responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 616
الْعُمُومَ فِي الْمُرْسَلِ إلَيْهِ كَذَلِكَ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الصَّوَابِ، أَمَّا تَفْسِيرُ الْإِرْسَالِ بِالرَّحْمَةِ الَّتِي هِيَ عِلَّتُهُ فَغَيْرُ مَرْضِيٍّ.
وَأَمَّا كَوْنُ الْخَلْقِ فِيهِ مَنْ يَتَأَتَّى الْإِرْسَالُ إلَيْهِ فَالْجِنُّ يَتَأَتَّى الْإِرْسَالُ إلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: 130] وَلِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَكْلِيفِهِمْ فَإِنْ قَالَ: لَا يَتَأَتَّى الْإِرْسَالُ مِنْ الْإِنْسِ إلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمْ فَنَقُولُ: إنَّهُ يَتَأَتَّى فَإِنَّ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سُخِّرَتْ لَهُ الْجِنُّ؛ وَغَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنْ إذَا أَرْسَلَهُ اللَّهُ إلَيْهِمْ لَا بُدَّ أَنْ نَجْعَلَ لَهُ طَرِيقًا إلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَحْصُلَ وُصُولُ ذَلِكَ الْكَلَامِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ وَقَدْ حَصَلَ هَذَا فِي اسْتِمَاعِ الْجِنِّ لِقِرَاءَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي ذَهَابِهِ إلَيْهِمْ وَقِرَاءَتِهِ عَلَيْهِمْ.

(فَصْلٌ) قَالَ السَّائِلُ: وَأَمَّا تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ عَلَيْهِمْ وَتَحَدِّيهِمْ بِهِ؛ فَلِاحْتِمَالِ أَنْ يُحَقِّقَ عَجْزَهُمْ عَنْ مُعَارَضَتِهِ وَيُثْبِتَ مُدَّعَاهُ إذْ لَا يَمْتَنِعُ اخْتِصَاصُ الرِّسَالَةِ بِقَوْمٍ وَتَحَدِّيهِمْ بِمُعْجِزَةٍ لَا يَقْدِرُونَ هُمْ وَلَا غَيْرُهُمْ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهَا؛ وَإِذَا انْضَافَ إلَى عَجْزِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِمْ عَجْزُ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ هُوَ أَقْوَى وَأَقْدَرُ مِنْهُمْ كَانَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي الِانْقِيَادِ وَالِاسْتِجَابَةِ لَهُ.
أَقُولُ: أَمَّا تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ عَلَيْهِمْ فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ وَكَانَ ذَلِكَ لِيُعْلِمَهُمْ بِسُؤَالِهِمْ كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَأَمَّا تَحَدِّيهِمْ بِهِ فَذَلِكَ الْمُسْتَدِلُّ أَطْلَقَ هَذِهِ الدَّعْوَى وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنْ بَعْضَ الْمُصَنِّفِينَ ذَكَرَهَا مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ} [الإسراء: 88]- الْآيَةَ وَقُلْنَا: إنَّهُ لَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ إلَّا عَلَى التَّحَدِّي بِالْقُرْآنِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْ الْخَلْقِ عَلَى مُعَارَضَتِهِ، وَأَمَّا عُمُومُ الدَّعْوَةِ بِهِ أَوْ خُصُوصُهَا فَلَا تَعَرُّضَ فِي الْآيَةِ لِذَلِكَ وَلِذَلِكَ فَقَوْلُ السَّائِلِ أَمَّا تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَتَحَدِّيهِمْ بِهِ إنْ أَرَادَ أَنَّ تِلَاوَتَهُ عَلَيْهِمْ كَانَ لِقَصْدِ التَّحَدِّي.
فَهَذَا لَمْ يَثْبُتْ وَإِنَّمَا كَانَ لِلتَّعْلِيمِ، وَالتَّحَدِّي فِي اللُّغَةِ هُوَ الْمُبَارَاةُ وَهُوَ اصْطِلَاحُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ دَعْوَى الرِّسَالَةِ وَالْإِتْيَانِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ الْمُعْجِزَاتِ وَالْجِنُّ مِنْ حَيْثُ سَمِعُوا الْقُرْآنَ بِنَخْلَةٍ إذْ صَرَفَهُمْ اللَّهُ إلَيْهِ عَلِمُوا أَنَّهُ مُعْجِزٌ فَلَمْ يُبَارُوا فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَيْضًا فَالْجِنُّ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الَّذِي جَاءَ الْقُرْآنُ عَلَى أَسَالِيبِهِ وَتَضَمَّنَ مِنْ نَظْمِ تِلْكَ الْأَسَالِيبِ وَالْجَزَالَةِ الْغَايَةَ الْقُصْوَى الَّذِي أَعْجَزَتْ الْخَلَائِقَ الَّذِينَ هُمْ فُصَحَاءُ ذَلِكَ اللِّسَانِ فَعَجْزُهُمْ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 616
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست