا صبر واحتسب الأجر من الله كان مثاباً على ما حصل منه من صبر واحتساب وكان أصل المصيبة تكفيراًً لذنوبه فالمصائب مكفرة على كل حال فإن قارنها الصبر كان مثاباً عليها الإنسان من أجل هذا الصبر الذي حصل منه عليها فالمرأة عند الولادة لا شك أنها تتألم وأنها تتأذى وهذا الألم يكفر به عنها فإذا صبرت واحتسبت الأجر من الله كان مع التكفير زيادة في ثوابها وحسناتها.
***

السؤال: يقول من التقاليد عندنا إكرام الضيف فهل يجوز للمرأة أن تقوم بإكرام الضيف والزوج غائب علماً بأنها من أهل البادية؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إكرام الضيف ينبغي أن لا نقول إنه من العادات بل نقول إنه من العبادات لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) ، فإكرام الضيف عبادة تقرب الإنسان من ربه وتكون سبباً لصلاحه بإذن الله، ولا يجوز للمرأة أن تقدم الضيافة للضيف فإذا جاء الضيف وزوجها غير حاضر فلتعتذر ولتقل يا جماعة إن زوجي ليس بحاضر فانتظروا حتى يأتي ويقوم بما يجب لكم من ضيافة.
***

السؤال: يسأل عن حكم الشرع في نظركم فضيلة الشيخ في تحديد النسل لفترة مؤقتة دون حاجة ماسة لذلك إلا أن المرأة تريد فقط أن ترتاح من عناء الحمل السنوي، ويسأل عن مقولة أعداء الإسلام عن الانفجار السكاني؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن هذا السؤال سؤال مهم وذلك أن أعداء المسلمين لبسوا على المسلمين فيما يتعلق بكثرة النسل وأوهموهم أن كثرة النسل يحصل بها ضائقة اقتصادية وأزمات على الحكومة وعلى الأفراد ومن المعلوم أن هذا أعني الضائقة الاقتصادية والأزمات تسبب الفوضى والتفاوت بين الناس بعضهم البعض فهم يصورون كثرة النسل بصورة مخيفة مروعة ويتوهم ضعاف النفوس والإيمان أن هذا أمر حقيقي ولو كان عند الإنسان قوة إيمان وتوكل لعلم أن الله سبحانه وتعالى لن يخلق مخلوقاً إلا وقد تكفل برزقه كما قال الله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا) ، وقال تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً) ، وقال تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) فإذا علم المؤمن أن كثرة النسل سبب لكثرة الرزق لأن الأمة إذا كثرت كان ذلك عزاً لها وكان ذلك سبباً لاكتفائها بذاتها عن غيرها، ولهذا امتن الله عز وجل على بني إسرائيل بتكثيرهم قال تعالى (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) وذكر شعيب قومه بذلك فقال (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (تزوجوا الودود الولود) والولود كثيرة الولادة، وكلما كثرت الأمة الإسلامية كان ذلك عزاً لها وكان ذلك سبباً لهيبتها بين الأمم وكان ذلك سبباً لاكتفائها بذاتها عن غيرها كما هو ظاهر ومعلوم، وبناء على ذلك فالذي ينبغي للإنسان أن يحرص على كثرة الأولاد أخاطب بذلك الرجل والمرأة ولا ينبغي لهما أن يحاولا قلة الولد، وأما ما ذكره السائل من تنظيم النسل في الحقيقة إن هذا وارد أن ينظم الإنسان نسله وتكون ولادة المرأة بين سنة وأخرى أي سنة للولادة وسنة لعدم الولادة، ولكن الحقيقة أن هذا الأمر ليس إلى الإنسان وقد ينظم الإنسان هذا التنظيم ولكن لا يحصل المراد به، ربما يتأخر الحمل في السنة التي يريد أن يكون فيها حمل، وربما يموت الأولاد الذين كانوا عنده فإذا مات الأولاد ولم يشأ الله عز وجل أن تنجب المرأة بعد ذلك بقيت لا أولاد لها، نعم لو فرض أن المرأة غير قادرة على ذلك أي أنها لا تستطيع أن تحمل كل سنة إلا بمشقة غير معتادة فهذا وجه يبرر لها أن تنظم حملها، ومع ذلك لا يكون هذا إلا بإذن الزوج فلو منع الزوج من ذلك فالحق له كما أن الزوج لو طلب منها أن تستعمل ما يمنع الحمل فليس عليها قبول ذلك، فكل واحد من الزوجين له حق في الولد، ولهذا قال أهل العلم يحرم أن يعزل الرجل عن زوجته الحرة إلا بإذنها يعني لها حقاً في الولد وكذلك القول الراجح إذا تبين الزوج عقيماً فللزوجة حق الفصل لأن لها حقاً في ولد، وأما ما ذكره السائل من قول أعداء الإسلام الانفجار السكاني أو التضخم السكاني أو ما أشبه ذلك فإن هذا كما أشرت إليه في أول الجواب من تهويل الأمر من أعداء الإسلام على المسلم والواجب على المسلم أن لا يغتر بهؤلاء وتهويلاتهم وأن يعلم أنهم أعداء كما وصفهم الله بذلك بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) والكافر عدو للمسلم مهما كان في أي زمان وفي أي مكان ولهذا يجب على المؤمن أن يعلم أنه أي الكافر لو فعل شيئاً فيه مصلحة للمسلمين فإنه سوف يكسب من وراء ذلك لنفسه ما هو أكثر وأكثر من المصالح.
***

السؤال: تقول إذا كان أحد الأقارب لي من الرجال لا يصلى وهو ليس لي بمحرم وأنا لا أكلمه ولا أحادثه وإنما إذا دخلت إلى منزلهم وشاهدته سلمت بقولي السلام عليكم فأنا لا أجالسه ولا أحادثه وأستحي منه حتى أنني لا أقول له كيف الحال وكيف حال الأولاد فهل علي إثم إذا لم أنصح مثل هذا بالمحافظة على الصلاة لأنني كما قلت لكم بأنني أستحي منه وجزاكم الله خيرا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على المسلمين عموماً التناصح بينهم لكن مناصحة المرأة للرجل يخشى منها الفتنة ولو فتح الباب لادعت الناصحة التي ليس عندها قوةٌ في دينها في مخاطبة الرجال أنها تريد النصح لكن مثل هذا الرجل الذي ذكرت أنه من معارفها لكنه ليس بمحرمٍ لها وأنها تزور بيتهم وأنه تسلم إذا دخلت أرجو ألا يكون في نصحها إياه فتنة فإذا تمكنت من نصحه بالمشافهة مع انتفاء الفتنة والمحظور فهذا حسن وإن رأت أن تكتب له كتاباً وتقول مثلاً في إمضائها من ناصح أو فاعل خير فتذكره بالله عز وجل وتخوفه مما هو عليه من ترك الصلاة فهذا أحسن وأطيب وأما بالنسبة لتارك الصلاة بالكلية فإنه يهجر ولا يجوز السلام عليه ولا الذهاب إليه إلا على سبيل المناصحة وذلك لأن تارك الصلاة والعياذ بالله مرتد عن الإسلام والمرتد لا حرمة له.
***

السائلة تقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ ما حكم مصافحة الرجال الأجانب مع لبس قفازين في اليدين عند المصافحة مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: مصافحة النساء غير المحارم محرمة سواء كانت من وراء حائل كالقفازين أو بدون حائل لكنها بدون حائل أشد وأخطر فلا يحل للمرآة ان تصافح رجلا غير محرم لها أما المحارم فلا بأس من مصافحتهم بشرط أن تؤمن الفتنة أيضا لأن المحظور هو الوقوع في الفتنة فإذا تحققت الفتنة في مصافحة المحارم وجب الكف عنها ولا تتعجب إذا قلنا بأنه يشترط في مصافحة المحارم ألا تخشى الفتنة لأن من المحارم من تكون محرميته بعيدة بعض الشي أو تكون محرميته بغير القرابة إما للمصاهرة أو للرضاع فيقل الاحترام في قلب الرجل ويدور الشيطان في مخيلته وحينئذ ربما تقع الفتنة إذا صافح المرأة التي من محارمه لذلك يجب أن يلاحظ هذا القيد وهو أن مصافحة المحارم جائزة في الأصل ما لم تخشَ الفتنة فإن خشيت الفتنة وجب الكف عنها وإني أضيف إلى جواب هذا السائل أنه يوجد عند بعض الناس تساهل في هذا الأمر فتجد المرأة تصافح بني عمها أو بني أخوالها أو تصافح جيرانها أو ما أشبه ذلك مما هو عادات عندهم والواجب على المؤمن أن يحكم الشرع لا العادة لأن الشرع هو الحاكم وهو الذي يجب علينا الرجوع إليه قال الله تبارك وتعالى (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) وقال الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) وقال الله تبارك وتعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وعلى هذا فالواجب العدول عن هذه العادات المخالفة للشرع والإنسان إذا ترك ما اعتاده وألفه طاعة لله ورسوله واتباعا لرضا الله ورسوله فإنه يجد بذلك حلاوة الإيمان ويطمئن قلبه وينشرح صدره للإسلام (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) .
***

السؤال: السائلة تقول ما حكم إلقاء المرأة السلام على الرجل الذي تتعامل معه سواء في بيع أو شراء أو أي معاملة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أنا لا أحب هذا أن تلقي المرأة السلام على شخص بينها وبينه معاملة لكن نعم على شخص من معارفها كأخي زوجها مثلاً أو ابن عمها أو ما أشبه ذلك إذا أمنت الفتنة لا بأس أما رجل أجنبي ليس بينها وبينه علاقة إلا المعاملة فأخشى أن يكون في ذلك تحريك للكامن في النفوس فترك السلام أولى تدخل وتقول يا فلان كم هذه السلعة كم هذه السلعة.
***

يقول السائل هل مصافحة امرأة مثل زوجة الخال يبطل الوضوء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: مصافحة المرأة غير ذات المحرم حرام فلا يحل لأحد أن يصافح امرأة ليست ذات محرم منه سواء كانت امرأة أخيه أو امرأة عمه أو امرأة خاله فإن هذا كله حرام وسواء صافحها من وراء حائل أو بدون حائل أما الوضوء فإنه لا ينقض الوضوء مصافحة المرأة مطلقا ما لم يكن لشهوة وينزل منه مذي أو مني وحينئذ نقول إنه لا يمكن مصافحة المرأة لشهوة إلا أن تكون زوجته وبهذا الكلام الذي ذكرته يتبين أن مصافحة النساء تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
قسم حرام بكل حال وهي مصافحة من ليست ذات محرم من الإنسان كامرأة أخيه وامرأة عمه وامرأة خاله وما أشبه ذلك
وقسم تجوز مصافحتهن بدون شهوة وهن ذوات المحارم كأخته وعمته وخالته وأمه وبنته فهؤلاء تجوز مصافحتهن بشرط أن لا يكون هناك شهوة وتلذذ بالمصافحة
القسم الثالث من تجوز مصافحتهن بشهوة وبغير شهوة وهن الزوجات فإنه يجوز للإنسان أن يصافح زوجته بشهوة أو بغير شهوة وكل هذه الأقسام لا تنقض الوضوء إلا إذا نزل منه شيء مذي أو مني فإنه ينتقض وضوءه بما نزل وإذا كان منيا فإنه يجب عليه الغسل.
***

يقول هذا السائل تقوم أحيانا زوجة عمي وزوجة خالي بالسلام علي مصافحة وتقبيلاً فهل هذا محرم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذا محرم ولا يحل لامرأة أن تكشف وجهها لغير زوجها ومحارمها سواء كان أخ الزوج أو عم الزوج أو خال الزوج ولا يحل لها أن تصافحه ولو من وراء حائل ولا يحل لها أن تقبله وهذا أشد وأعظم وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أياكم والدخول على النساء) أي يحذر من الدخول على النساء يعني غير المحارم قالوا يا رسول الله أرايت الحمو يعني أقارب الزوج قال (الحمو الموت) يعني فاحذروه وإنما حذر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الحمو لأن الحمو إذا دخل على بيت قريبه لا يستنكر ولا يستغرب فيدخل البيت بدون حياء ولا خجل ويكون خاليا بالمرأة وخلو الرجل بالمرأة محرم حذر منه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخبر أنه (ما من رجل خلا بامرأة - يعني ليست محرما له - إلا كان ثالثهما الشيطان) .
***

السؤال: يقول هل يجوز لابن العم أن يصافح بنت عمه باليد أو بنت خاله أو بنت خالته أو أحد من الأقارب من النساء إذا كانوا غائبين عنه مدة طويلة سواء كانوا متزوجين أو غير متزوجين نريد الإفادة بارك الله فيكم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب أنه لا يجوز لأحد أن يصافح امرأة ليست زوجته ولا من محارمه فابن العم لا يجوز له أن يصافح ابنة عمه وابن الخال لا يجوز له أن يصافح ابنة عمته وكذلك أخو الزوج لا يجوز أن يصافح زوجة أخيه والقاعدة العامة في هذا أنه لا يحل لرجل أن يصافح امرأة ليست من محارمه وليست زوجة له سواء كان ذلك مباشرة أو كان ذلك من وراء حائل ولا عبرة بما اعتاده بعض الناس في ذلك لأن الشرع حاكم على العادة وليست العادة حاكمة على الشرع والواجب على المرء أن يتقي الله عز وجل في هذا الأمر وألا ينساق وراء العادات المخالفة للشريعة قد يتعلل بعض الناس بكونه يخجل أن تمد المرأة إليه يدها ثم يكف يده عنها أو يقول لها كفي يدك فإن هذا لا يجوز وجوابنا على هذا أن نقول إن هذا الخجل ليس في محله فإن الله لا يستحيي من الحق والاستحياء من الحق جبن وخور والواجب عليك أيها المؤمن أن تقول الحق ولو كان مراً كما قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) وأنت إذا امتنعت من هذا وبينت أنه حرام وامتنع الثاني من ذلك وبين أنه حرام وامتنع الثالث والرابع اشتهر هذا بين الناس وتركوا تلك العادة الذميمة وهي أن الرجل يصافح المرأة لكونها قريبته أو من جيرانه أو ما أشبه ذلك.
***

مصافحة المرأة

السؤال: يقول من عادة النساء في قريتنا الجلوس في الشوارع وفي معظم أوقات النهار وخاصة بعد العصر وعلى شكل جماعات فما حكم الشرع في نظركم في هذا العمل وهل من نصيحة لهنّ بارك الله فيكم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: خروج المرأة من بيتها لغير حاجة أمر لا ينبغي لأن الله تعالى قال لنساء النبي صلى الله عليه وسلم (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) فالمشروع في حق المرأة وهي ربة البيت أن تبقى في بيتها لإصلاح شؤونها والقيام بمصالح أولادها إن كانت ذات أولاد هذا هو المشروع ولا تخرج من البيت إلا لمصلحة شرعية أو حاجة فأما أن تخرج إلى الأسواق للتفرج والتنزه والتمشي فذلك أمر غير محبوب ويخشى أن تقع به الفتنة منها أو بها فنصيحتي لهؤلاء النساء أن يلزمنّ بيوتهنّ وألا يخرجنّ إلى الأسواق إلا لحاجة أو لمصلحة دينية أو دنيوية لا محظور فيها وإذا خرجن فليخرجن محتشمات متسترات ساترات الوجوه والرؤوس والكفين والقدمين ولا حرج عليها أن تتنقب لترى طريقها بشرط أن يكون النقاب بقدر الضرورة لا تخرج منه إلا العين فقط وبشرط ألا تكون مكتحلة ولا يجوز أن تخرج إلى الأسواق متطيبة لما في ذلك من الفتنة فإذا خرجت المرأة محتشمة لمصلحة دينية أو دنيوية لا محذور فيها أو لحاجة فلا بأس في ذلك بالشروط التي أشرت إليها كما أنه يجب أن يراعي ولاة الأمور مسألة الاختلاط اختلاط النساء بالرجال فإن الاختلاط من أكثر دواعي الفتنة والفتنة يجب سد كل ذريعة توصل إليها.
***

السؤال: تقول فضيلة الشيخ هل يجوز للمرأة المسلمة أن تحضر مجالس العلم والدروس الفقهية في المساجد علماً بأنها تخرج إليها متسترة وبالزي الشرعي وأيهما أفضل حضورها لمثل هذه المجالس أم بقاؤها في المنزل علما بأننا الآن نخرج للتعليم في الجامعات والمدارس بناء على رغبة أبائنا وأمهاتنا ومع العلم أيضاً بأن الاستفادة من هذه المجالس أكبر من الاستفادة من القراءة في المنازل؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز للمرأة أن تحضر مجالس العلم سواء كانت هذه العلوم من علوم الفقه العملي أو من علوم الفقه العقدي المتصل بالعقيدة والتوحيد فإنه يجوز لها أن تحضر هذه المجالس بشرط أن لا تكون متطيبة ولا متبرجة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء) ولا بد أن تكون بعيدة عن الرجال لا تختلط بهم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) وذلك لأن أولها أقرب إلى الرجال من آخرها فصار آخرها خيراً من أولها.
***

السؤال: هل يجوز الخلوة بالمرأة حال القراءة عليها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا تجوز الخلوة بالمرأة حال القراءة عليها لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) فلابد أن يكون معها ذو محرم عند القراءة عليها.
***

السائل: يقول في بعض البوادي يحضر النساء مجالس الرجال ويسلمن عليهم ويصافحنهم ويقولون هذه عادة نرجو التوجيه وفقكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه المسائل مصافحة النساء وكشف وجوههن وما أشبه ذلك ليس أمر اعادياً أو تقريبياً وإنما هو منكر شرعي ونحن ننكر على الذين يقولون هذه عاداتنا وتقاليدنا يجعلون الحجاب وبعد المرأة عن الرجل يجعلونها من العادات والتقاليد هذا كذب وليس بصحيح وهو أمر له خطورته لأنه يؤدي إلى أن يغير هذا الحكم الشرعي في يوم من الأيام ويقال إن العادة اختلفت والتقاليد انتفت ونحن نريد أن ندخل منهجا جديداً وعادة جديدة ثم يغيرون حكم الله بسبب ما وصفوا هذا الحكم الشرعي بما ليس وصفا له حيث جعلوه من العادات والتقاليد والواجب على من يتكلم بهذه الأمور الواجب عليهم أن يتكلموا عليه بالمعني الصحيح ويقولوا هذا من الدين الذي لا يمكن تغيره ولا يمكن للعادات أن تغيره وعلى هذا ما اعتاده البادية في هذا الأمر من سلام النساء على الرجال الأجانب وكشف وجوههن أمامهم فإنه عمل يجب النهي عنه ويجب أن يبين أن هذا أمر لا يجوز وأن المرأة في البادية والمرأة في القرية وفي المدينة على حد سواء حكم الله تعالى في النساء سواء في البادية وفي المدن وفي القرى وفي البلاد الأجنبية وفي البلاد الأهلية كله سواء لا يجوز أن يغير حكم الله في هذا الأمر من أجل العادات والتقاليد ونحن ننكر جدا على من يصف هذه الأمور بأنها عادة أو تقليد بل نقول هي دين وشريعة إلاهية من الله عز وجل والله تعالى بين هذا في كتابه غاية البيان كما في سورة النور وسورة الأحزاب وكما في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز للمرأة أن تصافح الرجل الأجنبي منها اللهم إلا إذا كان من المعارف الذين يدخلون عليها كثيراً ويأتي إليهم كثيراً فإنها تصافحه لكن من وراء حائل أما مباشرةً فلا وذلك أن المس أشد من النظر فإن تحرك الشهوة وقرب الفتنة بالمس أعظم وأشد أثراً من النظر ولهذا ذكر أهل العلم أن المرأة لا تصافح إلا من كان من محارمها أو زوج لها.
***

السؤال: السائلة من السويد تقول ما حكم تعاطي الحبوب المنشطة لأجل الحمل علماً بأنني متزوجة من فترة طويلة وليس لدي أطفال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأمر يرجع إلى استشارة الطبيب في هذا فإذا قال إن تناول هذه الحبوب المنشطة للحمل لا تضر فإنه ينبغي استعمالها تحصيلا للحمل لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم) .
***

السؤال: يقول ما حكم تبرج النساء وماذا يترتب عليه وكيف نجيب على من قال إن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (المرأة كلها عورة إلا وجهها في الصلاة) لا أصل له فالحديث (المرأة عورة إلا وجهها) بدون في الصلاة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم نقول إن تبرج المرأة محرم لأن الواجب في حقها التستر وعدم التعرض للفتنة وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) والتبرج بلا شك ميل عن الحق وسبب لميل الناس عن الحق وللافتتان بهن فهو محرم ولكن هل إبداء الوجه والكفين من التبرج أو ليس منه هذا محل خلاف بين أهل العلم والصواب أنه من التبرج لأن من أبلغ أسباب وسائل الفتنة ظهور الوجه والكفين فإن تعلق النفس بالوجه أشد من تعلقها بأي عضو من الأعضاء وبأي جزء من الأجزاء وإذا كان أولئك الذين يبيحون كشف الوجه والكفين يمنعون من كشف القدمين والساقين فإننا نقول لهم إن إظهار الوجه والكفين أشد فتنة وجذباً إلى المرأة من إظهار الساقين ولهذا كان الصواب من أقوال أهل العلم الذي اختاره شيخ الإسلام بن تيمية وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يجوز للمرأة إظهار وجهها وكفيها بل إنه هو المشهور عند المتأخرين من الشافعية كما في كتاب الإقناع لهم في حل ألفاظ أبي شجاع بل إن بعض الناس كابن رسلان حكى إجماع المسلمين على وجوب تغطية الوجه والكفين في هذه الأزمنة -يقول ذلك في زمانه- فكيف بزماننا الذي أصبح الناس فيه ضعاف الإيمان إلا من شاء الله سبحانه وتعالى ثم إن الأمر الآن لم يكن مقصوراً على الوجه والكفين عند هؤلاء الذين يبيحون لنسائهم أن يكشفن وجوههن وأكفهن بل تعدى الأمر إلى إظهار الرأس أو جزء منه وإظهار الرقبة وإظهار أعلى الصدر وإظهار بعض الذراعين وعجزوا عن ضبط النساء في هذا الأمر لهذا فالقول الصواب بلا ريب أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عمن ليس من محارمها.
إن أقوى ما احتج به هؤلاء قوله تعالى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) وما يروى عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال لأسماء بنت أبي بكر (إن المرأة إذا بلغت سن المحيض لا يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا) وأشار إلى وجهه وكفيه وفي الحقيقة أنه لا دلالة لهم في ذلك أما الآية فإن قوله (إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) مستثنى من قوله (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) والزينة ليست هي الأعضاء أو الجسم بل الزينة هي الثياب كما في قوله تعالى (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ) فزينة الله سبحانه وتعالى هي ما رزقهم الله تعالى من هذه الألبسة التي يتزينون بها فيكون قوله (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) المراد الثياب يعني لا يبدين الثياب الخفية التي جرت العادة بسترها لكونها جميلة وأما ما ظهر منها كالعباءة والرداء كما قال ابن مسعود رضي الله عنه فلا حرج عليهن في ذلك وأما الحديث فإنه ضعيف لانقطاع سنده وضعف بعض رواته فلا يكون حجة في هذا الأمر.
***

السؤال: من جدة السائل ع. ع. ع. يقول هل يجوز للزوجة أن تظهر على ابن أخي وابن أختي أو أن تكشف وجهها لابن أخي وابن أختي؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها إلا لمحارمها ومعلومٌ أن أخا الزوج ليس من محارمها إلا أن يكون بينها وبينه رضاع فهذا شيء آخر وكذلك ابن عمها وابن خالها ليسوا من محارمها فلا يجوز لها أن تكشف وجهها عندهم حتى لو فرض أن هذه عادتهم فالواجب ترك هذه العادة لأن الشرع مقدمٌ على العادة.
***

السؤال: السائل محمد حامد يقول هل أم الزوجة المطلقة تكون محرماً للرجل المطلِّق ويجوز أن يصافحها وأن يسافر معها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم أم الزوجة يكون زوج ابنتها محرماً لها سواءٌ بقيت الزوجة معه أو ماتت أو طلقت لأن أم الزوجة محرمةٌ على زوج ابنتها تحريماً مؤبداً فيجوز أن يسافر بها أي بأم زوجته وأن يصافحها وأن تكشف له لأنها من محارمه كذلك بنت الزوجة إذا كان قد دخل بالأم فإنها تكون محرماً للزوج محرمةً عليه على وجه التأبيد حتى لو طلق أمها وسواءٌ كانت بنتها من زوجٍ قبله أو من زوجٍ بعده لقول الله تعالى (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) يعني المحرمات (وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) كذلك زوجة الابن محرمة على أبيه تحريماً مؤبداً فتكون زوجة الابن من محارم أبيه ولو طلقها الابن وكذلك ابن الزوج يكون من محارم زوجة أبيه ولو طلقها أبوه.
***

السؤال: السائل ص. ع من القصيم البكيرية يقول الرجل عندما يمر بحادث سيارة هل يتقدم لينقذ المصابين في الحادث وإذا كان من بينهم نساء هل يجوز حمل هؤلاء النساء في سيارته مع عدم وجود محرم لهن أم ماذا يفعل؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول إنه يجب على المرء المسلم إذا رأى أخاه المسلم في أمرٍ يخشى منه الهلاك يجب عليه أن يسعى لانقاذه بكل وسيلة حتى إنه لو كان صائماً صيام الفرض في رمضان وحصل شيء يخشى منه الهلاك على أخيه المسلم واضطر إلى أن يفطر لانقاذه فإنه يفطر لانقاذه وعلى هذا فإذا مررت بحادث سيارة ورأيت الناس في حال يخشى عليهم من التلف أو من تضاعف الضرر فإنه يجب عليك انقاذهم بقدر ما تستطيع وفي هذه الحال لا بأس أن تحمل النساء وإن لم يكن معهن محارم لأن هذه ضرورة.
***

المرأة والمحرم

السؤال: هذا المستمع يقول أنا رجل متزوج وقد تركت بلدي وزوجتي وسافرت خارج البلد للعمل وقد مكثت حوالي تسعة أشهر غائباً وقد كانت زوجتي حاملاً فوضعت مولودها في سبعة أشهر وعشرة أيام فقط مما جعل الشك يساورني في أمرها وقد فكرت في فراقها ولكني لم أستطع نظراً لرغبتي الشديدة وهي كذلك لاستمرار العلاقة الزوجية بيننا ولكن هذا الشك يقلقني دائما فأرجو إفادتي هل يمكن أن تضع الحامل مولودها في سبعة أشهر وما هي أقل مدة الحمل الممكنة وأكثرها وبماذا تنصحوني أن أفعل؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ننصحك بأن تبقى على زوجتك أي مع هذه المرأة ونطمئنك بأن ولادتها في سبعة أشهر ليس فيها شك فإن أقل مدة الحمل التي يمكن أن يعيش فيها ست أشهر لأن الله تعالى يقول (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) وقال تعالى (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْن) فإذا أسقطنا عامين من الفصال من ثلاثين شهراً بقيت ستة أشهر للحمل وهذه أقل مدة الحمل التي يمكن أن يعيش فيها إذا خرج فابنك الآن والحمد لله ليس فيه شك وينبغي أن تزيل عن نفسك هذه الوساوس إزالة مطلقة أما أكثر مدة الحمل فإنه لا حد له على القول الراجح وإن كان بعض أهل العلم يحدها بأربع سنوات وبعضهم بأكثر ولكن ما دام الحمل متيقناً في بطن هذه المرأة فإنها حامل به إلى أن تضعه.
***

السؤال: يقول إذا كانت المرأة متزوجة من رجل عقيم لا ينجب أطفالا فهل يجوز نقل ماء رجل آخر إليها بواسطة الحقن أو كما يسمى بالأنبوب وما الحكم لو كان الأمر بالعكس لو كان الرجل منجبا لكن المرأة نفسها عقيمة فهل يجوز الاحتفاظ بماء زوجها في جو مشبه تماما بجو رحم المرأة إلى حين نمو الجنين وهذا ما حصل أن أجري في بعض مستشفيات العالم ونجحت هذه الطريقة فما هو الحكم الشرعي في الحالتين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الحالة الأولى وهي إذا كان الزوج لا ينجب فاتخذت زوجته ماء من شخص آخر وحقنته في رحمها لأجل الولادة فإن هذا عمل محرم ولا يحل وقد جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام (لا يحل لرجل أن يسقي ماءه زرع غيره) وإذا كان نكاح المرأة في عدتها محرم خوفا من اختلاط الأنساب فإن هذا من باب أولى وأحوط فلا يجوز لامرأة بأي حال من الأحوال أن تلقح نفسها بماء غير ماء زوجها وإذا فعلت ذلك فإن الأولاد أولاد لها وليس أولاد لزوجها لأنه لا يلحقون به وهم من غير مائه
وأما الحالة الثانية وهي ما إذا كانت المرأة هي التي لا تنجب فحقن الزوج ماءه في شيء حتى ينمو ثم بعد ذلك يحقن في رحم المرأة فإن هذا لا بأس به إذا كانت العملية ناجحة وعلم هذا عند الأطباء لأن هذا لا يعدو أن يكون الرجل قد أنزل خارج الفرج ثم بعد ذلك لقح به الفرج والزوج هو زوجها والماء ماء زوجها ولا حرج في ذلك وقد نص الفقهاء على مثل هذه الحال.
***

السؤال: السائل يقول ما الحكم الشرعي في تحديد النسل؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول إن تحديد النسل أمرٌ لا ينبغي لأن الذي ينبغي في الأمة الإسلامية تكثير النسل وزيادته فإن كثرة النسل وزيادته من نعمة الله عز وجل كما قال الله تعالى عن شعيب حين قال لقومه (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) فيبين شعيبٌ عليه الصلاة والسلام أن تكثير الله لهم من نعمة الله عليهم وكذلك امتن الله به على بني إسرائيل حيث قال (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) فالأمة لا شك أنها تقوى بكثرة أفرادها تزداد كما أن في ذلك أيضاً تكثيراً للنسل واتباعا لهدي الشريعة والعمل بها وهذا مما يفخر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن لا حرج فيما إذا كان الإنسان يرى أنه لا بد من تنظيم النسل إذا كانت الزوجة لا تتحمل الحمل تباعاً فإنه لا حرج أن ينظم النسل بمعنى أن يجعل كل سنةٍ ونصف أو كل سنتين حسب حال المرأة وظروفها وأعني بالظروف الظروف الجسمية وأما التربية وما أشبهها فهذه إلى الله والله تعالى يعين الإنسان على قدر مئونته على قدر كلفته فكلما كثر الأولاد زاد الله للإنسان نشاطاً في تربيتهم إذا كان قصده حسناً والمهم أن تحديد النسل لا يجوز وأما تنظيمه لا حرج فيه إذا دعت الحاجة إليه.
***

السؤال: هل أخذ وسيلة لمنع الحمل لفترة معينة وهي فترة رضاعة حتى لا يؤثر الحمل الجديد بحرمانه من إكمال الرضاعة هل يجوز ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا يجب أن نعلم أن الحمل لا يؤثر على الرضيع ثانيا لو أرادت المرأة أن تمنع الحمل وقت الإرضاع لمشقة الحمل عليها فلا حرج أن تستعمل ما يمنع الحيض أو ما يمنع الحمل لكن بإذن الزوج لأن الزوج له حق في الأولاد.
***

السؤال: يقول ما حكم الشرع في نظركم في عملية تنظيم النسل وتحديده؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول إن التفكير في تنظيم النسل وتحديده أصله من فكرة معادية للإسلام مضادة لما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث حث صلى الله عليه وسلم على تزوج الودود الولود وأخبر أنه يكاثر الأنبياء بنا يوم القيامة ولا شك أن كثرة النسل من نعمة الله عز وجل، كما امتن الله بها على بني إسرائيل في قوله (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) ، وذكّرها شعيب قومه في قوله (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) فالذي ينبغي للإنسان أن يكثر النسل ما استطاع، نعم لو حصل على الأنثى ضرر لتتابع الحمل عليها لكون جسمها لا يتحمل ذلك فلها أن تفعل ما يقلل الحمل لديها دفعاً لضررها الذي يحصل لها بالحمل، وأما مع استقامة الحال وسلامة البنية فإنه لا شك أنه كلما كثر النسل فهو أفضل وأولى.
وأما تنظيم النسل فالواقع أن التنظيم ليس بيد الإنسان بل هو بيد الله عز وجل كما قال الله تعالى (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) ولو قدرنا أن بإمكان الإنسان أن ينظم حمله في البداية، أو أن ينظم نسله في البداية لو قدرنا ذلك، فإنه لا يمكنه أن ينظمه في النهاية لأنه من الجائز أن يقدر أن يكون أولاده في كل سنتين ولد، ولكن يموت الأولاد قبل أن تأتي السنتان أو بعد أن تمضي سنتان وقد يموتون قبل أربع سنوات وهكذا، فتنظيم النسل في الواقع وإن قدرنا أنه يمكن في الابتداء فإنه لا يمكن في الانتهاء ولهذا نرى أن الإنسان ينبغي له أن يحرص على ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم من كثرة الولادة، وأما تحديده بحيث يقطع النسل على عدد معين لا يزيد عليه فإنه حرام كما صرح بذلك بعض أهل العلم لأن ذلك يؤدي إلى قطع النسل في الواقع، فإنه إذا حدده ثم قُدّر فناء هؤلاء الأولاد الذين قد حدد النسل بهم انقطع نسل الرجل نهائياً فنصيحتي لكل من الرجال والنساء أن يحرصوا على كثرة الأولاد تحقيقاً لمباهاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته.
***

السؤال: السائلة تقول هل يوجد علاج لمرض العقم وهل يمكن أن ينجب العقيم إذا دعا الله عز وجل مع العلم بأن الأطباء قد قالوا له بأنه لن ينجب؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما قضاء الله عز وجل لا مغير له كما قال الله تعالى (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) وقد بين الله سبحانه وتعالى أن له ملك السماوات والأرض وأنه يفعل ما يشاء فقد قال الله تبارك وتعالى (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذكور أو يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) فهذه أربعة أصناف الأول أن يهب الله تعالى للرجل الذكور فلا يأتيه إناث والثاني أن يهب له إناثا فلا يأتيه ذكور والثالث أن يزوجهم أي يصنفهم ذكورا وإناثاً فيكون للإنسان ذكور وإناث والرابع أن يجعل من يشاء عقيما لا يأتيه ذكور ولا إناث هكذا قسم الله تبارك وتعالى الخلق فمن قضى الله عليه أن يكون عقيما لا يمكن أن يكون ذا ولادة ومن قضى الله عليه أن تتأخر ولادته أي إنجابه فهذا ربما ينجب بالدعاء أو بالعقاقير والأدوية.
***

السؤال: السائل يقول من كان عنده شغالة وأراد أن يرسلها إلى مكان ما فهل يكفي أن يصطحب معه الأولاد الصغار؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يعني يقول في سؤاله هذا بالمعنى هل تزول الخلوة إذا اصطحب الصغار مع الخادمة وجوابه أني لا أرى أن الخلوة تزول مع الصغار الذين لا يدركون شيئاً لأنه لو حصل مغازلة أو مهامسة أو إشارة لن يفقهوا شيئاً فلا يكفي هذا ولكن يصطحب مع الخادمة أم الأولاد الصغار وبهذا تزول الخلوة.
***

السؤال: السائل يقول زوجتي كانت حامل في الشهرين الأولين ولم نكن نريد أن تحمل فذهبت للمستشفى وأجهضت الجنين وكان لا يزال قطعة صغيرة من اللحم لم يتبين منه أي شيء فهل علينا شيء أم أن علينا صيام لأنني سألت فقالوا لي لا شيء عليكم لأنه لم يتبين هذا الجنين بعد؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أحب أن أقول للأخ السائل ولمن يسمع إن تكثير النسل من مراد الشرع وإن النبي صلى الله عليه وسلم حث على تكثير النسل فقال (تزوجوا الودود الولود) فحث على تزوج المرأة الودود التي تتودد إلى الزوج لأن توددها إلى الزوج يستلزم غالبا الاتصال بها ومجامعتها والمجامعة يكون بها كثرة النسل ولهذا أعقب هذا الوصف الودود بالولود أي كثيرة الولادة فلا ينبغي أن نحاول تقليل الولادة مع كون الرسول عليه الصلاة والسلام يحب منا أن تكثر أولادنا أما بالنسبة للجواب على السؤال الخاص فأقول إن الإجهاض في غير وقته اختلف العلماء في جوازه فمنهم من منعه مطلقا وقال إن الله تعالى جعل هذه النطفة في قرار مكين فلا ينتهك هذا قرار إلا لسبب شرعي ومنهم من أجاز إسقاط النطفة أي إسقاط الجنين قبل أربعين يوما ومنهم من أجازه قبل أن يخلق لأنه لا يعلم إذا كان علقة أيكون طفلا أم لا ومنهم من أجازه إلى أن تنفخ فيه الروح فإذا نفخت فيه الروح فقد اتفقوا على منع إجهاضه إلا إذا كان ذلك عند الولادة وتعذرت الولادة الطبيعية وأجهض بولادة عملية فلا بأس والذي أرى أنه لا يجوز متى تحققنا أنه حمل أنه لا يجوز إجهاضه إلا لسبب شرعي مثل أن يتبين أن هذا الجنين مشوه تشويها لا يعيش معه وإيذاء نفسي له ولأهله فحينئذٍ يجهض لدعاء الحاجة أو الضرورة إلى ذلك وكذلك إذا خيف على أمه منه إذا ترعرع في بطنها وكبر فإنه لا بأس بإجهاضه حينئذٍ وهذا مقيد بما إذا لم تنفخ فيه الروح والروح تنفخ فيه إذا تم له أربعة أشهر فإذا نفخت فيه الروح فإنه يحرم إجهاضه مطلقا حتى لو قرر الأطباء أنه إن لم يجهض ماتت أمه فإنه لا يجوز إجهاضه حتى ولو ماتت أمه ببقائه وذلك لأنه لا يجوز لنا أن نقتل نفساً لاستبقاء نفسٍ أخرى فإن قال قائل إذا أبقيناه وماتت الأم فسيموت هو أيضا فيحصل بذلك قتل نفسين وإذا أخرجناه فربما تنجو الأم فالجواب أنه إذا أبقيناه وماتت الأم بسببه ومات هو بعد موت أمه فإن موت أمه ليس منا بل من الله عز وجل فهو الذي قضى عليها بالموت بسبب هذا الحمل أما إذا أجهضنا الجنين الذي كان حيا ومات بالإجهاض فإن إماتته من فعلنا ولا يحل لنا ذلك.
***

السؤال: يقول هل يجوز تحديد الإنجاب في الحياة الزوجية أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب لا يجوز ذلك بل المشروع أن يكثر الإنسان من الأولاد لما في ذلك من تكثير الأمة الإسلامية وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته ولما في ذلك من الخير والصلاح فقد يكون هولاء الأولاد صالحين ينفعون والديهم في دينهم ودنياهم , ثم إن تحديد النسل في الواقع ليس إلى الإنسان فقد يحدد الإنسان نسله بأربعة أو خمسة ثم يموت هولاء أو يموت بعضهم فيبقي عقيماً أو مقلاً من الأولاد وعلى كل حال فتحديد النسل لا يجوز أما تنظيمه بمعنى أنه بدلاً من أن تنجب المرأة في السنتين مرتين ويريد أن تنجب في السنتين مرة واحدة لمصلحة شرعية فهذا لا بأس به.
***

السؤال: إنني رجل متزوج ولدي ستة أطفال ولله الحمد بنين وبنات وعند الولادة الأخيرة لزوجتي تعسرت في الولادة مما اضطرني للذهاب بها إلى المستشفى وعمل لها عملية قيصرية وقد تمت العملية بنجاح ولله الحمد وفي خلال العملية عرض علي الطبيب الذي عمل العلمية بأن يربط الرحم لأجل أن لا تلد بعد ذلك لأن في الحمل مشقة عليها وقد وافقت على ذلك والآن أنا في حيرة من أمري أرجو إفادتي هل يلحقني إثم من جراء ذلك وما العمل الآن وما مدى جواز ذلك من عدمه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قد سبق من على هذا المنبر أنه ينبغي للأمة السعي في إكثار أفرادها لما في ذلك من القوة وإتاحة الفرص للأعمال المتنوعة ومثل هذا العمل الذي عملت وهو خياطة الرحم حتى لا ينفذ إليه الماء فتحمل هذا إذا ثبت أنه يلحق بالأم ضرر يخشى عليها منه فهذا لا بأس به أما مجرد المشقة والضعف فهذا أمرٌ لا بد منه كما قال الله تعالى (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ) وقال تعالى (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) هذا أمرٌ لا بد منه في الحمل لا بد من المشقة ولا بد من التعب عند الحمل وأثناء الولادة وبعد ذلك ولا يجوز أن تعمل عملية توجب عدم الحمل مطلقاً لمجرد المشقة من الحمل أو عند الوضع ولكن إذا ثبت أن في ذلك ضرراً على الأم ويخشى عليها منه فهذا لا بأس به إذا رضيت الأم بذلك.
***

السؤال: السائلة تقول زوجان اتفقا على أن يؤجلا إنجاب الأولاد لمدة سنة أو أكثر وذلك لأن الزوجة تود أن تكمل تعليمها فهل عليهما شيء في ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأفضل للزوجين أن يكثرا الإنجاب لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (تزوجوا الودود الولود) أي كثيرة الولادة وإنما حث على تزوج كثيرة الولادة من أجل كثرة الأولاد وكثرة الأولاد عز للأمة كما قال الله تعالى عن شعيب (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) قاله لقومه وقال الله تعالى ممتناً على بني إسرائيل (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) فكل ما كثر الأولاد فهو أفضل للرجل وللمرأة فإن دعت الحاجة إلى تقليل الأولاد لكون المرأة ضعيفة في الجسم لا تتحمل فلا حرج أن يتفق الزوجان على تأجيل الحمل لمدة معينة ودليل ذلك حديث جابر أنهم كانوا أي الصحابة يعزلون في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم ينزل القرآن بالنهي عن ذلك وأما قطع النسل بالكلية كاستئصال الرحم مثلاً فإنه لا يجوز إلا إذا كان هناك ضرورة بأن حدث في الرحم أورام تؤدي إلى الهلاك مثلاً فلا بأس باستئصاله حينئذ.
***

السؤال: هل في استعمال حبوب منع الحمل من أجل إتمام الرضاعة إثم أفيدونا مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي ينبغي للمرأة ولزوجها أن يحرصا على كثرة النسل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (تزوجوا الودود الولود) أي كثيرة الولادة ولأن كثرة الأمة عز لها ونصر ورفعة وفيه استغناء ذاتي عن الغير ولأن الإنسان ربما يحتاج إلى أولاده في المستقبل إذا كبروا وكلما كانوا أكثر كان أعز لها يقول الشاعر:
وليست بالأكثر منهم حصى وإنما العزة للكاثر
أما ما يتوهمه بعض النساء من أنه إذا كثر الأولاد كثر التعب وشقت التربية وضاق الرزق فهذا وهم لا حقيقة له لأنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها وكلما ولد للإنسان ولد فتح الله له باب الرزق لولا الولد ما حصل له ذلك لأن رزق الولد على الله وكم من إنسان رزق برزق أولاده وأما التربية فصحيح أنه كلما كثر الأولاد تتابعوا فسوف يكون العناء أشد وأشق لكن مع الصبر والاحتساب يكثر الأجر والثواب ثم إن الهداية بيد الله عز وجل قد يكون طفل واحد يتعب أبوه وأمه في تربيته ولا يحصلون على ما يريدون وقد يكون عشرة أطفال وتكون تربيتهم سهلة ويحصل الوالدان على ما يريدان من حسن الأخلاق والتوفيق بيد الله ومتى استعان الإنسان بربه واعتمد عليه وتوكل عليه وفعل ما دل عليه الشرع فليبشر بالخير.
***

السؤال: يقول في سؤاله نحن نعلم من القرآن الكريم أن تمام الرضاعة حولين كاملين فهل هذا دليل على جواز استعمال وسيلة منع الحمل خلال فترة الرضاعة لأننا نعلم أنه إذا حدث حمل أثناء الرضاعة يجف لبن الأم وبذلك يحرم الرضيع من أول حقوقه أفيدونا بذلك بارك الله فيكم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الآية الكريمة التي أشار إليها هي قوله تعالى (الْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) وهذه الآية لا تدل على أنه ينبغي استعمال حبوب الحمل في هذه المدة وذلك لأن استعمال حبوب الحمل خلاف ما ينبغي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بتزوج الودود الولود ولا شك أن كثرة الأمة عزٌ لها وقوة ومنعة ولهذا امتن الله به على بني إسرائيل في قوله (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) وذكر قومه شعيب به حين قال (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) فالذي ينبغي للأمة الإسلامية أن تكثر من أسباب كثرة النسل ما أمكنها ذلك وإذا قدر أن المرأة حملت في أثناء الرضاع ثم نقص اللبن فإن الله تعالى سيجعل لهذا الطفل جهة أخرى يرضع منها قال الله تعالى (وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) والله عز وجل لا يحرم عباده رزقه لقوله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) .
***

السؤال: يقول في رسالته بأنه شاب مقيم في مدينة أبها ومتزوج وله ثلاثة من الأبناء والحمد لله ولكن وباختصار يقول قررت أنا وزوجتي أن نمتنع عن الإنجاب حتى نتمكن من تربية أولادنا التربية الإسلامية الصحيحة فما هو الحل في نظركم مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحل غير صحيح أعني إيقاف الإنجاب لأنه مخالف لما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة) ولأن الإنسان لا يدري وربما يموت هؤلاء الأبناء الذين عنده فيبقى بدون ذرية والتعليل بأن ذلك من أجل السيطرة على تربيتهم وربما يقوم على القيام بنفقتهم تعليل عليل في الواقع لأن الصلاح بيد الله عز وجل والتربية سبب لا شك وكم من إنسان ليس عنده إلا ولد وعجز عن تربيته وكم من إنسان عنده عشرة من الولد وقام بتربيتهم وأصلحهم الله على يده ولا شك أن الذي يقول إنهم إذا كثروا لا يستطيع السيطرة عليهم أنه أساء الظن بالله عز وجل وربما يعاقب على هذا الظن بل المؤمن الحازم يفعل الأسباب الشرعية ويسأل الله المعونة والتوفيق وإذا علم الله منه صدق النية أصلح الله له أموره فأقول للأخ السائل لا تفعل لا توقف الإنجاب لا توقف الإنجاب أكثر من الأولاد ما استطعت فرزقهم على الله وصلاحهم على الله وأنت كلما ازددت تربية ازددت أجرا فإذا كان لديك ثلاثة وأدبتهم وأحسنت تربيتهم أجرت على ثلاثة فقط لكن لو كانوا عشرة أجرت على عشرة ولا تدري أيضا ربما هؤلاء العشرة يجعل الله منهم علماء ومجاهدين فينفعون الأمة الإسلامية ويكون ذلك من أثار إحسانك أكثر من الأولاد أكثر من الأولاد أكثر الله أموالك وأوسع لك في رزقك.
***

السؤال: هل علي إثم في تناول حبوب منع العادة وذلك لكي لا يفوتني صيام أيام مثل ليلة النصف من شعبان وليلة التروية وعرفات وغيرها أرجو الإفادة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما إستعمال هذه الحبوب فإنه حسب ما بلغني ضار ولا ينبغي للإنسان أن يتناول ما كان ضاراً لقول الله تعالى (لا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ) وإذا تبين أنه لا يضر بمشورة الطبيب فلا بأس أن تأكل المرأة شيئا من هذه الحبوب من أجل ألا تمنعها الحيضة من الصيام ولكن السائلة ذكرت صوم يوم النصف من شعبان وهذا لا أصل له ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخصص يوم النصف من شعبان بالصيام ولا ليلته بالقيام فالأفضل أن تكون ليلة النصف من شعبان ويومه كسائر الليالي والأيام ويوم التروية هو اليوم الثامن وهو كباقي أيام العشر ليس له مزية خاصة وإنما المزية ليوم عرفة لغير الحاج حيث ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال (احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) .
***

السؤال: تقول هل يجوز للمرأة التي تخاف على نفسها من الحمل والإنجاب أن تمنع الحمل بعملية ربطٍ أو ما شابه ذلك مع العلم بأن السن سبعة وأربعين عام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا بد فيه من شرطين الشرط الأول موافقة الزوج على ذلك.
والشرط الثاني أن يلحقها ضرر في الحمل غير معتاد فحينئذٍ لا بأس أن تربط الرحم إلى أجلٍ مسمى وأما إذا لم يأذن الزوج فلا يجوز أن تربط الرحم ولا أن تأخذ ما يمنع من الحمل لأن للزوج حقاً في الولد وكذلك إذا كان لا يضرها إلا الضرر المعتاد للحوامل فهذا أمرٌ لا بد منه فلا تربط الرحم من أجل ذلك ولا تأكل ما يمنع الحمل من أجل ذلك.
***

المستمعة تقول بإنها امرأة متزوجة وقد أنجبت ولداً ثم حملت بعده مباشرة فالآن تريد أن ترتاج بعد الثاني لأنها أصيبت بفقر الدم في الأول والثاني فهل يجوز لها استخدام المانع من الحمل أو اللولب علماً بأن زوجها يمنعها من استعمال أي مانع فأرجو النصح له لعله ينتفع بالنصيحة مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن كثرة الولادة مما يزيد الأمة قوة ويحصل به مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (تزوجوا الودود الولود) ولا شك أيضاً أن المرأة إذا حملت يلحقها الضعف لقوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ) ولا شك أيضاً أن المرأة إذا حملت فإنها تحمل الولد كرهاً وتضعه كرهاً كما قال الله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) ولا شك أن المرأة إذا حملت يلحقها التعب والإعياء وإذا كان هذا أمراً مألوفاً ومعتاداً فإنه لا ينبغي للمرأة أن تتضجر منه وأن تتهرب منه باستعمال ما يمنع الحمل بل عليها أن تصبر وتحتسب الأجر من الله وهي إذا صبرت واحتسبت الأجر من الله ولم تخنع لما يحصل لها من الضعف فإن الله تعالى يقويها على ماحملت ويعينها حتى يكون هذا الحمل خفيفاً عليها نعم لو فرض أن هناك أموراً عارضة غير معتادة تحصل للمرأة عند الحمل فحينئذٍ ينظر في الأمر وما ذكرت السائلة من أنها أصيبت من فقر الدم فهذا أمر طبيعي إذ أن المرأة إذا حملت فإنه ينصرف جزء كبير من دمها إلى الحمل ولكن إن كان هذا الذي أصابها من فقر الدم أمراًً زائد على المعتاد ولم تتمكن من السلامة منه بأخذ المقويات ففي هذا الحال ينبغي لزوجها أن يراعيها وأن يرخص لها في استعمال ما يمنع الحمل ولكنني أحذرها وغيرها من النساء من استعمال العقاقير والحبوب لأن هذه مضرة على المدى الطويل وقد حدثني من أثق به من الأطباء أنها سبب لفساد الرحم ولتشويه الأجنة ولأمور أخرى تتعلق بالدم والأعصاب لكن هناك وسائل تقي من الحمل غير هذه الحبوب أما تعاطي هذه الحبوب والعقاقير فإنني أنصح بالابتعاد عنها كثيراً وخلاصة الجواب أنه يجب على المرأة أن تصبر على ما أصابها من الضعف والتعب والإعياء في حال الحمل ولها في ذلك أجر عند الله عز وجل وتكفير لسيئاتها وعلى الزوج إذا رأى أن المرأة تتأثر تأثراً غير معتاد في حملها أن يأذن لها في استعمال ما يمنع الحمل أو هو بنفسه يستعمل ما يمنع الحمل رأفة بها ورحمة بها حتى تنشط وتقوى على ذلك.
***

السؤال: السائلة أم مجاهد من الرياض تقول فضيلة الشيخ تقوم بعض النساء باستخدام حبوب منع الحمل لسنوات طويلة تصل إلى سن اليأس وذلك لسبب قوي لأن زوجها وهو إنسان مقتدر وغني لا يصرف عليها وعلى أبنائها وبناتها حيث إنه متزوج من ثلاث نساء ولا يعدل بينهم ولديه منهن إحدى عشر بنتا وستة أبناء فلا يهتم بتربيتهم ولا الاهتمام بهم ولا يهتم بالصرف عليهم في المأكل والمشرب والملبس والمسكن فهل يجوز استخدام حبوب منع الحمل والحالة هذه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قبل الإفتاء أقول إنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجاته وأولاده من بنين وبنات إذا كان قادرا على هذا وليعلم أنه إذا أنفق ماله قياما بالواجب واجب النفقة في حياته سلم من غائلة المال ومن إثم المال وإن لم يفعل فسوف ينفق من بعده قهرا عليه فيبوء بالإثم والعياذ بالله ويجمع لهؤلاء القوم الذين شح عليهم في حياته فعليه أن يتقي الله وأن يقوم بالواجب من الإنفاق على الزوجات الثلاث وعلى أولادهن من بنين وبنات فإن لم يفعل فلكل واحدة أن تأخذ من ماله بغير علمه ما يكفيها ويكفي أولادها كما أفتى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة حين شكت إليه زوجها أنه شحيح لا يعطيها ما يكفيها وأولادها فإذن لها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تأخذ من ماله ما يكفيها ويكفي أولادها.
أما الإفتاء فأقول لا تستعمل حبوب منع الحمل من أجل قلة الأولاد أي ليقل أولادها فإن أولادها رزقهم عند الله عز وجل وكلما كثر الأولاد انفتح للرزق أبوابا قال الله تبارك وتعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) وقال تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) وقال في الآية الثانية (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) ولكن كثرة الرزق بكثرة الأولاد لها شرط مهم وهو تقوى الله وصحة التوكل عليه لقول الله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) ولقوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) فأقول لهذه السائلة لا تستعملي حبوب منع الحمل واستعيني بالله وتوكلي عليه واعلمي أن رزق أولادك ليس إليك بل إلى من خلقهم جل وعلا.
***

السؤال: تقول إنها طالبة في الكلية التي تبعد عن المنزل حوالي خمسة وعشرين كيلو أو ثلاثين كيلو تقول ولا أجد أحد من محارمي ليسافر معي وأخشى أن أكون عاصية لله بسفري هذا ولكنني أحرص على أن أتعلم وأحصل على شهادة جامعية تمكنني من نفع المسلمين وخدمتهم مثل أن أكون طبيبة أو معلمة فهل يجوز لي السفر خاصةً بأن وقت السفر يستغرق من ساعة ونصف إلى الساعتين أم أني أكون عاصية في مثل هذه الحالة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إنها تكون عاصية إذا سافرت بلا محرم لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا تسافر امرأةٌ إلا مع محرم) قال ذلك وهو يخطب الناس يعلمهم فقام رجلٌ وقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (انطلق فحج مع امرأتك) ومعلومٌ أن تعلم المرأة لما ينفعها في دينها ودنياها أمرٌ مطلوب هذا إذا لم تكن الوسيلة إليه محرمة فإن كانت الوسيلة إليه محرمة حُرّم هذا الأمر لا لذاته بل لغيره فإما أن يذهب بها زوجها إن كانت متزوجة وإما أن تتزوج شخصاً ويكون محرماً لها وإما أن تكتفي بما تسمعه من المسجلات من هذه الدروس وتطلب أن يكون اختبارها اختبار منازل أي بانتساب.
***

السؤال: تقول بأنها تعمل في التدريس في قرية تبعد عن مدينتها حوالي خمسة عشر كيلو وتقول ليس عندي من يوصلني إلى المدرسة فأذهب أنا وبعض المدرسات مع أخي إحداهنّ هل يعتبر هذا يا فضيلة الشيخ من السفر الحرام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي يظهر لي أن هذا ليس من السفر لأنه ليس سفراً فيما اعتاده الناس إذ أن هذه المرأة تذهب إلى مكان عملها وترجع في يومها ومثل هذا في عصرنا لا يتأهب له أهبة السفر ولا يعدونه الناس سفراً فلا يشيعون المسافر ولا يودعونه ولا يستقبلونه ويحيونه تحية القادم وعلى هذا فيجوز لها أن تذهب مع زملايتها إلى المدرسة فتدرس وترجع في يومها في مثل هذه المسافة القصيرة أما أن تذهب وحدها مع السائق وهو ليس من محارمها فهذا حرام ولا يحل لها ذلك سواء كان هذا داخل البلد أو خارجه لأن ذلك من الخلوة ولأنه سبب للفتنة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يخلون رجل بامرأة) وحذر من أسباب الفتن والوقوع فيها في عدة أحاديث ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم (من سمع بالدجال فلينأ عنه) أي فليبعد خوفاً من فتنة الدجال فكل أسباب الفتن يجب على المرء الحذر منها والبعد عنها ولقد مر بنا فيما يتساءل الناس عنه من الفتن والشر في ركوب المرأة وحدها مع رجل ليس من محارمها مر علينا شيء ليس هذا موضع ذكره ولكني أحذر إخواني السامعين من التهاون بهذا الأمر لأنه خطير للغاية والله الموفق
***

السؤال: السائلة تقول ما حكم السفر بالطائرة بدون محرم علما بأن محرمي ودعني في المطار الأول ثم استقبلني المحرم الثاني لي في المطار الثاني وذلك لأن سفري كان ضروريا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أرى جواز السفر أعني سفر المرأة بلا محرم لا في الطيارة ولا في السيارة لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فإن قال قائل إن الطائرة لم تكن معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قلنا نعم هي غير معروفة لكنها معلومة عند الله عز وجل ولو كان الحكم يختلف لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم بيانا شافيا إما تصريحا أو إشارة فلما لم يستثن شيئاً من ذلك علمنا بأن سفر المرأة بلا محرَم مُحرَّم بالطائرة وغيرها وأما قول بعضهم إن الطائرة بمنزلة الأسواق التي يجتمع فيها الرجال والنساء بدون محرم فجوابه أن يقال السوق ليس بسفر والحكم الشرعي معلق بالسفر فما دام ركوب الطائرة من بلد إلى بلد يسمى سفرا فهي مسافرة
وأما تعلل بعضهم بأنها في الطائرة آمنة لكون محرمها يشيعها حتى تركب والآخر يستقبلها إذا وصلت فهذا ليس بصحيح أي ليس تعللاً صحيحاً:
أولاً: أن المحرم المشيع الغالب أنه لا يصل معها إلى باب الطائرة وأنها تبقى في صالة الانتظار ثم تركب مع الناس
ثانيا: أنه على فرض أنه وصل بها إلى باب الطائرة وركبت أمام عينه فإن الطائرة قد يعتريها ما يمنعها من الإقلاع إما لخلل فني أو لتغير جوي أو لأي سبب وهذا يقع فإذا قيل للركاب تفرقوا فمن الذي يؤويها وإذا قدر أنها قامت وأقلعت في الوقت المحدد فهل استمرار سيرها مضمون إلى المطار الذي قصدته؟ قد يحدث في الجو في أثناء طيرانها ما يمنع هبوطها في المطار الذي قصدته وقد يكون فيها خلل فني كتعذر نزول الكفرات مما يجعلها تذهب يمينا وشمالا إلى مطارات أخرى فإذا ذهبت إلى مطارات أخرى وهبطت في المطار فمن الذي ينتظرها هناك
ثم إذا سلمنا وفرضنا أنها وصلت إلى المطار المقصود بسلام فمحرمها الذي يقابلها هل نحن نضمن أن يأتي في الوقت المحدد؟ لا نضمن ذلك في الواقع قد يعتريه نوم أو مرض أو خلل في سيارته أو زحام في الطريق أو ما أشبه ذلك من الموانع فلا يأتي في الوقت المحدد وتبقى إذا نزلت المطار أين تذهب؟ فيحصل بذلك شر وهذه المسائل وإن كانت نادرة وبالألف مرة واحدة أو بعشرة آلاف مرة واحدة لكن ما الذي يمنعنا أن نقول لا تركب الطائرة إلا بمحرم امتثالا لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام حيث قال (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) ونسلم من هذه التقديرات كلها فنصيحتي لأخواتي ولإخواني المسلمين أيضا أن يتقوا الله عز وجل وأن يمنعوا نساءهم من السفر إلا بمحرم والحمد لله الأمر متيسر حتى لو كان لمحرمها شغل يمكنه أن يركب بهذه الطائرة ويؤديها إلى أهلها أو إلى المكان الذي تريده ثم يرجع بطائرة أخرى أو يكون المحرم الثاني مستقبلاً لهما يأخذها معه وهذا يرجع بطائرته.
***

السؤال: يقلن نحن مجموعة من الشابات المسلمات الحائرات من جنسيات مختلفة نعمل بإحدى الدول الخليجية معلمات وطبيبات والدولة توفر لنا سكن جماعي للمعلمات العازبات علماً بأن السفر من وإلى الدولة هذه بالطائرة فهل نعتبر مخالفات لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنه (لا يحل لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً فوق ثلاث ليال من غير ذي محرم) وهل المال الذي نجمعه يعتبر مالاً حراماً وما حكم الشرع في سفرنا وإقامتنا من غير محرم لمدة عام في جماعة من النسوة المسلمات نرجوا منكم التوجيه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من المعلوم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من حديث عبد الله ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول (لا تسافر امرأةٌ إلا مع ذي محرم) ولم يقيده بثلاث والتقييد اختلف مقداره في بعضها (يومٌ وليلة) وفي بعضها (ثلاثة أيام) ولهذا اعتبر العلماء رحمهم الله أن السفر مطلق فكل ما يسمى سفراً فإنه لا يجوز للمرأة أن تقوم به إلا مع ذي محرم لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم وفي حديث ابن عباس الذي ذكرته قال فقال رجلٌ يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال (انطلق فحج مع امرأتك) فأمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يدع الغزو وأن يخرج مع امرأته يحج معها وهذا دليلٌ على تأكد المحرم وفي هذا الحديث لم يستفصل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل أي لم يقل له هل مع زوجتك نساء هل هي آمنة أو غير آمنة هل هي شابة أم عجوز كل ذلك لم يكن فدل على أن الأمر عام وأن الحكم لا يختص بحالٍ دون حال وأنه لا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم أما ما ذكر في السؤال من أنهن نساءٌ من أجناسٍ شتى حضرن إلى بعض الدول الخليجية للتعليم والطب وغير ذلك فإن هذا الأمر كما قلنا في صدر السؤال إنهن حائرات فأنا أيضاً حائرٌ فيه ولا أفتي فيه بشيء والله أعلم.
***

فضيلة الشيخ: الذين ينادون بخروج المرأة ويقولون بأنها طاقة معطلة كيف نرد عليهم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول الحقيقة أنهم إذا قالوا هذا الكلام هم الآن يريدون أن يعطلوها فالمرأة شأنها وعملها في بيتها فهي إذا خرجت للسوق تعطل البيت وإذا تعطل البيت هذا هو تعطيل الطاقة لو أن المرأة في بيتها والرجل في دكانه استغنى كل إنسان بما عنده وحصلت الراحة للرجل وللمرأة أيضا وسبحان الله أين حنان الأمومة أن تذهب المرأة إلى عملها وتترك أطفالها الصغار من بنات وبنين يربيهم امرأة قد تكون ناقصة الدين ناقصة العقل ناقصة المروءة لا تعرف خصائص المجتمع فيتربى هؤلاء الأطفال على ما تربيهم عليه هذه الخادمة فيتغير المجتمع كله وربما تكون الخادمة غير مسلمة فتربيهم على خصال الكفر نسأل الله تعالى أن يصلح شعبنا وأن يصلح ولاة أمورنا وأن يرزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتحثهم عليه وتبين لهم الشر وتحذرهم منه إنه على كل شيء قدير اللهم ولى علينا خيارنا واكفنا شر أشرارنا.
***

فضيلة الشيخ: هل من كلمة للنساء اللاتي يعتبرن المنزل سجناً؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الكلمة أن أقول للمرأة الذي جعل البيت سجنا إن صح التعبير هو الله عز وجل قال الله تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النساء (بيوتهن خير لهن) والمرأة في بيتها طليقة تذهب إلى كل ناحية من البيت وتعمل حوائج البيت وتعمل لنفسها فأين الحبس أين السجن نعم هو سجن على من تريد أن تخرج وأن تكون كالرجل ومن المعلوم أن الله تعالى جعل للرجال خصائص وللنساء خصائص وميز بين الرجال والنساء خلقة وخلقا وعقلاً ودينا حسب ما تقتضيه حدود الله عز وجل ونقول إن المرأة التي تقول إن بقاء المرأة في بيتها سجن أقول إنها معترضة على قول الله تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) كيف نجعل ما أمر الله به سجنا لكنه كما قلت سجن على من تريد التبذل والالتحاق بالرجال وإلا فإن سرور البقاء في البيت هو السرور وهو الحياء وهو الحشمة وهو البعد عن الفتنة وهو البعد عن خروج المرأة للرجال لأن المرأة إذا خرجت ورأت هؤلاء الرجال هذا شاب جميل وهذا كهل جميل وهذا لابس ثيابا جميلة وما أشبه ذلك تفتتن بالرجال كما أن الرجال يفتتنون بالنساء فعلى النساء أن يتقين الله وأن يرجعن إلى ما قال ربهن وخالقهن وإلى ما قاله رسول رب العالمين إليهن وإلى غيرهن وليعلمن أنهن سيلاقين الله عز وجل وسيسألهن ماذا أجبتم المرسلين وهن لا يدرين متى يلاقين الله قد تصبح المرأة في بيتها وقصرها وتمسي في قبرها أو تمسى في بيتها وتصبح في قبرها ألا فليتقِ الله هؤلاء النسوة وليدعن الدعايات الغربية المفسدة فإن هؤلاء الغربيين لما أكلوا لحوم الفساد جعلوا العصب والعظام لنا نتلقف هذه العصب والعظام بعد أن سلب فائدتها هؤلاء الغربيون وهم الآن يئنون ويتمنون أن تعود المرأة بل أن تكون المرأة كالمرأة المسلمة في بيتها وحيائها وبعدها عن مواطن الفتن لكن أنى لهم ذلك أنى لهم التناوش من مكان بعيد أفيجدر بنا ونحن مسلمون لنا ديننا ولنا كياننا ولنا آدابنا ولنا أخلاقنا أن نلهث وراءهم تابعين لهم في المفاسد سبحان الله العظيم لا حول ولا قوة إلا بالله.

السؤال: ما حكم خروج المرأة للدروس والمحاضرات بدون محرم إذا كان المكان بعيداً؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس أن تخرج المرأة وحدها للدروس سواء كانت تدرس أو تتعلم أو للمحاضرات إذا أمنت على نفسها وأما ركوبها مع السائق وحده فحرام لا شك فيه لأن هذا خلوة واضحة وخلوة خطيرة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إياكم والدخول على النساء قالوا يا رسول الله أرأيت الحمو قال الحمو الموت) وقال صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) وأخبر أنه (لا يخلوا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) والخلوة بالسيارة خطيرة جدا لأن السائق يتحدث إليها ويضحك إليها وربما يركبها إلى جنبه فيغمزها عند الكلام فالأمر خطير جدا جدا فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تركب وحدها مع السائق حتى لو كان في وسط البلد.

تقول السائلة أنا امرأة متزوجة منذ ما يقارب سنة والآن هي عند أهلها لظروفها المرضية وقامت بأداء العمرة في شهر رمضان والحج في العام الماضي ولم تأخذ إذن الزوج ولم تستسمح منه مع العلم بأنها حاولت أن تخبره لكنه لم يكن موجوداً ولم تعرف مكانه فهل تأثم بذلك وهل العمرة والحج صحيح تقول مع العلم بأنه لا يوجد بيني وبين زوجي خلاف ولكنني أخبرت والده وأهله بذهابي مع والدي.

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الحج والعمرة فصحيحان لأنهما فرض والفرض لا يملك الزوج أن يمنع زوجته منه إذا تمت الشروط وأما كونها آثمة أو غير آثمة فإذا علمت أن زوجها يرضى بذلك فلا إثم عليها.
***

السؤال: ما الحكم في المرأة التي تخرج من بيت زوجها بدون إذنه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً هذا السؤال نوجه فيه نصيحةً قبل أن نجيب عليه وهو أننا ننصح جميع أخواتنا المؤمنات أن لا يخرجن من بيوتهن إلا في حاجةٍ لا بد من الخروج فيها لأن بيتها أصون لها وأبعد لها عن الفتنة وأسلم لدينها وخلقها وأحفظ لزوجها فلا ينبغي للمرأة أن تخرج إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك ثم إذا خرجت يجب أن لا تخرج متبرجةً بثيابٍ جميلة أو نعالٍ رفيعة أو رائحةٍ طيبة أو ما أشبه ذلك بل تخرج تفلةً متبذلة لابسةً ثياباً لا تجذب النظر ولا تجلب الفتنة
ثم نقول في الجواب على السؤال ثانياً إنه لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها بلا إذنه ولا لزيارة أقاربها فإذا كان يمنعها من الخروج فإنه لا يجوز لها أن تخرج إلا بإذنه وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا يحل لامرأةٍ أن تصوم وزوجها حاضر إلا بإذنه) والصيام عبادة فكذلك الخروج من باب أولى فلا يجوز لها أن تخرج من بيت زوجها حتى يأذن ويرضى بذلك ويجب على الزوج أن لا يأذن لها في الخروج في حالٍ تكون فيها فاتنة بثيابها أو رائحتها أو ما أشبه ذلك وأن يراعي هذا الطلب الذي تقدمت به للخروج هل هو خروجٌ لحاجة أو لا فإن كان لحاجة فليأذن لها بالشروط التي أشرنا إليها وإن كان لغير حاجة فليمنعها والله الموفق.
***

من الجمهورية العربية اليمنية يقول السائل هل يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها من غير إذن زوجها ثم هل يجوز لها أن تخرج من غير حجاب حتى وإن كان لبيت أبيها ثم أيضاً هل يجوز لزوج أختها أن ينظر إليها وهي من غير حجاب فأفيدونا بارك الله فيكم من هم الأرحام ومن هم الذين لا يجوز الذهاب إليهم نرجوا التوضيح في هذه المسألة مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب أما خروج المرأة من بيت زوجها فإنه لا يجوز إلا بإذنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه) فإذا منع النبي عليه الصلاة والسلام من الصيام وهو طاعة وقربة فإن منعها من الخروج من منزله بلا إذنه أولى والإذن قد تكون لفظيا بأن يأذن الرجل لزوجته لفظاً فيقول إذا شيءت أن تزوري أهلك فلا حرج وقد يكون عرفيا بحيث يدل العرف على الإذن بها كما لو كان من عادة هؤلاء القوم أن تخرج المرأة لقضاء الحوائج كشراء الخبز ونحوه فهذا إذن عرفي.
وأما كون المرأة تخرج بغير حجاب فإن هذا حرام أيضاً والواجب على المرأة إذا خرجت إلى السوق أن تخرج غير متطيبة ولا متبرجة بزينة ولا كاشفة لوجهها لأن ذلك من الفتن العظيمة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه منع المرأة من حضور المسجد إذا كانت متطيبة فقال صلى الله عليه وسلم (أيما امرأة أصابت بخوراًَ فلا تشهد معنا العشاء) وإظهار المرأة وجهها في الأسواق من أعظم الفتن ومن أعظم المصائب التي حلت في مجتمعات بعض المسلمين فإن هذه الفتنة العظيمة لم تقتصر على إخراج الوجه فقط بل صار النساء يخرجن الرؤوس والرقاب والنحور والأذرع ولا يبالين بذلك حتى اتسع الخرق على الراقع وصار ضبط النساء متعذراً أو متعسراً غاية العسر
وأما كشف المرأة لزوج أختها أو لغيره من الرجال الأجانب غير المحارم فإنه حرام ولا صلة بينها وبين زوج أختها بخلاف أم الزوجة فإن أم الزوجة محرم لزوج ابنتها فيجوز لها أن تكشف له
والمحارم هم كل من تحرم عليه المرأة تحريماً مؤبداً لقرابة أو رضاع أو مصاهرة فأما المحرمات بالقرابة فهنّ سبع ذكرهن الله تعالى في قوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ) وأما المحرمات بالرضاع فقد قال الله تعالى (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) فالأم من الرضاعة والبنت والأخت والعمة والخالة وبنات الأخ وبنات الأخت كلهن محارم لأنهنّ يحرمنّ من النسب وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وأما المحرمات من المصاهرة فهن أربع زوجات الآباء وإن علوا وزوجات الأبناء وإن نزلوا وأم الزوجة وإن علت وبنتها وإن نزلت قال الله تعالى (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً) وقال الله تعالى في جملة المحرمات (وأمهات نسائكم وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) فهؤلاء الأربع محرمات بالمصاهرة ويحرمن بمجرد العقد إلا بنات الزوجة وإن نزلنّ فلا يحرمن إلا إذا جامع أمهاتهنّ لقوله تعالى (وربائبكم اللآتي في حجوركم من نسائكم اللآتي دخلتم بهنّ فإن لم تكون دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم) فهؤلاء سبع من النسب وسبع من الرضاع وأربع من الصهر كلهنّ محارم لأنهنّ محرمات إلى الأبد لنسب ورضاع ومصاهرة.
***

السؤال: تقول هل يجوز للزوج أن يمنع زوجته من صلة أرحامها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للزوج أن يمنع الزوجة من صلة أرحامها لأن صلة الرحم واجبة والقطيعة من كبائر الذنوب ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إلا إذا كانت صلتها لأقاربها تتضمن ضرراً على زوجها مثل أن يكون الأقارب أهل شر وفساد ونميمة فيفسدوا بين المرأة وزوجها فحينئذٍ له أن يمنعها منهم أي من زيارتهم وصلتهم ويمكن أن يقال الصلة ليست خاصة بالزيارة ربما تصلهم بالهدايا أو غيرها مما يؤلف قلوبهم ويوجب المحبة على كل حال ليس للزوج أن يمنع امرأته من صلة رحمها الصلة المعروفة إلا إذا كان صلتها لأقاربها يتضمن ضررا عليها أو عليه فله أن يمنع ذلك.
***

السؤال: بارك الله فيكم الشيح محمد الشيخ محمد نحن عندما نتحدث عن سفر المرأة يتعلل الكثير من الناس في سفر المرأة بلا محرم بقصر المدة بالطائرة ووجود الركاب بها فيقول إنها مأمونة الفتنة ما تعليقكم على ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التعليق على ذلك ليس المقصود الأمن وعدم الأمن بدليل أن النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يستفصل في الحديث (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) ولو كان المدار على الأمن لاستفصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا ثم إن الأمن ليس أكيدا في سفر الطائرة
أولاً: لأن الطائرة ربما تقلع في الموعد المقرر وربما تتأخر لأسباب فنية أو جوية فتبقى المرأة في المطار هائمة تائهة لأن محرمها قد رجع إلى بيته بناء على أنها دخلت الصالة أو أذن لهم بركوب الطائرة ثم تأخرت الطائرة وإذا قدر أن هذا المحظور زال وأن الطائرة أقلعت متجهة إلى محل هبوطها فلا يؤمن أن تهبط في غير المكان الذي قرر فيه الهبوط لأنه يجوز أنه قد يتغير الجو فلا يمكنها الهبوط في المكان المقرر ثم تذهب الطائرة إلى مكان آخر لتهبط فيه وحينئذٍ تبقى هذه المرأة هائمة تائهة أو تتعلق بمن لا تؤمن فتنته وإذا قدرنا أنها وصلت إلى المطار التي قرر هبوطها فيه فإن محرمها الذي سيستقبلها قد يعوقه عائق عن وصوله للمطار إما زحام في السيارات وإما عطل في سيارته وإما نوم وإما غير ذلك فلا يأتي في موعد هبوط الطائرة وتبقى هذه المرأة هائمة تائهة وإذا كان الحج ليس واجباً لمن ليس عندها محرم فالأمر والحمد لله واسع وليس فيه إثم ولا ينبغي للمرأة أن تتعب نفسياً من أجل هذا لأنها في هذه الحال غير مكلفة به فإذا كان الفقير العادم للمال ليس عليه زكاة وقلبه مطمئن بكونه لا يزكي فكذلك هذه المرأة التي ليس عندها محرم ينبغي أن يكون قلبها مطمئنا لعدم حجها.
***

السؤال: تقول أسأل عن المرأة التي تعمل ولديها سائق ومعها عاملات تقوم بتوزيعهن على المدارس ثم بعد ذلك تذهب مع السائق إلى المنزل داخل المدينة هل هذا حرام أم جائز؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما إذا كان معها نساء فليس بحرام إذا كان السائق مأموناً وأما إذا خلت به وحدها فإن ذلك حرامٌ عليها لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى أن يخلو رجلٌ بامرأة) ولا فرق بين أن تكون المسافة بعيدة أو قصيرة في البلد وأما السفر بلا محرم فحرام ولو كان معها نساء.
***

السؤال: بارك الله فيكم ما حكم من تسافر من بلدٍ إلى آخر بدون محرم فقط لموعدٍ في المستشفى فهي لا زوج لها وأولادها صغار والكبير يجلس عند أخواته للمحافظة عليهم فلا تستطيع وضع البنات عند أحدٍ من الناس بسبب الدراسة فترجو منكم الإجابة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ما الذي ذهب بها أولاً إلى هذا المستشفى الذي ذهب بها أولاً إلى هذا المستشفى يذهب بها ثانياً إليه لكن قد يقال إنها نقلت من المستشفى الذي في بلدها إلى هذا المستشفى بدون الرجوع إلى محرم كما في طائرات الإخلاء الطبي فنقول إنه لا يجوز لها أن تسافر إلا مع ذي محرم ولا بد أن يكون للمرأة في الغالب خالٌ أو عمٌ أو أخٌ أو ابن أخٍ أو ابن أخت أو ما أشبه ذلك مما يمكنها أن تطلب منه أن يسافر معها إذا كانت ترى أنه لا بد من بقاء ابنها الكبير مع أبنائها الصغار وبناتها الصغار.
***

يقول ما الحكم الشرعي في سفر المرأة علماً بأنها سوف يكون معها محرم حتى المطار الذي سوف تسافر منه ثم ينتظرها محرم في المطار الذي سوف تصل إليه والمدة التي سوف تستغرقها في الطائرة بدون محرم مدتها ساعتان تقريباً فهل يحل لها السفر أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للمرأة أن تسافر بدون محرم لا في الطائرة ولا في السيارة ولا في السفينة لعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) أو (إلا ومعها ذو محرم) وهذا النهي للتحريم لأن ذلك هو الأصل فيما نهى الله عنه ورسوله ويدل لذلك أيضاً أنه ورد هذا الحديث معناه (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر) فقوله لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر صريح في التحريم وكونها تمضي إلى المطار بمحرم وينتظرها في المطار الذي تقدم إليه محرم هذا لا يبرر سفرها بدونه أي بدون المحرم لأنه من الجائز أن يكون للطائرة مانع يمنعها من الهبوط في المطار المنتظر هبوطها فيه فتطير إلى بلد آخر ومن الجائز أن يعرض لمحرمها المُسْتَقْبل عارض يمنعه من الخروج أو على الأقل من الوصول إلى المطار قبل هبوط الطائرة ومن الجائز أيضاً أن يُغرر بالمرأة عند نزولها من الطائرة فُيْذَهب بها إلى غير ما تريد كما وقع المهم أنه لا يجوز للمرأة في أي حال من الأحوال أن تسافر إلا ومعها ذو محرم لا في الطائرة ولا في السيارة ولا في السفينة.
***

السؤال: تقول بالنسبة يا فضيلة الشيخ لسفر المرأة مع طفل عمره السابعة أو الثامنة في الطائرة هل يعتبر هذا الطفل محرم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يقول العلماء رحمهم الله إنه يشترط في المحرم أن يكون بالغاً عاقلاً لأن هذا هو الذي يمكنه صيانة المرأة وحمايتها والمدافعة عنها وهو الذي يوجب هيبتها عند الناس أما الطفل الصغير فإنه لا يغني المرأة شيئاً ولهذا لا يجوز للمرأة أن تسافر مع محرمٍ صغير بل عليها أن تختار محرماً بالغاً عاقلا كما قال ذلك أهل العلم رحمهم الله والعجب أن بعض النساء اليوم يتهاون بالسفر في الطائرة بحجة أن الطائرة مملوءة بالركاب وأن المسافة قريبة وأنها سوف تشيع من البلد الذي سافرت منه وتستقبل في البلد الذي توجهت إليه ولكن هذا تهاون وتساهل في حدود الله عز وجل وذلك لأن هذه المرأة سوف يودعها من يشيعها من المطار إذا دخلت صالة الاجتماع فإذا دخلت صالة الاجتماع فقد تتأخر الطائرة عن السفر في الموعد المحدد وربما تلغى الرحلة للأحوال الجوية أو لعطلٍ فني أو لما أشبه ذلك فمن الذي يردها إلى أهلها ثم إذا قدرنا أن الطائرة أقلعت فهل نضمن مائة بالمائة أن تهبط في المطار الذي قصدته ربما يعتريها خلل فني ترجع الطائرة من أثناء الطريق أو تذهب إلى مطارٍ أقرب من المطار الذي قصدته وربما تحدث أحوالاً جوية تمنع الطائرة من الهبوط في المطار الذي قصدته وإذا قدرنا أن هذا قد انتفى وأنها هبطت الطائرة في المطار المعين المقصود فهذا المحرم الذي كان بصدد أن يقابلها هل نحن نضمن أن تتم المقابلة مائة بالمائة ربما يصيب هذا المحرم مرض لا يستطيع معه الحضور إلى المطار ربما ينام ربما تتعطل السيارة في أثناء الطريق ربما يحصل زحام في الطريق وأشياء كثيرة يحتمل أن تقع وتمنع وصوله إلى المطار ثم إذا قدرنا أن كل هذا انتفى فمن الذي يكون إلى جانبها في الطائرة قد يكون إلى جانبها رجلٌ غير مأمون فالمسألة خطيرة وإذا قدرنا أن مثل هذا لا يقع إلا واحد في العشرة يعني عشرة في المائة فإن الشرع له نظرٌ بعيد في حماية الأعراض واجتناب الأخطار لا سيما في مثل هذه الأمور التي تعتبر فتنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء) (وأخبر أن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى يومنا هذا وفتنة الكفار في النساء وفتنة بعض المسلمين كذلك في النساء فالمسألة خطيرة وإنني أحذر أخواتي وأولياء أمورهن من التهاون بهذا الأمر العظيم وأقول وإن رخص بعض العلماء في مثل ذلك فالمرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد (خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة قال فيها لا تسافر امرأةٌ إلا مع ذي محرم فقام رجلٌ فقال يا رسول الله إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وإن امرأتي خرجت حاجة قال انطلق فحج مع امرأتك) هكذا أعلن ولم يستثن شيئاً فإن قال قائل إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يعلم حدوث مثل هذه الوسائل في المواصلات السريعة التي أمنها كثير قلنا إن قدرنا أنه لم يعلم بذلك فإن الله تعالى قد علم به ولم ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم وحياً يستثني مثل هذه الحالات على أن قول الله تعالى (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلف ما لا تعلمون) توحي بأن هناك أشياء ستحدث لا نعلمها تركب وهذا هو الواقع فإذا كنا نحن نفهم هذا الفهم من كلام الله فرسول الله صلى الله عليه وسلم أقوى منا فهماً وأشد.
***

تقول هذه السائلة إنها تعمل هنا في المملكة وموفر لها السكن فهل عملي بعيداً عن زوجي وأولادي خطأ طبعاً أنا سافرت بموافقة زوجي من أجل مساعدة أولادي في شراء بيت لهم والقيام بتعليمهم فهل هذا المال حرام وهل سفري لوحدي حرام وأنا مقتنعة داخلياً بحديث الرسول ? بعدم سفر المرأة لوحدها وهل إذا سافر معي زوجي ورجع ثاني إلى مصر وتركني لعملي وحدي فهل إقامتي في سكني المُؤَمَّن حرام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما سفرها بلا محرم حرام وكونها تعتقد أنه حرام ثم تخالفه هذا أشد بلاء وأشد إثماً لأنها بمنزلة من يقول سمعنا وعصينا والواجب عليها أن تهيئ لزوجها مصاحبة معها في السفر والإقامة ولابد أن تجد لزوجها شغلاً في هذه البلاد وإن لم تجد فإنه يكون مرافقاً لها كما هو متبع في هذه البلاد والحمد لله أنه إذا احتيج إلى المرأة للتدريس فإنه لابد أن تأتي بمرافق لها إما زوج أو محرم.
***

السؤال: يقول في رسالته هل يجوز للمرأة أن تترك زوجها وأولادها الصغار وتذهب للعمل في دولة أخرى بعيدة عنهم وما هي المدة التي يسمح بها الإسلام لبعد الزوجة عن بعلها وهل هناك ضرر من ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم لا يحل للمرأة أن تسافر إلا بإذن زوجها ولا يحل لها إذا أذن لها أن تسافر إلا بمحرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى أن تصوم المرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه) فكيف بسفرها ومغادرتها زوجها وترك أولادها عند الزوج يتعب فيهم وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه (نهى أن تسافر المرأة بدون محرم) وللزوج أن يمنع زوجته من السفر سواء كان سفرها للعمل أم لغير العمل لأن الزوج مالك بل قد قال الله تعالى (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ) سيدها يعني زوجها فله السيادة عليها وله أن يمنعها من السفر بل له أن يمنعها من مزاولة العمل حتى في البلد إلا إذا كان مشروطاً عليه عند العقد فإن المسلمين على شروطهم وعلى هذه المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن تكون مطيعة لزوجها غير مغضبة له حتى يكون الله عليها راضياً وبهذا يتبين الجواب عن قولها وكم مدة تبقى بعيدة عن زوجها فإنه ليس هناك مدة لابد أن تبقى مع زوجها فإن أذن لها في وقت من الأوقات وسافرت مع محرم ومع أمن الفتنة فالخيار بيده يأذن لها ما شاء.
***

خروج المرأة وسفرها

السؤال: تسأل عن حكم الرقص في الزواجات أمام النساء فقط؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الرقص مكروه حتى أمام النساء وقد بلغنا أشياء مزعجة حيث إن بعض النساء تكون رشيقة سريعة التثني فتوقع الفتنة والشهوة في قلوب بعض النساء الحاضرات حتى بلغني أن منهن من يقوم إلى هذه الراقصة ويحتضنها ويقبلها من النساء أنفسهم فلا نرى جواز الرقص في الحفلات لا في الزفاف ولا في غيره.
***

السؤال: تقول هل الرقص جائز إذا كان بين النساء وإذا كان مصحوبا بالغناء الحلال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أرى الرقص من فتاة تفتن النساء برقصها وقد سمعنا أنه جرى أشياء منكرة إذا قامت الفتاة الشابة تتكسر وتتلوى راقصة وأن بعض النساء قد تقوم تعتنقها وتضمها وتقبلها وهذه فتنة أما المرأة الكبيرة العجوز التي لا يؤبه لها كثيرا فأرجو ألا حرج عليها إذا قامت ترقص.
***

حكم الرقص

السائل أحمد صالح من جدة يقول هل حديث (من صلى الصبح في جماعة ثم جلس يذكر الله) إلى آخر الحديث يخص المرأة وخاصة أنها تصلى في البيت منفردة وليست في جماعة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث الوارد فيمن صلى الصبح في جماعة ثم جلس في مصلاه يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين يعني بعد ارتفاعها قيد رمح فهو كأجر حجة وعمرة تامة تامة بعض العلماء لا يصححه ويرى أنه حديث ضعيف وعلى فرض أنه صحيح يراد به الرجال فقط وذلك لأن النساء لا يشرع في حقهن الجماعة فيكون خاصا فيمن تشرع في حقهم الجماعة وهم الرجال لكن لو جلست امرأة في مصلى بيتها تذكر الله عز وجل إلى أن تطلع الشمس وترتفع قيد رمح ثم تصلى ركعتين فيرجى لها الثواب على ما عملت ومن المعلوم أن الصباح والمساء كلاهما وقت للتسبيح وذكر الله عز وجل قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) .
***

السؤال: تقول عندي خادمة غير مسلمة وغير كتابية في المنزل هل هذا حرام عليّ علماً بأنني آمرها بلبس الحجاب ويمتثلون لذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن الخادم المسلم من ذكر أو أنثى خير من الخادم الكافر لقول الله تبارك وتعالى (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ ولو أعْجَبَكُم) وقوله (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) ولا ينبغي للإنسان أن يستقدم خادماً غير مسلم مع تمكنه من استقدام الخادم المسلم ثم إنه لابد فيما إذا كانت الخادم امرأة أن يكون لها محرم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى عن أن تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) ولكن من ابتلي بخادم غير مسلم من رجل أو امرأة فليعرض عليه الإسلام وليدعوه إليه وليرغبه فيه وليؤلفه عليه ولو بزيادة الراتب أو إعطاء دراهم زائدة على الراتب لأن ذلك من الدعوة إلى الله وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي بن أبي طالب (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) .
***

السؤال: أعرض عليكم ما ذهب إليه بعض من الناس من التحاق بناتهم بوظيفة مدرسة بغير المدينة التي تقيم بها حيث يرون أنهم قد احتاطوا مع من يثقون بهم من أصحاب سيارات الأجرة بالإضافة إلى وجود مرافقة معه إما أخته من الرضاع أو شقيقته أو زوجته يعني أخت السائق أو شقيقته ويخشون أيضاً أنهم لو منعوهن قد يحصل لهنّ ردة فعل كما يرون أن بعض طلبة العلم وهم قدوة قد سمحوا لبناتهم في مثل ذلك فهل يستنتج من مثل ذلك أن المسافات التي من ستين كيلو فما دون جائز فيها سفر المرأة دون أن يكون معها محرم رجل أفيدونا أفادكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من المعلوم نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سفر المرأة بدون محرم فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا تسافر امرأةٌ إلا ومعها ذو محرم) وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم سواءٌ كان سفرها لطاعة أو تعليم علم أو غيرهما والمحرم معروفٌ من هو ولا فرق بين أن تكون وحدها أو مع نساء ولا فرق بين أن تؤمن الفتنة أو لا تؤمن لإطلاق الحديث وعمومه فلا يحل للمرأة أن تسافر بدون محرم ولكن يبقى النظر هل ذهاب النساء إلى القرى المجاورة لبلادهن ورجوعهن في نفس اليوم هل يعتبر ذلك سفراً أم لا نقول في ذلك إذا اعتبرنا أن الحديث مطلق ولم يقدره النبي صلى الله عليه وسلم بمدة معينة إلا في أحاديث اختلفت فيها تقدير المدة وحملها أهل العلم على أن المراد بهذا الاختلاف اعتبار حال السائل لأجل أن لا يحصل بينها اضطرابٌ واختلاف ويبقى الحديث مطلقاً أي عاماً في كل سفر حتى في قليل السفر وكثيره إلا أننا نقول إن ذهاب المرأة للتدريس ورجوعها في يومها لا يعتبر سفراً فإنه كما لو ذهب الرجل لوظيفته في قريةٍ مجاورةٍ لبلده ورجع من يومه فإنه لا يعد بذلك مسافراً وعليه فهؤلاء المدرسات اللاتي يخرجن إلى القرى المجاورة إذا كان معهن نساء كما هو في نفس السؤال وقد أمنت الفتنة وسيرجعن في يومهن فإن هذا لا يعتبر سفراً وعليه فلا بأس من ذلك لا بأس أن يذهبن إلى القرى المجاورة بدون محرم إذا كن يرجعن في نفس اليوم لأن ذلك لا يعتبر سفراً ولا يتأهب له الإنسان أهبة السفر ولا يقول الناس إنه مسافر.
***

السؤال: سؤالها الثاني تقول كيف تدعو المرأة إلى الله إذا كان لديها علم وحماس وتريد أن تدعو إلى الله فما هي الطريقة التي تتبعها وما هي المجالات التي تستطيع أن تدعوا إلى الله فيها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الطريقة التي تتبعها هي ما أمر الله به في قوله (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وأما المجالات فهي مجامع النساء كالمدارس وغيرها تحضر إليهن وتدعوهن إلى الله عز وجل ولكل مقام مقال بإمكانها أن تعرف هل المقام يقتضي الترغيب أو الترهيب أو الجمع بينهما بحسب الحال فمجالات عملها إنما هو مجامع النساء فقط أما مجامع الرجال فإنه للرجال.
***

السؤال: السائل يقول إن له خالات كبار في السن قد تصل أعمارهن إلى الخمسين والستين يقول هل يجوز لهن الكشف على والدي وهل هن من القواعد من النساء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل لهن أن يكشفن لوالدك لأنه لا محرمية بينه وبينهن لكن هو ذكر عمات وخالات، الخالات أخوات أمه لا علاقة بينهن وبين أبيه والعمات أخوات أبيه فيكشفن له لأنه أخوهن وأما أنهن من القواعد فالمرأة إذا بلغت الخمسين قد تكون من القواعد وقد لا تكون حسب حالها وصحتها والضابط ما ذكره الله عز وجل في قوله (اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً) يعني إنها بلغت من السن مبلغاً صارت فيه هزيلة وزال ماء وجهها وصارت لا ترجو أن يتزوجها أحد هذه هي التي ليس عليها جناحٌ أن تكشف وجهها وكفيها لغير المحارم.
***

السؤال: يقول إذا وجدت المرأة في الطريق الذي يكون فيه رجال كثر ورقة بها لفظ الجلالة فهل تنحني لأخذها أم تتركها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم تنحني لأخذها ولا حرج إلا إذا كان هناك زحام فهنا لا تنحني لأنها لو انحنت صار في ذلك فتنة.
***

السؤال: المستمع يقول النساء في القرية عند خروجهنّ للمزارع أو خارج البيوت فإنهنّ يلبسنّ أحسن الملابس ويتعطرنّ وفي بيوتهنّ مع أزواجهنّ نجدهنّ لا يبدين الاهتمام بهذا وإذا حاولنا أن ننصحهنّ فلا يستمعنّ القول؟

فأجاب رحمه الله تعالى: خروج المرأة إلى السوق متطيبة متبرجة بالثياب الجميلة الفاتنة خروج محرم لا يحل لما في ذلك من الفتنة بها ومنها وعلى وليها أن يمنعها من الخروج على هذا الوصف سواء كان زوجها أم أباها أم أخاها لأن هذا تبرج وقد قال الله تعالى (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) ونصيحتي لهنّ أي لهؤلاء النساء اللاتي يخرجنّ إلى السوق بهذه الملابس وهذه الأطياب أن يتقين الله في أنفسهنّ وفي أمتهنّ فإنهنّ إذا خرجن إلى السوق بهذه الملابس افتتن الناس بهنّ وصرن كلام الناس فالواجب عليهنّ أن يتقين الله سبحانه وتعالى وألا يخرجنّ متطيبات ولا متجملات.
***

تقول السائلة ما الحكم إذا تبخرت المرأة وخرجت من بيتها هل الحالة في ذلك مثل حالتها إذا خرجت متعطرة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا بقيت رائحة البخور فلا فرق بين البخور وبين الدهون أما إذا لم تظهر كما هو الغالب أن البخور لا يظهر إلا لمن دنى جداً من الإنسان وشم لباسه فهو لا شك أدنى من الدهن ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا صلاة العشاء) ولم يقل فلا تخرج من بيتها فالمهم أنه إن كانت رائحة البخور فائحة تشم إذا مرت من عند الرجال فحرام عليها وإلا فلا.
***

يقول السائل إذا خرجت المرأة مع زوجها أو محرمها إلى السوق متحشمة وذلك لقضاء بعض حاجتها التي لا يمكن قضاؤها إلا بوجودها فما الحكم في ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحكم في ذلك أي في خروج المرأة مع زوجها لشراء حاجاتها من السوق وهي متحجبة متحشمة أنه لا بأس به ولا حرج وعليه أن يلاحظها في أثناء السير وفي أثناء الوقوف عند الدكاكين والمحلات ليكون حافظاً لها وصائناًً لها.
***

السؤال: تقول هل يجوز للمرأة أن تذهب إلى الأسواق لوحدها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا ليعلم أن خروج المرأة إلى الأسواق غير مرغوب فيه وأن بقائها في بيتها خير لها ولكن إذا احتاجت إلى الخروج إلى السواق لحاجة لا يقضيها إلا هي فإنها تخرج ولا حرج عليها أن تخرج بلا محرم لأن هذا ليس سفرا ولا خلوة وفي حال خروجها الذي تحتاج إليه يجب أن تخرج غير متطيبة ولا متبرجة بزينة وأن يكون عليها الوقار في مشيتها وغض الصوت في مخاطبتها للرجال الذين تحتاج إلى مخاطبتهم كأصحاب الدكاكين الذين تحتاج إلى الشراء منهم وما أشبه ذلك وأما ما يفعله بعض النساء نسأل الله لنا ولهم الهداية من الخروج متطيبات وفي لباس جميل لا تغطيه إلا عباءة ربما تكشفها وربما تكون خفيفة يرى من ورائها الثياب قال الله تبارك وتعالى لنساء نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وهن أعف النساء وأطهر النساء قال لهن (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ففي قوله (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ) دليل على أن النهي عن التبرج والأمر بالقرار في البيوت من أجل حفظ المرأة عن الرجس والدناءة والفاحشة وبيوتهن خيرن لهن.
***

السؤال: السائل يقول ما حكم ذهاب المرأة للسوق وماذا تنصحون النساء يا فضيلة الشيخ اللاتي يكثرن الذهاب إلى الأسواق؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أنصح به أخواتنا المسلمات ألا يكثرن الذهاب إلى الأسواق لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (بيوتهن خير لهن) قاله وهو يتحدث عن مجيء المرأة إلى الصلاة في المساجد قال (بيوتهن خير لهن) وإذا كان هذا فيمن تأتي إلى الصلاة فكيف بمن تخرج للأسواق بلا حاجة فإنها ربما تعرض نفسها للفتن أن تفتتن هي أو يفتتن بها فنصيحتي لأخواتي المسلمات أن يلزمن البيوت ما استطعن إلى ذلك سبيلا ولا أدب أحسن من تأديب الله تعالى لأمهات المؤمنين رضي الله عنهم حيث قال لهن (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) وبناء على ذلك نقول إن احتاجت المرأة للخروج إلى السوق فلتخرج لكن تخرج غير متطيبة ولا متبرجة بزينة ولا كاشفة عن وجهها أو ما يجب ستره بل ولا ماشية مشية الرجال ولا ضاحكة في الأسواق ولا رافعة للصوت ولا خاضعة بالقول المهم لابد من شروط وأما ما يقع من بعض النساء من الخروج بلا حاجة أو الخروج متطيبة أو متبرجة أو ماشية مشية الرجل أو ضاحكة مع زميلتها أو رافعة صوتها أو خاضعة بالقول في مخاطبة الرجال كل هذا من الأمور المحرمة ولا يغرك أيتها المرأة المسلمة الدعاية الباطلة من أعدائك الذين يريدون أن تكوني كالرجل في هذه الأمور فإن الله سبحانه وتعالى فرق بين الرجال والنساء في الخلقة في العقل في الذكاء في التصرف حتى إن الله تعالى قال (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) وقال عز وجل (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ثم قال (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) فلم يجعل المرأة مساوية للرجل لكن أعداؤك وأعداء الأخلاق وأعداء الإسلام يريدون منك أن تقومي مقام الرجال وأن تشاركي الرجال في أعمالهم وأن تخالطيهم لأن هؤلاء فسدوا فأرادوا إفساد غيرهم ولهذا هم الآن يئنون تحت وطأة هذا الخلق ويتمنون بكل طاقتهم أن يتحولوا إلى أخلاق الإسلام في هذا لكن أنى لهم ذلك وقد انفرط السلك بأيديهم وبعدت الشقة ثم إنهم يعلمون أو لا يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) وصدق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإياك إياك أيتها الأخت المسلمة أن تنخدعي بمثل هذه الدعاية الباطلة وكوني كما أراد الله أن تكوني (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) وإذا كان الله تعالى يخاطب أعف نساء العالمين في عصر هو خير العصور وفي قوم هم خير الناس فما بالك بحال الناس اليوم مع هذه الفتن العظيمة أقول إذا كان الله يخاطب نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا الخطاب فإن نساء اليوم يتوجه إليهن الخطاب بهذا أكثر وأكثر لكثرة الفتن وسوء الحال أسأل الله تعالى أن يحمي المسلمين من مكائد أعدائهم وأن يجعل كيد أعدائهم في نحورهم وأن لا يقيم لهم قائمة في صد الناس عن سبيل الله وعن دين الله.
***

السؤال: المستمعة تقول ما رأيكم يا شيخ محمد في خروج المرأة إلى السوق لقضاء حاجتها وتكون في حجاب ساتر لا يظهر منها شيء ولا تذهب في أوقات ازدحام الرجال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نظري في هذا أنه لا بأس أن تخرج المرأة إلى السوق للحاجة وهي متحجبة غير متبرجة بزينة ولا متطيبة وتكون بعيدة عن مواقع الفتنة ثم ترجع إلى بيتها من حين قضاء حاجتها.
***

السؤال: يقول ما هو مجال العمل المباح الذي يمكن للمرأة المسلمة أن تعمل فيه بدون المخالفة لتعاليم دينها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المجال العملي للمرأة أن تعمل فيما تختص به النساء مثل أن تعمل في تعليم البنات سواء كان ذلك عملاً إدارياً أو فنياً وأن تعمل في بيتها في خياطة ثياب النساء وما أشبه ذلك وأما العمل في مجالات يختص بها الرجال فإنه لا يجوز لها أن تعمل حيث إنه يستلزم لها الاختلاط بالرجال وهي فتنةٌ عظيمة يجب الحذر منها ويجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه أنه قال (ما تركت بعدي فتنةٌ أضر على الرجال من النساء وإن بني إسرائيل فتنوا بالنساء) فعلى المرء أن يجنب أهله مواقع الفتن وأسبابها بكل حال.
***

السؤال: تقول هل يجوز لي فضيلة الشيخ أن أركب مع زوج أختي في سيارته ويقوم بتوصيلي إلى البيت إذا أتيت عند أختي مع العلم أن زوج أختي يقوم بسؤالي ويتكلم معي فهل يجوز لي أن أركب معه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان معكما أحد كزوجة الأخ مثلاً أو أي شخص آخر وكان هذا الأخ مأموناً فلا بأس وأما إذا كان وحده فإن هذا خلوة وقد (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخلو الرجل بالمرأة إلا مع ذي محرم) .
***

السؤال: السائلة تقول سمعت أنه يجوز للمرأة أن تعمل في البيع والشراء فهل هذا جائز مع التزامي بالحجاب؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز أن تتعامل المرأة بالبيع والشراء والتأجير والإيجار بشرط ألا يترتب على ذلك محظور شرعي ومازال المسلمون يعملون ذلك فهاهي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها جاءتها بريرة تستعينها على مكاتبتها ثم اشترتها عائشة من أهلها وكذلك الناس الآن في الأسواق تأتي المرأة وتشتري من صاحب الدكان فيبيع عليها وكذلك قد تكون المرأة لها عقار تؤجره المهم أن بيع المرأة وشرائها لا بأس به لكن بشرط ألا يترتب عليه محظور شرعي فإن ترتب عليه محظور شرعي بحيث تختلط بالرجال اختلاطا محرما فإن ذلك لا يجوز
***

السؤال: تقول لو خرجت المرأة للعمل بدون محرم وتركت أولادها عند أمها برضا زوجها لضرورة الحياة وهي محجبة ومحافظة على أمور دينها محافظة على غياب زوجها فهل هي آثمة في حق أولادها أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: فإن خروج المرأة عن أولادها وبيت زوجها إلى العمل هذا أمر خطير جداً لأن المرأة ليست بحاجة إليه أي إلى التكسب بالعمل إذ أن زوجها مأمور بالإنفاق عليها لقول الله تعالى (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ) وهو الزوج (رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته عام حجة الوداع في عرفة (لهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) ولقوله تعالى (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) ولم يقل الله من قُدر عليه رزقه فلتكن زوجته معه تكتسب فالإسلام نظام مُتَكامل يُحِّمل كل إنسان ما يليق بحاله فعلى الزوج النفقة وعلى الأم الرعاية في البيت فإذا كانت هذه المرأة تريد أن تكون من الطراز الأول فإن عليها أن تعود إلى بيتها وتكون مربية لأولادها حتى لا تحرم أولادها شفقة الأمومة فإن الجدة وإن كانت ذات شفقة لكن شفقة الأم أقوى وكذلك لا تحرم نفسها من أولادها يرونها بينهم ويشتكون إليها وزوجها هو الذي يكتسب وينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها هذا ما أشير به عليها أن تعود إلى البيت وأن ترعى أولادها وزوجها كما قال الله سبحانه وتعالى (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) ولكن إن أبت إلا أن تعمل فلا حرج عليها أن تعمل في حقل نسائي لا في حقل الرجال لأنها مهما بلغت من العفة والصيانة والاحتجاب فإنها لن تسلم من الفتنة إما منها أو بها فلهذا لا نرى جواز عملها مع الرجال في أي عمل من الأعمال بل إذا كان ولابد فإنها تشتغل في حقل النساء كمدارس البنات وما أشبهها وأما إن كان أولادها يُضطرَون إليها بحيث تكون الجدة عاجزة عن القيام بما يجب نحوهم فإنه لا يجوز لها إطلاقاً أن تخرج حتى ولا إلى العمل في حقل نسائي لأنها تكون قد أضاعت أمانتها في هذه الحال حتى لو وفرت الخادمة لأن الخادمة لا يكون عندها العطف والحنو والإشفاق الذي يكون عند الأم ثم إذا وفرت خادمة فالخادمة ستحتاج إلى أجرة وإلى نفقة وقد تكون أجرة الخادمة أقل من أجرة اكتساب هذه المرأة في عملها وهو الغالب وقد تكون مثلها وقد تكون أكثر وإن كان الغالب أن أجرة الخادمة أقل فهي تريد أن تكتسب لتوفر لنفسها شيئا ولكن مع ذلك لا نرى لها هذا لأن الخادمة بلا شك مهما كانت من الدين والأمانة لن تقوم بما تقوم به الأم أو الجدة أو المرأة القريبة.
***

السؤال: ذهاب المرأة للطبيب للعلاج ما حكمه يا فضيلة الشيخ؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا احتاجت إلى العلاج ولم يوجد إلا ذكَر يعالجها فلا بأس أن يعالجها الذكر لكنه لا يخلو بها بل لابد أن يكون عندها محرم لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم) .
***

هل يجوز الذهاب إلى دكتور مختص في الأمراض التناسلية مع أخت أو أم أو يجب أن يكون معي زوجي؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للمرأة أن تذهب إلى طبيب يكشف عليها ما لا يجوز إظهاره للرجال إلا إذا كان هناك ضرورة بأن لا توجد أنثى تقوم مقامه فإذا كانت ضرورة فلا بد من شرط آخر وهو ألا يخلو بها في مكان الكشف عليها أو عمليتها بل لابد أن يكون معها محرم من زوج أو غيره أو يكون هناك أنثى أو أنثيان معها بشرط أن يكون الطبيب مأمونا وذلك أن الخلوة بالمرأة غير ذات المحرم محرمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يخلون رجل بامرأة) (وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)
***

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تذهب للطبيب وذلك للمعالجة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا احتاجت إلى هذا فلا بأس لكن بشرط أن يكون الطبيب مأمونا وأن لا يخلو بها فإن لم يكن مأمونا فلا تذهب إليه وإن خلا بها فلا تذهب إليه.
***

السؤال: يقول هل يجوز أن يكشف الطبيب الرجل على المرأة على بعض أعضاء جسدها أو العورة مع العلم أن هذا المرض غير خطير ويمكن أن تكشف عليها امرأة من الطبيبات الموجودات؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان يمكن أن تعالج المرأة امرأة أخرى فإنه لا يجوز أن تذهب إلى الطبيب ليعالجها لا سيما في المسائل التي تكون من العورة وذلك لأن كشف العورة لمن لا يحل كشفها له لا يجوز إلا عند الحاجة وإذا كان ثمت امرأة يمكن أن تعالج هذه المرأة فإنه لا حاجة حينئذ إلى الرجل ولا يجوز للرجل أيضاً أن يستقبل من النساء من يعالجهن في حال لا يجوز له ذلك إذا كان يوجد غيره من النساء من يقوم بهذه المهمة فالتحريم يكون من جهة المريض ومن جهة الطبيب المرأة المريضة إذا وجدت امرأة تقوم باللازم فإنها لا تذهب إلى الرجال والرجل الطبيب إذا جاءت إليه امرأة وفي المستشفى امرأة تقوم بالواجب فإنه لا يجوز له استقبال النساء في هذه الحال وأما إذا لم يكن هناك امرأة فإنه يجوز للرجل أن يعالج المريضة ويجوز للمريضة أن تذهب إلى الرجل لأن هذا حاجة.
***

السؤال: تقول ما حكم ذهاب المرأة إلى طبيب للنساء رجل نظراً لما عرف عنه من مهارة في تخصصه أم يجب أن تكون امرأة نرجوا الإفادة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان هناك طبيبة امرأة فلا تتعدها إلى غيرها من الرجال وأما إذا لم يكن طبيبة حاذقة وخشيت أن تلعب بها هذه الطبيبة وذهبت إلى طبيب حاذق فلا بأس لكن بشرط أن يكون معها محرم لأنه لا يجوز للإنسان أن يخلو بامرأة لا طبيب ولا غيره.
***

السؤال: تقول ما حكم الشرع في نظركم فضيلة الشيخ في ذهاب المرأة للكشف عند طبيب؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا دعت الحاجة إلى كشف طبيب رجل على امرأة مريضة فلا حرج في هذا لكن بشرط أن ينظر منها ما يحتاج إلى النظر فقط بدون زيادة وشرط ثانٍ أن يكون معها محرم لئلا يخلو الطبيب بها وشرط ثالث أن يكون الطبيب مأموناً معروفاً بالعفة فإن كان معروفاً بخلاف ذلك فلا. الشرط الرابع وهو الأصل أن تكون محتاجة إلى ذلك إذاً فالشروط أربعة أن تكون محتاجة لذلك وأن لا ينظر منها إلا ما يحتاج إلى النظر إليه وألا يخلو بها وأن يكون مأموناً.
***

السؤال: تقول لدينا سائق وأنا دائما أركب معه ويقوم بتوصيلي إلى أي مكان أطلبه وعند ركوبي معه فإنني أستمع دوما إلى إذاعة القرآن الكريم وإلى الأشرطة النافعة وفي بعض الأحيان آخذ معي شخص أو أحد أولاد إخوتي فما حكم ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للمرأة أن تركب مع السائق وحدها إذا لم يكن من محارمها لأن ذلك خلوة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم النهي عن خلوة الرجل بالمرأة وأخبر (أنه ما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) أعوذ بالله وركوب السيارة وحدها مع السائق خلوة بلا شك ولا يبرر ذلك أن تقول المرأة أن المسافة قصيرة من بيت إلى بيت فقط ولا يبرر ذلك أن تقول إن السائق أمين لأن الشيطان إذا كان ثالث الرجل والمرأة فلا أمانة إلا أن يشاء الله ولا يبرر ذلك أن تقول إنها تستمع إلى إذاعة القرآن أو إلى أشرطة دينية لأن كونها تستمع إلى إذاعة القرآن أو إلى أشرطة دينية وهي تعصي الله تناقض لأن حق المستمع إلى القرآن أو إلى الأشرطة الدينية أن يمتثل أمر الله ورسوله وأن يجتنب ما نهى الله ورسوله.
***

السؤال: يقول ما حكم ركوب المرأة مع السائق الأجنبي؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المراد بالأجنبي هو من ليس محرماً للمرأة ولو كان من أهل البلد وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال (لا يخلون رجلٌ بامرأة) وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال (إياكم والدخول على النساء قالوا يا رسول الله أرأيت الحمو يعني أقارب الزوج قال الحمو الموت) وهذا غاية ما يكون من التنفير عن خلوة الحمو الذي هو قريب الزوج بالمرأة.
***

السؤال: تقول هل المرأة محرمٌ لمرأة أخرى مع رجل أجنبي؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المرأة لا تكون محرما للمرأة لكن تزول بها الخلوة وعلى هذا فإذا سافرت امرأة مع رجل ليس من محارمها ومعها امرأة فإن ذلك حرام على المرأتين جميعا إلا إذا كان الرجل محرما لإحداهما فإنه لا يحرم على المرأة التي كان محرماً لها أن تسافر معه لكنه حرام على المرأة الأخرى هذا بالنسبة للسفر لأنه لا يجوز لامرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم.
وتهاون بعض الناس في هذه المسألة اليوم مما يؤسف له فإن بعض الناس صار يتهاون فتسافر المرأة بلا محرم ولا سيما في الطائرات تجد المرأة تحضر إلى المطار وتركب الطائرة وليس معها محرم، ولا أدري ما جواب هذه المرأة يوم القيامة إذا وقفت بين يدي الله عز وجل وسألها ماذا أجابت الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) أظن أنه لا جواب لها لأن كل واحد يعلم أن السفر في الطائرة سفر وإذا كان سفرا فما الذي أحل لها أن تسافر بلا محرم يقول بعض الناس نُحضِر المرأة إلى المطار الذي تقلع منه الطائرة وندخلها في قاعة الانتظار وربما نمشي معها إلى أن تدخل الطائرة ويتلقاها محرمها حين تهبط الطائرة في المطار المقصود فيقال إن الفتنة غير مأمونة حتى في هذه الصورة لأنه من الجائز أن تقلع الطائرة من المطار ثم يحصل خلل فني أو تغير جوي يوجب أن تهبط الطائرة في مطار غير المقصود أولاً وحينئذ أين المحرم؟ وإذا قدرنا أنه لم يحصل ذلك وأن الطائرة اتجهت إلى المطار الذي تقصده وهبطت فيه فهل من المتيقن أن يوجد المحرم الذي كان يريد أن يتلقاها؟ الجواب لا قد يحدث له مرض أو نوم أو زحام سيارات أو غير ذلك فالمسألة هذه خطيرة خطيرة جدا، خلاصة ما أقول إن أي امرأة تريد سفرا فيجب أن يكون معها محرم بالغ عاقل أما الخلوة في البلد فلا يجوز للمرأة أن تخلو بالسائق في السيارة ولو إلى مدى قصير لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) ولكن إذا كان مع المرأة امرأة أخرى وكان السائق أمينا فهنا لا خلوة فلا حرج أن تركب في السيارة هي والمرأة ما دام أن ركوبها ليس سفرا وحينئذ نقول زالت الخلوة بالمرأة المصاحبة ولا نقول إن المرأة المصاحبة كانت محرما بل نقول إن الممنوع في البلد أن يخلو الرجل بالمرأة بخلاف السفر فإن السفر الممنوع أن تسافر المرأة بلا محرم وبين المسألتين فرق واضح.
***

السؤال: تقول أنا فتاة أذهب إلى حفلات الزفاف للتقابل مع الصديقات والأقرباء الذين لا نراهم إلا في هذه الحفلات وأشعرك يا فضيلة الشيخ بأنني فتاة متمسكة بديني وسنة نبي محمد صلى الله عليه وسلم وأريد أن أسألكم هل هذا حلال أم حرام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن هذا حلال لا بأس به وإن كان لزوم البيت أفضل وأحسن لكن ليست المرأة ممنوعة من الخروج في مثل هذه الحال بشرط أن تخرج غير متطيبة ولا متبرجة بزينة ولا سافرة كاشفة عن وجهها وبشرط أيضاً أن لا تشتمل الحفلة التي ذهبت إليها على منكر أو اختلاط برجال أو نحو ذلك من المحرم فإن كان كذلك فإنه لا يجوز لها أن تذهب.
***

تقول السائلة هل خروج المرأة إلى العمل حلال أم حرام علماً بأنني قد خرجت إلى العمل بعد التخرج ولكن كثيراً ما أحاسب نفسي على خروجي هذا وأقول هل ربي عز وجل راضي عني أم لا أفيدوني وانصحوني مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: خروج المرأة من بيتها للحاجة لا بأس به ولاسيما إذا كان خروجها لدفع حاجة غيرها مثل أن تخرج إلى المدرسة لتعلم نساء المسلمين فإنها تكون في هذه الحال مثابةً على خروجها لأنها خرجت لقضاء حاجة غيرها وتحصيل مصلحته ولكن يجب إذا خرجت من بيتها ألا تخرج متبرجةً متطيبةً وأن تكون متحجبةً الحجاب الشرعي وهو تغطية الوجه وما يحصل بكشفه الفتنة وألا تختلط بالرجال لأن الاختلاط بالرجال سببٌ للفتنة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) وإنما كان خير صفوف النساء آخرها لأنه أبعد عن الاختلاط من الرجال والدنو منهم وهذه إشارة من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أنه كلما بعدت المرأة عن مخالطة الرجال كان خيراً لها فلتخرجي أيتها المرأة من بيتك للعمل في المدرسة وكذلك لأعمالٍ أخرى إذا احتجت الخروج ولم يكن في ذلك اختلاط ولا تبرج أو تطيب.
***

السؤال: تقول ما حكم الميش وهو صبغ شعر المرأة وهل يمنع وصول الماء مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: صبغ شعر المرأة بأي صبغٍ كان لا بأس به بشرطين الشرط الأول ألا يكون صبغاً أسود لإخفاء الشيب والثاني أن لا يكون من الأصباغ الخاصة بنساء الكفار
وأما هل يمنع وصول الماء أو لا فإن كان له قشرة تكون على الشعر فإنه يمنع وصول الماء وإن لم يكن له قشرة فإنه لا يمنع وصول الماء.
***

الكريمات المبيضة للبشرة

الزينة للرجل

السؤال: يقول قلتم إن توصيل الشعر وحف الحاجب وصبغه وصبغ الشعر حرام على المرأة فما حكم ذلك على الرجال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما توصيل الشعر للرجال فهو حرام كما هو للمرأة وحديث لعن النبي صلى الله عليه وسلم (الواصلة والمستوصلة) هذا التقييد إذ أن ذلك هو الغالب فإن الرجال لا يصلون ولكن إذا حصل ذلك منهم فإنهم مثل النساء في هذا الأمر وكذلك أيضاً النامصة والمتنمصة وهي التي تنتف شعر وجهها ومنه الحواجب فإن هذا أيضاً يكون للرجال وإنما لم يذكر الرجال لأن الرجل ليس من شأنه أن يعتني بالتجميل والتحلي وإنما ذلك من شأن النساء قال الله تبارك وتعالى (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) والرجل ينبغي له أن يعتني بمكارم الأخلاق ومعالي الآداب والرجولة والكرم والشهامة لا أن يجعل نفسه بمنزلة الأنثى ينتف حواجبه وينتف شعر خديه وشعر لحيته وما أشبه ذلك وأما بالنسبة لصبغ الشعر فهو أيضاً عام للرجال والنساء ولم ترد السنة بتخصيصه بالنساء كما وردت في الوصل والنمص فهو عام فلا يجوز للمرأة ولا للرجل أن يصبغ شعره الأبيض بسواد لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) فلما قال (جنبوه السواد) فهو أمر والأمر يكون للوجوب ثم إنه قد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام بإسناد حسنه بعضهم الوعيد على من صبغ بالسواد ولأن في الصبغ بالسواد معارضة لله سبحانه وتعالى فيما جعله من طبيعة البشر وخلقتهم فإن من طبيعة البشر أنه عند الكبر يبيض شعره فالذي يحاول تسويده معناه أنه معارض لله سبحانه وتعالى فيما اقتضت حكمته من هذه الخلقة ولا ينبغي للإنسان أن يعارض الله سبحانه وتعالى في هذا إلا حسب أمر الله سبحانه وإذا كان الله قد قد أمر على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بتجنيب السواد فليتجنبه المرء ولكن من الممكن أن يغير هذا الشيء بلون بين السواد والحمرة يكون أدهم فإن ذلك ليس بسوادٍ ولا حرج فيه.
***

السؤال: يقول هل يجوز إطالة الشعر بالنسبة للرجل؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول أما إذا كان يخشى من ذلك الفتنة كما لو كان ذلك رأس شاب وسيم يخشى من الفتنة إذا أطال شعر رأسه فهنا نقول احلق رأسك ولا تطله وأما إذا كان عاديا ولا يترتب على هذا فتنة فالصواب أن السنة في ذلك أن يتبع الإنسان عرف بلده فإذا كان الناس اعتادوا أن يبقوا شعرهم أبقاه وإذا كانوا اعتادوا أن يحلقوه حلقه لأن هذا من العادات والعادات الأفضل فيها أن يتبع الإنسان عادة أهل بلده إذا لم تكن محرمة.
***

مسائل متفرقة في الشعر

السائل: يقول ما حكم إذا عملت الفتاة دواءً لشعرها ليجعله ناعماً كصبغ الشعر بالسواد أو غيره هل هو حلال أم حرام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الدواء الذي يجعل الشعر ناعما فلا أعلم فيه بأساً ولا حرج فيه وأما الذي تصبغ به المرأة بياض شعرها ليكون أسود فهذا لا يجوز وذلك لأنه ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) والأصل في الأمر الوجوب وقوله (جنبوه) هذا أمر الأصل أنه يجب علينا أن نجنبه السواد ولأن صبغه بالسواد في الحقيقة مناقض لحكمة الله سبحانه وتعالى فإن الله تعالى من حكمته أن الإنسان إذا بلغ سناً معيناً ظهر فيه الشيب فكونك تجعل هذا الشيب تحوله إلى أسود بحيث لا يتبين معنى ذلك أنك تضاد الله سبحانه وتعالى في حكمته في هذا الشيب، ومن المعلوم أن مضادة الله سبحانه وتعالى في أمره الكوني أو الشرعي لا يجوز للمسلم فالواجب على المسلم أن يتمشى فيما قدره الله تعالى وقضاه على حسب ما شرعه الله سبحانه وتعالى له والمشروع في هذا الأمر أن يصبغ الإنسان هذا البياض بلون غير أسود لون يكون بين السواد وبين الصفرة بحيث يكون أدهم لا يكون أسود خالصاً وبهذا يزول ما يريد الإنسان تجنبه وما يريد الإنسان ظهوره على شعره من البياض إلى لون لكنه ليس مما ورد النهي عنه وهو السواد.
***

يافضيلة الشيخ: العلة بالصبغ بالسواد ألا تكون موجودة في الصبغ بالحمرة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا تكون لأن الصبغ بالحمرة يتبين ما يكون أسود وما يكون شعر شباب فإن شعر الشباب ليس أحمراً إنما هو أسود وأظن عرفنا الآن أنه لا فرق بين الرجل والمرأة ولا المرأة التي تريد أن تتجمل لزوجها أو تريد أن تخفي شيبها عن زميلاتها لا يجوز بكل حال.
***

يافضيلة الشيخ: صبغ الشعر بالحمرة كالحناء ونحوه

فأجاب رحمه الله تعالى: صبغ الشعر بغير الأسود هذا لا بأس به ولهذا نقول إنه بدلاً من كونه يصبغ بالأسود يصبغ بصبغٍ يجعل الشعر بين السواد والحمرة يجعله أدهماً لا أسود خالصاً ولا أحمر خالصاً وبهذا يزول المحظور ويحصل الخير.

السؤال: الأخت هدى ن. م. من المدينة المنورة تقول قرأت حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم ينهى عن صبغ الشعر بالسواد ما مدى صحته وهل هو عامٌ بالرجال والنساء أم هو خاصٌ بالرجال وما هي الحكمة من هذا النهي.

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بتغيير الشيب وأمر بتجنيبه السواد وتوعد من يخضبون لحاهم بالسواد بأنهم لا يريحون رائحة الجنة وهذا يدل على أن الصبغ بالسواد من كبائر الذنوب فعلى المرء أن يتقي الله عز وجل وأن يتجنب ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ليكون ممن أطاع الله ورسوله وقد قال الله تعالى (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) وقال (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) ثم إن الحكمة في ذلك هو أن في صبغه بالسواد مضادة لحكمة الله تعالى التي خلق الخلق عليها فإنه إذا حول شعره الأبيض إلى السواد فكأنه يريد أن يرجع بشيخوخته إلى الشباب فيكون بذلك مضاداً للحكمة التي جعل الله تعالى الخلق عليها لكونهم إذا كبروا ابيض شعرهم بعد السواد ومن المعلوم أن مضادة الخلق أمرٌ لا ينبغي ولا يجوز للمرء أن يضاد الله في خلقه كما لا يجوز له أن يضاد الله في شرعه أما إزالة العيوب غير الطبيعية فهذه لا بأس بها مثل أن يكون للإنسان إصبعٌ زائدة فيجرى له عملية لقلعها إذا لم يكن هناك ضرر أو مثل أن يكون إحدى شفتيه فيها ثلم فيسوي عملية لسد هذا السلم وما أشبه ذلك فإنه لا بأس به فإن ذلك من باب إزالة العيوب الطارئة.

السؤال: يقول ما حكم تخضيب الرجال بالحناء في مناسبات الزواج أرجو لهذا إفادة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يحرم على الرجل أن يختضب بالحناء في مناسبة الزواج أو غير مناسبة الزواج وذلك لأن الخضاب بالحناء من خصائص النساء فإذا فعله الرجل كان متشبها بالمرأة وتشبه الرجل بالمرأة من كبائر الذنوب كما أن تشبه المرأة بالرجل من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء) ولأن هذا يؤدي إلى حالة نفسية يشعر بها المخضب ويشعر بها من شاهده حالة نفسية تكون كحالة المرأة بالنسبة للرجال أو الرجال بالنسبة للمرأة فيحصل بهذا فتنة كبيرة عظيمة وخلاصة الجواب أن خضاب الرجل بمناسبة الزواج أو غيره محرم بل من كبائر الذنوب لما فيه من المشابهة بالنساء.
***

السؤال: تقول السائلة هل يجوز صبغ الشعر بالسواد وتقول وشعري أسود ولكني أريد أن أجعله أسود قاتم وما حكم الميش؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما تغيير الشيب بالسواد فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه وتوعد عليه وأما صبغ الشيب بغير السواد من الألوان فلا بأس به ولا حرج فيه وأما صبغ الشعر الأسود ليزداد سواداً فأخشى أن يكون من جنس صبغ الأبيض ليكون أسود وربما يختلف عنه فلا ينال حكمه ولكن الاحتياط ألا تفعله المرأة أي ألا تصبغ بالسواد الذي يجعل شعرها أسود مما كان عليه رضاً بقضاء الله وقدره وهذا من السنن التي جاءت في خلق الله عز وجل فإن من النساء من يكون شعرها أسود قاتماً ومنهن من يكون دون ذلك ومنهن من يكون شعرها أصفر أو أشهب حسب طبيعته التي خلقها الله عليه.
***

السؤال: يقول هل لبس خواتم الفضة محرم على الرجال أم مباح وإن كان يجوز ففي أي أصبع من الأصابع يضعها الرجل؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التختم من حيث هو تختم اختلف فيه أهل العلم هل هو مباح أو سنة أو لا ينبغي إلا لذي سلطان ولكن إذا قلنا بالجواز وأنه لا بأس به فإنه يجوز للرجل أن يتختم بخاتم الفضة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه اتخذ خاتماً من ورق) وأما مكانه فإنه يكون باليمين أو باليسار ويكون في البنصر وهو الذي بين الخنصر وبين الوسطى.
***

السؤال: بارك الله فيكم هذه مستمعة للبرنامج تسأل وتقول هل تغيير لون الشعر بالأصباغ الكيماوية الموجودة بالأسواق حرام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما تغيير لون الشعر من الأبيض إلى الأسود فإن هذا لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتجنبه وقد ورد حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام فيه وعيد على من خضّب شيبه بالسواد وأما تغيير الشعر بألوان أخرى فإن ذلك لا بأس به لأن الأصل الاباحة حتى يقوم دليل على المنع اللهم إلا أن يكون في هذا مشابهة لنساء الكفار فإن ذلك لا يجوز لأن مشابهة الكفار حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) ثم إنها ذكرت في سؤالها بأنها كيماوية وبناء على هذا يجب مراجعة الأطباء في ذلك هل تؤثر هذه الأصباغ على شعر الرأس وجلدته بضرر فإنه لا يجوز استعمالها إذا ثبت هذا.
***

السؤال: يقول هل يجوز للفتاة أن تصبغ الشعر وهل حرم صبغ الشعر في الشريعة الإسلامية؟

فأجاب رحمه الله تعالى: صبغ الشعر من الفتاة ومن غير الفتاة جائز إذا كان بغير السواد بل إنه مأمور به كتغيير الشيب وأما إذا كان بالسواد فإنه محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) والأمر يقتضي الوجوب ثم إنه محاولة لتغير خلق الله وقلب الأمر إلى خلاف ما قضاه وقدره لأن الرجل الذي شاب أو المرأة التي شابت إذا صبغت بالأسود معناها كأنها تقول أو كأنه يقول أنا أرد هذا الأمر الذي ظهر علامة على الشيب أرده إلى السواد لأبقى شاباً وهذا أشبه ما يكون بالفلج فلج الأسنان ونحوها الذي ورد فيه الوعيد فكون الإنسان يضاد الله تبارك في قضائه لأجل أن يعود الشعر الدال على الشيخوخة والكبر شعراً دالاً على الشبيبة فلهذا نقول يحرم أن يصبغ الشعر الأبيض بالسواد من رجل أو امرأة في الرأس أو في اللحية.
***

السؤال: تقول سمعت من بعضهم بأن صبغ الشعر حرام أفيدونا مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما صبغ الشعر الذي ابيض بالشيب بالسواد فإنه حرام لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باجتنابه فقال (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) أخرجه مسلم، وقد ورد في السنن الوعيد على ذلك فقال (يكون في آخر الزمان قوم يخضبون لحاهم بالسواد، لا يجدون ريح الجنة) على كل حال صبغ الشيب بالسواد حرام، وأما صبغه بغير السواد مثل أن يصبغه بلون أدهم بين الحمرة والسواد أو بلون أصفر فإن هذا لا بأس به بل هو مأمور به، وكذلك الأصباغ الأخرى التي تفعلها بعض النساء إلا أن تكون هذه الصبغة مما يختص به نساء الكفار، فإنها إذا كانت مما يختص به نساء الكفار كانت من التشبه بهن، وتشبه المسلمة بالكافرة محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) وهذا الحديث يدل على التحريم بل قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله إن أقل أحوال هذا الحديث التحريم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم.
***

السؤال: بارك الله فيكم ما حكم صبغ الشعر بالنسبة للمرأة وما حكم صبغ الشعر الأسود بصبغة حمراء وهذه الصبغة ليست حناء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأصل في الأشياء غير العبادات الحل حتى يقوم دليل على التحريم لأن ما سكت الله عنه فهو عفو بناء على هذه القاعدة العظيمة يتبين جواب السؤال وأنه لا حرج على المرأة أن تصبغ رأسها بالأحمر أو بالأصفر أو بالأخضر إذا لم يكن في ذلك تشبه بالنساء الكافرات وأما العبادات فالأصل فيها المنع والحظر حتى يقوم دليل على مشروعيتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .
***

السؤال: هل يجوز للمرأة إضافة الألوان لشعرها دون أي ضرورة غير التجميل والتجمل؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأصل في الأشياء غير العبادات الحل وعلى هذا فيجوز للمرأة أن تصبغ رأسها بما شاءت من الصبغ إلا إذا كان سواداً تخفي به شيبها فإن ذلك لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بتغيير الشيب وقال (جنبوه السواد) أو إذا كانت هذه الأصباغ مما تختص به النساء الكافرات بحيث إذا شوهدت هذه المرأة قيل هذه امرأةٌ كافرة لأنه لا تصبغ هذا الصبغ إلا امرأةٌ كافرة فحينئذٍ يحرم على المرأة أن تصبغ به لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (من تشبه بقومٍ فهو منهم) فإذا خلى هذا الصبغ من هذين العنصرين أعني السواد لإخفاء الشيب أو الصبغ الذي تختص به النساء الكافرات فإن الأصل الإباحة فلتصبغ المرأة بما شاءت.
***

السؤال: هل قص الشعر أو صبغه إلى اللون الأحمر أو الأصفر حرام علما بأنني لا أقصد من ذلك التشبه بأحد وإنما أتزين لزوجي فأرجو من فضيلة الشيخ الإجابة؟

فأجاب رحمه الله تعالى:هذه سألت عن قص الشعر وظاهر الحال أنها تريد قص شعر رأس المرأة فالجواب على ذلك أن نقول إذا قصت المرأة شعر رأسها قصا بالغا بحيث يكون كشعر رأس الرجل فإن ذلك حرام عليها بل هو من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لعن المتشبهات من النساء بالرجال) وأما إذا كان قصا لا يصل إلى هذه الدرجة فإن كان قصا يشبه قص رؤوس النساء الكافرات فهو حرام أيضا لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) وإذا كان قصا لا يشبه هذا ولا هذا فقد اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال القول الأول أنه حرام جزم به بعض أصحاب الإمام أحمد رحمهم الله كصاحب المستوعب والثاني أنه مكروه والثالث أنه مباح والسلامة من القص أولى.
أما الصبغ فإن كان بصبغ خاص برؤوس نساء الكفار بحيث من رأى هذه المرأة الصابغة لم يظن إلا أنها امرأة كافرة فهذا حرام لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (من تشبه بقوم فهو منهم) وإن كان صبغا لا يختص بنساء الكفار فإن كان بالأسود فالظاهر أنه حرام إلا أن يكون لتغيير الشيب فهو حرام بلا شك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) وإن كان بلون آخر لا يختص بنساء الكفار وليس بالأسود فالأصل الحل والإباحة حتى يقوم دليل التحريم فهنا أنبه على قاعدتين هامتين القاعدة الأولى أن الأصل في العبادات المنع وألا يتعبد أحد لله تعالى بشيء من عند نفسه إلا بدليل من الشرع أن هذا العمل مشروع والقاعدة الثانية أن الأصل فيما عدا العبادات الحل والإباحة فليس لأحد أن يحرم شيئا من عند نفسه إلا أن يقوم دليل التحريم وهاتان القاعدتان تنفعان في كثير من المسائل التي يقع فيها الاشتباه.
***

صبغ الشعر

السؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ السائل يقول عند تمشيط المرأة لشعرها فإنه يبقى بعد التمشيط شعر في المشط فهل يجوز لها أن تحرق هذا الشعر أم ماذا تفعل به؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الشعر الذي يخرج من الرأس أو من لحية الرجل أو يكون من نتف الأباط أو حلق العانة كل هذا إذا ألقي في الزبالة مثلاً أو في أي مكان فإنه لا بأس بذلك لأنه بانفصاله عن الإنسان لم يبق له حرمة لكن بعض السلف يرى أن الإنسان يدفنه أي يدفن ما تساقط منه من شعر أو ظفر فإن فعل الإنسان فلا بأس وإن تركه في الزبالة أو في أي مكان فلا بأس.
***

السؤال: المستمع ع. أ. ب. تقول يمتاز شعرها بتجعده لذلك تضطر أحياناً إلى إجراء بعض العمليات المتعارف عليها وهي اللف (جعل الشعر على شكل خصلات صغيرة وهو رطب ويلف على اسطوانات ثم بعد جفافه تزال هذه الاسطوانات فيكون الشعر بعد ذلك منسدلاً ويزول التجعد) أود معرفة فيما إذا كانت هذه العملية محرمة في كونها تغييراً لخلق الله مع العلم بأن الشعر يرجع إلى طبيعته عند تعريضه للماء أي يزول بمجرد الاستحمام كما أن عملية اللف تسغرق وقتاً حيث تبقى خصلات الشعر ملفوفة على هذه الاسطوانات إلى أن يجف الشعر وقد يأتي وقت الصلاة فأصلى وشعري على هذه الحالة فهل الصلاة صحيحة علماً بأن الشعر لا يكون منسدلاً بل كل خصلة منه تكون ملفوفة حول الاسطوانة الخاصة بها كما أن حجم الرأس يكون كبيراً بسبب وجود الاسطوانات كذلك عند الوضوء أعمد على تغطية رأسي بقطعة قماش فأمسح من فوقها حتى لا يتأثر ويفسد شعري بالماء وذلك بالاعتماد على قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (من لم يطهره المسح فوق العمامة فلا طهره الله) توجيه فضيلة الشيخ حول هذا السؤال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرى أنه لا ينبغي للمرأة أن تضيع أوقاتها بمثل هذه الأمور التي لا تكتسب منها شيئاً اللهم إلا جمالاً موهوماً في مدة معينة ثم يزول وهي في هذا تخسر وقتاً كثيراً من وقتها وتخسر مالاً بحسب هذا الشيء التي جاءت به فنصيحتي لها أن تدع مثل هذه الأمور وأن تقبل على ما ينفعها في دينها ودنياه وأن لا تكلف نفسها مشقة هذه الأعمال ولكن لا أستطيع أن أقول إن هذا حرام ما دامت تقوم بالواجب عليها من مسح الرأس مباشرة بدون أن تضع عليه هذه المنديل وأما ما ذكرت عن عمر فلا أدري عنه ولكن عمر رضي الله عنه يتكلم عن العمامة. والعمامة لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على عمامته في وضوئه والمسح على العمامة من الأمور المشروعة الثابته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا المنديل الذي يوضع على الرأس لوقايته من الماء في حال استعمال هذه الأنبوبات فإنه ليس من باب العمائم بشيء.
***

السؤال: ما حكم وضع المشابك أو المسكات وهي صغيرة الحجم توضع في هامة الرأس لتمسك الشعر هل تمنع من وصول الماء إلى الشعر أم يقتضي نزعها عند كل وضوء مع أن في ذلك بعض من المشقة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال يتضمن جوابين في الواقع:
أولا أن جمع الشعر على الرأس حتى يكون كالسنام أمر مذموم شرعا فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (صنفان من أهل النار لم أراهما بعد رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس -يعني ظلما وعدوانا- ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) وعليه فلا يجوز أن يعقد الرأس فوق الهامة لا بالمشابك ولا بغيرها هذا جواب ما يدل عليه السؤال من وجه.
ومن وجه آخر أنه لو فرض أن هذا التجميع من الخلف وهو ما يعرف عن النساء بالكعكة فإنه لا يضر لأن المسح لا يشترط فيه أن يصل الماء إلى جلدة الرأس بل يكفي مسح ظاهر الشعر سواء كان مجموعا أم باقياً على حاله.
***

السؤال: يقول فضيلة الشيخ هل صبغ شعر الرأس باللون الأسود محرم أرجو إفادة بذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم صبغ الرأس بالأسود محرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الشيب (غيروه وجنبوه السواد) وقد ورد حديث إسناده حسن يتضمن الوعيد الشديد على من صبغ شعره بالأسود ولكن هناك بديل عنه وهو الأشقر الذي يكون بين السواد والحمرة فيصبغ شعر رأسه ولحيته بذلك ويستغني به عما حرمه الله عليه وربما يكون الشعر أطيب لوناً إذا كان بين الحمرة والسواد.
***

السؤال: تقول سمعت بأن مشط الشعر لا يجوز أثناء الحيض ولا قص الأظافر والغسل فهل هذا صحيح أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ليس بصحيح فالحائض يجوز لها قص أظافرها ومشط رأسها ويجوز أن تغتسل من الجنابة مثل أن تحتلم وهي حائض فإنها تغتسل من الجنابة أو يباشرها زوجها من غير وطِء فيحصل منها إنزال فتغتسل من الجنابة فهذا القول الذي اشتهر عند بعض النساء من أنها لا تغتسل ولا تمتشط ولا تكد رأسها ولا تقلم أظفارها ليس له أصل من الشريعة فيما أعلم.
***

السؤال: تقول إذا وضعت المرأة في وجهها بعض الأطعمة لغرض إزالة البقع أو لصفاء البشرة مثل الليمون والطماطم والخيار فما حكم الشرع في هذا العمل في نظركم فضيلة الشيخ؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرى أنه لا بأس به لأن الله يقول (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) وليس في استعمال هذه الأطعمة في الوجه تقليل لها أو تنجيس لها حتى يقال إنه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستجمار بالعظام لأنه زاد إخواننا من الجن، ونص أهل العلم على تحريم الاستنجاء بالأطعمة ومسح الوجه بها ليس من هذا الباب، لأن الوجه أشرف أعضاء الإنسان فإذا استعملت هذه الأشياء في إزالة هذه البقع أو لزيادة التجميل فلا أعلم في هذا بأس والأصل الحل حتى يقوم دليل على المنع لكن إن أمكن أن يكون ذلك بأدهان أخرى فهذا أحسن وأولى لأنه قد يقول قائل إن استعمال الأطعمة في هذا فيه شيء من السرف والتجاوز لأن الأطعمة للأكل وليست لمسح الوجوه والتزين والتجمل فإذا حصل عدول عنها إلى أشياء أخرى يحصل بها المقصود فهو أولى.
***

السؤال: تقول هل يجوز استعمال بعض المواد الغذائية كالطحين والبيض والعسل واللبن ونحوها كعلاج لما قد يصيب الوجه من أمراض كالكلف ونحوه وإن لم يكن لمرض بل لمجرد تجميل البشرة فهل يجوز أيضاً؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب من المعلوم أن هذه الأشياء من الأطعمة التي خلقها الله عز وجل لغذاء البدن ولكن إذا احتاج الإنسان إلى استعمالها في شيء آخر ليس بنجس كالعلاج فإن هذا لا بأس به لقوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) فقوله تعالى (لكم) يشمل عموم الانتفاع إذا لم يكن ما يدل على التحريم وأما استعمالها للتجميل فهناك مواد أخرى يحسن التجميل بها سوى هذه فاستعمالها أولى وليعلم أن التجميل لا بأس به بل إن الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال ولكن الإسراف فيه حتى يكون أكبر هم الإنسان بحيث لا يهتم إلا به ويغفل كثيراً من مصالح دينه ودنياه من أجله هذا أمر لا ينبغي لأنه داخل في الإسراف والإسراف لا يحبه الله عز وجل.
***

السؤال: تقول السائلة بالنسبة لوضع الحناء والحليب والبصل والثوم وغيرها من المأكولات التي توضع على شعر الرأس هل في ذلك بأس؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس بها يعني لا بأس أن تستعمل المرأة المطعوم فيما ينفعها في شعرها أو وجهها لكن لا تستعمله في شيء نجس لعموم قول الله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) .
***

استعمال المواد الغذائية للتجميل

السؤال: ما حكم الحناء للحائض؟

فأجاب رحمه الله تعالى: حكم وضع الحنة إذا كانت المرأة حائضاً الجواز أي أنه يجوز للمرأة أن تضع في يديها الحناء وفي رأسها ولو كانت حائضاً وما اشتهر عند عوام النساء أنه لا يجوز فإن هذا لا أصل له ولا أعلم أحد قال به.
***

السؤال: ما حكم تزين المرأة الحائض بالحناء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التزين بالحناء لا بأس به لاسيما للمرأة المتزوجة التي تتزين به لزوجها وأما غير المتزوجة فصحيح أنه مباح لها إلا أنها لا تبديه للناس لأنه من الزينة وفعل ذلك في وقت الحيض لا بأس به وقد كثر السؤال عنه من النساء هل يجوز للمرأة أن تحني رأسها أو يديها أو رجليها وهي حائض والجواب على ذلك أن هذا لا بأس به والحناء كما نعلم يعقبه أثر تلوين بالنسبة لموضعه واللون هذا لا يمنع من وصول الماء إلى البشرة كما يتوهم فإذا غسلته المرأة أول مرة زالت أجرامه وبقيت آثاره الملونة وهذا لا بأس به.
***

سمعت أن بعض الناس يقولون إنه لا تجوز الصلاة إلا بالحناء فهل هذا صحيح كذلك يقولون من ماتت وليس في يديها حناء لم يصلَ عليها لأن يديها قد تشبهت بالرجال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ليس بصحيح الحناء ليس من الأمور المفروضة ولا من الأمور الواجبة حتى يصل إلى هذه الدرجة فالمرأة إذا لم تستعمل الحناء لا يقال إنها أخطأت أو أثمت وكذلك أيضاً لا يقال إنها إذا ماتت لا يصلى عليها أو أن صلاتها لا تقبل بل هذا مما يسمعه العوام من أفواههم أو من أناسٍ يظنونهم علماء وليسوا بعلماء.
***

السؤال: امرأة تتخضب بالحناء وهي حائض ما حكم ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس، فالمرأة لها أن تختضب وهي حائض أو طاهر في الليل أو في النهار لكن قد اشتهر عند كثير من النساء أن الخضاب بالحناء واجب ولكن ذلك ليس بصحيح فإن كانت ذات زوج تحتاج إلى التجمل لزوجها فإنها تستعمله ومن لا تريد أن لا تستعمله فلا حرج عليها.
***

السؤال: تقول هل يجوز وضع الطيب الذي يوضع على الحناء فيقلب الحناء إلى السواد أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس أن تضع المرأة شيئاً في الحناء يقلبه إلى أسود لأن ذلك لا بأس به إلا إذا كان هذا في شعر للشيب فإن الشيب لا يجوز أن يغير بالسواد لقول النبي صلى الله عليه وسلم (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) فلا يجوز للمرء أن يغير شيبه بسواد سواء كان رجلاً أم امرأة وسواء كان كبير السن أم صغير السن في الحديث الذي أشرنا إليه (جنبوه السواد) ولأن في صبغه بالسواد مضادة لحكمة الله تبارك وتعالى فإن هذا الرجل كأنه يريد أن يضاد ما تدل عليه هذه الخلقة وهي بياض الشعر من الكبر فيريد أن يحول نفسه إلى أن يكون شاباً فيعاكس بذلك مقتضى الطبيعة أو يعارض بذلك مقتضى ما جعله الله تبارك وتعالى من طبيعة بني آدم.
***

السؤال: يقول عندنا بالسودان عادات إذا تزوج الرجل أول مرة وضع له خيطاً من الحرير في يده اليمنى وهلال من ذهب خارج الجيب إلى الأمام وقبل ثلاثة أيام من الزواج يوضع له مسحوق من ثمار الحنة على يديه وقدميه فهل هذه العادات صحيحة أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه العادات باطلة وليست بصحيحة ولا أصل لها ولا تأثير والتحلي بالذهب على الرجل محرم ولا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الذهب على ذكور أمته وثبت في الصحيح أنه رأى على رجل خاتماً من ذهب فأخذه وطرحه وقال (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيلقيها في يده) وعلى هذا فإنه لا يجوز أن يلبس هذا الهلال من الذهب لأنه ذهب ولا يجوز للرجل أما بالنسبة لهذا الخيط من الحرير فإنه لا يخلو بما يفعله به من اعتقاد باطل وهو أنهم يعتقدون أن هذا رباط بين الرجل وزوجته وهذا لا أثر له بل هو نوع من الشرك الأصغر لأن كل إنسان يجعل شيئاً سببا لشيء والشرع لم يجعله له وكذلك لم يكن سببا له عن طريق حسي معلوم فإن هذا نوع من الشرك الأصغر وأما التحني وضع الحنة باليد أو بالرجل فإن هذا من خصائص النساء وليس مما يتحلى به الرجل أو يتزين به.
***

التزين بالحناء

السؤال: تقول إن شعرها طويل وإذا عكف ووضعت البكلة فيه ارتفعت منه العباية أمام الرجال فهل هذا يجوز علماً بأنني لم أعكفه حتى ألفت نظر الرجال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا عكفته حتى لفت نظر الرجال فلا شك أن هذا من التبرج ولا يجوز لأنه يحصل به الفتنة وأما إذا كان أقل من ذلك فلا بأس به ولكن الأولى بالمرأة أن تدع كل شيء يحتمل أن تكون به الفتنة.
***

تزين الحائض

السؤال: يقول إن زوجتي تلبس ملابس زينتها إذا أرادت أن تلبس لأحد أو يأتينا أحد رغم أني أنهاها عن ذلك ولكن بدون فائدة فما حكم ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس للمرأة أن تتجمل وتتزين لنظيراتها من النساء إذا لم يخشَ من ذلك فتنة ولا ينبغي لك أنت أن تنهاها عن ذلك الأمر لأن هذا أمرٌ جبلت عليه النساء بل وحتى الرجال فإن الرجل يحب أن يظهر بمظهر الجمال في ثوبه فكذلك المرأة أما إن خشي الفتنة بذلك مثل أن يكون حولها من يشاهدها من الرجال أو يكون بعض النساء تنعتها لزوجها يعني المرأة تنعت هذه المرأة لزوجها أي لزوج المرأة الناعتة فهذا أيضاً محظور مثل أن تقول مثلاً لزوجها فلانة عليها كذا وعليها كذا وعليها كذا تنعتها لزوجها كأنما ينظر إليها فأما إذا لم يكن فيه محظور فليس لك حقٌ في منعها من أن تتجمل بما جرت به العادة أمام صاحباتها.
***

تزين المرأة للمرأة

يافضيلة الشيخ: في حال الضرورة كمن به مرض جلدي هل يباح له ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم في حال الضرورة لا بأس.
***

يافضيلة الشيخ: لو فرضنا أن في هذه الثياب التي نلبسها نسبة من الحرير لكنها لا تصل إلى النصف مثلا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت النسبة قليلة فإن الحكم للأكثر فما دام الأكثر ظهورا هو الشيء المباح فإنه لا بأس به إلا أنه إذا كان الحرير مجتمعا فإنه لا يباح منه ما زاد على أربعة أصابع لو كان مثلا على فوق الجيب مجتمعا فإنه لا يباح أكثر من أربعة أصابع وكذلك لو كان مطرزا بخطوط وهذه الخطوط هي خطوط عريضة تبلغ أكثر من أربعة أصابع فإنه لا يحل.

السؤال: يقول سمعنا أن كلمة (سلك) تعني باللغة الإنجليزية حرير وهذا النوع منه معظم ثيابنا في المملكة فما الحكم في ارتداء هذه الثياب خصوصا أنها منتشرة بشكل كبير وبعضهم يتعللون بأن قيمة الثوب السلك قليلة جدا ولو كان من الحرير لكانت قيمته أكبر من ذلك بكثير فما رأيكم في هذا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان اللابس لهذه الثياب امرأة فهذا لا بأس به لأن الحرير مباح للنساء حرام على الرجال وأما إذا كان اللابس له ذكرا فإنه إن كان حريرا طبيعيا فهو حرام عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الحرير على ذكور أمته حتى قرن المستحلِّين له بالمستحلِّين للخمر والزنا في قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن أبي مالك الأشعري أنه قال (ليكونن في أمتي أو من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) وأما إذا كان غير طبيعي لكنه يسمى باسم الحرير فإن ذلك لا ينقله عن الإباحة بل هو مباح وإن سمي حريرا لأن العبرة بالحقائق لا بالأسماء ولهذا لو سمينا الأمور المحرمة بأسماء مباحة لم تكن مباحة فكذلك إذا سمينا الأشياء المباحة بأسماء محرمة لم تكن محرمة ولكن ينبغي أن يكون الإسم مطابقاً لمسماه حتى لا يحصل التباس عند العامة أو اشتباه في حكم هذا الشيء.

السؤال: يقول انتشر في منطقتنا أن بعض الشباب لا يغلقون أزرة ثيابهم ويقولون إن هذا الفعل من السنة ويستدلون بقول قرة بن شريك المزني كما هو عند أبي داود وغيره بأنه (أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو وقومه ليبايعوه ووجدوه مطلق الأزرار) السؤال هل هذا الحديث يدل على أن من السنة أن يجعل الرجل أزرة ثوبه مفتوحة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) والفقه تصور الشيء على ما هو عليه وإلحاق الفروع بأصولها ليس مجرد العلم وهذا الحديث الذي ذكره السائل لا يدل على مشروعية فتح الجيب لا من قريبٍ ولا بعيد لأن هؤلاء القوم الذين وجدوا النبي صلى الله عليه وسلم قد فتح هل يعلمون أنه فتحه تعبداً وتسنناً أو أنه فتحه لغرضٍ من الأغراض إما لشدة حر أو لحرارة في الصدر أو ما أشبه ذلك ما ندري بل الذي يغلب على الظن أنه لم يفعله تسنناً لأنه لو كان هذا من السنة لم يجعل الزرار أصلاً فما فائدة الزرار لا يزر لكن دائماً الإنسان يكون له أزرة ويزرها لكن يفتحها في بعض الأحيان لسببٍ من الأسباب إما للتبرد وإما لكون الحرارة في صدره وهي ما يسمى بالحساسية عند الناس وإما لغير ذلك ولا يجوز لنا أن نأخذ من هذا الحديث وأمثاله أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعله تعبداً لأن الأصل منع التعبد إلا بدليلٍ واضح لا يحتمل شيئاً آخر نصيحتي لإخواني هؤلاء وأمثالهم الذين لا يفكرون تفكيراً جيداً في الأمور أن يتقوا الله أولاً في أنفسهم وأن يتقوا الله في إخوانهم وأن يتقوا الله في فهم الشريعة وفهم أدلتها وصرفها لما كان مراداً لله ورسوله ولذلك أنصح هؤلاء بأن يزروا ثيابهم إذا كان فيها أزرة وأن لا يتعبدوا لله بشيءٍ لم يعلم أنه مشروع ولهذا كان من القواعد المقررة عند جميع العلماء أن الأصل في العبادات الحظر إلا ما قام الدليل على أنه مشروع ومجرد كون قومٍ رأوا النبي صلى الله عليه وسلم فتح أزرته لا يدل على المشروعية وكما قلنا لماذا وضع الأزرة إلا ليزرها ما وضعها زينة وتجملاً فقط ولا جمال فيها أيضاً إذا لم تزر الخلاصة أن هذا الفهم فهمٌ خاطئ وأنه لا يسن للإنسان أن يفتح أزرته تعبداً لله عز وجل أما إذا كان هناك سبب لحرٍ شديد أو غيره فهذا شيء طبيعي لا بد للإنسان أن يتبرد ويفتح أزرته ليبرد.
***

السؤال: ما هو رأي فضيلتكم في الشباب المقلدين وهذه التقاليد ليست لنا ولا ناتجة عن تقاليدنا كتربية الشعر إلى ما لا نهاية وتطويل الثوب إلى أسفل الرجلين وتعليق السلاسل بأعناقهم أليس هذا حراماً وهل يقبل صلاة وصوم هؤلاء الشباب؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التقليد في الأمور النافعة التي لم يرد الشرع بالنهي عنها هذا أمرٌ جائز وأما التقليد في الأمور الضارة أو التي منع الشرع منها من العادات فهذا أمرٌ لا يجوز فهؤلاء الذين يطيلون شعورهم إلى ما لا نهاية نقول لهم هذا خلاف العادة المتبعة في زمننا هذا واتخاذ شعر الرأس مختلف فيه هل هو من السنن المطلوب فعلها أو هو من العادات التي يتمشى فيها الإنسان على ما اعتاده الناس في وقته والراجح عندي أن هذا من العادات التي يتمشى فيها الإنسان على ما جرى فيه الناس في وقته فإذا كان من عادة الناس اتخاذ الشعر وتطويله فإنه يفعل وإذا كان من عادة الناس حلق الشعر أو تقصيره فإنه يفعل ولكن البلية كل البلية أن هؤلاء الذين يعفون شعور رؤوسهم لا يعفون شعور لحاهم ثم هم يزعمون أنهم يقتدون بالرسول صلى الله عليه وسلم وهم في ذلك غير صادقين لكنهم يتبعون أهواءهم ويدل على عدم صدقهم في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام أنك تجدهم قد أضاعوا شيئاً من دينهم هو من الواجبات كإعفاء اللحية مثلاً فهم لا يعفون لحاهم وقد أمروا بإعفائها وفي تهاونهم في الصلوات الخمس وفي غيرها من الصلوات الأخرى مما يدلك على أن صنيعهم في إعفاء شعور رؤوسهم ليس المقصود به التقرب إلى الله ولا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هي عادةٌ استحسنوها فأرادوها وفعلوها
وأما اتخاذ السلاسل فاتخاذ السلاسل محرم للتجمل بها لأن ذلك من شيم النساء وهو تشبهٌ بالمرأة وقد (لعن الرسول صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء) ويزداد تحريماً وإثماً إذا كان من الذهب فإنه حرام على الرجل من الوجهين جميعاً من جهة أنه ذهب ومن جهة أنه تشبه بالمرأة ويزداد قبحاً إذا كان فيه صورة. صورة حيوان أو ملك وأعظم من ذلك وأخبث إذا كان فيه صليب فإن هذا حرامٌ حتى على المرأة أن تلبس حلياً فيه صورة سواءٌ كانت صورة إنسان أو حيوان طائر أو غير طائر أو كان فيه صورة صليب فلبس ما فيه صورة حرامٌ على الرجال وعلى النساء فلا يجوز لأيٍ منهما أن يلبس ما فيه صورة حيوان أو صورة صلىب.
***

السؤال: يقول ما حكم استعمال الكحل في العيون بالنسبة للرجال بدون حاجة إليه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الإكتحال نوعان أحدهما اكتحال لتقوية البصر وجلاء الغشاوة من العين وتنظيفها وتطهيرها بدون أن يكون له جمال فهذا لا بأس به بل إنه مما ينبغي فعله لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل في عينيه ولا سيما إذا كان بالإثمد الأصلى ومنها ما يقصد به الجمال والزينة فهذا مطلوب للنساء لأن المرأة مطلوب منها أن تتجمل لزوجها وأما الرجال فالاكتحال لتقوية البصر كما سبق.
***

السؤال: يقول ما هي الحُلي التي يجوز للرجل أن يلبسها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً لا ينبغي للرجل أن يذهب إلى التحلي وأن يجعل نفسه بمنزلة المرأة ليس له هم إلا تحسين شكله فإن هذا من شؤون النساء قال الله تبارك وتعالى (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) يعني كمن لا ينشأ في الحلية وهو مبين في الخصام والذي ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين هو المرأة والذي لا ينشأ في الحلية وهو مبين في الخصام هو الرجل فلا ينبغي للرجل أن ينزل نفسه منزلة الأنثى بحيث ينشيء نفسه في الحلية ولهذا حرم على الرجل لباس الذهب سواء كان قلادة أو سواراً أو خاتماً لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذهب والحرير (حل لإناث أمتي حرام على ذكورها) وأبيح للمرأة من الذهب كل ما جرت به العادة سواء كان من الخواتم أو الأسورة أو القلادة أو الخروص أو غير ذلك مما جرت العادة بلبسه فأما ما لم تجر العادة بلبسه لكونه إسرافاً فإن الإسراف لا يجوز في اللباس ولا في الأكل والشرب ولا في غيرهما لقوله تعالى (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) وأما لبس الرجل الخاتم من الفضة فإنه جائز ولا حرج فيه لأن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (اتخذ خاتماً من ورق) أي من فضة.
أما الخاتم من الحديد اختلف فيه أهل العلم فمنهم من كرهه ومنهم من أجازه وأظن أن بعضهم حرمه لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه من حلية أهل النار ومثل هذا الوصف يقتضي أن يكون حراماً لكن الحديث اختلف العلماء في صحته فمنهم من قال إنه ضعيف لمخالفته لحديث سهل بن سعد الثابت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي أراد أن يتزوج المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يردها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (التمس ولو خاتماً من حديد) وهذا يدل على أن الخاتم من الحديد جائز فمن تنزه عنه أي عن خاتم الحديد فهو أولى وفي غيره من المعادن كفاية.
***

السؤال: السائلة تقول يا فضيلة الشيخ هل تنقيش اليدين بالحناء والقيام بتشكيلها والزخرفة يجوز؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز ذلك فيما جرت به العادة لأن المرأة يستحب لها أن تتجمل لزوجها بقدر ما تستطيع فإن تجملها لزوجها يستلزم عادة أن يميل إليها وأن يحبها وكذلك هي الأخرى إذا تجملت لزوجها وأحست بأن زوجها يحب ذلك فإن ذلك يزيد حبها لزوجها وكل شيء يوثق عرى الصلة والمحبة بين الزوجين فإنه مطلوب.
***

السؤال: ظهر دواء يمنع ظهور شعر الجسم في المرأة مرة أخرى ولما فيه من الفائدة والراحة للمرأة فإن كثيرا من النساء تتسآل عما إذا كان هذا الدواء حلالاً أم حراماً؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان هذا في الوجه فهو بمعنى النمص وقد ذكرنا حكمه وإذا كان هذا على شعر آخر كشعر الذراعين والساقين فإن الأولى بلا شك ألا يستعمل هذا لأن الله عز وجل خلق هذا الشعر ولا شك أن في خلقه حكمة اللهم إلا أن يكون شعرا كثيرا مشوها فلا بأس بتخفيفه أو إزالته وبهذه المناسبة نقول إن الشعور تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
قسم نهى الشرع عن إزالته وهو شعر لحية الرجل فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (خالفوا المجوس وفروا اللحى وحفوا الشوارب) .
والقسم الثاني شعر أمر بإزالته وهو شعر الإبطين والعانة للرجل والمرأة والشارب للرجل فإن الرجل أمر بحف الشارب.
والقسم الثالث من الشعور مسكوت عنه لم يأت به أمر ولا نهي فالأولى إبقاؤه على ما كان عليه ألا أن يكون فيه تشويه للخلقة فلا بأس وهذا لا نقول إن إزالته حرام ولا نقول إن إزالته مكروهة لأن التحريم والكراهة يحتاجان إلى دليل لكن نقول الأولى إبقاؤه لأن الله تعالى لم يخلقه عبثا ما لم يكن فيه تشويه.
***

السؤال: ما حكم الإسلام في نتف الحواجب وإزالة شعر الحاجب ليس كله ولكن للتخفيف منه علماً أن شكل الوجه يبدو أفضل ولا أقصد بهذا تغيير خلق الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قبل الإجابة على سؤالها إن توجيه السؤال إلى شخص يخطئ ويصيب بمثل هذه الصيغة ما حكم الإسلام فيه نظر ذلك لأن أي واحدٍ من الناس وإن كان عنده من العلوم الشرعية ما ليس عند غيره لا يمكن أن نقول إن كل ما قاله فهو حكم الإسلام لأنه قد يخطئ وقد يصيب فإذا أخطأ مثلاً نسب خطأه إلى الإسلام لأنه مسئول عن حكم الإسلام في هذا الشيء لذلك أرى أن توجه الأسئلة إلى أهل العلم فيقال ما رأيكم في كذا أو ما حكم الإسلام في نظركم أو ما أشبه ذلك حتى نسلم مما أشرنا إليه في كونه يخطئ فينسب خطأه إلى الإسلام
ثم أقول في الإجابة على سؤالها إن نتف الحواجب محرم بل من كبائر الذنوب لأنه من النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله فقد (لعن النبي عليه الصلاة والسلام النامصة والمتنمصة) النامصة التي تنتف الحواجب من غيرها والمتنمصمة التي تطلب من غيرها أن تنتف حواجبها وكذلك لو أن المرأة فعلته بنفسها هي كانت نامصة متنمصمة فيجتمع في حقها الوصفان والعياذ بالله ولا فرق بين أن تقصد بذلك الزينة أو أن تكون ساخطة لخلقة الله عز وجل وقولها إنها لم تقصد تغيير خلق الله نقول هي وإن لم تقصد فقد حصل منها تغيير خلق الله عز وجل على وجه لم يأذن الله به وعلى هذا فإنني أحذر أخواتي من هذا العمل وأبين لهنّ أن الأمر عظيم لأنه يترتب عليه اللعنة وهي الطرد والإبعاد عن رحمة الله أما لو كثرت الحواجب بحيث كانت تمنع تمام النظر أو ربما تتدلى حتى تصل إلى العين أو تشتبك بالأهداب فإن قص ما طال منه لا بأس به.
***

السؤال: تقول أيضاً ما حكم أخذ الزائد من الحواجب وليس القص، وإذا كان حراماً فهل أيضاً يعتبر حراماً إذا أخذت الفتاة الزائد من حواجبها في عقد قرانها أو ليلة الزفاف؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أخذ الزائد من الحواجب ينقسم إلى قسمين إما أن يكون منكراً عن طريق النتف فهذا لا يجوز، لأنه من النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعلته، وإذا كان بطريق القص فقد قال بعض العلماء إنه من النمص أيضاً فيدخل في اللعنة أيضاً، وقال آخرون ليس من النمص فلا يدخل في اللعنة ولكنه مع هذا لا ينبغي إلا إذا كانت الحواجب كثيرة الشعر بحيث إنها تضفي على العين ظلمة وقصراً في النظر فهذا لا بأس أن تزيل ما يخشى منه هذا المحظور،.
***

السؤال: تقول تخفيف شعر الحاجب ما حكمه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: تخفيف شعر الحاجب إن كان بطريق النتف فهو حرام لأنه من النمص الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعله، وإذا كان بطريق القص أو الحلق فهذا كرهه بعض أهل العلم، ومنعه بعضهم وجعله من النمص، وقال إن النمص ليس خاصاً بالنتف بل هو عام لكل تغيير في الشعر بما لم يأذن الله به، إذا كان في الوجه، ولكن الذي نرى أنه ينبغي للمرأة حتى وإن قلنا بجواز أو بكراهة تخفيفها بطريق القص أو الحلق أن لا تفعل ذلك إلا إذا كان الشعر كثيراً على الحواجب بحيث ينزل إلى العين فيؤثر على النظر فلا بأس بإزالة ما يؤذي منه.
***

تقول علمت قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لعن الله النامصة والمتنمصة) فما رأيكم في التخفيف البسيط في الحاجبين حيث لا يغير من شكلهما حيث إنهما كثيفان أفيدوني مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: النمص هو النتف أي نتف شعر الوجه الحاجبين والأهداب وما أشبه ذلك وأما التخفيف من الحاجبين فإن كانا غليظين غلظاً غير معتاد فلا حرج وإن كانا غليظين غلظاً معتاداً فالأولى إبقاؤهما على ما كان عليه ولا بأس يعني بالمقص أو الموس أو ما أشبه ذلك لا بالنتف لأن النتف نمص.
***

السؤال: تقول هل إزالة الشعر الذي بين الحاجبين حرام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إزالة الشعر الذي بين الحاجبين جائزة إذا كان مشوهاً للخلقة بحيث يكون كثيراً جداً ولكن لا تجوز إزالته بالنتف لأن النتف من النمص وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم النامصة والمتنمصة) وأما إذا كان خفيفاً معتاداً لا يؤذي ولا يشوه فإن الأولى تركه وعدم التعرض له.
***

السؤال: تقول هل يجوز للمرأة أن تزيل الشعر الذي بين الحاجبين إذا كان يشوه منظرها أو تقوم بترقيق شكل الحواجب وتحسينها أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه المسألة تقع على وجهين
الوجه الأول أن يكون ذلك بالنتف فهذا محرم وهو من الكبائر لأنه من النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله
الثاني أن يكون على سبيل القص والحف فهذا فيه خلاف بين أهل العلم هل يكون من النمص أم لا والأحوط تجنب ذلك وألا تفعله المرأة أما ما كان من الشعر غير معتاد بحيث ينبت في أماكن لم تجر العادة بها كأن يكون للمرأة شارب أو ينبت على خدها شعر أو ما أشبه ذلك فهذا لا بأس بإزالته لأنه خلاف المعتاد وهو مشوه للمرأة أما الحواجب فإن من المعتاد أن تكون رقيقة دقيقة وأن تكون كثيفة واسعة هذا أمر معتاد وما كان معتاداً فإنه لا يتعرض له لأن الناس لا يعدونه عيباً بل يعدون فواته جمالاً أو وجوده جمالاً وليس من الأمور التي تكون عيباً حتى يحتاج الإنسان إلى إزالته.
***

السؤال: هل يجوز قلع الشعر الذي في الحاجب إذا كان متصلاً من على الأنف ومشوه للوجه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما إزالة هذا الشعر على سبيل النتف هذا حرامٌ لا يجوز لأن هذا نمص وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم النامصة والمتنمصة) وأما إزالته بغير النتف كالقص والحلق فهذا لا بأس به وإن كان بعض العلماء يرى أنه حرامٌ وأنه من النمص والذي ينبغي لها أن تتركه أي أن لا تتعرض له بشيء إلا إذا ضرها بحيث ينزل من هذا الشعر شيءٌ على عينيها يؤذي عينيها أو يحول بينها وبين تمام النظر فلا بأس أن تقص عنها ما يؤذيها.
***

السؤال: تقول لقد جاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (لعن الله النامصة والمتنمصة) فهل إزالة شعر الوجه اللحية والخدين والشارب بالنسبة للمرأة حرام خاصة إذا كان الشعر ليس بالكثيفٍ المؤذي أو المشوه للمنظر أرجو بهذا إفادة مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: النمص يقول أهل العلم إنه هو نتف شعر الوجه وهو من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن النامصة والمتنمصة) وأما إذا خرج للمرأة عارضان أو شارب أو لحية وكان هذا ظاهراً بيناً فلها أن تزيله بشيء من المزيلات المعروفة لأنه من المعلوم أن المرأة لا يصلح أن يكون وجهها كوجه الرجل في الشعر فإن ذلك يشوهها من وجه وإذا كانت ذات زوج ينفر زوجها عنها.
***

السؤال: تقول ما حكم إزالة الشعر الزائد في وجه المرأة من غير الحاجبين وكذلك إزالة الشعر في أماكن أخرى من جسمها كيديها ورجليها زينة لزوجها فقط؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب على هذا أن نقول إزالة الشعر ثلاثة أقسام
القسم الأول أن يكون مما أمر به الشرع فأمره واضح مثل إزالة شعر العانة والإبط فهذا من السنة ومن الفطرة ومن الطهارة والنظافة.
الثاني ما نهى عنه الشرع كحلق شعر اللحية للرجل وكذلك النمص وهو نتف الحواجب للمرأة أو الرجل أيضاً وقال بعض أهل العلم إن النمص نتف شعر الوجه وهذا يعم كل الوجه ويكون نتفه من النمص أما إذا كان منبت الشعر في وجه المرأة مُثلةً مثل أن ينبت لها شارب أو لحية فإن لها أن تزيل ذلك لأن هذا مُثلة ينفر منها
القسم الثالث إزالة الشعر الذي لم يرد النص بتحريمه كإزالة شعر الذراعين والساقين ونحو ذلك فالأولى أن لا يزال وقال بعض العلماء إنه يحرم إزالته لأن هذا من تغيير خلق الله والأصل في تغيير خلق الله المنع لأن الله تعالى أخبر عنه أنه من أوامر الشيطان وإذا كان من أوامره فإنه لا يجوز لنا طاعته فعليه لا يؤخذ هذا الشعر لا من الساق ولا من الذراع ولا من غيره وقال بعض أهل العلم إنه جائز لكن تركه أفضل وعلل للجواز بأن هذا مما سكت الله ورسوله عنه فهو عفو ولا ريب أن الإنسان ينبغي له أن يحتاط في كل أمر يخشى على نفسه من الوقوع في محظور بسببه فلا ينبغي للمرأة أن تزيل شيئاً من شعر ساقها أو ذراعها اللهم إلا أن يكون كثيراً بحيث يشوه الخلقة فلها أن تخففه ولا حرج عليها في ذلك.
***

السؤال: ما حكم وضع شعر الرأس للمرأة ضفيرة واحدة على الظهر وهل يؤثر ذلك على الصلاة أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا يؤثر على الصلاة وأما الاقتصار على ضفيرة واحدة فإن بعض العلماء كرهه وقال إنه لا ينبغي أن ينقص عن ثلاث ضفائر ولكن أنا ليس عندي علم في هذه المسألة.
***

السؤال: تقول هل يجوز إزالة شعر الوجه دون إزالة الحواجب؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الرجل فلا يحل له حلق لحيته ولكن يسن له قص شواربه
وأما المرأة فإن نبت في موضع اللحية والشارب شعر يبين إذا رآه الإنسان فلها أن تزيله بأي مزيل كان وإن كان شعرا معروفا يعني شعرة أو شعرتين ليس فيها تشويه فإنها تبقيه ولا يحل لها أن تنتفه ولا فرق في هذا بين الحواجب وغيرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن النامصة والمتنمصة) .
***

قص الشعر

السؤال: يقول هل يجوز للمرأة أن تزيل الشعر من جميع أجزاء جسمها وهل يعد ذلك من التزيين للزوج؟

فأجاب رحمه الله تعالى: جواب هذا السؤال أن نقول إن إزالة الشعر أي شعر المرأة من بدنها ينقسم إلى ثلاثة أقسام
القسم الأول منهي عنه بل ملعون فاعله وذلك النمص وهو نتف شعر الوجه كنتف شعر الحواجب لترقيقها وتخفيفها فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (لعن النامصة والمتنمصة)
والقسم الثاني شعر مطلوب إزالته كشعر الإبطين والعانة
والقسم الثالث شعر مسكوت عنه كشعر الساقين والذراعين والصدر ونحو ذلك فالأولى في هذا القسم المسكوت عنه أن لا يزال الشعر اللهم إلا أن يكون كثيراً تقبح به المرأة فلا بأس من تخفيفه بل إن تخفيفه إذا كان أدعى لمحبة الزوج لها أحسن وأولى وأما إذا كان غير كثير ولا مشوه فالأفضل إبقاؤه على ما هو عليه لأنه يخشى أن يكون داخلاً في قوله تعالى عن الشيطان (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) ولكن لا يصل إلى درجة الكراهة أو إلى درجة التحريم أعني إزالة الشعر من الساقين والذراعين والصدر ونحو ذلك لا يدخل إلى درجة الكراهة أو التحريم لعدم ورود النهي عنه فهو من الأمور المسكوت عنها ولكن الأولى تركه إلا أن يكونمستقبحا وإنني بهذه المناسبة أيضاً أحذر بعض النساء اللآتي زين لهنّ الشيطان سوء أعمالهن من إبقاء الأظفار وتطويلها وبعضهن يطول ظفر الخنصر فقط لأن ذلك خلاف الفطرة وخلاف ما وقته النبي صلى الله عليه وسلم لأمته فإن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأمته في الأظافر والعانة والإبط والشارب للرجل أن لا تترك فوق أربعين يوماً ومن العجب أن يزين للإنسان سوء عمله فيبقي هذه الأظافر التي تجمع الأوساخ والأنتان وتشوه المنظر وتلحق الرجل بمشابهة الحبشة فإن الحبشة هم الذين يطيلون أظفارهم لتكون مدىً لهم قال النبي عليه الصلاة والسلام (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل إلا السن والظفر فإن السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة) فلا يليق بالإنسان أن يفعل هذا، ولا يترك الظفر ولا العانة ولا الإبط ولا شارب الرجل أكثر من أربعين يوماً.
***

الداعية أم خالد بعثت بهذه الرسالة تقول هناك مادة تستعملها النساء في إزالة الشعر من الذراعين والساقين بقصد التجمل للزوج وهي عجينه مكونة من السكر والليمون تعقد على النار فهل هذا جائز أفيدونا أفادكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إزالة شعر الذراعين الأولى ألا تفعل وذلك لأن الشعور التي في البدن تنقسم إلى ثلاثة أقسام
قسم أمر الشرع بإزالتها فتزال وذلك كشعر العانة وشعر الإبطين فالعانة تحلق وأما الإبطان فينتفان نتفاً إذا لم يشق على الإنسان
والقسم الثاني شعر لا تجوز إزالته بالنتف وهو شعر الوجه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن النامصة المتنمصة وهي التي تنتف شعر وجهها كالحواجب ولو كان ذلك للتجمل للزوج فإنه محرم ولا يجوز بل هو من كبائر الذنوب
والقسم الثالث ما لم يرد الشرع بالنهي عن إزالته ولا بالأمر بإزالته فليس بمحرم لعدم وجود دليل على التحريم وليس بمأمور بإزالته لعدم وجود دليل على إزالته ولكن الأولى ألا يزال لأن الأصل فيما خلق الله تعالى في البدن أن يبقى كما هو عليه إلا إذا ورد الإذن بإزالته أو الأمر بإزالته فعلى حسب ما جاء به الشرع ومن ذلك شعر الذراعين والساقين فالأولى أن يبقيا ولا يزالا اللهم إلا أن يصل إلى حد التشوه بالكثرة الكاثرة التي تلفت النظر فحينئذ لا بأس من تخفيفها.
***

تقول يوجد شعر في رجليّ وهذا الشعر كثير ويضايقني نفسياً وقد قمت مرة بحلقه ومرة قمت بنتفه هل هذا من الحرام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان كثيراً خارجاً عن العادة فلا بأس بإزالته ولكن لا تزيله بالحلق لأن الشعر إذا حلق ازداد قوة ونمواً ولكن يزيله بالأدوية الموجودة الآن ولا حرج عليها في ذلك مادام كثيراً مشوهاً أما إذا كان عادياً فالأفضل الإبقاء عليه.
***

المستمعة تقول هل يجوز إزالة الشعر الذي في اليدين وفي الأصابع وعلى الساقين والذي في الوجه ماعدا الحاجبين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال جوابه التفصيل وذلك أن الشعور تنقسم إلى ثلاثة أقسام أولاً ما أمر الشرع بإزالته وثانياً ما نهى الشرع عن إزالته وثالثاً ما سكت عنه الشرع
أما ما أمر الشرع بإزالته مثل شعر الإبطين فالأمر فيه واضح
وأما ما نهى الشرع عن إزالته فإنه أيضاً واضح حكمه وأنه لا يزال كما في شعر اللحية للرجل فإنه لا يجوز له حلقها لأن ذلك معصية للرسول صلى الله عليه وسلم ومعصية الرسول معصية لمرسل الرسول وهو الله عز وجل
وأما ما سكت عنه الشرع مثل شعر الذراع والساق والصدر والرقبة فهذا قد يقول القائل إنه لا بأس بإزالته لقول النبي صلى الله عليه وسلم (وما سكت عنه فهو عفو) وهذا مسكوت عنه فيكون عفواً وقد يقول القائل إنه لا ينبغي أخذه لا نقول إنه حرام لأنه لو كان حراماً لبُين تحريمه ولكن نقول لا ينبغي أخذه لأنه قد يدخل في تغيير خلق الله الذي هو من أوامر الشيطان كما قال الله عز وجل عن الشيطان (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) وعلى هذا فيكون الأولى ترك هذه الشعور كما هي إلا أن تصل إلى حد مشوه بحيث تخرج عن العادة والمألوف وتكون محل الأنظار فهنا لا بأس أن يستعمل الإنسان ما يخففها حتى لا يكون محل نظر من الناس بقى علينا شعر الوجه كالحاجبين فإن أخذ الحاجبين بالنتف محرم وهو من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن النامصة والمتنمصة) قال أهل العلم والنمص نتف شعر الوجه والحاجبان من شعر الوجه وأما تخفيف الحاجبين بغير نتف بل بالقص والحلق فهذا موضع خلاف بين أهل العلم منهم من قال إنه داخل في النمص فهو محرم بل كبيرة ومنهم من قال إنه لا يدخل في النمص لأن النمص مخصوص بالنتف وهذا ليس بنتف ولكننا نقول إن الأولى والاحتياط تركه وعدم الأخذ من شعر الحاجبين اللهم إلا أن يكون فيهما أذى للعين مثل أن تطول هذه الشعور فحينئذ يجوز تخفيفها على وجه تزول به المضرة.
***

السؤال: يقول هذا السائل هل يجوز للمرأة أن تخفف من شعر يديها ورجليها من باب التجمل للزوج؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما إذا كان الشعر كثيرا يشبه شعور الرجال فلا بأس أن تخفف وأما إذا كان عاديا فالأولى ألا تتعرض له وأن تبقيه لأن هذا لا يستنكر ولا يستغرب شيء فهو عادي ولأن الله عز وجل لم يخلق هذا إلا لحكمة عظيمة فإبقاؤه هو الأولى.
***

المستمعة تقول هل إزالة شعر اليدين والرجلين تعتبر زينة للمرأة وهل إزالته حلال أم تعتبر تغييراً لخلق الله تعالى؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الأولى للإنسان أن يبقي ما خلقه الله له على ما كان عليه إلا ما أمر الشرع بإزالته مثل شعر الإبطين والعانة والأظفار فإنها تزال اتباعاً للشرع وأما ما لم يرد الشرع على إزالته فالأولى إبقاؤه على ما كان عليه ولا يغير ولكن لو كثر شعر اليدين أو الساقين بحيث يعد خارجا عن المألوف ومستقبحا ومستكرها في أعراف الناس فإنه لا حرج من تخفيفه ولا بأس بذلك.
***

السؤال: فضيلة الشيخ ما قولكم في إزالة المرأة لشعر الساقين واليدين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يجب أن نعلم أن إزالة الشعور على ثلاثة أقسام:
القسم الأول ما أمر به الشرع وذلك كشعر العانة والإبطين والشارب فإن من السنة حلق العانة ونتف الإبطين وحف الشارب أو قصه وهذا من الفطرة التي فطر الله الخلق عليها وقد وقت فيه النبي صلى الله عليه وسلم ألا يترك فوق أربعين يوماً ويضاف إلى ذلك الأظفار فإن من السنة قصها أو تقليمها وألا تترك فوق أربعين يوماً.
والقسم الثاني شعر نهى الشرع عن إزالته أو أمر بما ينافي الإزالة وذلك كشعر اللحية فإن النبي صلى الله عليه وسلم (أمر بإعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها) وقال (خالفوا المجوس) (خالفوا المشركين) وهذا يقتضي أن يكون حلق اللحية حراماً.
والقسم الثالث ما سكت عنه الشرع فلم يأمر بإزالته ولم ينه عن إزالته وذلك كشعر الصدر وشعر الرقبة وشعر الذراعين والساقين والبطن فهذا إن كثر فلا بأس من تخفيفه ولا حرج فيه لأن في ذلك إزالة ما يشوه المنظر وأما إذا لم يكثر فإن الأولى عدم التعرض له لأن الله سبحانه وتعالى لم يخلقه عبثاً بل لا بد فيه من فائدة وقال بعض العلماء إن إزالته إما مكروهة وإما محرمة مستدلاً بقوله تعالى عن الشيطان (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) ولكن لا يتبين لي هذا الحكم أي لا يتبين لي أن إزالته مكروهة أو محرمة بل إزالته من الأمور المباحة إلا أن تركه أفضل خوفاً من الوقوع فيما يأمر به الشيطان من تغيير خلق الله.
***

السؤال: تقول هل يجوز للفتاة أن تنتزع الشعر الذي في يدها لأنه طويل ومشوه لجمال المرأة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الشعر الذي على الساق أو على الذراع كثيرا مشوها فلا حرج أن يخفف حتى يكون عاديا أما إذا كان عاديا ليس فيه تشويه فالأفضل إبقاؤه لأن الله تعالى لم يخلقه إلا لحكمة وأخشى أن تكون إزالته من تغيير خلق الله وذلك أن الشعر ينقسم حكمه إلى ثلاثة أقسام قسم يشرع إزالته كحلق العانة والإبط وتخفيف الشارب وقسم تحرم إزالته كاللحية فإن حلقها حرام والقسم الثالث مسكوت عنه لكن الأفضل بقاؤه إلا أن يكون في ذلك تشويه فلا حرج من إزالته.
***

السؤال: ما حكم ارتداء الجلباب القصير والدليل عليه أرجو الافادة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجلباب القصير لا شك أنه لا يستر الستر الذي ينبغي وذلك لأن الثياب التي تحته سوف تبدو ظاهرة للناس وقد تكون الثياب التي تحته ثياباً جميلة فيعد إظهارها من التبرج وقد قال الله سبحانه وتعالى لنساء نبيه (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) وكل شيء يؤدي إلى الفتنة فإنه محظور شرعاً ولا يمكن أن يكون هناك دليل على كل مسألة بعينها ولكن الشرع قواعد وأحكام عامة فقوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى) مثلاً يفيد أن كل شيء يكون سبباً للزنا ولو لزنا العين والنظر والاستماع فإنه يتجنب لأن العين إذا رأت ونظرت فقد يتعلق القلب بالمنظورة ثم بعد هذا تحصل الفاحشة الكبرى فالحاصل أن الجلباب القصير سبب للفتنة وكل ما كان سبباً للفتنة فإنه منهي عنه.
***

السؤال: هذه سائلة تذكر بأنها فتاة ملتزمة بدينها وتحمد الله على ذلك تقول مشكلتي بأن أهلي يرفضون خروجي من البيت أبدا بحجة أن خروج البنت عيب ولا يجوز وعندما أتكلم مع صديقاتي على الهاتف ويوجهن لي دعوة للزيارة لا أعرف ماذا أفعل أرشدوني بهذا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن عدم خروج المرأة من بيتها هو الأفضل والأولى ولا سيما في الأوقات التي يكثر فيها تجول الشباب في الأسواق وكون أهلك لا يرضون أن تخرجي قد يكون هذا من السياسة التي يرون أنه من مصلحتك فأرى أن تطيعيهم في ذلك وألا تخرجي لكن إذا احتجت إلى الخروج فاطلبي من الوالد أو من أحد الأخوان أن يذهب معك حتى يزول ما في نفوس الأهل من التردد والشك.
***

السؤال: السائلة تقول فضيلة الشيخ هل نتف شعر الوجه دون الحاجبين حرام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم حرام فإن نتف شعر الوجه من النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاعله فهو من كبائر الذنوب وسواء كان بالحاجبين أو على الخدين أو غير ذلك.
***

ما حكم حلق الرأس بالنسبة للمرأة حيث إن شعرها به قشور وفقكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: حلق الرأس للمرأة إذا كان لضرورة فلا بأس مثل أن يكون في رأسها جروح لا تتمكن من مداواتها إلا بحلق رأسها فهذا لا بأس به وأما بدون ضرورة فإن أهل العلم يقولون إنه حرام أن تحلق رأسها لأن ذلك من التشبه بالرجال وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال)
***

السؤال: ما رأي فضيلتكم في إطالة شعر الرجل إلى منكبيه يقصد شعر الرأس أو أقل قليلا علما بأن بعض أولئك الشباب يحتجون بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان شعره إلى شحمة أذنيه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتخذ الشعر أحيانا إلى منكبيه وأحيانا إلى شحمة أذنيه وأنه عليه الصلاة والسلام يرجله ويدهنه ويمشطه عليه الصلاة والسلام يمشطه فيما أظن لكن الترجيل ثابت ولكن اتخاذ الشعر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أمر محمود لأنه من عادة الناس ولم يحلق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه إلا في حج أو عمرة لأن هذا هو عادة الناس أما في عصرنا هذا فإن الناس لا يعتادون هذا بل الناس من علماء وعباد وغيرهم كانوا يحلقون رؤوسهم وحلق الرأس لا بأس به لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الغلام الذي حلق رأسه وترك بعضه قال (احلقه كله أو اتركه كله) وهؤلاء الذين يتخذون الشعر أعني شعر الرأس ويقولون إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يفعله تجد بعضهم مضيعا للصلوات مخالفا للسنة الصريحة تجده يبقي رأسه ويحلق لحيته أو تجده مسبلا أو تجده شاربا للدخان أو غير ذلك فلا يحملهم على هذا والله أعلم إلا أن اتخاذ الشعر صار زينة عند بعض الناس فاتخذوه ولا ينكر على هذا لكن الذي ينكر عليه أن يقول إنه فعله للسنة وهو قد ترك شيئا من الواجبات المهمة فنصيحتي للشباب أن لا يكون همهم تزيين أنفسهم وإصلاح أنفسهم بل يكن همهم إصلاح أخلاقهم وأديانهم عقيدة وقولا وعملا وألا يترفوا أنفسهم كثيرا لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (كان ينهى عن كثرة الإرفاه ويأمر بالاحتفاء أحيانا) ثم إن الرقة واللين إنما هي من شأن النساء ولهذا حرم على الرجل أن يلبس الحرير وأن يلبس الذهب وأبيح للنساء أن تلبس ذلك.
***

السؤال: أرى في هذه الأيام عند النساء لبس غطاء مرتفع عن الرأس يلبسنه وهو مثل الحبل فهل في هذا حرام علما بأن بعض الناس لا يحبون ذلك لأنه مصداقا لقول الرسول صلى لله علية وسلم (كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) فهل في هذا الغطاء شيء أفيدونا جزاك الله خيرا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أخشي أن يكون هذا الذي يوضع على الرأس داخلا فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) ثم إن وضعها على رأسها وخروجها إلى الأسواق يعد من التبرج والزينة لأنها تعتبر هذا زينة وهو تبرج لترفعها بهذه الزينة عن بنات جنسها فعلى المرأة أن تتقي الله عز وجل وألا تكون ألعوبة للهوى والشيطان وما يجيء إلينا من موضات من نساء قد يكن أخذن هذه الموضات من نساء غير مسلمات.
***

السؤال: تقول إذا لبست باروكة وظهرت فيها أمام الأهل والأقارب وأمام الرجال المحرمين علي فقط مثل والدي وإخواني وأخوالي إلى آخره فهل يعتبر حرام إذا لبستها أمامهم ثم عند الوضوء والصلاة سأخلعها بالطبع فما رأيكم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لبس الباروكة على نوعين أولاً أن يقصد به التجمل بحيث يكون للمرأة رأس وافر ويحصل به المقصود وليس فيه عيب على المرأة فلبسها لا يجوز لأن ذلك نوع من الوصل وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة)
والحالة الثانية أن لا يكون لها شعر إطلاقاً وتكون معيبةً بين النساء ولا يمكنها أن تخفي هذا العيب ولا يمكن إخفاؤه إلا بلبس الباروكة نرجوا ألا يكون بلبسها حينئذ بأس لأنها ليست للتجمل وإنما لدفع العيب والاحتياط ألا تلبسها وتختمر بما يغطي رأسها حتى لا يظهر عيبها والله أعلم.
***

السائلة تذكر أنها استعملت والدتها بعض الأدوية والعقاقير على رأسها مما أدى إلى تساقط معظم شعر الرأس وترى فيه بعض الخجل عندما تجلس مع النساء الأخريات وتذكر أن شخصاًُ فيه مثل ما فيها تساقط معظم شعر رأسه واستعمل علاجاً وشفي رأسه ونبت شعر غزير إلا أنه ذكر أن هذا العلاج بعد ما شفي عرف أن هذا العلاج يحتوي على شحم الخنزير وعلى شيء من دمه وهي تريد أن تعرف هل يجوز لها أن تستطب بهذا الطب كما أنها تحرجت من استعمال الباروكة لأنها ترى أنها محرمة على المرأة المسلمة وترجو الإفادة من فضيلتكم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال يتضمن في الحقيقة فقرتين:
الأولى استعمال الباروكة بمثل هذا الحال الذي وصفته حيث تساقط شعرها على وجه لا يرجى معه أن يعود نقول إن الباروكة في مثل هذه الحال لا بأس بها لأنها في الحقيقة ليست لإضافة تجميل ولكنها لإزالة عيب وعلى هذا فلا تكون من باب الوصل الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله فقد (لعن الواصلة والمستوصلة) والواصلة هي التي تصل شعرها بشيء لكن هذه المرأة في الحقيقة لا تشبه الواصلة لأنها لا تريد أن تضيف تجميلاً أو زيادة إلى شعرها الذي خلقه الله تبارك وتعالى لها وإنما تريد أن تزيل عيباً حدث وهذا لا بأس به لأنه من باب إزالة العيب لا إضافة التجميل وبين المسألتين فرق.
وأما بالنسبة لاستعمال هذا الدواء الذي فيه شحم الخنزير إذا ثبت أن فيه شحماً للخنزيز فهذا لا بأس به عند الحاجة لأن المحرم من الخنزير إنما هو أكله (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) وقال الله تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إنما حرم من الميتة أكلها) وأنه أذن في الانتفاع بجلدها بعد الدبغ وثبت عنه أيضا أنه قال صلى الله عليه وسلم (إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لا هو حرام) يعني البيع لأنه أي البيع موضع الحديث والصحابة رضي الله عنهم أوردوا هذا لا لأجل أن يعرفوا حكم هذه الأشياء لكن لأجل أن يكون مبرراً للبيع قالوا هذه المنافع التي ينتفع بها الناس من شحوم الميتة ألا تبرر بيعها قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا هو حرام) وعلى هذا فاستعمال هذا الدواء في دهن الرأس به إذا صح أنه مفيد فإن الحاجة داعية إليه وعلى هذا فإذا استعملته فإنها عند الصلاة تغسله لأن شحم الخنزير نجس هذا إذا ثبت.
***

السؤال: تقول ما مدى صحة هذا الحديث وما المقصود به (لعن الله الواصلة والمستوصلة) وهل يقصد به الشعر المصنوع من الشعر الذي سقط أو الشعر المصنوع من الألفاف وغيرها من المصنوعات؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواصلة هي التي تصل رأس غيرها والمستوصلة هي التي تطلب أن يفعل ذلك بها ووصل شعر الرأس بالشعر محرم بل هو من الكبائر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعله ووصل الشعر بغير شعر اختلف فيه أهل العلم فمنهم من قال إنه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى أن تصل المرأة بشعرها شيئاً) وشيئاً هنا عامة تشمل الشعر وغيره وعلى هذا فالشعور المصنوعة التي تشبه الشعور التي خلقها الله عز وجل لا يجوز أن توصل بالشعور التي خلقها الله سبحانه وتعالى بل هي داخلة في هذا الحديث والحديث فيه الوعيد الشديد على من فعل ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم (لعن الواصلة والمستوصلة) واللعن معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله وقد ذكر أهل العلم أن كل ذنب رتب الله تعالى عليه عقوبة اللعن فإنه يكون من الكبائر.
***

السؤال: المستمعة م ع ف من جمهورية اليمن الديمقراطية عدن تقول هل يجوز للمرأة أن تفرق شعرها بالجنب؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السنة في فرق الرأس أن يكون في الوسط لأن الشعر له اتجاهات إلى الأمام وإلى الخلف وإلى اليمين وإلى الشمال فالفرقة المشروعة أن تكون في وسط الرأس بحيث يكون اليمين على اليمين واليسار على اليسار وأما الفرقة من جانب واحد ففيها حيف وربما يكون فيها تشبه بغير المسلمين وربما يكون ذلك داخلاً في قول النبي عليه الصلاة والسلام (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) فالفرقة المائلة يخشى أن تكون داخلة في هذا الحديث في عموم قوله (المميلات) كما قاله بعض أهل العلم فالذي أنصح به أخواتنا النساء المؤمنات أن يتجنبنّ هذا وأن يجعلنا الفرقة في الوسط كما هو المشروع والسنة
***

السؤال: المستمعة من القصيم تقول ما حكم جمع الشعر من الأمام في جهة معينة وذلك بأن تفرق المرأة شعرها من الأمام باتجاه مائل وهل يعد عمل هذه المرأة من المائلات المميلات؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا يجب على المرأة في تصلىح شعر رأسها وتحسينه أن تتجنب شيئين
الشيء الأول أن تتجنب قص شعر الرأس حتى يكون كشعر الرجل وذلك لأنها إذا قصت شعرها حتى يكون كشعر رأس الرجل صارت متشبهة بالرجال وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه (لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء) .
ثانياً ألا تصلحه على وجه يشبه شعور نساء الكفار فإن ذلك حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) وبناء على هذا نقول إذا أصلحت المرأة شعر رأسها على وجه سالماً مما ذكر آنفا فإنه لا بأس به لكن قد ذهب كثير من العلماء إلى أن المشطة المائلة تدخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون به الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات) وقالوا إن هذه المشطة المائلة تدخل في قول مائلات مميلات كذلك ذهب كثير من أهل العلم إلى أن قص المرأة رأسها مكروه بكل حال وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد وذهب آخرون إلى تحريم قص المرأة شعر رأسها إلا في حج أو عمرة.
***

السؤال: تقول هل فرق الشعر من المنتصف أو الجنب اتباعا للموضة وإخراج خصلة من كل فرقة هل يعتبر من المائلات أفتونا مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الفرق لا يكون من أحد الجانبين بل هو من الوسط يفرق الرأس فيكون الشعر الأيمن في اليمين والشعر الأيسر في اليسار وأما الميل بالفرقة فقد ذكر بعض علمائنا رحمهم الله أن ذلك داخل في الحديث وهو قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم أسياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) فبعض علمائنا رحمهم الله أدخل هذا أعني الفرقة المائلة أدخلها في الحديث.
***

السؤال: بارك الله فيكم المستمعة من الرياض تقول فضيلة الشيخ ما الحكم في فرق مقدمة الشعر إذا كان في مقدمة الشعر كوي بالنار وذلك لتغطية الكوي بالنار وما تفسير قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف (المائلات المميلات) ؟

فأجاب رحمه الله تعالى: فرق الرأس من السنة أن يفرق الشعر من نصف الرأس بحيث يكون الجانب الأيمن منسدلاً إلى جانب الأيمن والجانب الأيسر إلى الجانب الأيمن وكذلك القفا ينسدل إلى القفا هذا هو السنة وهذا هو الأصل وأما فرقه من جانب إلى آخر فهذا قد يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) وقد عد بعض العلماء المشطة المائلة من هذا النوع فالحذر الحذر من التعرض لما فيه الوعيد بالنار أو حرمان دخول الجنة وأما الكية التي في وسط رأسها فلا بأس أن تغطيه بالشعر وألا يكون الفرق على نفس هذا الموضع.
***

السؤال: هل يجوز للمرأة النشرة المائلة أم هي حرام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: النشرة المائلة لا أتصورها لكن إذا كان المقصود فرق الرأس من جانبٍ واحد فإن هذا خلاف السنة أن يكون فرق الرأس من الوسط ليكون الشعر من الجانبين على السواء من جانب اليمين ومن جانب الشمال فهذا هو الذي ينبغي للمرأة أن تفعله أما فرقها من جانبٍ واحد فهذا لا ينبغي لا سيما إن كان يقتضي التشبه بغير المسلمات فإنه يكون حراماً.
***

السؤال: ما حكم قص المرأة الشعر الزائد من الحاجبين إذا كان ينزل على العين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم لا حرج عليها أن تأخذ الزائد من شعر الحاجب الذي ينزل على عينها لأن بقاءه يؤذيها في الحقيقة ينزل على الأجفان ويختلط بالأجفان أي بشعر الأجفان ويحصل بهذا إرباكٌ للعين وقد ذكر فقهاء الحنابلة رحمهم الله أن الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله أخذ من حاجبيه فإذا طال شعر الحاجب وقصت الزائد الذي يتدلى إلى أجفانها وأهدابها فلا حرج.
***

تسريح الشعر

السؤال: تقول فتاة قامت بنتف حواجبها قبل علمها بعقوبة النمص ولما كبرت ندمت وتابت مع أنها نتفت وهي صغيرة لجهلها ما الحكم في ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الحكم في ذلك أنه لا شيء عليها حين كانت جاهلة وقت فعل المعصية وهذه قاعدة عامة في جميع المعاصي أن الإنسان إذا فعلها جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فإنه ليس عليه إثم ولا عقوبة ولا كفارة فيما فيه كفارة لقول الله تعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى قد فعلت ولقوله تعالى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) ولقوله تعالى فيمن أكره على الكفر (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فإذا كان الكفر وهو أعظم المعاصي لا يؤاخذ به الإنسان في حال الإكراه فما دونه من باب أولى ولأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) ولأنه وردت أحاديث في قضايا متعددة بل جاء القرآن مع الأحاديث في قضايا متعددة تدل على أنه لا إثم ولا كفارة على غير المتعمد ومن ذلك قوله في جزاء الصيد إذا قتله محرم قال (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ) فأوجب الله الجزاء على من قتله متعمداً وفي الصيام قال النبي صلى الله عليه وسلم (من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) وفي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت (أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم) ولم تذكر أنهم أمروا بالقضاء ولو كان القضاء واجباً لأمروا به ولو أمروا به لنقل إلينا فالمهم أن نصوص الكتاب والسنة العامة والخاصة تدل على أن الإنسان إذا فعل المعصية جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه وهذه القاعدة التي دلت عليها الشريعة بالكتاب والسنة ينبغي للإنسان أن يتخذها أساساً في كل المعاصي التي يفعلها ولكن هذا لا يعني أن يفرط الإنسان في السؤال عن الحكم ويقول أنا لا أسأل لأجل أن أعمل كما يفعل بعض العامة يقول لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤ كم هذا خطأ بل يجب على الإنسان أن يتعلم وأن يعرف أحكام دينه التي يحتاج إليها وكذلك أيضاً ينبغي أن يكون ذاكراً بما يلزمه في طاعاته حتى لا يسهو ويغفل بقدر المستطاع لقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)
***

السائل: المستمع يحي محمد عطية من الجمهورية العراقية ناحية القيارة يقول أكثر الناس بدأوا يطيلون شعورهم حتى لا يعرف الرجل من المرأة والبنت من الولد وبدأت المرأة تقص رأسها وإذا قيل الشعر الطويل حرام للرجال يقولون إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يقص شعره حتى يعمل منه جديلة فهل هذا صحيح وهل تطويل الشعر حرام وهل قص الشعر للمرأة حرام أفيدونا وفقكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال يتضمن مسألتين الأولى بالنسبة لتطويل الرجال لشعورهم والثانية بالنسبة لتقصير المرأة من رأسها.
أما الأول فإن إطالة شعر الرأس لا بأس به فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم له شعر يقرب أحيانا إلى منكبيه فهو على الأصل لا بأس به ولكن مع ذلك هو خاضع للعادات والعرف فإذا جرى العرف واستقرت العادة بأنه لا يستعمل هذا الشيء إلا طائفة معينة نازلة في عادات الناس وأعرافهم فلا ينبغي لذوي المروءة أن يستعملوا إطالة الشعر حيث إنه لدى الناس وعاداتهم وأعرافهم لا يكون إلا من ذوي المنزلة السافلة فالمسألة إذن بالنسبة لتطويل الرجل لرأسه من باب الأشياء المباحة التي تخضع لأعراف الناس وعاداتهم فإذا جرى بها العرف وصارت للناس كلهم شريفهم ووضيعهم فلا بأس به أما إذا كانت لا تستعمل إلا عند أهل الضعة فلا ينبغي لذوي الشرف والجاه أن يستعملوها ولا يرد على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الناس وأعظمهم جاها كان يتخذ الشعر لأننا نري في هذه المسألة أن اتخاذ الشعر ليس من باب السنة والتعبد وإنما هو من باب اتباع العرف والعادة هذا بالنسبة للمسألة الأولى من السؤال.
أما بالنسبة للمسألة الثانية وهي تقصير المرأة لشعر رأسها فإن ذلك لا يجوز إذا كان على وجه يشبه رؤوس الرجال أو على وجه يشبه رؤوس الكافرات أو البغايا أو ما أشبه ذلك ممن لا يجوز التشبه به وأما على خلاف ذلك فإن للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال فمنهم من يرى تحريم قص المرأة من شعر رأسها مطلقاً في غير حج أو عمرة ومنهم من يرى الكراهة وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل ومنهم من يرى الإباحة بشرط ألا يؤدي ذلك إلى التشبه فيمن سبق الإشارة إليه.
***

السؤال: تقول في السؤال ما حكم قص الشعر إذا لم يكن في القص تشبه بالرجال ولم يكن هناك سبب يجعل المرأة تضطر إلى قص شعرها مثل تساقط الشعر وغير ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قص المرأة شعر رأسها في حج أو عمرة نسك من مناسك الحج والعمرة فتقصر من كل قرن قدر أنملة وهذا لا إشكال فيه وقص المرأة شعرها لحاجة لا إشكال في جوزاه أيضاً وقص المرأة رأسها لغير حاجة اختلف فيه أهل العلم فمنهم من قال إنه مكروه ومن أصحاب الإمام أحمد من حرمه ولكن لا دليل على هذين القولين والذي نراه في هذه المسألة أن الأفضل للمرأة إبقاء رأسها على ما كان وأن لها أن تقصه بشرط أن لا تقصه قصاً بالغاً بحيث يكون كشعر رأس الرجل وأن لا تقصه على وجه يشبه قص نساء الكفار.
أما دليل الشرط الأول أن لا يكون مشابهاً لرأس الرجل فلأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لعن المتشبهات من النساء بالرجال)
وأما دليل الثاني فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من تشبه بقوم فهو منهم) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أقل أحوال هذا الحديث التحريم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم وليعلم أن التشبه لا يكون بالقصد وإنما يكون بالصورة بمعنى أن الإنسان إذا فعل فعلاً يختص بالكفار وهو من ميزاتهم وخصائصهم فإنه يكون متشبهاً بهم سواء قصد بذلك التشبه أم لم يقصده وكثير من الناس يظن أن التشبه لا يكون تشبهاً إلا بالنية وهذا غلط لأن المقصود هو الظاهر وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التشبه بالكفار كما في الحديث الذي ذكرناه آنفاً قال العلماء ومن تشبه بهم في الظاهر أوشك أن يتشبه بهم في الباطن لا سيما إذا كان هذا التشبه بقصد تقليدهم الدال على تعظيم في النفس وعلى أنهم أهل لأن يكونوا أسوة فإن فاعل ذلك على خطر عظيم.
***

السؤال: ما حكم الشرع في قص شعر المرأة علماً بأن النية ليست التشبه بالأجنبيات؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قص المرأة شعر رأسها إن كان على وجهٍ يشبه أن يكون كرأس الرجال فإن هذا حرامٌ ولا يجوز بل هو من كبائر الذنوب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم (لعن المتشبهات من النساء بالرجل والمتشبهين من الرجال بالنساء) وأما إن كان على وجه يخالف ما يكون عليه من شعر رؤوس الرجال فإن المشهور من مذهب الحنابلة رحمهم الله أن ذلك مكروه وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك محتجاً بما يروى عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أنهن كن يقصصن رؤوسهن بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يكون كالوفرة ولكن أجيب عن ذلك بأنهن يفعلن هذا من أجل أن يعلم عزوفهن عن الأزواج لأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته لا يحل لأحدٍ أن يتزوجهم كما قال الله تعالى (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً) وقول السائل إنها لا تريد التشبه ينبغي أن يعلم أنه إذا حصلت المشابهة حيث لا تحل فإنه لا يشترط فيها القصد لأن المشابهة صورة شيءٍ على شيء فلا يشترط فيها القصد فإذا وقعت المشابهة على وجهٍ محرم فإنها ممنوعة سواءٌ قصد ذلك الفاعل أم لم يقصده وكثيرٌ من الناس يظنون أن المشابهة المحرمة لا تكون محرمةً إلا بالنية والقصد وهذا خطأ بل متى حصلت صورة المشابهة المحرمة كانت محرمة سواءٌ قصد الفاعل هذه المشابهة أم لم يقصدها.
***

ماحكم قص شعر المرأة إذا وصل نصف الساق؟

افأجاب رحمه الله تعالى: والله ما أدري عن صحة هذا الخبر، أن يصل شعر رأس المرأة إلى نصف ساقها ولكن الله على كل شيء قدير إذا وصل إلى نصف الساق فلا حرج عليها أن تقصه إلى القدر المعتاد بين النساء على وجه لا تتأذى به، وأما إذا كان الرأس على الوجه المعتاد الذي ليس فيه أذية فإن أهل العلم ولاسيما الفقهاء الحنابلة رحمهم الله كرهوا قص شعر الرأس من الأمام أو الخلف، لكن إذا قصته على وجه يكون مشابهاً لرأس الرجل كان هذا القص حراماً لأن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن المتشبهات من النساء بالرجال) فإذا قصت المرأة رأسها حتى يكون كرأس الرجل صارت متشبهة بالرجل سواء قصدت التشبه أو لم تقصد لأن ما حصل به التشبه لا يشترط فيه نية التشبه، إذ التشبه تحصل صورته ولو بلا قصد فإذا حصلت صورة التشبه كانت ممنوعاً ولا فرق في هذا بين التشبه بالكفار أو تشبه المرأة بالرجل أو الرجل بالمرأة فإنه لا يشترط فيه نية التشبه ما دام وقع على الوجه المشبه، ولكن ينبغي أن نعرف ما هي حقيقة التشبه، حقيقة التشبه أن يقوم الإنسان بفعل شيء يختص به من تشبه به فيه، بأن يكون هذا الشيء من خصائص الكفار مثلاً، هذا الشيء من خصائص النساء، هذا الشيء من خصائص الرجال، فإذا كان هذا الشيء من خصائص الكفار فإنه لا يجوز للمسلم أن يفعله سواء بقصد أو بغير قصد، أي سواء كان بقصد التشبه أو بغير قصد التشبه، وكذلك إذا كان من خصائص الرجال فإنه لا يجوز للمرأة أن تفعله، وإذا كان من خصائص النساء فإنه لا يجوز للرجل أن يفعله.
***

السؤال: تقول ما حكم قص الشعر بالنسبة للمرأة رغبة في التجمل لزوجها وما هو حد القص للشعر بمعنى آخر ما المقدار المسموح به في قص شعر المرأة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قص شعر المرأة أعني قص شعر رأسها كرهه بعض العلماء وحرمه بعض العلماء وأباحه بعض العلماء وما دام الأمر مختلف فيه فالرجوع إلى الكتاب والسنة ولا أعلم إلى ساعتي هذه ما يدل على تحريم قص شعر المرأة وعلى هذا فيكون الأصل فيه الإباحة وأن المرجع فيه للعادة ففيما سبق كانت النساء ترغب طول الرأس وتفتخر بطول الرأس ولا تقصه إلا عند الحاجة الشرعية أو الحسية وتغيرت الأحوال الآن فالقول بالتحريم ضعيف ولا وجه له والقول بالكراهة يحتاج إلى تأمل ونظر والقول بالإباحة أقرب إلى القواعد والأصول وقد روى مسلم في صحيحه (أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته كن يقصصن رؤوسهن حتى تكون كالوفرة) لكن إذا قصته المرأة قصا بالغا حتى يكون كرأس الرجل فهذا حرام لا إشكال فيه لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لعن المتشبهات من النساء بالرجال) وكذلك لو قصته قصا يماثل رؤوس الكافرات والعاهرات فإن من تشبه بقوم فهو منهم أما إذا قصته قصا خفيفا لا يصل إلى حد يشبه شعور الرجال ولا يكون مشابها لرؤوس العاهرات والكافرات فلا بأس به.
***

السؤال: تقول في رسالتها ما حكم قص شعر المرأة هل يباح قص شيء منه وما هو القدر المباح قصه من هذا الشعر وإذا كان لا يجوز فأرجو من فضيلتكم ذكر الدليل لنتمسك به؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال سبقت الإجابة على مثله ولا مانع من إعادة القول فيه فالعلماء رحمهم الله اختلفوا في قص المرأة شعر رأسها هل هو جائز أو مكروه أو محرم على ثلاثة أقوال فمنهم من قال إنه مباح وقال إن ذلك هو الأصل إلا بدليل يدل على المنع ما لم يكن قصه على وجه يصل به إلى مشابهة رأس الرجل فإنه في هذه الحال لا شك في تحريمه بل إنه من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن المتشبهات من النساء بالرجال ولعن المتشبهين من الرجال بالنساء) ومنهم من قال إنه مكروه لأن المرأة جمالها في رأسها ولهذا لم تؤمر بحلقه في حج ولا عمرة وإنما المشروع في حقها أن تقصر من كل ضفيرة قدر أنملة فقط ومنهم من قال إنه محرم وعلل ذلك بأنه مثلة والمرأة جمالها في رأسها فإذا قصته صار ذلك مثلة في حقها والتحريم يحتاج إلى دليل بل والكراهة تحتاج إلى دليل أيضاً وإلا فالأصل في غير العبادات الحل كما قال بعضهم.
والأصل في الأشياء حل وامنع عبادة إلا بإذن الشارع
لكني أكره للمرأة أن تقص شعر رأسها لأنني لا أحب من نسائنا أن يتلقفن كل ما يرد علينا من العادات التي ليست فيها مصلحة ظاهرة تسوغ لنا مخالفة عاداتنا وإبقاء الإنسان على شخصيته وعاداته التي لا تخالف الشرع ولا تفوت مصلحة أولى من كونه تبعاً لغيره إمعة يقول ما يقول الناس ويفعل ما يفعل الناس من غير روية فالذي أراه لنسائنا أن يلتزمنّ بالعادات التي كنّ عليها ما لم تكن مخالفة للشرع أو يحدث عادات فيها مصلحة والتزامها لا يخل بالمروءة ولا بالدين فلا حرج من اتباعها حينئذٍ لأني لا أحارب كل جديد ولكن الجديد الذي لا مصلحة فيه والذي يقتضي أن تخرج نساؤنا عن عاداتهن بدون موجب لا أحب أن نتبعه.
***

السؤال: تقول هل قص الشعر من الأمام ومن الخلف حرام وهل ورد أدلةٌ تؤيد ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول المشروع أن المرأة تبقي رأسها على ما كان عليه ولا تخرج عن عادة أهل بلدها وقد ذكر فقهاء الحنابلة رحمهم الله أنه يكره للمرأة قص رأسها إلا في حجٍ أو عمرة وحرمه بعض فقهاء الحنابلة حرموا قص المرأة شعر رأسها ولكن ليس في المسألة ما يدل على الكراهة أو على التحريم بل الأصل عدم ذلك فيجوز للمرأة أن تأخذ من شعر رأسها من قدام أو من الخلف على وجهٍ لا تصل به إلى حد التشبه برأس الرجل لأن الأصل الإباحة لكن مع ذلك أنا أكره للمرأة أن تفعل هذا الشيء لأن نظر المرأة وتقبلها لما يرد من العادات المتلقاة من غير بلادها هذا مما يفتح لها باب النظر إلى العادات المستوردة وربما تقع في عاداتٍ محرمة وهي لا تشعر فكل العادات الواردة إلى بلادنا في المظهر والملبس والمسكن إذا لم تكن من الأمور المحمودة التي دل الشرع على طلبها فإن الأولى البعد عنها وتجنبها نظراً إلى أن النفوس تتطلب المزيد من تقليد الغير لا سيما إذا شعر الإنسان بالنقص في نفسه وبكمال غيره فإنه حينئذٍ يقلد غيره وربما يقع في شرك التقليد الآثم الذي لا تبيحه شريعته دعنا من العادات ونحن في الحقيقة عندنا أشياء نتمسك بها يسميها بعضنا عاداتٍ وتقاليد ونحن ننكر عليهم هذه التسمية ونقول لقد ضللتم وما أنتم بالمهتدين فإن من عاداتنا ما هي من الأمور المشروعة التي لا تتحكم فيها العادات والتقاليد كمثل الحجاب مثلاً فلا يصح أن يسمى احتجاب المرأة عادةً أو تقليداً وإذا سمينا ذلك عادةً أو تقليداً فهو جنايةٌ على الشريعة لأننا حولنا الشريعة إلى عادات وتقاليد بل هي من الأمور الشرعية التي لا تتحكم فيها الأعراف ولا العادات ولا التقاليد والتي يلزم المسلم أياً كان وفي أي مكان يلزمه أن يلتزم بها وجوباً فيما يجب واستحباباً فيما يستحب.
***

السؤال: تقول هل يجوز للمرأة أن تقص شعرها من الأمام بما يسمى القصة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المرأة لا شك أن رأسها جمال لها وستر وأن أكثر النساء ترغب أن يكون لها رأس ولهذا شرع لها في الحج والعمرة أن تقصر بقيد أنملة من كل ظفيرة واختلف العلماء رحمهم الله في جواز قص المرأة رأسها فمنهم من قال إنه مكروه ومنهم من قال إنه حرام ومنهم من قال إنه مباح أي حلال إلا أن تقصه على وجه يكون شبيهاً برأس الرجل فإنه يكون حراماًَ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء) والذي أرى أن الأحسن والأولى ألا تقص المرأة شعر رأسها لأن تقبل ما يرد إلينا من عادات غيرنا وأخذها بدون فائدة أمر لا ينبغي أن يكون فإن هذا قد يحول المجتمع إلى عادات مجتمعات أخرى قد تبعدها عن العادات التي يقرها الشرع أما إذا قصته حتى يكون على شبه رأس الرجل فإنه لا شك أنه حرام لما ذكرنا بل إنه من كبائر الذنوب.
***

السؤال: تقول هل يجوز للمرأة أن تقصر شعرها وتستعمل ما يسمى بالقصة وكذلك عمل القصة على الجبين للبنات الصغار؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من المعلوم أن شعر رأس المرأة من جمالها ومما تحظى به عند زوجها وهذا أمر معروف لدى الناس حتى جاءت المدنية الحاضرة التي يعشق الناس فيها كل جديد وصاروا يتلقفون ما يرد إليهم من عادات وتقاليد منهم من يعرضها على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن رأى في ذلك متسعاً عمل بها وإن رأى منعاً تركها ومنهم من يتلقف هذه العادات والتقاليد على علاتها ولا يبالي أوافقت الكتاب والسنة أم خالفته ولا ريب أن المرأة لا يُشرع لها قص رأسها إلا في حج أو عمرة تقصر من أطرافه وأما التقصير منه في غير الحج والعمرة فإن العلماء اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال منهم من يرى التحريم ويقولون بأنه مثلة ومنهم من يرى الكراهة وهذان القولان في مذهب الإمام أحمد ومنهم من يرى الإباحة وأنه لا بأس به وهذا القول مقيد بما إذا لم يصل الأمر إلى حد التشبه بالرجل بحيث تقص المرأة رأسها حتى يكون كهيئة رؤوس الرجال في هذه الحال لا يجوز لها أن تفعل لأن ذلك من التشبه بالرجال وقد (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال) وبناءً على هذا القول فإن القصة التي تكون في مقدم الرأس وعلى الجبهة لا بأس بها ولكننا لا نرى للمرأة أن تفعل ذلك نرى أن الأولى ألا تفعل لأننا لا نحب أن نتلقف كلما جاءنا من غيرنا وهي أمور عادية بل إن بقاء الإنسان على عاداته يكون أقوى لشخصيته وأبعد عن الانزلاق في عادات قد تكون محرمة في شريعتنا ثم هو أدل على تمسك الإنسان بما عنده من عادات وتقاليد وهذا يؤدي إلى قوته أيضاً في التمسك بما عنده من الديانات عقيدة وعملاً وسلوكاً ومنهاجاً ولهذا نرى هؤلاء الذين ينزلقون وراء هذه العادات ويتابعونها نراهم غير أقوياء في التمسك بدينهم وربما يجرفهم التيار إلى أمور تتعلق بالدين والعبادة لهذا أرى أنه لا ينبغي للمرأة وإن قلنا بجواز ذلك لا ينبغي للمرأة أن تستعمل هذه القصة لأننا نخشى أن نكون وراء هذه الواردات إلينا وأما بالنسبة للقصة للصغيرة فإننا نرى ألا تُفعل أيضاً لأن الصغير إذا شب على شيء وألفه استساغه بعد كبره ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نأمر أولادنا بالصلاة لسبع سنين وأن نضربهم عليها لعشر سنين مع أنهم لم يُكلفوا بعد من أجل أن يتمرنوا على فعل الطاعة ويألفوها حتى تسهل عليهم بعد الكبر وتكون محبوبة لديهم كذلك الأمور التي ليست بالمحمودة لا ينبغي أن يعود الصغار عليها وإن كانوا غير مكلفين وذلك لأنهم يألفونها عند الكبر ويستسيغونها.
***

السؤال: تقول ما حكم جدل الشعر جديلة واحدة أو ضفيرة واحدة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم فيه بأساً إذا جدلتها جديلة واحدة لا أعلم في ذلك بأساً والأصل الحل ومن رأى شيئاً من السنة يمنع ذلك وجب اتباعه فيه.
***

السؤال: تقول السائلة ما حكم المشطة المائلة وهي جعل جزء من الشعر أكثر من الآخر وهل تدخل في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (مائلات مميلات) ؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يرى بعض العلماء أن المشطة المائلة داخلة في هذا الحديث أي في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (مائلات مميلات) وعلى هذا فتكون المشطة المائلة محرمة ثم هي أيضا خلاف العدل فإن العدل أن تجعل الرأس مستويا يمينه وشماله ثم إنها وردت من عادات قوم قد يكون أصلها من غير المسلمين الذي نرى أنه يجب على المرأة أن تتجنب هذه المشطة وأن تمتشط على وجه العدل والاستقامة في تفريق الشعر.
***

السؤال: يقول هل لبس الثياب البيضاء وارد في السنة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الألوان في الثياب كلها جائزة ما عدا الأحمر الخالص فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنه لكن اللباس الأبيض أفضل من غيره ولا بأس أن يعدل الإنسان عنه إلى لباس شيء ملون بلون آخر فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يلبس الحلة الحمراء يعني التي أعلامها أي الخطوط التي فيها حمر.
***

السؤال: تقول فضيلة الشيخ هل لبس الأكمام القصيرة بالنسبة للمرأة أو ما يسمى بالغير ساتر أمام النساء هل هو حرام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرى أن المرأة تلتزم بالحشمة والبعد عن التبرج وحَسَب التطور أن النساء إذا فتح لهن شيء من المباح تدرجن بذلك إلى المحرم فلو رخصنا لهن بإخراج الذراع أمام النساء لتدرجت الحال إلى إخراج العضد وربما إلى لباس يبدو منه الكتف وحصل بذلك التبرج المذموم فعلى المرأة أن تكون كما كان النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم تستر إلى كفيها في اليدين وإلى كعبيها في الرجلين فقد ذكر شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله أن هذا لباس نساء الصحابة رضي الله عنهم وكفى بهن أسوة وقدوة.
***

بشير يوسف يقول رجل متزوج وله أبناء وزوجته تريد أن ترتدي الزي الشرعي وهو يعارض ذلك فبماذا تنصحونه بارك الله فيكم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب أننا ننصحه بأن يتقي الله عز وجل في أهله وأن يحمد الله عز وجل حيث يسر له مثل هذه الزوجة التي تريد أن تنفذ ما أمر الله به من اللباس الشرعي الكفيل بسلامتها من الفتن وإذا كان الله عز وجل قد أمر عباده المؤمنين أن يقوا أنفسهم وأهليهم النار في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حمل الرجل المسئولية في أهله وقال (الرجل راعٍ في بيته ومسئول عن رعيته) فكيف يليق بهذا الرجل أن يحاول إجبار زوجته على أن تدع الزي الشرعي في اللباس إلى زي محرم يكون سبباً للفتنة بها ومنها فليتق الله تعالى في نفسه وليتق الله في أهله وليحمد الله تعالى على نعمته أن يسر له مثل هذه المرأة الصالحة وأما بالنسبة إليك فإنه لا يحل لك أن تطيعيه في معصية الله أبداً لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
***

السؤال: أنا أدرس في جامعة في كلية الطب وهي كلية شاقة وتحتاج الدراسة إلى سبعة سنوات ومنذ سنوات أكرمني الله عز وجل وهداني إلى ارتداء الحجاب فأنا أقوم بارتداء بالطو أراعي فيه حسب ما أستطيع شروط الزي الإسلامي وأضع غطاء علي رأسي ولكن لا يستر وجهي ومشكلتي هي عدم استطاعتي ستر وجهي فوالدي يرفضان تماماً هذه الفكرة حيث إن عدد الفتيات التي أكرمهن الله بتغطية وجوههن في بلدنا قليل جداً وهي فئة ينظر إليها بعين الاستغراب والاحتقار وكنت قد وضعت في قلبي أني إن شاء الله تعالى أغطي وجهي عندما يوفقني المولى بالزواج من أخ ملتزم ولكن أخشى أن توافقني المنية قبل ذلك فإني فأرجو الإفادة في ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يجب على المرأة أن تبادر بالتزام أحكام الإسلام جميعها حسب استطاعتها لقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ومن الآداب الإسلامية التي جاء بها الشرع تغطية المرأة وجهها ويديها لما في إبدائهما من الفتنة من المرأة وفي المرأة أيضاً وليس هذا محل سرد النصوص الدالة على وجوب ستر الوجه واليدين أو الكفين ولكني أقول لهذه المرأة إن الواجب أن تبادر بالتزام أحكام الإسلام غير مباليةٍ بأي شي يطرأ عليها من أجل ذلك ما لم يكن عليها في ذلك ضرر بحيث لا تستطيع أن تنفذ الحكم الشرعي وتكون داخلة ضمن قول الله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فحينئذ يسقط عنها ما تعجز عنه من الواجبات وأما كونها تنتظر حتى توفق بزوج ملتزم فإن هذا لا يجوز لأنها لا تدري هل يمكنها ذلك أو تموت قبل أن توفق بهذا الزوج الذي تترقبه فالواجب عليها المبادرة إلى فعل ما أوجبه الله سبحانه وتعالى من تغطية الوجه واليدين عن الرجال الأجانب. وإرضاء الوالدين في معصية الله تعالى لايجوز بل إرضاء الله تعالى فوق كل رضا فإذا كانت نساء البلدة لا يحتجبن فهذا ليس بعذر شرعي عند الله عز وجل أن تبقى هذه المرأة تابعة لنساء البلدة.
***

السؤال: تقول هل يجوز للبنت التي لم تتزوج بعد أن تكشف عن وجهها وكفيها أمام الناس أو في الشارع أفيدونا أفادكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للبنت التي لم تتزوج ولا للمتزوجة أن تكشف وجهها أمام الرجال الأجانب سواء في السوق أو في المسجد أو في الحج أو في العمرة أو في أي مكان أو في أي زمان وذلك لأن العورة محل فتنة وذريعة إلى التعلق بهذه المرأة ثم الاتصال بها ثم فعل الفاحشة والعياذ بالله ومعلوم أن ذرائع الشر يجب سدها ولهذا قال الله عز وجل (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) فالنهي عن القربان نهي عن كل ذريعة ووسيلة تؤدي إليه فالنهي عن قربان الزنى نهي عن كل وسيلة أو ذريعة توصل إليه وعلى هذا فالواجب على المرأة إذا بلغت سنا تتعلق بها الرغبات الواجب عليها أن تستر وجهها وأن تصون نفسها عن مواقع الريب والفتنة وأن تتقي الله عز وجل في نفسها وفي غيرها أيضا فإن غيرها إذا رأى وجهها ولاسيما إن كانت جميلة فإنه سيتعلق قلبه بها ويفتتن بها نسأل الله السلامة.
***

هل العباءة هي الزي الشرعي للمرأة وإن كان هو الزي الصحيح فأين الخمار الذي يغطي الصدر الذي تحدثت عنه الآية الكريمة (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) أرجو توضيح ذلك مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الخمار موجود على الرأس ولا مانع من أن يكون على الرأس غطاءان أحدهما الخمار والثاني العباءة وهذا هو الذي جرت به العادة عند النساء في هذا البلد في قديم الزمان خمار وفوقه العباءة.
***

السؤال: يقول أنا شابٌ في مقتبل العمر وفقني الله بإكمال نصف ديني حيث صممت على الزواج وندمت على فوات ما مضى من عمري دون زواج وهاأناذا أستعد له وبعد أن خطبت الزوجة الصالحة إن شاء الله وذلك طبعاً بموافقة أبوي وكنت على نقاشٍ حادٍ مع والدتي الحبيبة وقد تعرضنا في حديثنا عن الحجاب فقلت لها يا أماه إنني أعتزم أن أحجب زوجتي عن إخواني فثارت أمي وغضبت مني وقالت لِمَ تفعلُ ذلك فأنت تعلم أن إخوانك طيبون ولا يعرفون الرذيلة وأخلاقهم عالية فإن الحجاب يجعلهم ويجعلنا جميعاً في حرج وإذا اجتمعنا في مكانٍ ما لا نستطيع الذهاب والقيام برحلات ونزهات مع بعضنا البعض فهي تقصد من ذلك أن الحجاب يضايق الجميع فنحن عائلة واحدة ويجب أن تكون العائلة مع بعض حاولت جاهداً أن أقنعها وبأن ذلك لا يجوز فلم أستطع وأرجو التوجيه لي ولوالدتي؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما بعد فإننا نشكر الأخ على هذا الأدب الرفيع والخلق الفاضل ألا وهو التأدب بالآداب الإسلامية التي شرعها الله تبارك وتعالى لعباده فيما يتعلق بالنساء ونقول له إنما ذهبت إليه هو الصواب من أنه يجب على زوجتك أن تحتجب عن إخوانك وإن كانوا على مستوى رفيع من النزاهة والعفة فإن ذلك لا يضرهم شيئاً إذا احتجبت عنهم لأنها قائمةٌ بأمر الله ومن كمال عفتهم ودينهم أن يوافقوها على ما تريد وألا يجزعوا مما صنعت
ونصيحتنا لأمك هي أن تصبر على هذا الحكم الشرعي وأن تعلم أن العاقبة للمتقين لا بالنسبة لها ولا بالنسبة لك ولا بالنسبة لزوجتك ولا لإخوانك فإذا التزمت العائلة بشريعة الله تعالى في هذا الباب وغيره فإن ذلك خيرٌ لها وأسعد لها في دينها ودنياها
وبالنسبة للحجاب الإسلامي الذي أشرت إليه في آخر خطابك فالحجاب الإسلامي يشمل حجب الوجه والكفين أيضاً عن غير المحارم ولكن نظراً لأن المرأة في البيت محتاجةٌ إلى إبداء كفيها لأشغالها فإنه لا بأس أن تبرز كفيها في بيتها ولو كان عندها أخوة الزوج لأن ذلك لا يثير الشهوة غالباً ولا يسلم التحرز منه من المشقة المنافية للشرع أما بالنسبة للوجه فإنه لا يضرها إذا احتجبت ولا يشق عليها ذلك لا سيما إذا اعتادت فإن الذين يعتادون هذا لا يعبئون به ولا يرونه ضيقاً ولا حرجاً ولا سوء ظنٍ بمن يحتجبون عنه لهذا نقول قم بالواجب عليك بالنسبة لزوجتك وسيجعل الله لك العاقبة فإن من يتق الله تعالى يجعل له من أمره يسرا
***

السؤال: زوجة تبلغ من العمر خمسة وعشرين عام وعندها مجموعة من الأطفال وتحمد الله أنها متدينة وتلبس الحجاب الشرعي منذ شهرين بعد أن أصبحت تستمع إلى هذا البرنامج المفيد نورٌ على الدرب وعرفت من فضيلتكم أن الحجاب الشرعي واجب وكان السبب في لبس الحجاب هو إرشادكم الكريم جزاكم الله خيرا وهذا البرنامج الطيب وزوجها شجعها على لبس الحجاب ولكنها تواجه بعض الصعوبات والضغوطات من قبل الناس والجيران حيث يقولون إن هذا العمل قلة عقل والحجاب الشرعي غير واجب وجاء فقط لنساء الرسول صلى الله عليه وسلم تقول حاولت أن أفهمهم أن لبس الحجاب واجب لكن دون جدوى وأنا أعاني من ذلك وأشعر أحياناً بأنني ضعفت أمامهم ووصلت معهم إلى طريقٍ مسدود إلى أن قالوا لي اتركي الحجاب وأنا حزينة لأنه لا يوجد فيهم إنسان يتكلم فيهم كلمة خير فهل من كلمة لهؤلاء الناس مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إني أهنئ هذه الأخت السائلة التي من الله عليها بالاهتداء في ارتداء الحجاب الشرعي الذي منه تغطية الوجه بل هو أهمه وأما ما يحصل لها من الأذية من قولهم إن هذا جنون فلا تتعجب من هذا فقد قيل عن الرسل عليهم الصلاة والسلام مثل هذا وأشد قال الله عز وجل (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) فلتصبر ولتحتسب ولتعلم أن كل شيءٍ أصابها بسبب تمسكها بدين الله فإن ذلك رفعةٌ في درجاتها وخيرٌ لها في الدنيا والآخرة ولا تكن كمن قال الله فيهم (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ) أما أولئك القوم الذين ينهون عن المعروف فما أعظم خسارتهم وهم محادون لله ورسوله لأن كل من نهى عما أمر الله به ورسوله فهو محادٌ لله ورسوله
وأما قولهم إن هذا الحجاب خاصٌ بزوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنقول إذا كانت نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مأموراتٍ بالحجاب وهن أشد النساء عفة وأبعدهن عن الفتنة فمن دونهن من باب أولى وعلى هذا فالاستدلال بذلك صحيح على أننا لا نسلم أن هذا خاصٌ بنساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
***

الحجاب

السؤال: تقول فضيلة الشيخ ما حكم ما يسمى بالتشريع للفتاة أثناء الحفل بين النساء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: تشريع المرأة ليلة الزواج إذا كان على الوجه الذي لا يتضمن محظوراً فلا بأس به مثل أن يؤتى بالمرأة المتزوجة وعليها ثيابٌ لا تخالف الشرع وتجلس على منصة حتى يراها النساء وليس في النساء خليطٌ من الرجال وليس مع المرأة زوجها فإن هذا لا بأس به لأن الأصل في غير العبادات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه أما لو كانت المرأة هذه تأتي إلى النساء ومعها زوجها أو يكون في محفل النساء رجال فإن ذلك لا يجوز لأن هذا يتضمن محظوراً شرعياً ثم إنه من المؤسف أنه في بعض الأحيان أو من عادات بعض الناس أن يحضر الزوج مع الزوجة في هذه المحفل وربما يقبلها أمام النساء وربما يلقمها الحلوى وما أشبه ذلك ولا شك أن هذا سخافةٌ عقلاً ومحظورٌ شرعاً أما السخافة العقلية فلأنه كيف يليق بالإنسان عند أول ملاقاة زوجته أن يلاقيها أمام نساء يقبلها أو يلقمها الحلوى أو ما أشبه ذلك وهل هذا إلا سببٌ مثيرٌ لشهوة النساء لا شك في هذا وأما شرعاً فلأن الغالب أن النساء المحتفلات يكن كاشفات الوجوه بارزات أمام هذا الرجل وفي ليلة العرس ونشوة العرس يكن متجملات متطيبات فيحصل بهن الفتنة وربما يكون في ذلك ضرر على الزوجة نفسها فإن الزوج ربما يرى في هؤلاء المحتفلات من هي أجمل من زوجته وأبهى من زوجته فيتعلق قلبه بما رأى وتقل مكانة زوجته عنده وحينئذٍ تكون نكبة عليه وعلى الزوجة وعلى أهلها فالحذر الحذر من هذه العادة السيئة ويكفي إذا أرادوا أن تبرز المرأة وحدها أمام النساء كما جرت به العادة من قديم الزمان في بعض الجهات.
***

السؤال: بارك الله فيك بالنسبة لخاتم الخطوبة فضيلة الشيخ.

فأجاب رحمه الله تعالى: أما خاتم الخطوبة فالأصل أن الخواتيم جائزة لكن نظرا إلى أن هذا الخاتم يقال أنه تلقن من عادات النصارى فإذا ثبت هذا تجنبه أولى.
***

المستمعة من سوريا تقول بأنها فتاة تربت في بيت تكره فيه البنت منذ قديم الأزل مع أنني محافظة جدا وملتزمة باللباس الشرعي الجلباب ولكن النظرة للبنت في عائلتنا غير مريحة كما أن والدي دائما يسخر من النساء بقوله ناقصات عقل ودين مما جعلني أكره كوني خلقت فتاة ما رأي الشرع في نظركم في ذلك فضيلة الشيخ؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على العبد أن يصبر على ما يبتليه الله به من أفعاله جل وعلا أو من أفعال العباد فعليك الصبر والاحتساب على ما تسمعين أو تحسين به من الإيذاء من الأهل وإني أوجه نصيحة للأهل الذين يحتقرون البنت ولا يرون لها قيمة بأن يتقوا الله عز وجل في البنات وأن يشعروا بأنهن من بنات آدم وأن النساء شقائق الرجال ويجب عليهم أن ينظروا إلى المرأة النظرة اللائقة بها لا وكس ولا شطط وأما إهانة المرأة وازدراؤها واحتقارها والسخرية منها فإن هذا لا يحل ولا يجوز وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) .
***

السؤال: تقول فستان الزفاف الذي تلبسه المرأة عند زفافها هل يعتبر ثياب شهرة وهل هذا محرم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم في هذا تحريماً لكن بشرط أن لا يكون في المحل رجال أما إذا كانت نساء فقد أصبح الثوب المذكور من الزينة التي تتزين بها المرأة في ليلة العرس ولا حرج فيها.
***

السؤال: أذهب في بعض الأحيان إلى منزل خالي وأنا متحجبة ولكن خالي يكره الحجاب كثيراً ويقول لي بأنك فتاة متأخرة فهل آثم إن خلعت الحجاب عن رأسي أمام خالي علماً بأنه ليس بأجنبي عني أم أبقى متحجبة ولكني أريد أن أخلع حجابي أمامه لأنه يستهزي من الحجاب ومن الشريعة أفيدوني جزاكم الله خيراً؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الخال من المحارم ولا يجب التحجب عنه ولا بأس في كشف ما يبدو غالباً للمحارم سواء كان خالاً أو عماً أوأخاً أو ابناً أو أباً وكل ما يظهر غالباً كالوجه والرأس واليد والذراع والساق والقدم فإنه لا بأس بكشفه للمحارم والذي ينبغي أن تكشفه لخالها ليتبين له أن هذا هوالشرع حتى لا يظن أن الشرع فيه من الشدة ما يجب التضييق على المسلمين.
وأما قوله إن هذا تأخر وما أشبه ذلك فإن هذه اللهجة يلهج بها كثير من أعداء الإسلام يقولون إن الإسلام تأخر وإنه يخنق أصحابه وإنه قيود وأغلال وما أشبه ذلك مما يثيره أعداء الإسلام في الإسلام لينفروا منه وليس هذا بغريب فإن الله تعالى يقول في سورة المطففين: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ) فمن حكى الله عنهم , يقولون إنهم لضالون والمتأخرون يقولون إنهم رجعيون اختلف اللفظ واتفق المعنى فما قيل في الأول قيل في الثاني ولا غرابة أن يقال الإسلام قيود وأغلال وما أشبه ذلك وهذا لأنهم يضيقون به ذرعاً ولم يشرح الله صدورهم للإسلام ومن لم يشرح الله صدره للإسلام كمن قال الله تعالى (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) فمن لم يرد الله هدايته لا يعرف نور الإسلام ولا هدايته ولا يعرف ما في أوامره من الخير والمصالح العاجلة والآجلة ولا ما في نواهيه من الشر
الحاضر والآجل فيظن أن الخير هو البعد عن الإسلام وفي الحقيقة أن الخير هو التحرر من قيد النفس والدخول في حظيرة الإسلام.
***

السؤال: تقول هل يجوز للمرأة أن تلبس في ليلة زفافها لباس أبيض أو ما يسمى بالفستان الزفاف فيعتبر هذا تشبهاً بالنصارى علماً أن معظم نساء المسلمين في هذا الوقت يرتدين مثل ذلك في ليلة الزفاف؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لبس الثياب البيضاء للمرأة إذا لم تكن خياطتها على شكل خياطة لباس الرجل لا بأس به بشرط إلا تخرج به إلى الأسواق لأن خروجها به إلى الأسواق يعتبر من التبرج بالزينة وأما لبس ذلك عند الزواج فهو أيضاً لا بأس به إذا لم يكن فيه تشبه بالنصارى أو غيرهم من الكفار فإن كان فيه تشبه فإنه لا يجوز ويزول التشبه بتغير تفصيله إذا غير تفصيله حتى صار لا يشبه ثياب النصارى فإنه يزول التشبه بذلك وكذلك ذكر أهل العلم أنه إذا صار اللباس شائعاً بين المسلمين والكفار فإنه يزول التشبه بينهم حينئذ لأن المرء إذا لبسه لم يلبس لباساً مختصاًَ بغير المسلمين.
***

السؤال: تقول حدثونا عن ثوب الشهرة عن كيفيته وصفته حتى نتجنبه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ثوب الشهرة ليس له كيفية معينة أو صفة معينة وإنما يراد بثوب الشهرة ما يشتهر به الإنسان أو يشار إليه بسببه فيكون متحدث الناس في المجالس فلان لبس كذا فلان لبس كذا وبناء على ذلك قد يكون الثوب الواحد شهرة في حق إنسان وليس شهرة في حق الآخر فلباس الشهرة إذن هوما يكون خارجا عن عادات الناس بحيث يشتهر لابسه وتلوكه الألسن وإنما جاء النهي عن لباس الشهرة لئلا يكون ذلك سببا لغيبة الإنسان وإثم الناس بغيبته.
***

السؤال: تقول إن البعض من الناس يقولون إنه لا يجوز الجلوس على السجادة لأن فيها رسم للكعبة ويجلس عليها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا أيضا لا حرج فيه أي لا بأس أن تضع سجادة وتجلس عليها ولو كان فيها صورة الكعبة أو صورة حجرة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأن الجالس لا يريد بهذا امتهان الكعبة ولا امتهان حجرة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وليست هذه حجرة قبر النبي حقيقة ولا الكعبة حقيقة.
***

السؤال: تقول السائلة ما حكم لبس الحذاء ذو الكعب العالي سواءٌ كان عالياً أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الكعب إذا لم يكن عالياً ملفتاً للنظر فلا بأس به وإن كان عالياً ملفتاً للنظر فإن أقل أحواله أن يكون مكروهاً ولو قيل إنه محرمٌ لكان له وجه لأنه من التبرج بالزينة ثم إنه حسب كلام الأطباء أنه مضرٌ بالرِّجل لأن الله تعالى خلق الرجل متساوية فإذا كان الملبوس ذو كعبٍ عالٍ لزم أن يكون العقب مرتفعاً وحينئذٍ يختل توازن الأعصاب التي في القدم فتتضرر المرأة بذلك ولهذا نصيحتي لأخواتي أن يدعن هذا اللباس سواءٌ قلنا إنه مكروه أو حرام لما فيه من الضرر البدني على المرأة ثم إني أنصح أخواتي بعدم اتباع كل موضة كلما جاء شيء من الثياب أو السراويل أو الفنائل أو النعال أو الخفاف ذهبت المرأة تشتريه ولو كان الذي عندها صالحاً للاستعمال وهذا من نقص العقل والسفه وفيه إضاعةٌ للمال وفيه تعلق القلب بكل ما يأتي من جديد وليعلم أن أعداءنا قد يقصدون بتنويع هذه الأشياء إلهاء المسلمين عن شؤون دينهم ودنياهم التي هي أنفع من ذلك فيكون الإنسان ليس له هم إلا تلقف ما يأتي من موضات والاشتغال بتبديلها وتغييرها وربما الإنسان يكون قليل ذات اليد فيستدين لهذا الغرض هذا مع أن في ذلك إثراء لاقتصاد أعدائنا لأن كلما كثر بيعهم كثر مالهم فكنا نثري اقتصادهم ونضر اقتصادنا.
***

السؤال: تقول ما الحكم في لبس الكعب العالي مع العلم بأنه لا يصدر صوتاً مطلقاً فهي تلبسه في المناسبات فقط وما الحكم إذا أصدر الحذاء صوتاً خفيفاً غير ملفت للنظر؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الكعب العالي لبسه من التبرج بلا شك لأنه يرفع المرأة وهو مضرٌ لعقب الرجل لأنه يرفعه عن مستواه الطبيعي فهو مذمومٌ شرعاً وطباً ولهذا نهى عنه كثيرٌ من الأطباء من ناحية طبية فضلاً عن كونه مذموماً من الناحية الشرعية لأنه من التبرج فإن كان له صوت كان أقبح وأقبح وعلى المرأة أن تلبس النعل المعتاد الخاص بالنساء ولا يجوز لها أن تلبس النعال الخاصة بالرجال لأن ذلك من التشبه بالرجال وقد (لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المتشبهات من النساء بالرجال) .
***

السؤال: تقول هل يجوز لبس الثوب للنساء وهو يسحب على الأرض أم لا وفقكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يجوز لها ذلك بل يشرع لها أن تلبس ما يغطي قدميها ولها أن تزيد إلى ذراع كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما الثياب الرفيعة والتي تبدو منها القدمان وأطراف الساقين فإن هذا ليس من اللباس المأمور به بل هو من اللباس الذي يُنهى عنه.
***

السؤال: هل يجوز تطويل ثوب المرأة من تحت القدم بحوالي خمسة سم أفيدونا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز للمرأة أن تنزل ثوبها إلى أسفل من الكعب بل إن هذا هو المشروع في حقها من أجل أن تستر بذلك قدميها فإن ستر قدمي المرأة أمرٌ مشروع بل واجبٌ عند أكثر أهل العلم فالذي ينبغي للمرأة أن تستر قدميها إما بثوبٍ سابغ وإما بلباس شرابٍ أو كنادر أو شبهها.
***

السؤال: ما حكم لبس الكم القصير بالنسبة للمرأة إذا كان يصل إلى المرفقين أو يعلو عنه قليلاً.

فأجاب رحمه الله تعالى: لبسها ذلك في البيت وعند النساء لا بأس به ولكن مع هذا أنصح النساء من متابعة الأزياء التي ترد إلى بلادنا والتي لا يريد بها موردوها النصح لهذه البلاد هذه البلاد ولله الحمد اعتادت على لباس الحشمة والتستر والبعد عن التهتك والتبرج بالزينة لكنها أعني بلادنا مغزوة محسودة على ما هي عليه من التمسك فأنصح النساء وأولياء أمورهن من أن ينسابوا وراء الأزياء الواردة التي تبعد المرأة عن لباس الحشمة وعن ما اعتادت عليه من الألبسة التي فيها البعد عن الفتنة.
***

السؤال: تقول هل صحيح أن من تظهر ساعديها من النساء وهي في البيت يوم القيامة تحترق ساعداها مع العلم أننا قد فصلنا ملابسنا بعض الأكمام إلى المرفقين نرجوا توضيح الحكم في ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما هذا الجزاء وهو أن الساعدين تحترقان يوم القيامة فلا أصل له وأما الحكم في إظهار الساعدين لغير ذوي المحارم والزوج فإن هذا محرم لا يجوز أن تخرج المرأة ذراعيها لغير زوجها ومحارمها وإن كان بعض أهل العلم يخالف في هذا ويقول ما جرت العادة به في هذا الأمر فلا بأس أن تخرجه المرأة ولكن في هذا نظراً لأننا لو اتبعنا الأعراف في مثل هذه المسألة لكنا نخضع لأعراف الأوربيين وغيرهم من الذين تتكشف نساؤهم بحجة أن هذا من العرف الذي لا تستقبحه النفوس ولا تراه عورةً فعلى المرأة أن تحتشم وأن تحتجب ما استطاعت وأن تستر ذراعيها إلا إذا كان البيت ليس فيه إلا زوجها ومحارمها فهذا لا بأس بإخراج الذراعين.
ولا بأس أن تبقى هذا الثياب المخيطة على هذا الوضع وتلبس للزوج والمحارم ويفصل ثيابا جديدة إذا كان في البيت من ليس محرماً لها كأخي زوجها وما أشبه.
***

السؤال: بارك الله فيكم ما رأيكم في الكم القصير بالنسبة للمرأة إذا كانت عند والدها وأخوتها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرى أن النساء يعتدن على اللباس الساتر من الكعب إلى الكف وذلك لأن المقام مقام عظيم والخطر خطر جسيم وإذا فتح للمرأة أن تقصر من أكمامها أو من ثيابها فإنها تتدرج من هذا المرخص فيه إلى أمر لا رخصة فيه كما رأينا ذلك في مسائل كثيرة حيث يفتح للناس الباب في أمر يهون فيه التوسع ثم لا تلبث إلا يسيراً حتى ترى أموراً منكرة مبنية على هذه الرخصة لكن إذا كانت المرأة في بيتها في شغل وقد فسرت عن أكمامها حتى بدت ذراعها وليس حولها إلا محارمها فإن هذا لا بأس به لأن الذراع بالنسبة إلى المحارم ليس بعورة.
***

السؤال: تقول فضيلة الشيخ أسأل عن ثوب الزفاف وخاتم الخطوبة والتشريعة ما حكمهم في الشرع في نظركم بارك الله فيكم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ثوب الزفاف جائز إذا لم يكن لفعل محرم وذلك لأن الأصل في اللباس عيناً وكما وكيفية الأصل فيه الحل فيلبس الإنسان ما شاء من عينة الثياب ويلبس الثياب على أي كيفية شاء هذا هو الأصل ما لم يوجد ما يخرج عن هذا الأصل مثل أن يلبس لباس على زي لا يفعله إلا الكفار فحينئذ لا يجوز للإنسان أن يلبس لباسا على زي لا يفعله إلا الكفار لأنه يقع حينئذ في التشبه بهم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (من تشبه بقوم فهو منهم) وكذلك لا يجوز للمرأة أن تلبس لباسا لا يلبسه إلا الرجال ولا يجوز للرجل أن يلبس لباسا لا يلبسه إلا النساء لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) وإذا خلا الزي عن محرم فالأصل فيه الحل وعلى هذا فلباس الزفاف الذي يلبسه النساء الآن وهو الأبيض الفضفاض الواسع لا بأس به ولا حرج فيه لأن هذا هو الأصل ولا نعلم أن في ذلك مشابهة للمشركين والكفار كما أن لا يشبه ثياب الرجل وأما الشرعة فالشرعة على نوعين:
النوع الأول أن يكون الزوج مع الزوجة على المنصة فهذه حرام ولا يحل فعلها ولا يحل للزوج أن يفعل ذلك ولا لأهل الزوجة أن يمكنوه من هذا الفعل فإن ظهور الرجال أمام النساء في هذه الحال فتنة عظيمة
أما النوع الثاني من الشرعة فهي أن تقوم الزوجة وحدها فقط على المنصة أمام النساء فهذا لا بأس به ولا حرج فيه لأنه ليس فيه محظور وإن قدر أن فيه محظور فالحكم يدور مع علته فإنه يمنع لكن لا يتبين لنا أن في ذلك محظورا وعلى هذا فيكون قيام المرأة في المنصة أمام النساء لا بأس به والله الموفق
***

السؤال: يذكر السائل أنه يجلس في دكان والده للبيع ويأتيه بعض النساء ومنهن الشابات وينظر إليهن من غير قصد وإن كان يريد عدم النظر إليهن فإنما ينظر إليهن لكي يبيع عليهن فما حكم هذه النظرات التي تتفلت منه يقول أفيدونا وفقكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يقول الله تبارك وتعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ) فعليه أن يغض بصره عن هذه النساء اللاتي يأتين إليه وله النظرة الأولى التي تحدث صدفة من غير قصدٍ منه ولكن لا يجوز أن يبقى على هذا النظر لأنه مهما كانت براءة نظرته فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فقد لا يكون عنده شهوةٌ في أول ما يقع نظره على المرأة ثم تحدث له الشهوة أثناء النظر وحينئذٍ يحصل البلاء والفتنة فربما يكثر معها الكلام من غير حاجة تلذذاً بكلامها واستئناساً به وهذا من الأمور المحرمة.
***

السؤال: تقول ما هو السن المحدد للطفل لتحتجب عنه المرأة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لم يحدد الله ذلك بسن بل قال في جملة من يجوز إظهارالزينة له (أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) فالعبرة في الطفل الذي لا يحتجب عنه أن لا يكون عنده علم في ما يتعلق بالنساء ولا اهتمام به وهذا يختلف باختلاف غرائز الأطفال ونموهم فقد يكون الطفل إذا بلغ تسع سنوات حصل له ما يحصل للرجال البالغين في ما يتعلق بالنساء وقد يبلغ أحد عشر سنة وهو لا يهتم بهذه الأمور ولا ينظر إليها ولم تطرأ له على بال ثم إن البيئة تؤثر فإذا كان الطفل عند قوم يتحدثون كثيرا عن النساء وعما هنالك نمت فيه هذه الغريزة بسرعة وبسبق وإذا كان عند قوم لا يتحدثون بمثل هذه الأمور ضعفت عنده هذه الغريزة ولم يهتم بها والحاصل أن ننظر للطفل إذا كان ينظر إلى المرأة الجميلة نظرة غير نظره إلى المرأة التي دونها أو علمنا أنه يتحسس أو يتلمس أشياء تدل على أن فيه الشهوة فإنه يجب التحجب عنه وإذا كان غافلاً عن هذه الأمور فإنه لا يجب لكنه لاشك أن الطفل إذا بلغ العاشرة فإن الغالب نمو الغريزة فيه.
***

السؤال: أرجو بيان كيفية الحجاب وهل تغطية الوجه والكفين واجبة أم غير واجبة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحجاب هو أن تستر المرأة كل ما يكون كشفه سببا للفتنة ومنه الوجه فإنه أعظم ما تكون به الفتنة ولهذا كان القول الراجح من أقوال أهل العلم أنه يجب على المرأة أن تغطي وجهها عن الرجال الذين ليسوا من محارمها والأدلة في هذا موجودة في كتب أهل العلم ولا شك أن هذا القول الذي دل عليه الكتاب والسنة هو القول الصواب ولا سيما في وقتنا هذا حيث إن الشر قد كثر والفتنة قد عظمت ولا سبيل إلى البعد عن الزنا وأسبابه إلا بتغطية الوجه وعلى هذا فالحجاب الشرعي أول ما يدخل فيه تغطية الوجه فيما نرى والعلم عند الله تعالى.
***

السؤال: يقول ما حكم تغطية المرأة لوجهها في الإسلام وكيفية خطبة المرأة التي تسفر وجهها وأرجو توضيح السبل المشروعة للخطبة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: تغطية المرأة وجهها عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها واجبة وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والنظر الصحيح ففي كتاب الله يقول الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بالخروج إلى مصلى العيد قلن يا رسول الله إحداهن ليس لها جلباب قال (لتلبسها أختها من جلبابها) ولا ريب أن السنة دالة على ذلك أيضاً ففي حديث فاطمة بنت قيس قال لها النبي عليه الصلاة والسلام (امكثي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده) ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقصد أنها تضع الثياب حتى تكون عارية بل تضعين ثيابك التي جرت العادة أن تلبسيها عند غير المحارم لأنه رجل أعمى ولاريب أن النظر يقتضي وجوب ستر الوجه عن الرجال الأجانب لأن الوجه هو محط الفتنة والرغبة من الرجال ولهذا لا ينظر الرجل إلى المرأة إلا إلى وجهها ولا يعتبر في الجمال إلا وجهها والخاطب إذا خطب المرأة وكان يعتني بالجمال لم يسأل إلا عن الوجه لأن الوجه هو كل شيء فإذا كان هذا هو محط الفتنة والرغبة فإنه يجب ستره من باب أولى من ستر الرِجْلِ وإذا كان عند الذين قالوا إن الوجه يجوز كشفه -إذا كان كشف الرجل عندهم محرماً- فإن كشف الوجه من باب أولى لأن الفتنة الحاصلة في كشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة الحاصلة في كشف الرِجْلِ - ويا سبحان الله - أن تكون الشريعة الإسلامية جاءت بتحريم بروز أصبع من أصابع الرجل ولم تأت بتحريم بروز العينين والشفتين والخدين والجبهة وملامح الوجه الذي هو محل الفتنة وإثارة الشهوة هذا شيء لا يمكن أن تأتي بمثله هذه الشريعة الحكيمة ولذلك كان القول المتعين عند التأمل هو وجوب ستر الوجه عن الرجال الأجانب وأما بالنسبة للخاطب فله أن ينظر من المرأة ما يرغبه في نكاحها من الوجه والرأس والكفين والقدمين لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك الخاطب إذا خطب امرأة أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها وأما كيف يخطب الإنسان المرأة فإن الأفضل أن يكلم أوليائها ثم يطلب النظر إليها ولا بد أن يكون النظر بحضور وليها أو أحد من محارمها ولا يجوز أن ينظر إليها في محل خلوة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) وكذلك لا يحل له أن يتخاطب معها في الهاتف لأنها أجنبية منه حتى يعقد عليها والمخاطبة معها في الهاتف تؤدي إلى فتنة وإلى تحرك الشهوة وهذا أمر محذور شرعاً لكن إذا عقد عليها فلا حرج أن يتكلم معها في الهاتف وغيره.
***

السؤال: يقول هل الخمار للمرأة واجب وإذا لم تلبسه هل عليها إثم أفيدونا أفادكم الله ونفع بعلمكم.

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا لم يكن عند المرأة إلا نساء أو محارم أو زوج فإنه لا يجب عليها لبس الخمار لأنه يجوز أن تكشف رأسها لهؤلاء وإذا كان عندها رجال أجانب أو أرادت أن تخرج إلى السوق وجب عليها لبس الخمار ولبس الخمار كان من عادة نساء الصحابة قال الله تعالى (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) وكان من عادتهنّ أيضاً لبس النقاب وهو أن تستر المرأة وجهها بغطاء وتنقب لعينيها من أجل النظر لكن بقدر الحاجة ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في المرأة إذا أحرمت (لا تنتقب) فدل هذا على أن النقاب كان من عادتهن وهو كذلك لكن لو قال قائل هل نفتى بالنقاب في وقتنا الحاضر فالجواب أما إذا كنا في بلد محافظ كبلادنا في المملكة العربية السعودية فإننا لا نفتي بجوازه وإن كان جائزاً لأن النساء بدأنّ يتوسعنّ في هذا فلم تقتصر المرأة على نقاب بقدر الضرورة بل استعمله بعض النساء وتوسعنّ فيه وظهرت الأجفان والحواجب وأعلى الخدود وصارت المرأة مع ذلك تجمل عينيها بالكحل وأهدابها بالألوان الأخرى فلذلك رأيت من الحكمة ألا أفتي بالجواز لمثل شعبنا في المملكة العربية السعودية فإن قال لي قائل لماذا تمتنع عن الإفتاء به وهو موجود في عهد الصحابة قلت لأن الشيء المباح إذا تضمن مفسدة فإن من الحكمة منعه ودليل ذلك السياسة العمرية التي هي من أحسن السياسات بعد سياسة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم سياسة أبي بكر فإنه رضي الله عنه وأعني به عمر بن الخطاب لما رأى الناس تتابعوا وهلكوا في جمع الطلاق الثلاث في كلمة واحدة منعهم من المراجعة وقد كان الناس من خلافة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي عهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر يجعلون الطلاق الثلاث واحدة فإذا قال الرجل لزوجته أنت طالق ثلاثاً أو تابع ذلك فإنها واحدة ويقال للرجل راجع زوجتك إن شيءت لكن لما كثر هذا في الناس وكان هذا حراماً- لأنه لا يجوز للإنسان أن يتعدى حدود الله وطلاق السنة أن يطلقها واحدة- لما تجرأ الناس على هذا وكثر فيهم منعهم عمر من المراجعة مع أنها كانت حلالا لهم لكن منعهم ليكفهم عن فعل المحرم وهو الطلاق الثلاث وكذلك بيع أمهات الأولاد يعني الأمة يتسراها سيدها ثم تأتي منه بولد كان بيعها جائزاً في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعهد أبي بكر وأول خلافة عمر لكن لم يكن أحد يبيع المرأة السرية مفرقاً بينها وبين أولادها فلما تهاون الناس في هذا منعهم عمر من بيع أمهات الأولاد فأنا لا أفتي بجواز النقاب بالنسبة لشعب المملكة العربية السعودية خوفاً من التوسع الممنوع أما في البلاد الأخرى التي اعتاد النساء فيها أن يكشفن وجوههن فلا شك أن النقاب خير من كشف الوجه كله ويعتبر إفتائهن بالنقاب مرحلة إلى تغطية الوجه فيجب أن يعرف إخواننا في البلاد الأخرى التي ظن بعض الناس فيها أننا لا نفتي بجواز النقاب يعني أن النقاب ممنوع وكشف الوجه جائز ليعلم إخواننا هؤلاء أننا لا نريد هذا وأننا نقول النقاب في البلاد التي اعتادت النساء فيها أن يكشفن وجوههن خير من كشف الوجه كله لأن الأدلة عندنا تدل على تحريم كشف وجه المرأة لغير المحارم والزوج اللهم إلا القواعد من النساء اللآتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يكشفن وجوههن كما قال الله تعالى (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .
***

السؤال: تقول لقد فهمت من برنامجكم أن حجاب المرأة واجب عليها وهو مفروض في القرآن الكريم عندما نزلت سورة تحث الرسول صلى الله عليه وسلم وتأمره أن يأمر نساءه بالحجاب لكن العادة عندنا في قريتنا وفي كثير من قرى دول المسلمين لا يوجد حجاب شرعي للمرأة فيظهر وجهها لكل الناس فما حكم هذا الأمر علماً بأنني أستر كامل جسمي عدا وجهي وكفي وأتمنى من قلبي أن ألبس الحجاب الشرعي الكامل ولكن ذلك صعب جداً في قرية مثل قريتنا أرجو أن تفيدوني في هذا الموضوع وتوضحوا لي ولكافة المسلمين بشيء من التفصيل وخاصة فيما يتعلق في الحجاب الكامل أرجو بهذا إفادة مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يبدو أن هذه المرأة وفقها الله وجزاها خيراً تحاول أن تحتجب الحجاب الشرعي المتضمن لتغطية الوجه وما يحصل به الفتنة وعلى هذا فإني أقول لها إذا عزمت على هذا الأمر وصدقت الله عز وجل واتقت الله فإن الله سيجعل لها من أمرها يسرا وسيكف عنها أعداءها (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا) ولكن ينبغي أن تؤتى البيوت من أبوابها ينبغي أن تتصل بنساء مثلها في الغيرة والحرص على الحجاب الشرعي حتى يخرجن متحجبات حجاباً شرعياً ومن المعلوم أنه إذا حصلت الكثرة فإن الكثرة كما يقولون تغلب الشجاعة وإذا حصلت كثرة بين النساء في لزوم الحجاب الشرعي فإن ذلك يهون ويسهل كما أن على أهل القرية من الوعاظ والدعاة إلى الله عز وجل وخطباء المساجد أن يبينوا للناس الحق في هذا الأمر وأن لا يخضعوا للعادات التي تخالف الشرع ومن المعلوم أن بعض أهل العلم السابقين يرون جواز كشف المرأة وجهها وكفيها ولكن هذا القول ضعيف ثم إن العمل به في هذه الأزمان يؤدي إلى ما هو أعظم من توسع النساء في هذا اللباس كما هو في الواقع فإن البلاد الإسلامية التي أفتى علماؤها بجواز كشف الوجه واليدين أصبح النساء فيها لا يكشفن الوجه واليدين فحسب بل يكشفن الوجه والرأس والرقبة واليدين والذارعين والقدمين وتوسع النساء في هذا فالذي ينبغي للإنسان العالم أن يكون حكيماً فيما يصدر عنه من الأحكام الشرعية وأن يتلافى كل ما فيه الخطر وخلاصة ما أقول أن تعزم هذه الأخت على الحجاب الشرعي وأن تدعو من يسر الله لها من النساء فإذا خرجن إلى السوق على هذا الوجه فإن ذلك سيكون له أثر كبير مع ما ينضم إليه ذلك من كلام الدعاة والوعاظ والخطباء.
***

السؤال: هل يجوز كشف الوجه للسفر في بلاد أجنبية بأمر زوجي أم لا.

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً يجب أن نعلم أن شريعة الله سبحانه وتعالى لا تختلف في بلاد الإسلام وفي بلاد الكفر وأنها واحدة في هذا وفي هذا وثانياً ينبغي للمسلم أن يكون له قوة وعزيمة وشخصية بارزة يفرض على غيره ما يقتضيه دينه وإذا كان هؤلاء الأجانب يأتون إلينا في ثيابهم وعلى حسب عاداتهم فلماذا لا نأتي إليهم نحن بثيابنا التي هي مقتضى شريعتنا ليس الحجاب من باب الأمور التقليدية التي تختلف في زمن دون زمن وفي بلاد دون بلاد ولكن الحجاب من الأمور الشرعية التي أوجبها الله سبحانه وتعالى في كتابه وكذلك دلت السنة على ذلك وعليه فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها في بلاد أجنبيه ولا في غيرها ولو أمرها زوجها بذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ثالثاً نقول إنه ينبغي على الزوج أن يكون غيوراً على زوجته حريصاً على حفظها وصيانتها فكيف يتصور الإنسان أن زوجاً مسلماً يأمر زوجته بأن تكشف عن وجهها ويديها فتكون عرضة لتسلط الفجار عليها وملاحقتها والنظر إليها وربما يصير عند ذلك رمز وإشارة ثم ضحك وكلام كل هذا من الأمور التي نأسف أن تجري من هؤلاء الأزواج بأن يأمروا أزواجهم بكشف وجوههن في بلاد الأجانب ولا ريب أن الرجل كلما كان قوياً قوي الشخصية عازماً حازماً مطبقاً لدينه في جميع أرض الله لا شك أنه أهيب له وأشد احتراماً عند غير المسلمين وقد أخبرني من أثق به أنه سافر إلى بلاد أجنبية وكانت زوجته معه تحتجب ولكنها قد وضعت على وجهها نقاباً تفتح لعينيها وتنظر فكان يقول المسلمون إذا مررنا بهم في تلك البلاد يشكروننا والأجانب لا يؤذوننا بشيء أبداً فليت أن المسلمين صاروا مثل هذا الرجل الذي كان عنده قوة عزيمة وقوة إيمان بالله عز وجل.
***

السؤال: يقول ما حكم كشف وجه المرأة وكفيها وهل على الزوج عقوبة إذا تركها كاشفة الوجه والكفين أرجو الإفادة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: القول الراجح في هذه المسألة وجوب ستر الوجه عن الرجال الأجانب لقول الله تعالى (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ) إلى آخر ولقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) ولحديث أم عطية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يخرج النساء إلى صلاة العيد حتى الحيض وذوات الخدور يشهدن الخير ودعوة المسلمين وسئل عليه الصلاة والسلام عن المرأة ليس لها جلباب فقال عليه الصلاة والسلام لتلبسها أختها من جلبابها ولأدلة أخرى مذكورة في الكتب المعنية في هذه المسألة ولأن إخراج المرأة وجهها فتنة يفتتن بها من في قلبه مرض وهي أشد فتنة من أن يسمع الإنسان خلخال امرأة مستور في لباسها وقد قال الله تعالى (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) فإذا كانت المرأة تنهى عن أن تضرب برجلها خوفاً من أن يعلم ما تخفي من زينتها فما بالك بإبداء الوجه أليس هذا أعظم فتنة وأشد خطراً والشريعة الإسلامية شريعة منتظمة لا تتناقض ولا يمكن أن تمنع شيئاً وتحل شيئاً أولى منه في الحكم والشريعة الإسلامية جاءت بمراعاة المصالح ودرء المفاسد ولا يرتاب عاقل أن المرأة لو أخرجت وجهها فإنه يترتب على ذلك مفاسد كثيرة منها فتنة المرأة لغيرها وفتنتها من غيرها من الرجال، والمرأة إذا أذن لها بأن تخرج الوجه فلن تخرجه هكذا بل سوف تدخل عليه من التحسينات في العين والشفتين والخدين ما يوجب الفتنة الكبرى من النظر إليها وما وراءها ثم لو فرض أنها تحاشت ذلك كله وأخرجت نصف الوجه فإن ذلك فتنة يفتتن به من في قلبه مرض ولهذا أذن الله للقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة ففرق سبحانه وتعالى بين القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً لكبرهن وتحول وجوههن إلى وجوه لا تحصل بها الفتنة وبين غيرهن وإن الإنسان ليعجب إذا قال إنه يجب على المرأة أن تستر قدمها ولا يجب عليها أن تستر وجهها وكفيها فإنه على فرض أنه لم ترد النصوص من وجوب تغطية الوجه فإن من أقر بوجوب ستر القدم يلزمه بالقياس الأولوي أن يقول بوجوب ستر الوجه والكفين لأنهما أولى بالستر من ستر القدمين وهذا أمر إذا تأمله الإنسان وجد أنه لا يسوغ القول بجواز كشف الوجه مع منع تحريم كشف القدم لما في ذلك من التناقض الظاهر بقي أن يقال إن كشف الوجه تحتاج المرأة إليه للنظر في طريقها والجواب عن ذلك أن يقال إن الذين أجازوا كشف الوجه لم يقيدوا ذلك بالحاجة بل أجازوا لها أن تكشف وجهها ولو كانت جالسة في مكانها ثم إن الحاجة تزول باستعمال النقاب الذي كان معروفاً على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما يفيده قوله صلى الله عليه وسلم في المرأة المحرمة (لا تنتقب المرأة) فإنه دليل على أن من عادتهن النقاب ومعلوم أن المرأة إذا تنقبت بأن فتحت لعينيها فتحتين بقدر الحاجة سترى الطريق ولكن يبقى النظر أيضاً في مسألة النقاب فإن النقاب وإن كان جائزاً في الأصل لكننا نرى أن بعض النساء والعياذ بالله توسعن به وصارت تجمل عينيها بالكحل الفاتن ثم تفتح نقاباً أوسع من عينها بحيث تظهر الحواجب وربما تظهر الجبهة أو بعضها وربما تظهر الوجنتان والنساء لقلة صبرهن ونقص دينهن لا يقفن على حد في هذه الأمور فلو قيل بمنع النقاب من باب سد الذرائع لكان له وجه لأن سد الذرائع مبدأ شرعي دل عليه الكتاب السنة ودلت عليه سيرة الخلفاء الراشدين ففي الكتاب يقول الله عز وجل (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) فنهى الله تعالى عن سب آلهة المشركين مع أنه مطلوب شرعاً سداً للذريعة التي هي سب الله عز وجل وفي السنة أحاديث كثيرة تدل على درء المفاسد ومنع الوسائل إليها والذرائع ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين (سئل عن بيع الرطب بالتمر أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا نعم ونهى عن ذلك) وأما سيرة الخلفاء الراشدين في سد الذرائع فمنها إلزام عمر رضي الله عنه في الطلاق الثلاث إذا طلق الرجل زوجه ثلاثاً فإنه كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر يكون واحدة ثم إنه رأى الناس قد تعجلوا في هذا الأمر وكان لهم فيه أناة فألزمهم بالطلاق الثلاث ومنعهم من الرجوع إلى زوجاتهم من أجل أن ينتهوا عما استعجلوا فيه فنجد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه منعهم ما هو حق لهم وهو الرجوع إلى زوجاتهم من أجل سد الذريعة إلى الطلاق الثلاث الذي يستعجلون به ما فيه أناة لهم فإذا منعنا من النقاب فإننا لا نمنعه على أنه حرام شرعاً وليس لأحد أن يحرم ما أحل الله ورسوله ولكن نمنعه لأنه ذريعة إلى ما يتحول إليه من الفتنة والزيادة عما أحل الله عز وجل
أما بالنسبة للزوج كما وقع في السؤال فعليه أن يمنع زوجته من كشف وجهها ما دام يرى أنه محرم أو أنه سبب للفتنة والزوج قد يغار من أن يتحدث الناس عن زوجته فيقول ما أجمل زوجة فلان أو ما أقبح زوجة فلان ولا يرضى أحد أن تكون زوجته محل للحديث في المجالس يتحدثون في قبحها إن كانت قبيحة في نظرهم أو عن جمالها إن كانت جميلة في نظرهم وهذه أيضاً من الحكم التي تكون في ستر الوجه أن الإنسان يسلم هو وأهله من أن يكون حديث المجالس.
***

السؤال: يقول المرأة كلها عورة إلا وجهها يقول فمتى يجوز للمرأة الكشف عن وجهها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن القول بأن المرأة عورة إلا وجهها إنما يصح هذا في الصلاة إذا صلت المرأة الحرة البالغة فإنه يجب عليها أن تستر جميع بدنها ما عدا وجهها إلا إذا مر الرجال الأجانب الذين ليسوا محارم لها وهذا ما نعنيه بالأجانب إذا مروا قريباً منها فإنه يجب عليها ستر وجهها ولو كانت تصلى.
***

السؤال: تقول ما هي الصفة الكاملة لحجاب المرأة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الصفة الكاملة لحجاب المرأة أن تغطي عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها جميع بدنها هذه هي الصفة الكاملة المتفق على أنها أبعد ما يكون عن الفتنة وأما بالنسبة للمحارم منها فإنها تبرز للمحارم ما يظهر منها عادة مثل الكفين والقدمين وأطراف الساقين وأطراف الذراعين وكذلك الرأس والوجه لأن هذا مما جرت به العادة.
***

السؤال: أختكم في الله مصابة بضعف في البصر وعندما أسافر ألبس اللثام وأنا من أسرةٍ ضعيفة وزوجي موظف ومرتبه بسيط ولا أقدر على إجراء عملية لوضع العدسات هل يجوز لي أن ألبس اللثام وجزاكم الله خيرا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: بدلاً من اللثام تلبس النقاب وهو الذي تستر به وجهها كله وتفتح لعينيها بقدر ما تبصر به فإن لباس النقاب كان معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بدليل أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى المرأة إذا أحرمت أن تنتقب وإذا نهاها عن النقاب حال إحرامها دل ذلك على أن من عادتهن لبسه ولكن يجب أن لا يتخذ هذا ذريعةً إلى التوسع في لبس هذا النقاب حيث كانت بعض النساء الآن تلبس النقاب لكن لا على وجه النقاب الشرعي الذي كان معروفاً على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ أن النقاب في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما كان للحاجة ويتقدر بقدرها وكذلك الحاجة موجودة الآن ولا سيما لامرأةٍ كهذه السائلة لكن مع الأسف الشديد أن النساء إذا فتح لهن جب إبرة جعلنه ريعاً وهذا مشكل وما كان ذريعةً إلى المحرم فإنه يمنع منه كما منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجوع الرجل إلى زوجته إذا طلقها ثلاثاً مع أن الطلاق الثلاث كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فلما رأى عمر أن الناس تتايعوا في هذا الأمر وهلكوا به مع تحريمه رأى بثاقب فكره وحسن سياسته أن يمنع الناس من الرجوع إلى زوجاتهم مع أن الرجوع إلى زوجاتهم كان حلالاً وذلك درءاً للمفسدة وسداً للذريعة كما منع رضي الله عنه من بيع أمهات الأولاد وهي السرية التي أتت من سيدها بولد فإن بيعهن كان معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي عهد أبي بكر ثم منع منه عمر رضي الله عنه لأنه رأى أن الناس يرتكبون بذلك إثماً حيث يبيع سريته ويبقي الولد عنده فيفرق بين المرأة وولدها فنهى عن ذلك مع أنه كان جائزاً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي عهد أبي بكر والمهم أن الشيء المباح قد يمنع منه إذا كان ذريعةً إلى شيء محرم ولا سيما إذا كان ذريعةٌ قريبة.
***

السؤال: تقول أنا فتاة أبلغ من العمر الثامنة عشرة متحجة ومحافظة على صلواتي والحمد لله ولكن أريد أن أسأل عن الحجاب لأنني أعلم أن الفتاة المتحجبة حرام عليها أن يراها رجل أو شاب وهي سافرة والموضوع أنني كنت مرة في البيت بدون حجاب ودخل أخو زوجة أخي وهو شاب وأنا لا أدري أنه دخل ولم أقصد ذلك فسلمت عليه ثم دخلت وسترت نفسي لأنه مد يده إليّ ولم أعرف ماذا أفعل وتعرضت لهذا عدة مرات ولكن بدون قصد فهل عليّ إثم في هذا أفيدونا أفادكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أخو زوجة أخيك ليس محرماً لك ولا يحل له أن يدخل عليك البيت وليس عندك أحد فإن هذا من الخلوة المحرمة قال ابن عباس رضي الله عنهما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إياكم والدخول على النساء قالوا يا رسول الله أرأيت الحمو قال الحمو الموت) والحمو أقارب الزوج وأنا أنصح هذا الرجل وأحذره من الدخول على امرأة ليس عندها محرم وإذا دخل بغير علمك فالإثم عليه لكن يجب عليك أن تقولي له اخرج حتى يأتي زوجي ولا يحل لك أن تسلمي عليه وتصافحيه لأن المصافحة للمرأة لمن ليس من محارمها حرام وهذا الأمر مع الأسف أعني مصافحة النساء لمن ليس من محارمهنّ يعتاده كثير من الناس ويتساهلون به وهذا حرام عليهم وليس على المرأة من بأس إذا مد الرجل يده إليها ليصافحها وهو ليس بمحرم ليس عليها من بأس أن تقول له إن هذا حرام لأن هذا من بيان الحق وبيان الشرع وليس على الرجل من بأس إذا مدت المرأة يدها إليه لتصافحه وهو ليس من محارمها أن يقول إن هذا حرام بل إن هذا من بيان الحق وبيان الحق واجب لاسيما إذا كان الناس يفعلون خلاف الحق فإن بيانه حينئذ يكون أمراًَ بمعروف ونهياً عن منكر وعليه فإني أنصحك وأحذرك من أن تعودي لمثل هذا أي تمكينه من الدخول عليك بدون وجود محرم لك أو من تمكينه أن يصافحك وأنت لست له بمحرم ولا فرق في المصافحة بين أن تكون من وراء حائل أو مباشرة الكل حرام.
***

يقول السائل ما حكم نظر الرجل للمرأة الأجنبية في حال التعامل في البيع والشراء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: النظر إلى المرأة الأجنبية محرم سواءٌ حال البيع والشراء أم في حالٍ أخرى لعموم الأدلة ولا ينبغي أن يتمادى الرجل في مخاطبتها عند البيع والشراء ولا أن تخضع المرأة بالقول حال بيعها وشرائها مع الرجل لأن الله تعالى قال (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) وأما ما تفعله بعض النساء من كثرة الكلام مع أصحاب الدكاكين والمباسط فهذا خلاف المشروع وفيه فتنة عظيمة وكذلك ما نشاهده من بعض الناس يأتي بأهله إلى الخياطين أو نحوهم ثم يبقى في السيارة ويطلق المرأة تخاطب الخياط أو صاحب الدكان ولا يسمع ما يجري بينهما وهذا في الحقيقة من فقد الغيرة في هذا الرجل وإلا فكيف يسمح لنفسه أن يبقى في السيارة والمرأة تخاطب صاحب الدكان من خياطٍ أو غيره وكان الأولى به إذا كان ولا بد من حضور المرأة أن يقف معها وهي تخاطب الرجل على أن هناك حالاً أكمل من هذا وهو أن تطلب المرأة ما تريد شراءه من ولي أمرها من زوجٍ أو غيره يذهب هو بنفسه بعد أن يأخذ المواصفات من المرأة إلى صاحب الدكان أو الخياط ويتفق معه على ما وصفته المرأة وتبقى هي في بيتها لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر أن بيوت النساء خيرٌ لهن حتى من حضور المساجد فبيوتهن خيرٌ لهن أسأل الله تبارك وتعالى أن يجنبنا جميعاً أسباب الشر والفتنة إنه على كل شيء قدير.
***

السؤال: بارك الله فيكم فضيلة الشيخ السائلة س. ر. من القاهرة تقول أنا أخت لكم في الله في المرحلة الجامعية وكنت قد ارتديت الخمار منذ المرحلة المتوسطة والحمد لله ولقد علمت منذ سنوات مضت بأنه يجب على المرأة أن تستر جميع بدنها وكنت أسعد كثيرا برؤية الأخوات المنقبات وأتمنى من الله أن يرزقني الحجاب الشرعي وأن أستر جميع بدني وأن ييسر لي ذلك ولكنني لم ألح في الطلب إلا بعد أن ذهبت إلى الجامعة ورأيت فيها من الصحوة الدينية وهنا بدأت في صراع مع نفسي ومع عائلتي فأنا أريد أن أرتدي الحجاب ولكن عائلتي ترفض فأرجو التوجيه نحو ذلك مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: التوجيه نحو ذلك يرجع إلى جهتين:
الجهة الأولى أولئك القوم الذين يرفضون أن تحتجبي الاحتجاب الشرعي فأقول لهؤلاء اتقوا الله تعالى في أنفسكم واتقوا الله تعالى فيمن جعلكم الله أولياء عليهم والواجب على أولياء الأمور إذا رأوا من بناتهم الإتجاه الصحيح إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الواجب عليهم أن يحمدوا الله تعالى على هذا وأن يشجعوا بناتهم على ذلك وأن يروا أن هذا من أكبر النعم عليهم أما أن يقوموا ضد ذلك فإنهم والله آثمون خائنون للأمانة سوف يسألون عما صنعوا فإن الله تعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) فجعل الله وقاية أهلينا علينا كما أن وقاية أنفسنا علينا وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (الرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته) وأقول لهؤلاء الأولياء إنكم آثمون على ما تفعلون بالنسبة لبناتكم اللاتي يردن الالتزام أما التوجيه الثاني فأقول لهذه المرأة وأشباهها من الملتزمات عليكن بالصبر اصبرن على شرع الله عز وجل واصبرن على الأذى في ذلك فإن الله تعالى قد يمتحن العبد بإيذائه في ذات الله عز وجل كما قال الله تعالى (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ) وقال تعالى (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) فأقول لهن اصبرن وارتدين الحجاب وانتقبن لأن النقاب خير من كشف الوجه كله بلا شك وعلى كل حال أقول لهن اصبرن. اصبرن. اصبرن والعاقبة للمتقين وقد وقع منا جواب عن سؤال حول النقاب والسؤال ورد علينا من سائل وقلنا إننا لا نفتي بجوازه وذلك لأننا رأينا أن بعض النساء هداهن الله لما استعملن النقاب توسعن فيه فنقبت المرأة لعينها وجفنها وحاجبها ووجنتها واتسع الخرق على الراقع فقلنا إننا لا نفتي بجوازه ولم نقل إننا نفتي بعدم جوازه لأنه ليس من حقنا أن نفتي بعدم جوازه مع أن ذلك كان من عادات نساء الصحابة ولكننا لا نفتي بالجواز أي أننا نمتنع في الفتوى خوفا من التوسع ولا حرج على الإنسان أن يمتنع من شيء خوفا من التوسع فيه لعمل محرم كما منع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الرجوع إلى المرأة المطلقة ثلاثا لمّا رأى الناس قد تتايعوا في ذلك وكثر منهم الطلاق الثلاث فمنع من إرجاعهن كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما (كان الطلاق الثلاث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر كان طلاق الثلاث واحدة فلما رأى عمر الناس قد تتايعوا فيه قال أرى الناس قد تتايعوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم) والحاصل أننا نوجه النصيحة إلى أولياء أمور هؤلاء النساء المتحجبات الطاهرات المؤمنات أن يتقوا الله تعالى فيهن وأقول اتقوا الله تعالى فيهن لا تحرموهن هذا الخير لا تمنعوهن من الحجاب الشرعي الذي تحتجب به المرأة كلها عن الرجال الأجانب وأقول للفتيات الطاهرات المحتجبات اصبرن على ذلك والله تعالى يثيبكن ويجعل العاقبة لكن (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) .
***

السؤال: تقول هناك من النساء من تتهاون في كشف الوجه أمام إخوة الزوج بحجة أنه ساكن معهم فما توجيه فضيلتكم مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نوجه النصيحة لهؤلاء النساء أن يتقين الله عز وجل وألا يكشفن وجوههن لأقارب الزوج إلا المحارم كابن الزوج وأب الزوج وأما أقاربهما أقارب الزوج سوى هؤلاء الأبناء والأباء فإن الواجب عليها أن تستر وجهها عنهم كما تستر عن رجال السوق بل ستر هذا عنهم أوجب لأن هؤلاء أهل بيت يدخلون وربما ينزغ الشيطان بينهم فإذا كانت جميلة فهو يدخل عليها دخولا عاديا ربما يصيب منها ما يصيب من الفحشاء من غير أن يعلم به ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إياكم والدخول على النساء قالوا يا رسول الله أرايت الحمو قال الحمو الموت) يعني فاحذروه وتهاون بعض الناس بهذا غلط فالواجب تقوى الله عز وجل والالتزام بشريعته والبعد عن أسباب الفتن ولو خالف ذلك عادة الناس وما خالف العادة فإن الناس ينكرونه لأول مرة ثم لا يزالون يألفونه شيئا فشيئا فيزول المنكر.
***

السؤال: يقول هل يجوز للمرأة أن تكشف عن وجهها أمام عم زوجها وهل يجوز لها الزواج منه إذا طلقها الزوج؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للمرأة أن تكشف وجهها أمام عم زوجها ولا أمام أخي زوجها إنما تكشف وجهها لأبي زوجها وجده من قبل الأب أو من قبل الأم ولابن زوجها من غيرها وأبناء أبنائه وأبناء بناته أما أقارب الزوج من غير الأصول والفروع الأصول هم الأجداد وإن علو من قبل الأب أو من قبل الأم والفروع وهم الأبناء وإن نزلوا من أبناء الأبناء أو أبناء البنات هؤلاء هم الذين تكشف لهم الزوجة أما أقارب الزوج سوى أصوله وفروعه فإنهم أجانب منها وبناء على ذلك لو أن الزوج مات عنها أو طلقها فإنه يجوز لأخيه وعمه أن يتزوجها.
***

السؤال: يقول إنه شاب يبلغ السابعة عشر من العمر يقول ولي بنات عمة في سن والدتي وهن قد امتنعن عن الحجاب عني بحجة أنهن كن يلاعبنني في صغري فأنا كأحد أبنائهن لا يستطعن أن يتحجبن عني فماذا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قبل الإجابة على سؤاله أوجه نصيحة إلى بنات عمه أن يتقين الله عز وجل وأن يحتجبن عن هذا الرجل فإنه بالنسبة إليهن كرجل الشارع فكما لا يحل لهن أن يكشفن وجوههن لرجل الشارع فإنه لا يحل لهن أن يكشفن وجوههن لابن عمهن هذا حتى وإن كن في حال صغره مربيات له وكأنهن والدات فالعبرة بما جاءت به الشريعة لا بما اعتاده الناس والعبرة بالهدى لا بالهوى هذه واحدة
أما بالنسبة له فعليه أن يغض بصره وألا يجلس إليهن لأنهن في هذه الحال عاصيات ولا يجوز الجلوس مع شخص عاصي إلا من أجل نصيحته وإذا كان هؤلاء النساء لا يمتثلن النصيحة ولا يرعينها ولا يلقين لها بالاً فإنه لا يجوز أن يحضر إليهن وهن كاشفات الوجوه لكن لو فرض أنهن في بيت يسكنه هو وأنه لابد أن يبقى في هذا البيت فعليه أن يغض البصر ما استطاع.
***

السؤال: تقول هذه السائلة يوجد في البيت أخو زوجي وهو متزوج أيضا وله أولاد ونحن نأكل سويا وسؤالي هل يجوز ذلك مع أننا والحمد لله نلبس الجلباب ولكن لا نلبس الشرابات لما في ذلك من الحرج حيث أن المطبخ نحتاج كثيرا للدخول عليه ويأتي إخوة زوجي لزيارة أهلهم فهل يجوز لنا أن نكشف عن وجوهنا مع العلم بأن زوجي أصغر الإخوان وسوف يظل يسكن مع أهلة دائما وجهونا في ضوء هذا السؤال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أوجه هذه السائلة أنه لا يجوز لها أن تكشف وجهها لإخوان زوجها لأن إخوان زوجها ومن كان في الشارع على حد سواء كلهم ليسوا من محارمها فلا يحل لها أن تكشف وجهها لإخوان زوجها أبدا ولا يحل لهم أن يجلسوا جميعا على مائدة واحدة لأن ذلك يستلزم كشف الأكف وكشف الوجوه ولكن يكونوا في حجرة واحدة لا بأس والنساء في جانب والرجال في جانب أما أن يكونوا جميعا على سماط واحد فإن ذلك لا يجوز وهذه العادات التي توجد من بعض الناس عادات سيئة مخالفة لهدي السلف الصالح فعلينا أن نقتدي بمن سبقنا بالإيمان لقول الله تبارك وتعالى (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) .
***

السؤال: يقول زوجة أخي تعيش معنا تأكل وتشرب معنا وتعمل كل شيء فهل يجوز لها أن تظهر أمامي بدون حجاب مع أنها تلبس الملابس الفضفاضة وترتدي المنديل على رأسها وأنا أعتبرها مثل أختي وليس لي عليها أي سلطة لإجبارها على لبس الحجاب فهل أنا آثم وأنا أعيش معهم في البيت أرشدوني لهذا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجب على زوجة أخيك أن تحتجب عنك احتجابا كاملا كما تحتجب عن رجل الشارع بل قد يكون احتجابها عنك أؤكد من احتجابها عن رجل الشارع لأن الفتنة التي قد تقع بينك وبينها أشد من الفتنة التي تقع بينها وبين رجل الشارع لأنك أنت معها في البيت فلا يحل لها أن تخرج إليك وهي كاشفة الوجه بل يجب عليها أن تستر وجهها أما ظهور كفيها وقدميها فأرجو ألا يكون في ذلك بأس لأن ذلك يشق عليها أن تسترهما.
***

السؤال: تقول لي أخ لزوجي من أمه ويريد زوجي أن أجلس معهم وأنا أعرف بأن ذلك محرم ولكن زوجي لا يقتنع لذلك الرجاء منكم توجيه النصيحة له وإفتاءه في ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل لزوجك أن يسمح لكِ بالكشف عند أخيه من أمه لأنه ليس محرماً لك ولا يحل له من باب أولى أن يجبرك على الكشف له ولو أمرك بهذا فإنه لا يحل لك أن تطيعيه لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وإني أوجه النصيحة لهذا الزوج وأقول له اتق الله في نفسك واتق الله في أهلك فإن الإنسان يجب أن يكون عنده غيرة على محارمه بحيث لا يعرضها أي المحارم لمعصية الله عز وجل لاسيما فيما يتعلق بهذه الأمور وليُعلم أن أقارب الزوج لا يكون منهم محارم إلا أصوله وهم الأباء والأجداد وفروعه وهم الأبناء وأبناء الأبناء وأبناء البنات وإن نزلوا هؤلاء هم المحارم من أقارب الزوج وأما من عداهم كإخوانه وأعمامه وأخواله فإنهم ليسوا محارم لزوجته
***

ما الحكم في إطالة شعر الرأس بالنسبة للرجال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحكم في إطالة شعر الرأس بالنسب للرجال أنه من الأمور المباحة وليس من الأمور المسنونة فهو مباح أي يجوز للإنسان أن يبقى شعر رأسه ويجوز أن يحلقه لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبياً قد حلق بعض رأس وترك بعضه فنهى عن ذلك وقال (احلقه كله أو اتركه كله) وإذا كان إبقاء الشعر من الأمور المباحة فلينظر الإنسان ما عادة الناس في البلد الذي هو فيه إن كانت عادتهم أن يحلقوا الشعر فليحلق حتى لا يكون ذا شهرة فيهم وإن كان من عادتهم ألا يحلقوا فلا يحلق لئلا يكون شهرة فيهم وإن كان الناس لا يبالون في الإنسان سواء حلق أم أبقى فهو بالخيار إن شاء حلق وإن شاء أبقى ولا نرجح شيئاً على شيء.
***

السؤال: تقول أنا دائما أحاول الابتعاد والاحتجاب عن الرجال حتى ولو بالحجاب الشرعي الكامل ولكن أهلي وبعض الناس ينكرون علي ذلك ويقولون بأنك متزمتة فما رأي الشرع في نظركم في ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: اصبري واحتسبي واثبتي على ما أنت عليه من الحجاب الشرعي ولا يضرك قول الناس أنت متزمتة أو متشددة أو ما أشبه ذلك فنسأل الله للجميع معرفة الحق واتباعه أما نصيحتي لأهلك ومن ينكرون عليك فأقول لهم اتقوا الله عز وجل احذروا غضبه لا تنكروا ما جعله الشرع معروفا ولا تنكروا على الشباب الذين بدؤوا والحمد لله يتبعون الطريق الصحيح سواء كانوا من الرجال أو كانوا من النساء وإننا لنسأل الله تعالى أن ينشأ في المسلمين أجيالا صالحة يحكموا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
***

السؤال: ظهرت مؤخرا أدوية تجعل المرأة السمراء بيضاء فهل تعاطيها أو تعاطي مثل هذه الأدوية حرام من باب تغيير الخلقة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هو حرام ما دام يغير لون الجلد تغييرا مستقرا فإنه يشبه الوشم وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة) أما إذا كان لإزالة عيب كما لو كان في الجلد شامة سوداء مشوهه فاستعمل الإنسان ما يزيلها فإن هذا لا بأس به ولهذا يجب أن نعلم الفرق بين ما اتخذ للزينة والتجميل وما اتخذ لإزاله العيب فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أذن للصحابي الذي قطع أنفه أن يركب عليه أنفا من ذهب لإزالة العيب الحاصل بقطع الأنف (ولعن الواشرة والمستوشرة) وهي التي تبرد أسنانها بالمبرد لتكون متفلجة أو نحو ذلك لكن لو فرض أن في صف الأسنان اختلاف بعضها بارز وبعضها داخل على وجه يشوه منظر الأسنان فلا بأس باتخاذ شيء يجعلها متراصة متساوية.
***

السؤال: تقول بأنها فتاة وضعت النقاب على وجهها مؤخرا إلا أنها واجهت معارضات من أقاربها وأهلها مع العلم تقول بأنني ذو جمال متوسط أحد أقاربي قد درس الشريعة قال لي بأن نقاب الوجه غير وارد في الدين الإسلامي وقال إن نساء الرسول صلى الله عليه وسلم لم يضعنه على وجوههن هل فعلا نساء الرسول صلى الله عليه وسلم كن يضعن غطاء الوجه أم لا وجهونا في ضوء ذلك وهل إظهار العينين فيه شيء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن بعض المجتمعات تنكر إنكارا عظيما تغطية الوجه وينكر النقاب أيضا ويلحق النساء الملتزمات من هؤلاء أذى كثيراً سواء من الأقارب أو من الأجانب ولكن على المرأة أن تصبر وتحتسب الأجر من الله وأن تعلم أنها ما أوذيت في الله إلا رفعها الله عز وجل ولا تكن كمن قال الله فيهم (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ) (العنكبوت: من الآية10) بل تمضي على ما تقتضيه الشريعة من الحجاب
والحجاب نوعان نوع يغطى فيه الوجه كله ونوع آخر يغطى فيه الوجه وينقب للعينين ما تبصر به والنقاب معروف في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما ذكر ما تنهى عنه المحرمة ذكر النقاب فقال (ولا تنتقب) وهذا يدل على أن من عادة النساء في ذلك الوقت أن ينتقبن لكن النقاب في قوم محافظين تغطي نساؤهم الوجه كاملا قد يكون به فتنة فإن النساء إذا رخص لهن في النقاب الذي تفتح فيه للعينين ما تبصر به يتوسعن في ذلك فيفتحن فتحة أكبر من فتحة العين وربما يتجاوزن إلى الحواجب وإلى الوجن وربما أبدلن النقاب باللثام فيحصل التوسع ولهذا نحن لا نفتي بجواز النقاب وإن كنا نرى جوازه نظرا لكونه ذريعة إلى ما لا تحمد عقباه وسد الذرائع وارد شرعا وواقع عملا فإن الله سبحانه وتعالى قال (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) (الأنعام: من الآية108) فنهى عن سب آلهة المشركين مع أن سبها أمر مطلوب مشروع لكنه جل وعلا نهى عن سبها حتى يسب هؤلاء رب العالمين عدوا بغير علم وهذا دليل واضح على سد الذرائع وكذلك جاءت السنة بسد الذرائع كتحريم ربا الفضل خوفا من الوقوع في ربا النسيئة وجرى عليه عمل الخلفاء الراشدين فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه منع من بيع أمهات الأولاد وهن الإماء اللاتي ولدن من أسيادهن خوفا من الوقوع في المحظور وهو التفريق بين المرأة وولدها ومنع من رجوع المطلق ثلاثا في مجلس واحد من الرجوع إلى زوجته مع أنه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر كان الرجل يرجع إلى زوجته إذا طلقها ثلاثا في مجلس واحد لكن هذه الصيغة من الطلاق محرمة ولما تكاثر الناس فيها رأى عمر رضي الله عنه أن يمنع من الرجوع سدا لباب التهاون في الطلاق الثلاث فنحن لا نفتي بجواز النقاب في عصرنا هذا حذرا من التوسع فيه لا لأنه غير جائز شرعاً ولا لأننا نرى أن كشف الوجه هو الصواب فنحن نعارض أشد المعارضة في كشف الوجه ونرى أنه لا يحل للمرأة أن تكشف وجهها لغير محارمها إلا ما دلت السنة على جوازه.
***

السؤال: تقول إنني امرأة ملتزمة بالشرع الإسلامي وأحمد الله على ذلك تقول ولكني أشكوا من ضعف البصر وعندما أخرج من المنزل أكون ساترة لجسمي بثوب فضفاض أسود ووجهي مغطى ولا يخرج من ذلك سوى العينين أي أنني منقبة فما حكم ذلك مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على المرأة إذا خرجت إلى السوق أن تستر وجهها عن الرجال وذلك لأن ستر المرأة وجهها عن الرجال غير المحارم واجب قد دل عليه القرآن والسنة وهو الراجح من أقوال أهل العلم ولكن إذا دعت الحاجة إلى أن تفتح نقباً لعينيها فلا حرج بشرط أن لا يعدو ذلك سعة العين إلا أنه إذا خيف من توسع النساء في هذه المسألة فإنه يجب سد الذرائع الموصلة إلى المحرم وهذه قاعدة أصولية شرعية وهي أن الذرائع الموصلة إلى المحرم يجب منعها قال الله تبارك وتعالى (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) فنهى الله تعالى عن سب آلهة المشركين مع أنها حقيقة بالسب وذلك لئلا يكون ذريعة إلى سب الله عز وجل والله عز وجل منزه عن السب وهو أهل للثناء والمجد فإذا كانت المرأة كما ذكرت محتاجة إلى فتح نقب لعينيها فلا بأس به لكن بشرط ألا يكون ذلك ذريعة إلى المنكر بحيث يتوسع النساء في ذلك حتى يفتحن لجزء أكبر يشمل أسفل الجبهة وأعلى الخلد وربما يتوسعن في ذلك توسعاً كبيراً.
***

السؤال: يقول ما الحكم فيما يسمى بمواد التجميل الحديثة التي تتجمل بها المرأة مما يوضع على الشفاه أو على الوجه أو في العين أو على الأظافر وذلك إن كان لزوجها فقط ولا يراها رجلٌ أجنبي حيث إنني سمعت أن بعض من لهم نصيبٌ من العلم لم يجوز استعمال هذه المواد حتى وإن كان للزوج فقط لأنه جعلها من قبيل التشبه بالكافرات فما هو القول الفصل في هذا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول إن التجميل ينقسم إلى قسمين أحدهما تجميلٌ ثابت دائم هذا محرم مثل الوشر والوشم والنمص والوشر هو التفلج أي تفليج الأسنان بمنشار حتى تكون جميلة وأما الوشم فإنه يغرز الجلد ثم يوضع فيه من الداخل كحل أو نحو ذلك بالأصباغ وتبقى دائمة وأما النمص فهو نتف شعر الوجه كالحواجب ونحوها وكل هذا محرم ومن كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله أما إذا كان على وجه لا يدوم فإنه لا بأس به مثل أن تتجمل بالكحل وبالورس ونحو ذلك لكن بشرط ألا يؤدي هذا إلى محظور شرعاً مثل أن يكون فيه تشبه بالنساء الكافرات أو يكون ذلك من باب التبرج فتخرج به إلى الرجال الأجانب ونحو ذلك فإن هذا يكون محرماً لغيره لا لذاته.
***

أسئلة متفرقة في الزينة

السائلة أم معاذ من الرياض تقول ما حكم استعمال الرموش الصناعية للتجمل بها عند الزوج؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الرموش الصناعية لا تجوز لأنها تشبه الوصل أي وصل شعر الرأس وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة) وهذه الرموش إذا كانت مما أتصوره الآن أن يوضع خيوط سوداء كالشعر على الرموش حتى تبدو وكأنها كثيرة تتجمل بها العين فإذا كان هكذا فهي من الوصل الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعلته في رأسها أما إذا كانت الرموش بمعنى تلوين الشعر شعر الأجفان فإنه ليس بحرام.
***

الرموش الصناعية

تقول هذه السائلة نريد جواباً شافياً في حكم العدسات الملونة للزينة خاصة بأن النساء ابتلين بها فما حكم استعمال مثل هذه العدسات بالنسبة للنساء اللاتي يتزين لأزواجهن؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما إذا كانت عين المرأة مشوهة فلا حرج عليها أن تلبس عدسة تجعلها جميلة لأن هذا ليس من تغير خلق الله إذ أن هذه العدسة ليست ثابتة بل متى شاءت نزعتها ولا يمكن أن نلحقها بالوشم الذي لعن فاعله وأما إذا كانت العين سليمة لكن تريد زيادة الكمال فإننا نقول الأفضل ألا تفعل لما في ذلك من التعب وإضاعة المال في تحصيلها والتعب في تركيبها وإزالتها ولأنها ربما تضر العين ولهذا لابد من مراجعة الطبيب قبل اتخاذ أي خطوة في هذا السبيل وأما إذا كانت هذه العدسة على شكل عيون البهائم فهذه حرام لأن تشبه الإنسان بالحيوان معناه أنه أنزل مرتبته التي جعله الله فيها إلى مرتبة دون ولهذا لم يقع التشبيه بالحيوان إلا في مقام الذم قال الله تبارك وتعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شيءنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) فقال مثله كمثل الكلب ذماً وتقبيحاً وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (العائد في هبته كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه) شبهه بالكلب تحذيراً وتقبيحاً وقال تعالى في بني اسرائيل بل في اليهود خاصة (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفاراً) فتجد أن تشبيه بني آدم بالحيوان إنما يكون في مقام الذم فإذا تشبه الإنسان بالحيوان في تركيب شيء في عينه فقد نَزَّلّ نفسه عن المرتبة التي جعله الله عليها والله تعالى يقول (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)
وعلى هذا فنقول في الجواب خلاصةً أولاً قبل كل شيء وقبل اتخاذ أي خطوة يسأل الطبيب هل هذا يضر العين أو لا إن كان يضرها فهو ممنوع لأنه لا يجوز للإنسان أن يتناول ما فيه ضرر بدنه لقول الله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) فإذا قال الطبيب إن الضرر منتفٍ نظرنا هل المرأة محتاجة لذلك لكون نظرها قاصراً فتحتاج إلى تقويته أو لكون عينها مشوهة فتحتاج إلى تجميلها فهذا لا بأس به فإذا لم يكن هناك حاجة نظرنا هل هذه العدسة ليست مشابهة لأعين البهائم فلا بأس بها لكن تركها أحسن لأن بقاء الشيء على طبيعته أولى ولأن في ذلك إضاعة مال وإضاعة وقت بعمل تركيبها وتنزيلها أم أنها أي هذه العدسة تجعل العين شبيهة بعين البهائم كعين الأرنب وما أشبه ذلك فهذه حرام لأن التشبيه بالبهائم لم يقع في نصوص الكتاب والسنة إلا في مقام الذم.
***

السؤال: ما حكم لبس العدسات الملونة للضرورة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس بها لكن بشرط أن يكون ذلك بعد مراجعة الطبيب لئلا تتضرر العين من حيث لا تشعر المرأة وبشرط أيضا ألا تكون هذه العدسات على شكل عيون الحيوانات.
***

السؤال: يقول يا فضيلة الشيخ ظهر في هذا الزمن عدسات تلبس على العين عوضاً عن النظارات وقد ظهر نوعٌ منها يكون ملون بحيث إذا لبسه الإنسان تغير لون العين من لونها الطبيعي إلى لون العدسة فهل لبسها يجوز أم لا حيث إنها قد تكون من تغيير خلق الله أفيدوني بهذا مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذه العدسات التي تلبس على العين لا بد فيها أولاً من مراجعة الأطباء هل لها أثرٌ على العين حاضرٌ أو مستقبل إن قالوا نعم إنها تؤثر على العين لكنه تأثيرٌ منتظر لا حاضر أو قد يكون حاضراً فإنه في هذه الحال يمنع من لبسها لأن الله سبحانه وتعالى نهى أن نفعل في أنفسنا ما يضرنا فقال الله تبارك وتعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) وقال تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وأما إذا قالوا إنها لا تضر العين وفي ظني أنهم لن يقولوا ذلك فإنه ينظر في هذه العدسات إن كانت تحكي عيون الحيوان كالتي تكون على شكل عيون القط أو الأرنب أو غيرهم من الحيوانات فإن ذلك لا يجوز لأن التشبه بالحيوان لم يأتِ في الكتاب والسنة إلا في مقام الذم قال الله تبارك وتعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شيءنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ) وقال الله تبارك وتعالى (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه) وقال (ليس لنا مثل السوء) وقال صلى الله عليه وسلم (الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفارا) أما إذا كانت لا تحكي عيون شيء من الحيوان فلا أرى بها بأساً لأن هذا ليس من تغيير خلق الله إذ أن هذه العدسات منفصلة بائنة عن العين ولا فرق بينها وبين النظارة المعتادة إلا أن هذه بارزة ظاهرة أعني النظارة المعتادة بخلاف العدسات التي تلصق بالعين.
***

السؤال: ما حكم استعمال العدسات الملونة بغرض الزينة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس بها بشرطين أن لا يكون فيها ضرر على العين وألا تشبه عيون الحيوان.
***

السؤال: السائلة ق س م تقول لقد انتشر بين أوساط النساء وخاصة طالبات الجامعة وضع العدسات اللاصقة في العين وهي عدسات طبية لضعف في النظر ولكن هذه العدسات تستخدم أحيانا بألوان فتكون لون أزرق أو أخضر أو عسلي بحيث يتغير لون العين الطبيعي علما بأن هناك من يستخدم هذه العدسات ملونة فقط للزينة والسؤال هل في العدسات الملونة تغيير لخلق الله أو تشبه بالكافرات نرجو منكم التوجيه.

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس في هذه العدسات تغيير لخلق الله لأن هذه العدسة تزال ليست ثابتة كالوشم وإنما هي عبارة عن نظارة معينة ارتقى الطب حتى وصل إلى هذه الحال ولكن لابد من أمرين لابد من مراجعة الطبيب هل يمكن أن توضع في العين أو لا؟
والأمر الثاني لابد أن تكون هذه العدسة لا تنقل عين المرأة إلى مشابهة عين الحيوان كأن تكون هذه العدسة شبه عين الأرنب أو نحو ذلك لأن تشبه الإنسان بالحيوان تنزيل لنفسه من الأعلى إلى الأدنى.
***

العدسات اللاصقة

السؤال: تقول ما حكم إطالة الأظافر بالنسبة للنساء هل يجوز ذلك.

فأجاب رحمه الله تعالى: إطالة الأظافر للنساء أو الرجال خلاف الفطرة التي فطر الله الناس عليها وقد وقت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأمته في الأظافر والشارب والعانة والإبط ألا تترك فوق أربعين يوماً هذا صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذاً لا تطول الأظافر لا بالنسبة للنساء ولا بالنسبة للرجال بل لا تترك فوق أربعين يوماً.
***

السؤال: إنها فتاة في وجهها بقع سوداء صغيرة مثل حبة الخال وهذه كثيرة ما بين ست إلى ثمان نقاط متفرقة تقول ما حكم إزالة مثل هذه النقاط في مستشفى بواسطة الليزر أو أي طريقةٍ أخرى؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج في إزالتها لأنها بهذه الكثرة التي ذكرتها تشوه الوجه بلا شك وتوجب أن ينفر الناس من مشاهدتها والقاعدة في هذا أن ما كان للتجميل فحرام وما كان لإزالة العيب فحلال دليل الأول (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن الواشمة والمستوشمة والواشرة والمستوشرة) فالوشم تلوين الجلد والوشر حك الأسنان بالمبرد ونحوه لأن هذا تجميل
ودليل الثاني وهو إزالة العيوب (أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للرجل الذي قطع أنفه أن يتخذ أنفاً من فضة ففعل فأنتن فأمره أن يتخذ بدل الفضة ذهباً) لأن هذا من إزالة العيب فخذي هذه القاعدة وانتفعي بها وعلى هذا فاللاتي يحاولن أن يقلبن سواد وجوههن إلى بياض محاولتهن حرام لأن هذا من باب تغيير خلق الله للتجميل فقط فإن قال قائل ماذا تقولون في تعديل الحول في العين هل هو من باب التحسين أم من باب إزالة العيب فالجواب أن هذا من باب إزالة العيب فيكون جائزاً وكذلك أيضاً لو كان في الأسنان نتوء واضح بارز يعد عيباً فلا بأس بتقويمها حتى تساوي صفوف الأسنان الأخرى.
***

يافضيلة الشيخ: ما حكم صلاة المرأة التي تضع المناكير على يديها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا لم يصح وضوئها لم تصح صلاتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) فمادام الوضوء غير صحيح فالصلاة غير صحيحة أيضاً.

السؤال: ما حكم استعمال المرأة للمناكير؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المناكير لا يجوز للمرأة إذا كانت تصلى أن تستعمله في أظافرها وذلك لأنه تمنع وصول الماء إلى البشرة ومن شروط الوضوء أن يُزيل المتوضئ ما يمنع وصول الماء إلى البشرة أي إلى ما يجب غسله وقياس ذلك على الخفين قياس مع الفارق لأن الخفين وردت بها السنة وهما مختصان بالرجل المحتاجة إلى التدفئة لأنها تباشر المشي والحفاء وأما هذا فإنه لمجرد الزينة ثم إن هذا أيضاً إذا وضع لا يكون موقتاً أما الخفان مؤقتة فالأصل وجوب غسل اليدين كاملة ولم يرد أنه يمسح على الحائل في اليدين فلا يجوز للإنسان أن يقيس هذا على مسألة الخفين أما إذا كانت لا تصلى كالحائض والنفساء فلا حرج عليها في ذلك.

السؤال: هل يجوز للمرأة المسلمة أن تضع مساحيق التجميل على وجهها.

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان ذلك لا يضر الوجه ولو بعد حين وكانت محتاجة للتجمل كامرأة مع زوجها فلا بأس أما إذا كانت شابة ليس لها زوج فالأحسن أن لا تفعل هذا لأنه يخشى عليها من الفتنة ولهذا قال بعض أهل العلم إنه لا ينبغي للمرأة إذا لم تتزوج أن تستعمل الحنة التي تحني به يديها أو رأسها أو قدميها قالوا لأنها ليست بحاجة إلى هذا التزين إذ أنها لم تتزوج لكن الصحيح أنه جائز إلا أن الأولى تركه إلا لامرأة تحتاج إلى التجمل لزوجها فهذا حسن وبشرط أن لا يكون هناك ضرر على بشرة الوجه.
***

السؤال: هل يجوز وضع المساحيق الملونة على الوجه وهل يعتبر من التغيير لخلق الله ومعروف أثرها في تجميل الوجه وهل يوجد نص من السنة أو من القرآن يخبر أن النسوة المسلمات الأول كنّ يضعنّ مساحيق ملونة على وجههنّ؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الكحل في العينين كان معروفاً من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ولا ريب أنه يعطي العين جمالاً وزينة وأما تجميل الوجه والشفتين فالأصل فيه الحل حتى يقوم دليل على المنع فإذا تجملت المرأة أو بعبارة أصح إذا جملت وجهها بهذه المساحيق والأدهان فإن ذلك لا بأس به لأن مثل هذه الأمور إذا لم يرد بها منع عن النبي صلى الله عليه وسلم فالأصل فيها الحل ولا نحتاج إلى طلب الدليل على حلها لأنه الأصل وما كان هو الأصل فإن المطالبة بالدليل لمن ادعى خلافه لا من ادعى الأصل ولهذا إذا تمسكنا بأصل وقال لنا قائل ما هو الدليل قلنا له الدليل عدم الدليل أي الدليل على هذا عدم الدليل على خروجه عن الأصل.
***

السؤال: المستمعة من مصر تقول في رسالتها فضيلة الشيخ هل يجوز للمرأة استخدام المساحيق والأصباغ المكياج أعني كزينة لزوجها نرجوا الإفادة بذلك بارك الله فيكم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز للمرأة أن تتجمل لزوجها بكل أنواع التجميلات غير المحرمة سواء كان ذلك في العين أو في الخدين أو في الشفاه أو في غير ذلك من مواضع التجمل والزينة إلا أنه لا يحل لها أن تصبغ شعرها بصبغ أسود إذا كان فيه بياض لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك والأصل في النهي التحريم ولأن في هذا نوعاً من المضادة للخلقة التي اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون الإنسان عليها بعد الكبر وهي بياض الشعر فإذا سوده الإنسان فكأنما يريد أن يرجع بنفسه إلى الشباب ولكن بلغني أن المكياج يضر بالمرأة ببشرة وجهها وحينئذ فلا بد من أخذ أراء الأطباء في ذلك فإذا قالوا نعم إنه يضر بشرتها ولو في المستقبل ففي هذه الحال لا تستعمله.
***

السؤال: المستمعة ف م ع تقول هل يجوز للفتاة المحجبة أن تستعمل مساحيق التجميل في وجهها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المرأة المحجبة هي التي تحتجب عن الرجال غير المحارم فيما يجب عليها الاحتجاب فيه وذلك بتغطية الوجه وغيره من البدن مما يدعو النظر إليه إلى الفتنة هذا هو الحجاب الشرعي الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والنظر الصحيح كما قد بينت أدلته في كثير من الرسائل التي كتبها أهل العلم وإن كان مفهوم الحجاب عند كثير من الناس أنه تغطية جميع البدن ما عدا الوجه والكفين ولكن القول الراجح أن أولى وأول ما يجب حجبه عن الأنظار هو الوجه لأن الوجه محل الزينة والرغبة ومحط أنظار الرجال وقد دل على وجوب حجبه وستره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والنظر الصحيح وكتب في ذلك رسائل متعددة كثيرة في بيان ذلك ولا أحد يشك بأن المرأة يُرغب فيها إذا كان وجهها جميلاً ويعرض عنها إذا كان وجهها غير جميل وأن الخاطب أول ما يهتم به حيث طلب الجمال بجمال وجهها ولا أظن خاطباً يرسل أحداً ينظر إلى مخطوبته إذا لم يتمكن من النظر إليها لا أظنه يسأله عن شيء قبل أن يسأله عن وجهها لا أظنه يسأل كيف قدمها أو كيف شعرها أو ما أشبه ذلك ويكون له من الاهتمام بهذا كما يكون له من الاهتمام بالوجه وهذا أمر معلوم وعلى هذا فنقول إن المرأة لا يجوز لها أن تبدي وجهها لغير محارمها وزوجها سواء كانت متجملة بمساحيق وغيرها أم غير متجملة أما إبداء الوجه للمحارم فإنه لا بأس به ولكن ينبغي ألا تضع فيه ما يوجب الفتنة وتعلق القلب بها إلا إذا كان ذلك في كشفها لزوجها فإن المرأة مأمورة بأن تتزين للزوج وأن تفعل من الأساليب التي تجلب زوجها إليها ما يكون سبباً في ميله إليها ورغبته فيها لأن من أقوى أسباب السعادة بين الزوجين أن يجعل الله في قلوبهما المحبة والمودة بل إن هذا من أهم ما يكون بين الزوجين كما قال الله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فوضع المرأة المساحيق وما يجمل الوجه بالنسبة لزوجها أمر مطلوب مرغوب فيه وأما بالنسبة لغيره ممن يجوز لهم النظر إلى وجهها فإن كان يخشى منه الفتنة فلا تضع شيئاً على وجهها وإن كان لا يخشى فالأمر في هذا واسع وليعلم أنه إذا كان من المساحيق ما يمنع وصول الماء إلى بشرة الوجه فإنه يجب إزالته عند الوضوء لأن الله تعالى قال (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) وإذا كان ثم حائل يمنع وصول الماء لم يكن الإنسان غاسلاً لوجهه ولهذا قال أهل العلم إن من شرط صحة الوضوء إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة
***

مساحيق التجميل والمناكير

السؤال: تقول ما حكم كريم تقشير البشرة هذا الكريم يوجد في الأسواق فما حكم استخدام مثل هذه الكريمات؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا أدري ما هذا الكريم هل هو يلين البشرة وينعمها بدون تغيير اللون هذا لا بأس به لأنه من جملة أدوات التجميل وأما إذا كان يغير البشرة من لونٍ إلى آخر فهذا محرم لأنه أشد من الوشم الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعلته فقد (لعن الواشمة والمستوشمة) والوشم هو أن يغرز الجلد بلونٍ مخالفٍ للونه على وجه التطريز والوشي وأقبح من ذلك أن يكون الوشم على صورة حيوان هذا هو الجواب أنه إذا كان لتنعيم الجسم فلا بأس به وإذا كان لتغيير اللون فإنه محرم.
***

السؤال: ما حكم الكريمات المبيضة للبشرة هل فيها بأس بالنسبة للمرأة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما إذا كان تبييضاً ثابتاً فإن هذا لا يجوز لأن هذا يشبه الوشم والوشر والتفليج وأما إذا كان يبيض الوجه في وقتٍ معين وإذا غسل زال فلا بأس به.
***

السؤال: تقول ما حكم استعمال المراهم والدهونات لتبييض البشرة أو لإزالة حب الشباب والتشوهات؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الأول فلا أي لا تستعمل شيئاً يتغير به لون الجلد لأن هذا أشد من الوشم الذي لعنت فاعلته وأما إزالة حب الشباب وما شابهها فلا بأس لأن هذه معالجة مرض ومعالجة المرض لا بأس بها فهناك فرق بين ما يقصد به التجميل وبين ما يقصد به إزالة العيب فالأول ليس بجائز إذا كان على وجهٍ ثابت والثاني جائز.
***

السؤال: تقول ما حكم لبس الكم القصير عند النساء أفتونا مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرى أن المرأة تلتزم الحشمة وتلبس ثوبا فضفاضا واسعا وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن لباس نساء الصحابة في البيوت القميص الذي يستر ما بين كف اليد إلى كعب الرجل وهذا هو الذي يليق بالمرأة المسلمة أن تكون بعيدة عن التهتك الذي قد يؤدي إلى الفتنة وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم قال (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) وإنني بهذه المناسبة أنصح أخواتي المسلمات عن تلقي كل موضة ترد من خارج هذه البلاد في اللباس فإنها إما جاءت من شعوب كافرة أو من شعوب استعمرها الكفار مدة طويلة وأثروا في عاداتها فنحن والحمد لله في هذه الجزيرة على أحسن ما يرام من اللباس فلنقتصر عليه ولنبتعد عن هذه الموضات ثم إن بعض الجاهلات من النساء كلما جاءت موضة اشترتها وتركت الأول ولو كان جديدا وأحذر النساء من مطالعة المجلات التي تعرض هذه الأزياء فإنها لا خير فيها يزينها الشيطان في قلب المرأة حتى تصنع مثل ذلك أو تستأجر من يصنع لها مثل ذلك وإذا رآها النساء تتابعن على هذه الموضة الجديدة.
***

السؤال: لي زوجة تحافظ علي أمور العقيدة وتحافظ على الصلاة وتقوم بأعمال بيتها على أكمل وجه وتحافظ على نظافتها وتعلم أولادها أحكام الإسلام وتقوم بتربيتهم التربية الإسلامية وأنا راضي عنها إلا أنها لا تريد الالتزام بالخمار الشرعي وتخرج من البيت كاشفة عن وجهها وعن كفيها مع أنني تكلمت معها في ذلك كثيرا إلا أنها تصر على عملها ذلك ماذا يجب علي أن أعمل تجاهها أرشدوني جزاكم الله خيرا ونرجو منكم توجيه نصيحة لها ولمثيلاتها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا أحمد الله سبحانه وتعالى أن يكون في نسائنا مثل هذه المرأة المحافظة على دينها وعلى حق زوجها ثانيا أقول لهذه الأخت إن كشفها لوجهها وكفيها يكون سببا في نقص إيمانها لأنه معصية والإيمان ينقص بالمعصية ثالثا أقول إن أمر زوجها بحجاب وجهها حق له وذلك لأنها إذا كشفت وجهها أمام الناس وأمام الرجال الأجانب ربما تكون امرأة جميلة تتعلق بها قلوب المشاهدين لها فيفسدونها عليه فله الحق أن يمنعها من كشف وجهها حتى وإن كانت ممن يرين أن كشف الوجه لا بأس به لأن هذا الأمر حق للزوج لما يخشى فيه من تعلق المرأة بأحد أو تعلق أحد بها وحينئذٍ تفسد عليه ثم إني أقول لهذه المرأة التي يصفها زوجها بما يقتضي أن تكون صالحة لا تثلمي هذا الكمال الذي منّ الله به عليك بمعصية الزوج الذي يأمرك بستر الوجه فإن ذلك حق له وليس لك أن تمتنعي منه حتى وإن كنت ممن يرين أن كشف الوجه جائز وليس معصية لله لكنه معصية لزوجك الذي له الحق في أن يمنعك من هذا كما أن للزوج أن يمنع زوجته نهائياً من الخروج إلى السوق وهذا أبلغ من كونه يأذن لها بالخروج ولكن بشرط الإلتزام بالحجاب.
***

يافضيلة الشيخ: هل تلزمها الإعادة في هذه الحال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت تعرف أن هذا لا يجوز فإنه يلزمها الإعادة وإذا كانت تجهل فإنه لا إعادة عليها بناءً على القاعدة المعروفة عند أهل العلم والتي دل عليها الكتاب والسنة وهو أن الجاهل لا يلزم بإعادة ما ترك من واجب ولا يأثم بفعل ما فعل من محظور لكن قد يكون هذا الجاهل مفرطاً لم يسأل ولم يبحث فنلزمه بالواجب من هذه الناحية حيث إنه ترك ما يجب عليه من التعلم أما إذا لم يحصل منه التفريط وإنما كان غافلاً غفلة نهائية ولا يعرف عن هذه الأمور ولا تحدثه نفسه بأنها حرام أو ما أشبه ذلك فإنه يرفع عنه ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته الذي كان لا يطمئن فيها لم يأمره بإعادة ما مضى من صلاته وكان لا يحسن غير ما كان يصنع أمام الرسول صلى الله عليه وسلم وقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم (ارجع فصل فإنك لم تصلِ) وإنما أمره بإعادة الصلاة الحاضرة لأن وقتها لم يخرج فهو مطالب بفعلها على وجه التمام.
***

السؤال: يقول في سؤال هل يجوز لبس ملابس مطبوع عليها بعض الصور مثل الأسماك والطيور؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للإنسان أن يلبس شيئاً فيه صورة سواء كان ثوباً أو سروالاً أو غترة أو طاقية أو فنيلة أو غير ذلك وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من (أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) وكذلك لا يحل أن تلبس المرأة حلياًَ على شكل صورة حيوان سواء كان ذلك الحيوان طيراً أم ثعباناً أم غيره للحديث الذي أشرنا إليه آنفاً وهو أن (الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) .
***

السؤال: تقول أنا فتاة جميع ملابسي فيها سحاب وقصيرة فهل هذا حرام كما يعتقد البعض وكذلك الأظافر الطويلة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السحاب لا بأس به فإنه نوع من الأزارير والأصل في العادات والألبسة والأطعمة والمساكن الأصل فيها الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه ولا أعلم تحريماً للسحاب سواء كان من الأمام أو من الخلف وأما مسألة قصر الأكمام أو قصر الثياب فإنه إذا لم يكن في البيت رجل من غير محارمها فلا بأس به إلا إذا كانت هذه الثياب على شكل يختص بالكفار فإنه لا يجوز لأن ذلك من التشبه بهم وأما إذا كان في البيت من ليس من محارمها كأخي زوجها وعمه وما أشبه ذلك فإنه لا يجوز لها أن تلبس ثيابا قصيرة تبدو منها سيقانها وأذرعتها وما أشبه ذلك. أما بالنسبة للأظافر فإن هذا خلاف السنة وخلاف الفطرة فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن من الفطرة تقليم الأظفار فمخالفة ذلك مخالفة للفطرة وإن كان المقصود به أن يتشبه الإنسان بغير المسلمين فإن هذا محرم عليه لأن من تشبه بقوم فهو منهم والسنة أن تقص الأظافر وقَّد وقت النبي صلى الله عليه وسلم لأمته فيها ألا تترك فوق أربعين أي فوق أربعين يوماً فالحد الأقصى أربعين يوماً وإلا فكلما طالت تؤخذ ولكنها لا يتجاوز بها أربعين يوماً.
***

السؤال: تقول بالنسبة للمكياج الذي تضعه المرأة على وجهها للتزين للزوج هل في ذلك بأس؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ليس في هذا بأس إذا كان لا يضر البشرة ولقد سمعت بأن المكياج وشبهه من المواد الكيماوية يؤثر على البشرة ولو بعد زمن طويل لا يُرى في القريب المنظور فلذلك يجب التحرز من مثل هذه التجميلات الكيماوية بالرجوع إلى أهل الخبرة في ذلك وهم الأطباء.
***

أحكام لباس المرأة

السؤال: يقول يلبس البعض من النساء ملابس مشقوقة من الأسفل أو مفتوحة على الصدر أو تبين شيئا من الأذرع فما حكم ذلك وما حكم لباس الملابس المشقوقة من الأسفل إلى الركبة بالنسبة للنساء ويكون الثوب شفافا أفيدونا بذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولا يجب أن نعلم أن المرأة مطلوب في حقها الستر والحياء وهي منهية عن التبرج وهو إظهار المحاسن من اللباس أو غير اللباس قال الله تبارك وتعالى (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) وهذا يدل على ذم التبرج حيث أضافه الله تعالى إلى تبرج الجاهلية وكل ما أضيف إلى الجاهلية فهو جهل مذموم فينظر في هذه الألبسة إذا كانت تعد تبرجا يحصل بها الفتنة فإنه منهي عنها ولبسها محرم وأما إذا كان لا يحصل بها التبرج نظرنا إليها من جهة أخرى هل هذه الألبسة تشبه ما يلبسه الرجال من الأكوات وشبهها فتكون محرمة من هذه الناحية لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء) ثم إني أسدي نصيحة إلى نسائنا وإلى أولياء أمورهن ألا يتلقفن كل جديد كلما جاءت موضة أسرعن إليها من حلي أو لباس ظاهر أو لباس باطن لأن في ذلك إثراء لمصانع قد تكون مصانع غير مسلمين وفي ذلك أيضا إنهاك لمالية الزوج إن كانت ذات زوج أو لماليتها إن لم تكن ذات زوج أو لمالية أبيها أو من تلزمه نفقتها ومن المعلوم أن التجار إذا رأوا النساء تنهمك في كل موضة جديدة أنهم سيغيرون الموضات بين كل وقت وآخر قريب منه حتى يكسبوا الربح وهذه مسألة اقتصادية عامة ينبغي النظر إليها بجد لا من جهة المسؤولين عن البلد عموما ولا من جهة المسؤولين عن النساء خصوصا كراعي البيت فإنه مسؤولٌ عن رعيته ثم إن في تلقف هذه الموضات كثرة خروج النساء للأسواق لتنظر ماذا حدث من جديد في هذه الموضات فيحصل كثرة دوران النساء في الأسواق وربما تعرضن للفتنة أو يعرضن غيرهن للفتنة ثم هناك مفسدة تضاف إلى ما سبق وهي أن هذه الموضات قد يكون تحصيلها سهلا على من أغناهن الله لكنه يكون صعبا على من ضيق الله عليهم الرزق فيحصل انكسار القلب إذا رأت المرأة زميلتها تلبس هذا اللباس وهي باقية على اللباس الأول فنصيحتي لأخواتي ولرعاتهن من الرجال أن يلاحظوا هذه المسألة والله الموفق.
***

السائل: تقول ما حكم لبس الملابس الضيقة عند النساء مع أني لا أخرج بها إلى غير المحارم وكذلك لبس الملابس التي بها فتحات على الصدر أو من الخلف وبها سحاب؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لبس المرأة للملابس الضيقة إذا كان الضيق شديدا بحيث يصف مقاطع الجسم فهو حرام داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد رجال معهم أسياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مكان كذا وكذا) أما إذا كان الضيق لا يصف حجم البدن فإنه لا بأس به وعلى هذا فالضيق على الوصف الأول محرم سواء كان بين النساء أو بين المحارم أو بين الأجانب وأما الضيق اليسير الذي لا يصف حجم البدن فإنه لا بأس به.
أما الفتحات التي تكون على الصدر فإنه إذا كان بين النساء فلا بأس لأن الجيب أحيانا يكون واسعا يبدو منه النحر وأما إذا كان مع رجال أو غير الزوج فلا ينبغي أن تفعله المرأة وهذا إذا كان الرجال من المحارم أما الأجانب فيجب على المرأة أن تستر جميع بدنها عنهم.
***

السؤال: هل يجوز وضع السحاب في ثوب المرأة أم هو حرام؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السحاب وضعه في ثوب المرأة لا بأس به سواءٌ كان ذلك من الخلف أم من الأمام وذلك لأن الأصل في الملابس الإباحة نوعاً وكيفية إلا ما ورد الشرع بتحريمه.
***

السؤال: يقال إن السحاب أو السستة التي يضعها النساء في ملابسهن في الخلف حرام وكذلك الملابس الضيقة وحمالة الصدر والحمرة التي توضع على الشفاه أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله كل خير؟

فأجاب رحمه الله تعالى: السحاب الذي يكون من خلف جيب المرأة من خلف لا نرى فيه شيئاً ونرى أنه لا بأس به وأن الأصل في اللباس نوعاً وكيفية الأصل فيه الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه ولا شك أن المعتاد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي غيره إلى زماننا هذا أن المعتاد أن يكون الجيب من الأمام ولا يكون من الخلف ولكن كوننا نقول إذا خالف الإنسان هذه العادة يعتبر مرتكباً للحرام أو مرتكباً لمكروه هذا أمرٌ لا يمكن إلا بدليلٍ من الشرع فإذا جاء الدليل الشرعي على أن هذا من المكروه عملنا به وإلا فإن الأصل الإباحة.
أما الملابس الضيقة لا يجوز أن تلبسها المرأة إلا إذا كانت في بيتٍ ليس فيه سوى زوجها وذلك لأن الملابس الضيقة التي تصف حجم الجسم هي في الحقيقة تعتبر ساترة غير ساترة ساترةٌ من حيث الخفاء خفاء اللون لكن ليست ساترة من حيث الحجم فهذا يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد ثم ذكر نساءٌ كاسياتٌ عاريات) فهذه المرأة التي تلبس هذا الثوب الضيق الذي يبين مقاطع الجسم هي في الحقيقة ساترةٌ عارية فلا يجوز أن تلبس مثل هذا ما لم تكن في بيتٍ ليس فيه سوى زوجها
وأما الحمالات فلا بأس بها أن تضع المرأة شيئاً يجمل ثديها فإنه لا بأس به إلا أني أرى أنه لا ينبغي للمرأة الشابة التي لم تتزوج أن تلبسه لأنها حينئذٍ ينشأ في نفسها محبة الظهور والافتتان والفتن فلا ينبغي أن تفعل ثم المرأة المتزوجة التي تفعله لزوجها فلا بأس به هذا يعتبر من التجميل
وأما مسألة الحمرة في الشفاه فهي أيضاً من الأمور التي تتجمل بها المرأة كالحناء في اليد ونحوه فالأصل فيه الإباحة ولكني لا أعلم فيه شيئاً أستند فيه إلى القول بالإباحة إلا أن الأصل الإباحة فإن ورد شيء فيه التحريم فالله أعلم.
***

السؤال: تقول ما حكم لبس البدلة بالنسبة للفتيات الصغار اللاتي في السنة الأولى من العمر إلى سن العاشرة وكذلك لبس الملابس الضيقة للفتيات الصغار والكبار جزاكم الله خيرا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما النساء الكبار فلباس البنطلون والألبسة الضيقة تدخلها في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (صنفان من أهل النار لم أرهما قومٌ معهم سياطٌ كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساءٌ كاسياتٍ عارياتٍ مميلاتٍ مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) والعياذ بالله وأما البنطلون فيزيد أيضا أن فيه تشبهاً بالرجال ويزيد أيضاً أننا لا نأمن أن الذين يريدون لهذا البلد المحافظ على دينه أن ينسلخ من أخلاقه كما انسلخت بعض البلاد الأخرى لا نأمن هؤلاء أن يوردوا علينا بناطيل للنساء من جنس جلد المرأة ورقته ويكون هذا البنطلون ضيقاً حتى إذا لبسته المرأة صارت كأنها عارية تماماً لأننا نعلم أن أهل الشر يريدون إفساد أهل الخير بكل ما يستطيعون نسأل الله أن يكفينا شرهم ويجعل كيدهم في نحورهم فالبنطلون محرم فيما نرى من وجوه:
الوجه الأول أنه تشبه بالرجال
الوجه الثاني ضيقه
الوجه الثالث أنه ذريعة لمفسدةٍ عظيمة لا يعلم مداها إلا الله عز وجل
أما إلباس الصغيرات مثل هذه الألبسة فهو أهون لكن فيه مفسدة وهذه المفسدة أن المرأة إذا تعودت هذا اللباس وهي صغيرة نزع منها الحياء وصارت لا تبالي أن تتبين عورتها بالرؤية أو بالحجم فتعتاد هذا اللباس وفي النهاية تبقى عليه ولو بلغت.
***

السؤال: ما حكم الحمالات وهي تسمى السنتيانة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحمالات لا بأس بها لأنها نوع من التجمل فإذا كانت المرأة ذات زوج وأرادت أن تفعل هذا لزوجها فليس فيه بأس، أما إذا كانت لم تتزوج صغيرة فأنا لا أحب أن تفعل ذلك لأني لا أود من البنت الشابة التي لم تتزوج أن تجعل لها شغفاً بهذه الأمور وتهيئاً بما يكون سبباً لفتنتها أو الفتنة بها.
***

السؤال: تقول هل لبس البراقع جائز أمام الرجال الأجانب من غير غطاء العين أم لا؟

الشيح: هذا المفهوم من كلامنا الأخير أنه جائز ولا بأس به وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تنتقب المرأة إذا أحرمت) فدل هذا على أن نقابها في غير الإحرام كان من عادتهن في ذلك الوقت فلا حرج على المرأة أن تنتقب في البلاد الأجنبية وتبرز عينيها أما في بلادها التي اعتاد نساؤها أن يسترن وجوههن بدون نقاب فالأولى أن لا تنتقب وأن تستر وجهها كاملاً كما هي عادة بلادها.
***

السؤال: السائلة أم عبد الله من القصيم تقول أنني ألبس البرقع وأحياناً النقاب في التجمعات النسائية من حفلات وزواجات ونحو ذلك أو في النزهات البرية الخالية من وجود الرجال الأجانب أما عندما أكون بحضرة رجال أو في حال الخروج من المنزل والمرور بالرجال أو عند الذهاب إلى السوق فإنني أسدل على البرقع النقاب غطاء لستر العينين ماذا تنصحونني أفادكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أنصح السائلة أم عبد الله بأن لا تشق على نفسها فإذا كانت في مجتمع نساء أو كانت في برية أو ليس عندها إلا محارمها فإنه لا حاجة للنقاب لجواز كشف الوجه في هذه الحال ولا ينبغي أن تلبس النقاب لأنها إذا لبست النقاب ظن بها سوء فيظن بها أنها متسترة لتأخذ أسرار الناس أو يظن بها أنها متشددة تدخل في دين الله ما ليس منه أما إذا خرجت إلى السوق أو كان حولها رجال ليسو من محارمها فنعم تسدل على وجهها الخمار إما كاملاً وإما أن تضع نظارة سوداء على عينها وتغطي بقية الوجه.
***

المستمع ع. ع. من العراق يقول ما حكم الشرع في نظركم فضيلة الشيخ في تلك النساء السافرات المتبرجات ويقلن نحن نصلى ونصوم فهل عملهن مقبول اعتماداً على قوله تعالى (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) ؟

فأجاب رحمه الله تعالى: المؤمن إذا عصى الله عز وجل فإنه لا يخرج من الإيمان بمجرد المعصية وإنما يخرج من الإيمان بالكفر وعلى هذا فإذا عصى الله عز وجل فإن معصيته هذه لا تمنع قبول أعماله الصالحة بل أعماله الصالحة مقبولة ولو مع استمراره على هذه المعصية ولكن يجب عليه أي على المؤمن إذا عمل بالمعصية أن ينزع عنها ويتوب إلى الله سبحانه وتعالى ليتحقق بذلك إيمانه فإن من كمال الإيمان وتمام الإيمان ألا يصر الإنسان على معصية قال الله تعالى (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) فعلى المؤمن إذا عمل بالمعصية أن يقلع عنها وأن يتوب إلى الله وأن يسأل الله العلم النافع الذي يتمكن به من معرفة الأمور على ما هي عليه.
***

السؤال: تقول هل يجب على المرأة عند خروجها أن تلبس القفازين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجب عليها أي على المرأة إذا خرجت من منزلها أن تلبس القفازين ولكن عليها أن تستر الكفين لا سيما إذا كان في إبرازهما فتنة بأن تكون كفاها جميلتين أو عليها خواتم أو ما أشبه ذلك وهذا أعني الستر يحصل بالقفازين تارة وتارة يكون بكم الثوب وتارة يكون بطرف العباءة وقد كان المعلوم من عادة نساء الصحابة رضي الله عنهم أن يلبسن القفازين ولكن لبس القفازين إذا أحرمت المرأة يكون حراما لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
***

أحسن الله إليكم يا شيخ ما هي حد عورة المرأة مع المرأة وكذلك عورة الرجل بالنسبة للرجل.

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً يجب أن نعلم أن هذا الحديث الذي يطنطن به من يريد من النساء أن يلبسن ثياباً ليست ثياب حشمة ولا كاسيات هذا الحديث معناه أنه لا يحل للمرأة أن تنظر إلى عورة أختها لكن الأخت ماذا عليها من الثياب يجب أن يكون عليها ثياب ساترة حتى لا تدخل في الحديث الصحيح (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) قال أهل العلم كاسيات عاريات يعني عليها كسوة لكنها خفيفة لا تستر أو عليها كسوة لكنها قصيرة أو عليها كسوة لكنها ضيقة فعورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل هذا المعروف عند أهل العلم فلا يحل للمرأة أن تنظر من المرأة الأخرى ما بين السرة والركبة لكن على الثانية المنظورة أن تلبس الثياب التي يشرع لها لبسها وهي الثياب الساترة لأن ترك النساء يستعملن من الثياب ما شيءن ويقلن إن عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل غير صحيح.
***

السائلة تقول في سؤالها ما حكم لبس القفازات للمرأة رغم عدم وجود زينة على الكف؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الذي ينبغي للمرأة أن تلبس القفازات عند وجود الرجال غير المحارم مثل ما إذا خرجت إلى السوق فإن لم تفعل فلتستر يديها بطرف العباءة ولا تبرز اليدين للرجال ينظرون إليهما وذلك لأن هذا يجر الفتنة فكم من نفوس رديئة تعلقت بالمرأة حين يشاهد الرجل كفيها فيعجبانه فتحصل الفتنة.
***

السؤال: تقول فضيلة الشيخ ما حكم لبس المرأة للقفازين والنقاب أثناء تأديتها للصلاة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما لبسها القفازين فلا بأس إذا لم تكن محرمة وأما لبس النقاب فلا حاجة أن تلبس النقاب إذا لم يكن عندها رجال غير محارم فإنها تكشف وجهها ولا تنتقب أما إذا كان عندها رجال غير محارم فإنها تسدل على وجهها الخمار حتى لا يروها فإذا أرادت السجود كشفت عن وجهها من أجل أن تباشر جبهتها مكان سجودها.
***

السؤال: ماحكم لبس العباءة الخفيفة التي تبين لون الفستان الذي تحتها مع رفعها إلى فوق الساقين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحكم في هذا ينبني على الفستان الذي تحت هذه العباءة فإذا كان جميلاً فإنه لا يجوز لبس مثل هذه العباءة ولا رفعها لأنه يكشف ما تحتها من الثياب الجميلة وقد قال الله تبارك وتعالى (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) فإذا كان الله تبارك وتعالى نهى أن تفعل المرأة ما يظهر به صوت ما تتجمل به فما بالك بما يظهر لون ما تتجمل به أما إذا كان الفستان الذي تحت العباءة ليس بجميل ولا يلفت النظر فإنه لا بأس أن تلبس عباءة خفيفة وأما رفعها فإنه يتضمن محظوراً آخر وهو أن رفع العباءة فوق العجيزة يبرز العجيزة ويظهرها فتحصل بذلك الفتنة منها والفتنة بها.
***

السؤال: بارك الله فيكم المستمع يقول في حديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله جميل يحب الجمال) كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث ما معناه (إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) وقد قرأت سير بعض الصحابة وتعلمت من زهدهم وورعهم رضي الله عنهم وأرضاهم وتقشفهم في المأكل والملبس مع غناهم وكثرة أموالهم حتى أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يلبس من الملابس التي تماثل ملابس صبيانه وغلمانه الذين يعملون عنده والسؤال هل في ذلك ما يعارض مفاهيم الحديثين السابقين وهل على الغني الموسر أن يكون مظهره مناسباً لحالته المادية أم أن عليه أن يلبس ويسكن ويأكل ما شاء في حدود الشرع الإسلامي بدون سرف ولا مخيلة وما معنى الأمر بالتحدث بالنعم في قوله تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) ؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحديث الأول (إن الله جميل يحب الجمال) قاله النبي صلى الله عليه وسلم لما قال الناس إن الرجل يحب أن يكون نعله حسناً وثوبه حسناً فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله جميل يحب الجمال) أي يحب التجمل في اللباس في النعال في الثوب في الغترة في المشلح لأن هذا من إظهار آثار نعمة الله وهو يوافق الحديث الذي ذكره وهو أن الله إذا أنعم على العبد نعمة يحب أن يرى أثر نعمته عليه وأثر النعمة بحسب النعمة فنعمة المال أثرها أن يكثر الإنسان من التصدق ومن نفع الخلق وكذلك أن يلبس ما يليق به من الثياب حتى أن بعض العلماء قال إن الرجل الغني إذا لبس لباس الفقراء فإنه يعد من لباس الشهرة ولكن قد تدعو الحاجة أو قد تكون المصلحة في أن يلبس الإنسان لباس الفقراء إذا كان يعيش في وسط فقير وأحب أن يلبس مثلهم لئلا تنكسر قلوبهم فإنه في هذه الحال قد يثاب على هذه النية ويعطى الأجر على حسب نيته وأما قوله تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) فالمراد أن الإنسان يتحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى عليه لإظهار فضل الله سبحانه وتعالى عليه وأن ما حصل من هذه النعمة ليس بحوله وبقوته ولكنه بنعمة الله ومنته والتحدث بالنعمة يكون بالقول وبالفعل فيكون بالقول مثل أن يقول للناس مثلاً في المناسبة إن الله تعالى قد أعطاني المال بعد أن كنت فقيراً وقد أعطاني الأولاد بعد كنت وحيداً وما أشبه ذلك وقد هداني الله بعد أن كنت على غير هدى والتحدث بالفعل أن يفعل ما يدل على هذه النعمة إذا كان عالماً يعلم الناس إذا كان غنياً ينفع الناس بماله إذا كان قوياً ينفع الناس بدفعه عنهم ما يؤذيهم بحسب الحال وأما ما ذكره عن بعض الصحابة في تقشفهم فهذا على سبيل التواضع لئلا يكون من حولهم منكسر القلب لأنه لا يستطيع أن يلبس مثل لباسهم أو أن يطعم مثل طعامهم والإنسان في هذه الأمور يراعي المصالح.
***

السؤال: وضحوا لنا ما هو حد الإسراف في الملبس إذا كان الزوج يريد من زوجته أن تتجمل ويشتري لها ملابس كثيرة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: حد الإسراف في كل شي مجاوزة الحد أي أن يجاوز الإنسان الحد الذي ينبغي أن يكون عليه سواء كان ذلك في اللباس أو في الأكل والشرب كما قال الله تعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) فالثياب التي يأتي بها الزوج إليك أخبريه بأنك لست في حاجة إليها فإن أصر إلا أن يأتي بها انظري إلى أجملها وتجملي به للزوج لأن من الأزواج من يرغب رغبة أكيدة في أن تتجمل له زوجته وإذا أكثر من الثياب فادخريها فلعله يأتي يوم من الدهر تحتاجين هذه الثياب أو يحتاجها أحد من الفقراء فتتصدقين بها عليهم.
***

السؤال: تقول هل يجوز لبس الثوب للنساء وموضوع الجيب فيه من الخلف على سحاب؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز أن تلبس الثوب وموضوع الجيب فيه من الخلف لأن الأصل في مثل هذه الأمور الإباحة إلا ما دل الدليل على تحريمه وإن كان المعتاد عند الناس وفيما سبق أنهم يجعلون جيوبهم من الإمام لكن ليس هذا من العبادة التي يجب الاتباع فيها ومادامت ليست من العبادات التي يجب فيها الاتباع فإن الأصل فيها الإباحة وليست أيضاً من خصائص لباس الكفار حتى نقول إن هذا من المشابهة لهم فيمنع من هذه الناحية فلا بأس أن تجعل المرأة جيبها من الخلف.
***

السؤال: تقول فضيلة الشيخ وردت عدة أحاديث عن لبس المرأة المسلمة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وقد تشابهت علينا أرجوا من فضيلة الشيخ أن يوضح كيفية لبس المرأة الملتزمة في الوقت الحالي؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أود أن أذكر قاعدة مفيدة في هذا الباب وهي أن الاصل في الألبسة الحل والإباحة حتى يقوم دليل على التحريم لقول الله تبارك وتعالى (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ) ولقول الله تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ َ) فهذه القاعدة يجب أن نبني عليها حكم ما يلبسه الرجال والنساء فنقول الأصل في ذلك الحل حتى يقوم دليل على تحريمه
ومما جاءت الأدلة بتحريمه أن تلبس المرأة لباساً يختص بالرجل أو يلبس الرجل لباساً يختص بالمرأة لأن هذا يكون من باب التشبه وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام (أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء) هذا واحد.
ثانياً مما ورد تحريمه التشبه بالكافرات بمعنى أن يلبس الرجل لباس رجال يختص بالكفار لا يلبسه غيرهم أو تلبس المرأة لباساً يختص بالنساء الكافرات لا يلبسه غيرهن فإن هذا حرام ولا يجوز لأن التشبه بالكفار محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) ولأن التشبه بالقوم يؤدي إلى احترامهم في الظاهر وإلى اعتزازهم بتقاليدهم وما هم عليه قال أهل العلم ولأن التشبه بهم في الظاهر قد يؤدي إلى التشبه بهم في الباطن في العقيدة والأخلاق وبهذا يهلك المسلم وينسلخ من مقومات دينه الظاهرة والباطنة.
ثالثا مما يحرم لبسه أن يلبس الرجل ذهباً خواتم أو قلادة أو أسورة أو غير ذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرّم الذهب على الرجال حتى إنه قال لرجل رأى عليه خاتم ذهب (يعمد أحدكم إلى جمرة من النار فيضعها في يده أو قال في أصبعه ثم نزعه النبي صلى الله عليه وسلم من أصبع الرجل وطرحه) وأما النساء فلهن أن يلبسن من الحلي ما جرت به العادة من ذهب أو فضة أو غيرهما بشرط ألا يشتمل على محرم
ومن الأشياء المحرمة وهو الرابع أن يلبس الإنسان ما فيه صورة من ثياب أو فنائل أو أخمرة أو سراويل أو غيرها وكذلك ما يفعله بعض النساء من لباس حلي من الذهب أو من غير الذهب على شكل حيوان ثعبان أو فراشة أو ما أشبه ذلك فإن هذا محرم وذلك لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة واصطحاب الإنسان للصورة في لباسه من أعظم ما يطرد الملائكة عن دخول البيت ولا فرق في هذا بين الصغار والكبار على القول الراجح وقد ذكر فقهاء الحنابلة قاعدة في هذا الباب مهمة وهي أنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم على البالغ.
ومن ذلك أي من اللباس المحرم أن يلبس الإنسان ما لا يستر عورته كما يفعله بعض الناس من الرجال حيث يلبسون ثياباً خفيفة تحتها سراويل لا تستر ما بين السرة والركبة ثم يصلون فيها فإن هذا من اللباس المحرم الذي لا يستر ولا يجزئ في الصلاة وكذلك بعض النساء يلبسن ثياباً قصيرة أو ضيقة أو خفيفة يرى من ورائها الجلد ويرى من ورائها من الضيق حجم البدن كأنما فصل الثوب عليه تفصيلاً لازقاً به فإن هذا حرام على المرأة لقول النبي عليه الصلاة والسلام (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم أسياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسمنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)
والأفضل في لباس المرأة أن يكون ساتراً من رؤوس الأصابع في الكفين إلى القدمين والستر بالنسبة للكف قد يكون بثوب واسع طويل الكم وقد يكون باستعمال القفازين فإن لباس القفازين للنساء كان معروفاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر ما تجتنبه المحرمة قال (ولا تلبس القفازين) وهذا يدل على أن من عادة النساء في ذلك الوقت لباس القفازين لأنه يستر الكف أما بالنسبة للباس الرأس فإن المرأة تلبس خماراً تستر به رأسها وتستر به وجهها أيضاً عن الرجال الأجانب لأنه لا يحل للمرأة أن تكشف وجهها للرجال الأجانب لدلالة الكتاب والسنة على منع ذلك ودلالة النظر الصحيح السليم على أنه لا بد من ستر المرأة وجهها لما في كشفه من الفتنة التي قد تؤدي إلى الفاحشة الكبرى هذا ما يحضرني الآن منعه من اللباس وقد يكون هناك أشياء أخرى غابت عني الآن لكن القاعدة التي بينتها أولاً وهو أن الأصل في اللباس الحل حتى يقوم دليل على التحريم وذكرت في ذلك آيتين من كتاب الله وهما قول الله تعالى (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) وقوله تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ) وربما يضاف إلى ذلك آية ثالثة وهو قوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) .
***

السؤال: يقول ما حكم لبس القفازات والبرقع بالنسبة للمرأة الذي يوضع على الوجه؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما بالنسبة للقفازات فإنها من عادات نساء الصحابة رضي الله عنهم وهو من كمال الستر والبعد عن الفتنة وأما النقاب فكان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يلبسن النقاب لكن النساء في عهدنا توسعن فصرن لا يقتصرن على خرق يسير تنظر به المرأة وإنما توسعن حتى فتحن فتحة تُرى منها الحواجب وربما بعض الجبهة وربما الوجنة مع تجميل العيون بالكحل لما توسعن بذلك أمسكت عن الإفتاء بجوازه فنحن لا نفتي بجوازه بناء على ما يترتب عليه من الفتنة والاتساع
قد يقول قائل لماذا لا تفتي بجوازه ونساء الصحابة يفعلنه؟
فأقول يجوز أن نمنع المباح خوفا من الوقوع في المفاسد كما منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الرجل إذا طلق زوجته ثلاثا في مجلس واحد منعه من مراجعتها مع أنها كانت تراجع في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر لكن لما تتابع الناس وتهاونوا في الطلاق الثلاث منع عمر رضي الله عنه من مراجعة الرجل زوجته مع أنه كان أصلا مباحاً له ذلك ولهذا أقول ينبغي لأهل العلم أن يكونوا علماء مربين لا علماء مخبرين فقط فتجد بعض الناس يعتمد على قول الفقهاء في مسألة ما دون أن ينظر في عواقبها وما ينتج عنها من مفاسد وهذا لا ينبغي بل ينبغي للإنسان أن ينظر ماذا يترتب على هذا القول أليس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لمعاذ (أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ قال الله ورسوله أعلم قال حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا فقال يا رسول الله أفلا أبشر الناس قل لا تبشرهم فيتكلوا) فمنعه من نشر هذا العلم العظيم المتعلق بالعقيدة خوفا من أن يتكل الناس ولا يعملوا ولا يقوموا بالعمل فكيف بمسألة دون ذلك بكثير يخشى أن يترتب عليها شر كثير لذلك أدعو إخواننا المفتين أن يكونوا علماء مربين وأن ينظروا ماذا ينتج عن الشيء المباح أما الشيء الواجب فلابد من إعلانه ونشره ولا يمكن لأحد أن يكتمه لكن شيء مباح يفتح للناس باب شر عظيم نذهب نخبر الناس به ما الفائدة هذه نقطة تفوت كثيرا من طلبة العلم وهي النظر للعواقب التي تنتج عن الفتوى بشيء لا توجبه الحاجة.
***

نام کتاب : فتاوى نور على الدرب نویسنده : ابن عثيمين    جلد : 22  صفحه : 2
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست