responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 603
غَيْرِهِمْ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُنَا: اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، إنَّا نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى الْمَعْدُومِ وَالْمُمْكِنِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِقَوْلِنَا: عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، التَّعْمِيمُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُمْكِنَةِ لَا قَصْرَ الْحُكْمِ.
وقَوْله تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28] كَذَلِكَ وَفِيهِ زِيَادَةٌ أُخْرَى وَهِيَ تَقْدِيمُ قَوْلِهِ " كَافَّةً " عَلَى قَوْلِهِ " لِلنَّاسِ " فَإِنَّ ذَلِكَ أَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ حَصْرَ الرِّسَالَةِ فِي النَّاسِ حَتَّى يَكُونَ التَّقْدِيرُ وَمَا أَرْسَلْنَاك إلَى أَحَدٍ إلَّا لِلنَّاسِ.
هَذَا لَمْ تَنْطِقْ بِهِ الْآيَةُ وَلَا أَفْهَمَتْهُ بَلْ أَشَارَتْ إلَى خِلَافِهِ بِتَقْدِيمِ " كَافَّةً " وَبِالْعُدُولِ فِي " النَّاسِ " عَنْ " إلَى " إلَى اللَّامِ فَصَارَ مَقْصُودُ الْآيَةِ إثْبَاتَ عُمُومِ الرِّسَالَةِ وَنَفْيَ خُصُوصِهَا فَإِنَّ الرِّسَالَةَ أَنْوَاعٌ مِنْهَا خَاصٌّ وَمِنْهَا عَامٌّ فَصَارَ التَّقْدِيرُ: وَمَا أَرْسَلْنَاك مِنْ الرِّسَالَاتِ إلَّا رِسَالَةً عَامَّةً كَافَّةً لِجَمِيعِ النَّاسِ فَلَا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِبَعْضِ النَّاسِ، وَحِينَئِذٍ لَا تَعَرُّضَ فِيهَا لِلْجِنِّ أَلْبَتَّةَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْت إلَى النَّاسِ عَامَّةً. وَالْكَلَامُ فِيهِ كَمَا سَبَقَ حَرْفًا بِحَرْفٍ.
وَقَوْلُ السَّائِلِ: إنَّ احْتِمَالَ غَيْرِ ذَلِكَ عُدُولٌ عَنْ الظَّاهِرِ غَيْرُ الْعُدُولِ عَنْ الظَّاهِرِ.
هَذَا كُلُّهُ إذَا قُلْنَا: إنَّ النَّاسَ لَا يَشْمَلُ الْجِنَّ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنَّ اسْمَ النَّاسِ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْجِنِّ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْأَدِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ لَنَا لَا لِلسَّائِلِ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ صَحَّ فِيهِ لَفْظَةُ الْخَلْقِ مَوْضِعَ النَّاسِ وَهِيَ أَعَمُّ وَأَنَّ الْحَدِيثَيْنِ مَخْرَجُهُمَا مُخْتَلِفٌ وَأَحَدُهُمَا خَاصٌّ وَالْأُخَرُ عَامٌّ وَالْعَامُّ وَالْخَاصُّ إذَا كَانَا اثْنَيْنِ لَا يُقْضَى بِالْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بَلْ يُقْضَى بِالْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَيَكُونُ الْآخَرُ ذَكَرَ بَعْضَ أَفْرَادِ الْعُمُومِ وَذِكْرُ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعُمُومِ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُورِ فِي الْأُصُولِ الَّذِي لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إلَّا الشُّذُوذُ.

(فَصْلٌ) قَالَ السَّائِلُ وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجِنَّ وَلَا تَلَا عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ. أَقُولُ لَيْسَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ مَعْنَاهُ وَمُسْلِمٌ رَوَاهُ صَدْرَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَ عَقِيبِهِ قِصَّةَ الْجِنِّ وَاسْتِمَاعَهُمْ الْقُرْآنَ
فَأَشْعَرَ بِمُرَادِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّفْيَ الْمُرَادَ بِهِ فِي تِلْكَ الْمَرَّةِ فَاقْتِطَاعُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَرِوَايَتُهَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ حَتَّى تُوهِمَ انْتِفَاءَ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 603
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست