responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 50
نِعْمَ " وَ " مَا " أُدْغِمَتْ إحْدَى الْمِيمَيْنِ فِي الْأُخْرَى وَالْتُزِمَ كَسْرُ الْعَيْنِ لِأَجْلِ ذَلِكَ انْتَهَى.

قَالَ قَاضِي الْقُضَاةِ وَلَدُهُ تَاجُ الدِّينِ سَلَّمَهُ اللَّهُ هَذَا آخَرُ مَا وَجَدْته بِخَطِّ سَيِّدِي وَالِدِي أَحْسَنَ اللَّهُ إلَيْهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ رَأَيْته بِخَطِّهِ فِي بَعْضِ الْمُسْوَدَّاتِ. وَقَدْ عُدِمَ بَاقِيهِ، وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْآيَةِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا حَضَرَ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي خَصْمَانِ وَظَهَرَ لَهُ الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَقَدْ يَكُونُ الَّذِي ظَهَرَ عَلَيْهِ الْحَقُّ كَبِيرًا يَخْشَى الْقَاضِي مِنْهُ وَهُوَ يَأْبَى قَبُولَ الْحَقِّ فَلَا يَخْلُصُ الْقَاضِي مِنْ اللَّهِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ، هَذَا شَيْءٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ فِي حَالَةِ حُكْمِهِ عَلَى مَرَاتِبَ أَحْسَنِهَا أَنْ يَسْتَحْضِرَ عَظَمَةَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَعَظَمَةَ أَمْرِهِ وَحَقَارَةَ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ عَبْدٌ حَقِيرٌ لَا يَزِنُ جُزْءًا مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ مِنْ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ أَمَرَهُ رَبٌّ جَلِيلٌ قَاهِرٌ مَالِكٌ لِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَجَمِيعِ جَوَارِحِهِ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ بِكُلِّ مَا يَشَاءُ وَهُوَ حَاضِرٌ مَعَهُ قَدْ غَمَرَتْهُ هَيْبَتُهُ قَائِلٌ لَهُ اُحْكُمْ؛ فَلَا يَسَعُهُ إلَّا امْتِثَالُ أَمْرِهِ وَتَنْفِيذُ حُكْمِهِ وَلَا يَسْتَحْضِرُ مَعَ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ.
(الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ) : أَنْ يَكُونَ الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى الْحُكْمِ شَفَقَتَهُ عَلَيْهِ وَإِنْقَاذَهُ مِنْ الظُّلْمِ وَهِيَ حَالَةٌ حَسَنَةٌ أَيْضًا فِيهَا نَصْرُهُ وَهُوَ مَنْعُهُ مِنْ الظُّلْمِ، وَالشَّفَقَةُ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ مِنْ خَيْرِ الْخِصَالِ وَلَكِنَّ الْحَالَةَ الْأُولَى أَكْمَلُ (الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ) أَنْ يَكُونَ الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى الْحُكْمِ مَا يَرْجُوهُ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ عَلَى الْحُكْمِ وَيَخْشَاهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ وَهِيَ حَالَةٌ حَسَنَةٌ دُونَ الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ. وَهَذِهِ الْأَحْوَالُ الثَّلَاثَةُ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ فِيهَا. (الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ) أَنْ يُقَوِّيَ نَفْسَهُ بِالْحَقِّ عَلَى ذَلِكَ الْكَبِيرِ لِكَوْنِهِ عَلَى الْبَاطِلِ، فَإِنَّ لِلْحَقِّ صَوْلَةً وَقُوَّةً وَهُوَ مَلِيحٌ إذَا تَجَرَّدَ وَخُلِّصَ لِلَّهِ. لَكِنْ يُخْشَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ لِلنَّفْسِ فِيهِ حَظٌّ لِأَنَّهَا تُحِبُّ الْعُلُوَّ فَتُدَاخِلُ الْأَمْرَ الدِّينِيَّ الْأَمْرُ النَّفْسَانِيَّ فَالسَّلَامَةُ أَوْلَى. (وَحَالَةٌ خَامِسَةٌ) وَهُوَ أَنْ يَحْكُمَ بِالْحَقِّ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْضَارِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ حَسَنَةٌ أَيْضًا أَحْسَنُ مِنْ الْحَالَةِ الرَّابِعَةِ وَدُونَ الثَّالِثَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.
وَمَا أَظُنُّ بَقِيَ مِنْ الْأَحْوَالِ شَيْءٌ. هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَاضِي الْعَادِلِ وَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى قَاضِيًا، أَمَّا الْفَاجِرُ الَّذِي يُرَاعِي الْكَبِيرَ فَيَمْتَنِعُ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ ظُهُورِ الْحُكْمِ لَهُ وَلَكِنْ بَعْدَ مَا ظَهَرَتْ مَخَايِلُهُ فَرَاعَى الْكَبِيرَ فَدَفَعَ الْخُصُومَةَ لَا لِإِشْكَالِهَا مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنْ لِخَشْيَةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ مُعَادَاةِ الْكَبِيرِ، فَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ صِفَاتِ الْقُضَاةِ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا قَلِيلُ الدِّينِ وَهُوَ حَرَامٌ لِأَنَّهُ خِذْلَانُ الْمَظْلُومِ الْوَاجِبِ نَصْرُهُ وَامْتِنَاعٌ مِنْ الْحُكْمِ وَالنَّظَرِ فِيهِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَالْمُمَالَأَةُ عَلَى الظُّلْمِ، وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ ظُهُورِ الْحُكْمِ قَبْلَ قِيَامِ الْحُجَّةِ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست