responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 506
قَالَ سَيِّدُنَا قَاضِي الْقُضَاةِ خَطِيبُ الْخُطَبَاءِ تَاجُ الدِّينِ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَحْسَنَ اللَّهُ إلَيْهِ قَالَ وَالِدِي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَوْلُهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا حَكَمَ بِهِ.
وَقَوْلُهُ لِكَوْنِهِ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ لِكَوْنِهِ عَلَى نَفْسِهِ. بَلْ مَعَ كَوْنِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَكَوْنُهُ عَلَى نَفْسِهِ لَيْسَ بِمَانِعٍ عِنْدَهُ وَلَا مُقْتَضٍ. وَقَوْلُهُ لَا يَكُونُ حُكْمًا بِصِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحَاكِمَ ثَبَتَ عِنْدَهُ إقْرَارُ الْوَاقِفِ بِجَمِيعِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ وَحَكَمَ بِهِ وَمِنْ جُمْلَتِهِ هَذَا الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَحْكُومِ بِهِ بِلَا إشْكَالٍ وَلَيْسَ الْحُكْمُ مَقْصُورًا عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَلَا عَلَى كَوْنِ الصِّحَّةِ لِكَوْنِهِ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ عَلَى مَا قَالَهُ هَذَا الْمُفْتِي، وَعَلَى هَذَا فَحُكْمُ الْحَاكِمِ بِاسْتِمْرَارِ مَنْ أَسْلَمَ يَكُونُ نَقْضًا بِذَلِكَ الشَّرْطِ سَوَاءٌ أَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّتِهِ أَوْ بِهِ أَمَّا كَوْنُهُ مُلْحَقًا فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ هُوَ مَذْكُورٌ فِي أَصْلِ كِتَابِ الْوَقْفِ.
انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى كَلَامِ هَذَا الْمُفْتِي. وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ بِهِ وَالْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ فَفِي هَذَا الْمَحِلِّ لَا يَكَادُ يَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَأَمَّا اعْتِبَارُ هَذَا الشَّرْطِ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ حُكْمٍ فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ وَأَنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَقْدِيرَ غَيْرِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَنَا فِي الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْإِسْلَامَ فِي الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ يَكُونُ مُوجِبًا لِاسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ كَانَ يَسْتَحِقُّهُ لَوْلَا الْإِسْلَامُ وَلَيْسَ هَذَا كَمِيرَاثِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ وَلَا كَالْوَقْفِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النور: 22] فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَلِفَ عَدَمُ إيتَاءِ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ حَرَامٌ وَالشَّرْطُ الْتِزَامُ نِسْبَةِ الْحَلِفِ وَالْإِسْلَامُ وَصْفٌ يَقْتَضِي الِاسْتِحْقَاقَ نِسْبَةُ الْهِجْرَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَكُونُ جَعْلُهُ وَصْفًا مَانِعًا حَرَامًا فَلَا يَصِحُّ شَرْطُهُ.
وَعَلَى هَذَا أَقُولُ: وَقَفَ عَلَى غَنِيٍّ مُعَيَّنٍ وَشَرَطَ أَنَّهُ إذَا افْتَقَرَ يَخْرُجُ مِنْ الْوَقْفِ يَكُونُ الْوَقْفُ صَحِيحًا وَالشَّرْطُ بَاطِلًا. إذَا عَرَفَ ذَلِكَ فَهَذَا الْقَاضِي قَدْ حَكَمَ بِهَذَا الشَّرْطِ فَيَنْظُرُ فِي مَذْهَبِهِ، فَإِنْ كَانَ يَقْتَضِي صِحَّةَ هَذَا الشَّرْطِ لَمْ يَجُزْ نَقْضُهُ وَيَسْتَمِرُّ عَلَى مَا حَكَمَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ يَقْتَضِي بُطْلَانَهُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ نَقْلٌ وَنَحْنُ قَدْ بَيَّنَّا بُطْلَانَهُ فَيُنْقَضُ وَيُحْكَمُ بِبُطْلَانِ هَذَا الشَّرْطِ وَاسْتِمْرَارِ اسْتِحْقَاقِ مَنْ أَسْلَمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمَعَ هَذَا إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ حَنْبَلِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ بِبُطْلَانِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ بِمُقْتَضَى مَا قَالَهُ هَذَا الْمُفْتِي أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ ثُمَّ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ وَافَقَ مَقْصُودَنَا عِنْدَنَا فِي أَصْلِ الشَّرْطِ وَلَعَلَّ شَمْسَ الدِّينِ بْنَ الْعِزِّ لَمَّا حَكَمَ لَمْ يَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذِهْنِهِ إلَّا مَا قَالَهُ الْمُفْتِي مِنْ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ فَائِدَةً هُنَا تَنْفَعُك وَقَلِيلٌ مِنْ الْقُضَاةِ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 506
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست