responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 544
الِاجْتِهَادِ فِي الْفَتْوَى، فَالْقَاضِي أَبَدًا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لِفَتْوَى إمَامِهِ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا وَإِمَّا مِنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ مُقَلِّدًا وَوَضْعُ الْقَضَاءِ إنَّمَا هُوَ الْفَصْلُ وَالْإِلْزَامُ فَمَنْ قَالَ: إنَّ الْمُفْتِيَ يَهْذِي مَعَ اعْتِقَادِهِ أَنَّ فَتْوَاهُ صَوَابٌ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَافِرٌ فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَثَبَّتَ فِي إطْلَاقِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يُطْلِقُونَهَا وَلَا يَفْهَمُونَ مَا تَحْتَهَا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَإِنَّمَا يَقْصِدُونَ أَنَّ الْقَضَاءَ إلْزَامٌ وَالْفَتْوَى لَيْسَتْ بِإِلْزَامٍ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَفْتَى وَالْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ مِنْهَا، وَهَذَا أَيْضًا خَطَأٌ إنَّمَا لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ إذَا كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ رَاجِحٌ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا إخْبَارٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي بِاعْتِبَارِ تَحْرِيرِ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ أَوْ حُصُولِ أَسْبَابِهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَفْحَصُ وَيَسْتَكْشِفُ مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ مَا لَا يَسْتَكْشِفُهُ الْمُفْتِي لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ وَلَا يَقْتَضِي تَعَارُضًا بَيْنَ الْفَتْوَى وَالْحُكْمِ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْمُفْتِيَ جَاهِلٌ أَوْ أَخْطَأَ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ أَيْضًا قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي قَاضٍ حَقًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ حَدِيث مَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ وَلَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاءُ]
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ وَلَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاءُ مِنْ رَجُلٍ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ» وَرُبَّمَا يُقَالُ «مِنْ ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ» قَدْ يُقَالُ: إنَّ الصِّدْقَ كَيْفَ يَقْبَلُ التَّفَاوُتَ فَإِنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ صَادِقَانِ دَائِمًا، وَلَيْسَ الصِّدْقُ كَالْقِرَاءَةِ وَالْعِلْمِ حَتَّى نَقُولَ: إنَّهُمْ يَتَفَاوَتُونَ فِيهَا فَقَدْ يَخْتَصُّ الْمَفْضُولُ بِزِيَادَةٍ لَا تَكُونُ فِي الْفَاضِلِ أَمَّا الصِّدْقُ فَالرَّجُلَانِ اللَّذَانِ لَا يَكْذِبَانِ لَا يَتَفَاوَتَانِ.
(فَالْجَوَابُ) أَنَّ التَّفَاوُتَ قَدْ يَكُونُ فِي الْقُوَّةِ الَّتِي يَنْشَأُ عَنْهَا صِدْقُ اللِّسَانِ وَتِلْكَ الْقُوَّةُ تَقْبَلُ التَّفَاوُتَ وَهِيَ غَرِيزَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي الْقَلْبِ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ ثُمَّ يُورَدُ أَنَّ الْقُوَّةَ الَّتِي فِي الْقَلْبِ الظَّاهِرُ أَنَّهَا فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَكْمَلُ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَفْضُلَ غَيْرُهُمَا عَلَيْهِمَا فِيهَا. وَيَجِبُ أَنْ تَتَأَمَّلَ لَفْظَ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مِنْ رَجُلٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ بَلْ قَالَ: أَصْدَقَ لَهْجَةً فَجَعَلَ الصِّدْقَ صِفَةَ اللَّهْجَةِ لَا صِفَةَ الرَّجُلِ وَاللَّهْجَةُ اللِّسَانُ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ، وَإِنْ صَحَّ قَوْلُهُ: " أَصْدَقَ " فَأَصْدَقُ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِذِي وَأَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلَّهْجَةِ فَيُجْعَلَ صِفَةً لَهَا لِتَطَابُقِ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 2  صفحه : 544
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست