responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 631
مُصِيبٍ.
وَقَوْلُهُ: إيمَانًا مُقَيَّدًا، إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ فَإِنَّ الْمَجَازَ هُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ وَلَوْ كَانَ حَقِيقَةً لَمَا احْتَاجَ إلَى تَقْيِيدٍ كَالْجَنَاحِ إذَا أُرِيدَ بِهِ يُطْلَقُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِذَا أُرِيدَ الْمَجَازُ يُقَيَّدُ كَجَنَاحِ الذُّلِّ فَأَيُّ دَاعٍ لِهَذَا الْقَائِلِ إلَى الْإِطْلَاقِ الْمَجَازِيِّ.
وَقَوْلُهُ: إنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» يَنْبَغِي أَنْ نَقُولَ فِي حُكْمِهِ فَإِنَّا إذَا قُلْنَا: الْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرَائِعِ دَاخِلَةٌ فِي حُكْمِ ذَلِكَ وَأَمَّا فِي لَفْظِهِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا تُدْخِلْ فِي عُمُومِ لَفْظَةِ غَيْرَهَا، وَإِنَّمَا تَدْخُلُ فِي حُكْمِهِ بِالْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى تَكْلِيفِ الْكَافِرَةِ بِمَا تُكَلَّفُ الْمُؤْمِنَةُ، وَنِسْبَتُهُ إلَى الْعُلَمَاءِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَمُرَادُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْإِطْلَاقِ الْمَجَازِيِّ كَمَا قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ كُلُّ الْخَلْقِ مُقِرُّونَ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87] .
وَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَاجُ إلَى إحْضَارِهِ، نَقْلٌ لَا يَنْبَغِي مُشَاحَحَتُهُ فِيهِ، وَيَنْبَغِي لِلْمُتَنَاظَرَيْنِ أَنْ يَحْتَمِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ وَهُمَا أَخَوَانِ مُتَعَاوِنَانِ عَلَى إظْهَارِ الْحَقِّ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْأَخِ أَنْ يُحَقِّرَ أَخَاهُ وَإِنْ جَفَاهُ احْتَمَلَهُ وَلَا يُؤَاخِذُهُ بَلْ يُعَظِّمُهُ وَيُوَقِّرُهُ وَيَتَأَدَّبُ مَعَهُ وَيَدْعُو لَهُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ سَبَبٌ فِي زِيَادَةِ عِلْمِهِ فَيَجْعَلُهُ وَسِيلَةً لَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ صَرَّحُوا بِأَنَّهُمْ إذَا تَرَكُوهَا يُضَاعَفُ لَهُمْ الْعَذَابُ فِي الْآخِرَةِ فَيُعَاقَبُونَ عَلَى تَرْكِ الْإِيمَانِ وَعَلَى تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ.
وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُمْ لَا يُخَاطَبُونَ فِي حَالِ الْكُفْرِ إلَّا بِالْإِيمَانِ قَالُوا: لَا يُعَاقَبُونَ إلَّا عَلَى الْكُفْرِ فَقَطْ وَمَعَ ذَلِكَ هُمْ دَرَكَاتٌ بَعْضُهُمْ أَقْوَى عَذَابًا مِنْ بَعْضٍ فَأَصْحَابُ الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ أَزْيَدُ عَذَابًا مِمَّنْ فَوْقَهُمْ؛ لِأَنَّ مَرَاتِبَ الْكُفْرِ مُتَفَاوِتَةٌ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ الَّذِينَ فَوْقَهُمْ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ الْعَذَابِ سَوَاءٌ قُلْنَا: الْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِالْفَرْعِ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ فَالْوَاجِبَاتُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْتُوا بِهَا فِي الْكُفْرِ الَّذِي مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ لَا تَقَعُ مِنْهُمْ فَهُمْ مُعَذَّبُونَ عَلَيْهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مُطْلَقًا، فَقَوْلُ الْقَائِلِ: إذَا فَعَلُوهَا خُفِّفَ عَنْهُمْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَائِلُ أَرَادَهُ فَلَيْسَ كَمَا قَالَ.
وَأَمَّا الْوَاجِبَاتُ الَّتِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ الْقِرْبَةِ كَأَدَاءِ الدُّيُونِ وَالْوَدَائِعِ وَالْعَوَارِيّ وَالْغُصُوبِ وَالْكَفَّارَاتِ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 631
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست