responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 98
مَا يَقْتَضِي الْخِلَافَ فِي الْمَعْنَى بِالنِّسْبَةِ إلَى جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ شَيْئَيْنِ بِأَدَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ وَاحْتَجَّ ابْنُ مَالِكٍ بِأَنَّهُ كَمَا لَا يَقَعُ بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ مَعْطُوفَانِ كَذَلِكَ لَا يَقَعُ بَعْدَ حَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ مُسْتَثْنَيَانِ، وَتَعَجَّبَ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ مِنْهُ.
وَذَلِكَ لِجَوَازِ قَوْلِنَا: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا، وَبَشَّرَ خَالِدًا. وَضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِسَوْطٍ، وَبَشَّرَ عَمْرًا بِجَرِيدَةٍ وَقَالَ: إنَّ الْمُجَوِّزِينَ لِذَلِكَ عَلَّلُوا الْجَوَازَ بِشَبَهِ " إلَّا بِحَرْفِ الْعَطْفِ وَابْنُ مَالِكٍ جَعَلَ ذَلِكَ عِلَّةً لِلْمَنْعِ. وَفِي هَذَا التَّعَجُّبِ نَظَرٌ. لِأَنَّ ابْنَ مَالِكٍ أَخَذَ الْمَسْأَلَةَ مُطْلَقَةً فِي هَذَا الْمِثَالِ وَفِي غَيْرِهِ.
وَقَالَ لَا يُسْتَثْنَى بِأَدَاةٍ وَاحِدَةٍ دُونَ عَطْفٍ شَيْئَانِ وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ فِي قَوْلِنَا: قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا، وَمَا قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا. وَمَا قَامَ إلَّا خَالِدٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ الْعَامِلُ فِيهِ وَاحِدًا وَالْعَمَلُ وَاحِدًا.
فَفِي مِثْلِ هَذَا يُمْنَعُ التَّعَدُّدُ وَلَا يَكُونُ مُسْتَثْنَيَانِ بِأَدَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا مَعْطُوفَانِ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ. وَالشَّيْخُ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ مَثَّلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " بِحَرْفِ عَطْفٍ " بِ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا وَعَمْرًا. وَهُوَ صَحِيحٌ وَمِثْلُهُ دُونَ عَطْفٍ بِ أَعْطَيْت النَّاسَ إلَّا عَمْرًا الدَّنَانِيرَ. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ التَّمْثِيلَ بِمَا هُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَإِلَّا فَالْمِثَالُ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ هُوَ مِنْ جِهَةِ الْأَمْثِلَةِ. وَلَا رِيبَةَ فِي امْتِنَاعِ قَوْلِك قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا عَمْرًا، ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ هَذَا لَا يَجُوزُ، بَلْ تَقُولُ أَعْطَيْت النَّاسَ الدَّنَانِيرَ إلَّا عَمْرًا قَالَ فَإِنْ قُلْت مَا أَعْطَيْت أَحَدًا دِرْهَمًا إلَّا عَمْرًا دَانِقًا، وَأَرَدْت الِاسْتِثْنَاءَ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَرَدْت الْبَدَلَ جَازَ فَأَبْدَلْت عَمْرًا مِنْ أَحَدٍ وَدَانِقًا مِنْ دِرْهَمٍ كَأَنَّك قُلْت مَا أَعْطَيْت إلَّا عَمْرًا دَانِقًا.
قُلْت وَقَدْ رَأَيْت كَلَامَ ابْنِ السَّرَّاجِ فِي الْأُصُولِ كَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ وَهَذِهِ التَّقْرِيرُ الَّذِي قَرَّرَهُ فِي الْبَدَلِ، وَهُوَ " مَا أَعْطَيْت إلَّا عَمْرًا دَانِقًا " لَا يُؤَدِّي إلَى أَنَّ حَرْفَ الِاسْتِثْنَاءِ يُسْتَثْنَى بِهِ وَاحِدٌ؛ بَلْ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّقْدِيرِيَّةِ لَيْسَ بِبَدَلٍ إنَّمَا نَصَبَهُمَا عَلَى أَنَّهُمَا مَفْعُولَا " أَعْطَيْت " الْمُقَدَّرَةِ، لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَسَاطَةِ " إلَّا " لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ، فَلَوْ أَسْقَطْت " إلَّا " فَقُلْت مَا أَعْطَيْت عَمْرًا دِرْهَمًا جَازَ عَمَلُهَا فِي الِاسْمَيْنِ، بِخِلَافِ عَمَلِ الْعَامِلِ الْمُسْتَثْنَى الْوَاقِعِ بَعْدَ " إلَّا " فَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى وَسَاطَتِهَا.
قُلْت الْحَالَةُ التَّقْدِيرِيَّةُ إنَّمَا ذَكَرَهَا ابْنُ السَّرَّاجِ لَمَّا أَعْرَبَهُمَا بَدَلَيْنِ، فَأَسْقَطَ الْمُبْدَلَيْنِ، وَصَارَ كَأَنَّ التَّقْدِيرَ مَا ذَكَرَهُ وَابْنُ السَّرَّاجِ قَائِلٌ بِأَنَّ حَرْفَ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يُسْتَثْنَى بِهِ وَاحِدٌ، حَتَّى أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي " مَا قَامَ أَحَدٌ إلَّا زَيْدًا إلَّا عَمْرًا " أَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَفْعُهُمَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِفِعْلٍ وَاحِدٍ فَاعِلَانِ مُخْتَلِفَانِ يَرْتَفِعَانِ بِهِ بِغَيْرِ حَرْفِ عَطْفٍ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْتَصِبَ أَحَدُهُمَا.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّيْخَ أَرَادَ أَنْ يَشْرَحَ كَلَامَ ابْنِ السَّرَّاجِ لَا أَنْ يَرُدَّ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست