responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 613
وَسُمِّيَ الْمُبَلِّغُونَ عَنْهُمْ نُذُرًا؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُمْ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف: 29] وَيُسَمَّوْنَ أَيْضًا رُسُلًا وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا رُسُلًا عَنْ اللَّهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} [يس: 14] وَكَانُوا رُسُلَ عِيسَى - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَبِهَذَا قِيلَ: إنَّ الرُّسُلَ إلَى الْجِنِّ فِي الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ وَكَانُوا نُذُرًا مِنْ جِهَةِ رُسُلِ الْإِنْسِ فَسُمُّوا رُسُلًا فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: 130] عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ فِيهَا.
إذَا عَرَفْت ذَلِكَ فَتَسْمِيَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ نَذِيرًا إنَّمَا كَانَ لِإِخْبَارِهِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1] فَإِذَا سَلِمَ أَنَّهُ مُخْبِرٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى لِلْجِنِّ وَأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْفُرْقَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا هُوَ مَعْنَى الرَّسُولِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ السَّائِلِ هُنَا إنَّ النَّذِيرَ أَعَمُّ مِنْ الرَّسُولِ وَقَوْلُهُ وَأَيْضًا فَهُوَ مَخْصُوصٌ يُشِيرُ إلَى خُرُوجِ الْمَلَائِكَةِ مِنْهُ، وَجَوَابُهُ إنَّ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ حُجَّةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ، وَلَوْ بَطَلَ الِاسْتِدْلَال بِالْعُمُومَاتِ الْمَخْصُوصَةِ لَبَطَلَ الِاسْتِدْلَال بِأَكْثَرِ الْأَدِلَّةِ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْعُمُومَاتِ مَخْصُوصَةٌ، وَأَيْضًا فَلَوْ قِيلَ لِمُدَّعِي خُرُوجِ الْمَلَائِكَةِ مَنْ أَنْذَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمَّا لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَإِمَّا غَيْرَهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِنْذَارِ وَالرِّسَالَةِ إلَيْهِمْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ أَنْ يَكُونَ بِالشَّرِيعَةِ كُلِّهَا. وَالْقَوْلُ بِالْعُمُومِ فِي حَقِّهِمْ فِي مُطْلَقِ الْإِنْذَارِ لَا يَكَادُ يَقُومُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِهِ.
وَأَيْضًا مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْمَلَائِكَةَ هُمْ مُؤْمِنُو الْجِنِّ السَّمَاوِيَّةِ فَإِذَا رُكِّبَ هَذَا مَعَ الْقَوْلِ بِعُمُومِ الرِّسَالَةِ لِلْجِنِّ الَّذِي قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ لَزِمَ عُمُومُ الرِّسَالَةِ لَهُمْ لَكِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ مِنْ الْجِنِّ قَوْلٌ شَاذٌّ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْعَالَمِينَ ثَلَاثَةٌ: الْإِنْسُ وَالْجِنُّ وَالْمَلَائِكَةُ أَضْعَافُ الثَّقَلَيْنِ وَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِهَذَا عَدَمَ تَسَرُّعِ السَّائِلِ إلَى الْقَطْعِ بِالتَّخْصِيصِ.

(فَصْلٌ) قَالَ السَّائِلُ: وَتَسْمِيَتُهُ الْجِنَّ نَاسًا إنْ كَانَ حَقِيقَةً فَيَلْزَمُ الِاشْتِرَاكَ وَإِلَّا فَمَجَازٌ وَهُمَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ ثُمَّ حَيْثُ أَطْلَقَ النَّاسَ فَالْمُرَادُ وَلَدُ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّهَا السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ وقَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [الحج: 5] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ يَدُلُّ أَقُولُ قَوْلُهُ إنْ كَانَ حَقِيقَةً يَلْزَمُ الِاشْتِرَاكَ وَإِلَّا فَمَجَازٌ وَهُمَا عَلَى

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 613
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست