responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 595
بِدَلِيلٍ، وَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْمَلَائِكَةَ خَارِجُونَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ حُجَّةٌ فِي الْبَاقِي وَالنَّذِيرُ هُوَ الْمُخْبِرُ بِمَا يَقْتَضِي الْخَوْفَ وَإِخْبَارُهُ إنَّمَا هُوَ عَنْ اللَّهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ رَسُولًا إلَيْهِمْ عَنْهُ، وَكَوْنُ الضَّمِيرِ فِي (لِيَكُونَ) لِلْفُرْقَانِ بَعِيدٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِعَبْدِهِ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَقْرَبُ وَالضَّمِيرُ لَا يَكُونُ لِغَيْرِ الْأَقْرَبِ إلَّا بِدَلِيلٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّ وَصْفَهُ بِالنَّذِيرِ حَقِيقَةٌ وَوَصْفُ الْفُرْقَانِ بِهِ مَجَازٌ فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ الْحَقِيقَةِ إلَى الْمَجَازِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ.
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَحْقَافِ {فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف: 29] وَالْمُنْذِرُونَ هُمْ الْمُخَوِّفُونَ مِمَّا يَلْحَقُ بِمُخَالَفَتِهِ لَوْمٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا إلَيْهِمْ لِمَا كَانَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَتَى بِهِ لَازِمًا لَهُمْ وَلَا خَوَّفُوا بِهِ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ فِيهَا {أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} [الأحقاف: 31] فَأَمْرُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا بِإِجَابَتِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ دَاعٍ لَهُمْ وَهُوَ مَعْنَى بَعْثِهِ إلَيْهِمْ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ {وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ} [الأحقاف: 31]- الْآيَةَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَرْتِيبَ الْمَغْفِرَةِ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَأَنَّ الْإِيمَانَ بِهِ شَرْطٌ فِيهَا وَإِنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا تَعَلَّقَ حُكْمُ رِسَالَتِهِ بِهِمْ وَهُوَ مَعْنَى كَوْنِهِ مَبْعُوثًا إلَيْهِمْ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ {وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ} [الأحقاف: 32]- الْآيَةَ فَعَدَمُ إعْجَازِهِمْ وَأَوْلِيَائِهِمْ وَكَوْنُهُمْ فِي ضَلَالٍ مُرَتَّبٌ عَلَى عَدَمِ إجَابَتِهِ وَذَلِكَ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى بَعْثَتِهِ إلَيْهِمْ.
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ} [الرحمن: 31] فَهَذَا تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ شَامِلٌ لَهُمْ وَارِدٌ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اللَّهِ، وَهُوَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ مُرْسَلًا إلَيْهِمْ وَأَيُّ مَعْنًى لِلرِّسَالَةِ غَيْرُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مُخَاطَبَتُهُمْ فِي بَقِيَّةِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا هَذِهِ السُّورَةُ.
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْجِنِّ {فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 2] فَإِنَّ قُوَّةَ هَذَا الْكَلَامِ تَقْتَضِي أَنَّهُمْ انْقَادُوا لَهُ وَآمَنُوا بَعْدَ شِرْكِهِمْ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِهِ، وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْآيَاتِ الَّتِي فِي هَذِهِ السُّورَةِ الَّتِي خَاطَبُوا بِهَا قَوْمَهُمْ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ فِيهَا {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ} [الجن: 13] وَكَذَا قَوْلُهُمْ {فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الجن: 14] إلَى آخَرِ الْآيَاتِ.
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] فَهَذِهِ الْآيَةُ تَقْتَضِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْذِرٌ بِالْقُرْآنِ كُلِّهِ مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ جِنِّيًّا كَانَ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 595
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست