responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 593
وَتَرَتَّبَ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ مِنْهَا حُكْمُهُ، وَكَانَ الصِّدِّيقُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ حَقُّ السَّبْقِ إلَى الْإِسْلَامِ وَالتَّصْدِيقِ وَالْقِيَامِ فِي اللَّهِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْإِنْفَاقِ وَالنُّصْرَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ خَصْلَةٍ جَمِيلَةٍ، ثُمَّ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خِلَافَتِهِ إيَّاهُ وَمَا حَصَلَ عَلَى يَدِهِ مِنْ الْخَيْرِ يَزْدَادُ حَقُّهُ وَحُرْمَتُهُ وَاسْتِحْقَاقُ كُلِّ مَنْ اجْتَرَأَ عَلَيْهِ زِيَادَةَ النَّكَالِ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ لِضَرُورَتِهِ مِنْ الدِّينِ بِهَذَا الْمَحَلِّ أَنْ يَكُونَ سَابُّهُ طَاعِنًا فِي الدِّينِ فَيَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ وَلَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ بِسَبَبِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - خَمْسَةً وَخَمْسِينَ أَلْفًا، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ ذَلِكَ دِيَةُ كُلِّ نَبِيٍّ.
وَيُقَالُ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنِّي قَتَلْت بِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا سَبْعِينَ أَلْفًا وَلَأَقْتُلَنَّ بِالْحُسَيْنِ ابْنِ ابْنَتِك سَبْعِينَ أَلْفًا وَسَبْعِينَ أَلْفًا» فَإِذَا قَتَلْنَا بِهَذِهِ الْوَاقِعَةِ عِشْرِينَ نَفْسًا لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا، وَلَا تَعْتَقِدُ بِجَهْلِك أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ جَهْلٌ مِنْ جِنْسِ فِعْلِ الْعَرَبِ الْجُهَّالِ وَمَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ مِنْ قَتْلِهِمْ بِالشَّرِيفِ جَمَاعَةً وَذَلِكَ خَطَأٌ حَيْثُ كَانَ أَخْذًا بِغَيْرِ جُرْمٍ إلَّا الْجُرْمَ الْأَوَّلَ وَهَذَا إنَّمَا يَأْخُذُهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ كُلُّ وَاحِدٍ يُقْتَلُ بِذَنْبِهِ وَلَكِنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى الِاجْتِرَاءُ الْعَظِيمُ الْأَوَّلُ تَعْظِيمًا لِحُرْمَتِهِ، وَهَكَذَا الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُظْهِرُ اللَّهُ تَعَالَى حُرْمَتَهُ وَحَقَّهُ بِاجْتِرَاءِ كَثِيرٍ مِنْ الرَّوَافِضِ لَعَنَهُمْ اللَّهُ الَّذِينَ خَسِرُوا بِهَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَكَانَتْ تَشْتَالُ أُنُوفُهُمْ لَوْ صُفِحَ عَنْهُ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّ التَّعْزِيرَ بِالْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا فَلَا يُوجَدُ فِي قَتْلِهِ سَبَبٌ أَعْظَمُ مِنْ التَّجَرِّي لِهَذَا الْمَقَامِ فِي حَقِّ الصِّدِّيقِ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -.
(الْأَمْرُ السَّابِعُ) أَنَّ لَعْنَةَ الصِّدِّيقِ وَإِضْرَابَهُ مَعْصِيَةٌ قَطْعًا تَجِبُ التَّوْبَةُ عَنْهَا قَطْعًا فَيُطْلَبُ مِنْ اللَّاعِنِ التَّوْبَةُ وَيُعَاقَبُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهَا وَإِنْ انْتَهَى إلَى الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لَا يُؤَدِّي عَنْهُ غَيْرُهُ، وَهَذَا مَأْخَذُ الشَّافِعِيِّ فِي قَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لِأَمْرٍ لَا يُؤَدِّيهِ عَنْهُ غَيْرُهُ، فَإِذَا جَعَلَ الشَّافِعِيُّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الصَّلَاةِ مُجَوِّزًا لِلْقَتْلِ فَالِامْتِنَاعُ مِنْ هَذِهِ التَّوْبَةِ الْمَعْلُومُ وُجُودُهَا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلْقَتْلِ كَالصَّلَاةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَتَعْظِيمُ الصَّحَابَةِ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ.
فَهَذَا مَا أَرَدْنَا كِتَابَتَهُ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ. وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ ذَكَرْنَاهُمَا زِيَادَةً فِي تَقْرِيرِ الْمَقْصُودِ وَالْعُمْدَةُ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 593
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست