responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 575
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ تَجَلِّيَاتٌ يُرَى فِيهَا مِنْ بَعْدِهِ فَيَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تِلْكَ التَّجَلِّيَاتِ خِطَابًا لِمَنْ بَعْدَهُ فِي حَقِّ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَبَعْدَهُ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ صُوفِيَّةٌ وَهُوَ كَانَ مُتَكَلِّمَ الصُّوفِيَّةِ عَلَى طَرِيقَةِ الشَّاذِلِيَّةِ فَإِنْ ثَبَتَ مَا قَالَهُ فَالْحَدِيثُ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الصَّحَابَةِ وَإِلَّا فَهُوَ فِي حَقِّ الْمُتَقَدِّمِينَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَيَدْخُلُ مَنْ بَعْدَهُمْ فِي حُكْمِهِمْ فَإِنَّهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ بَعْدَهُمْ كَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْحُرْمَةَ ثَابِتَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَيَحْتَمِلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا يَثْبُتُ ذَلِكَ لِمَجْمُوعِهِمْ لِأَجْلِ صِيغَةِ الْجَمْعِ وَاسْتِغْرَاقِ الْعُمُومِ.
وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْبَحْثِ سَبُّ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّ سَبَّ الْجَمِيعِ لَا شَكَّ أَنَّهُ كُفْرٌ وَهَكَذَا إذَا سَبَّ وَاحِدًا مِنْ الصَّحَابَةِ حَيْثُ هُوَ صَحَابِيٌّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّ الصُّحْبَةِ فَفِيهِ تَعَرُّضٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِ السَّابِّ.
وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الطَّحَاوِيَّ وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ فَإِنَّ بُغْضَ الصَّحَابَةِ بِجُمْلَتِهِمْ لَا شَكَّ أَنَّهُ كُفْرٌ، وَأَمَّا إذَا سَبَّ صَحَابِيًّا لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ صَحَابِيًّا بَلْ لِأَمْرٍ خَاصٍّ بِهِ وَكَانَ ذَلِكَ الصَّحَابِيُّ مَثَلًا مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَنَحْنُ نَتَحَقَّقُ فَضِيلَتَهُ كَالرَّوَافِضِ الَّذِينَ يَسُبُّونَ الشَّيْخَيْنِ وَإِنَّهُمَا أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ وَإِنَّهُمَا السَّمْعُ وَالْبَصَرُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ رَوَيْنَا فِي كِتَابِهِ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ إلَيْهِ.
قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ هَذَانِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ» فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي كُفْرِ مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ وَجْهَيْنِ وَوَجْهُ التَّرَدُّدِ مَا قَدَّمْنَاهُ فَإِنَّ سَبَّ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ قَدْ يَكُونُ لِأَمْرٍ خَاصٍّ بِهِ، وَقَدْ يُبْغِضُ الشَّخْصُ الشَّخْصَ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهَذَا لَا يَقْتَضِي تَكْفِيرًا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ أَبْغَضَ وَاحِدًا مِنْهُمَا لِأَجْلِ صُحْبَتِهِ فَهُوَ كُفْرٌ بَلْ مَنْ دُونَهُمَا فِي الصُّحْبَةِ إذَا أَبْغَضَهُ لِصُحْبَتِهِ كَانَ كَافِرًا قَطْعًا.
بَقِيَ لَنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بُغْضُ الرَّافِضِيِّ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَيْسَ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ مِنْ مُعَامَلَةٍ أَوْ مُشَارَكَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَإِلَّا كَانَ فِيهِمَا مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 575
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست