responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 609
بِرِسَالَةِ ذَلِكَ النَّبِيِّ إلَيْهِ وَإِمَّا بِمُوَافَقَتِهِ لِشَرْعِ نَبِيِّهِ وَأَمْرِ اللَّهِ لَهُ بِالْحُكْمِ بِهَا، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحْكُمْ بِشَرِيعَةٍ أُخْرَى لِنَسْخِ شَرِيعَتِهِ لِسَائِرِ الشَّرَائِعِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ تَكُونَ شَرِيعَتُهُ وَأَنَّ حُكْمَهَا لَازِمٌ لَهُمْ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِأَنَّهُ تَحَدَّاهُمْ بِالْقُرْآنِ كَمَا تَحَدَّى الْإِنْسَ بِهِ قَدْ ذَكَرَهُ غَيْرُ هَذَا الْقَائِلِ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88] هَذَا الِاسْتِدْلَال عِنْدِي لَيْسَ بِالْقَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ تَحَدِّيَ الْإِنْسِ فَقَطْ وَالْمُبَالَغَةَ فِي تَعْجِيزِهِمْ بِعَجْزِ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُمْ وَأَقْدَرُ وَأَذْكَى، وَالِاسْتِدْلَالُ بِأَنَّهُ أَحَلَّ لَهُمْ كُلَّ طَعَامٍ لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ؛ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ فَإِذَا أَحَلَّ لَهُمْ فَقَدْ تَعَلَّقَ بَعْضَ أَحْكَامِ شَرِيعَتِهِ بِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ لَكِنَّ الَّذِي أَعْرِفُهُ فِي الصَّحِيحِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ قَالَ «لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ» .
وَصِيغَتُهُ " لَكُمْ " لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي الْإِحْلَالِ فَقَدْ يَكُونُ وَسَّعَ عَلَيْهِمْ بِدُعَائِهِ بَعْدَ ضِيقِ، الِاسْتِدْلَالِ بِتَحْرِيمِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالرَّوْثِ وَالْعَظْمِ مِنْ أَجْلِهِمْ لَيْسَ بِجَيِّدٍ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ مُتَعَلِّقٌ بِنَا لَا بِهِمْ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِأَنَّ الرُّسُلَ إلَيْهِمْ لَمْ يَكُونُوا إلَّا مِنْ الْإِنْسِ لَا أَرْتَضِيهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَحْسُنُ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الرُّسُلِ إلَيْهِمْ لَمْ يَكُونُوا إلَّا مِنْ الْإِنْسِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِدْلَالِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ بِالْمُخْتَلَفِ فِيهِ.
وَالْخِلَافُ الْمُشَارُ إلَيْهِ هُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ الْمُفَسَّرِ إنَّ الرُّسُلَ إلَى الْجِنِّ مِنْهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: 130] فَقَالَ الضَّحَّاكُ وَمَنْ تَبِعَهُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ.
وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ لَمْ تَكُنْ الرُّسُلُ إلَّا مِنْ الْإِنْسِ وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ يَطُولُ وَلَيْسَ هَذَا مَحِلَّهُ.
وَلَمْ يَقُلْ الضَّحَّاكُ وَلَا أَحَدٌ غَيْرُهُ بِاسْتِمْرَارِ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فِي الْمِلَلِ الْمُتَقَدِّمَةِ خَاصَّةً وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ فَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِمْ وَإِلَى غَيْرِهِمْ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْإِجْمَاعِ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ، وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى الْإِجْمَاعِ فِي ذَلِكَ أَبُو طَالِبٍ عَقِيلُ بْنُ عَطِيَّةَ الْقُضَاعِيُّ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ وَكَذَلِكَ فَعَلَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْفَصْلِ وَكَثِيرًا مَا يَذْكُرُ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 609
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست