responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 310
قَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ فِي أَنَّ الْقَاضِيَ هَلْ يَقْبِضُ دَيْنَ الْغَائِبِ وَيَنْزِعُهُ مِمَّنْ هُوَ فِي جِهَتِهِ وَجْهَيْنِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وِلَايَةً عَلَى الْغَائِبِ. قُلْت: لَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ مُطْلَقَةٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لَهُ بِمَا فِيهِ حِفْظٌ لِحَقِّهِ وَبِالْبَيْعِ فِي وَفَاءِ دَيْنِهِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ قَبْضِ دَيْنِ الْغَائِبِ، فَأَمَّا أَنْ نَقُولَ بِالْقَطْعِ بِهِ، وَإِنْ تَرَدَّدْنَا فِي قَبْضِ دَيْنِ الْغَائِبِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ لِوُجُوبِ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ فِي تَقْدِيمِ غَيْرِ الرَّهْنِ عَلَى الرَّهْنِ، وَهِيَ قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ أَعْنِي أَنَّ بَيْعَ غَيْرِ الرَّهْنِ اقْتِضَاءُ بَيْعِ الرَّهْنِ الْمُسْتَحَقِّ بِخِلَافِ قَبْضِ دَيْنِ الْغَائِبِ الَّذِي لَا حَاجَةَ إلَيْهِ قَضِيَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهَا ضَرُورَةٌ وَلَا حَاجَةٌ، وَإِمَّا أَنْ نَقُولَ: يَجْرِي هُنَا خِلَافٌ كَمَا جَرَى فِي قَبْضِ دَيْنِ الْغَائِبِ، وَهُوَ بَعِيدٌ لَا وَجْهَ لَهُ.
فَإِنْ قُلْت لَا شَكَّ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبِيعُ مَالَ الْغَائِبِ بِغِبْطَةٍ، وَإِنْ كَثُرَتْ، وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ. قُلْت: هَذَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى الْغَائِبِ مَنُوطَةٌ بِالْحَاجَةِ لَا بِالْمَصْلَحَةِ، وَبَيْعُ غَيْرِ الرَّهْنِ هُنَا دَعَتْ إلَيْهِ الْحَاجَةُ، وَالْعَبْدُ الْآبِقُ، وَالضَّالُّ إذَا بَاعَهُ لِيَحْفَظَ ثَمَنَهُ إمَّا أَنَّ تَعَلُّلَهُ بِالْحَاجَةِ، وَإِمَّا أَنَّ الْآبِقَ صَارَ فِي قَبْضَةِ الْقَاضِي فَلَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ أَخَصُّ مِنْ بَقِيَّةِ أَمْوَالِ الْغَائِبِ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ فِي يَدِ الْقَاضِي فَبَيْعُ الْقَاضِي مَنُوطٌ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا اسْتِيلَاؤُهُ عَلَيْهِ كَالْآبِقِ، وَالضَّالِّ مَعَ حَاجَةٍ مَا، أَوْ
مَصْلَحَةٍ
، وَالثَّانِي تَوَجُّهُ حَقٍّ عَلَيْهِ كَدَيْنِ الْغَرِيمِ الْمَطَالِبِ، وَبِمُطَالَبَتِهِ أَيْضًا يَحْصُلُ لِلْقَاضِي تَسَلُّطٌ عَلَى الْأَمْوَالِ يُصَيِّرُهَا كَأَنَّهَا فِي يَدِهِ، وَبَيْعُ غَيْرِ الرَّهْنِ لِأَجْلِ تَبَعِيَّةِ الرَّهْنِ أُخِذَ سَبَبُهَا مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَكَانَ أَقْوَى لِاجْتِمَاعِ حَقِّ الرَّهْنِ، وَحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِيهِ قُلْت: هَلْ تَقُولُونَ ذَلِكَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ بَيْعُ الرَّهْنِ أَمْ لَا، وَهَلْ يُفَرَّقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ نَقْدٌ أَمْ لَا.
قُلْت: إذَا كَانَ هُنَاكَ نَقْدٌ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فَقَدْ قَدَّمْنَا فِيمَا إذَا كَانَ حَاضِرًا أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ، وَيُلْزَمُ الرَّاهِنُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ هُنَا فِي الْغَائِبِ إذَا وَجَدَ الْقَاضِي لَهُ نَقْدًا مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَطَالَبَ الْمُرْتَهِنَ بِهِ وَفَّاهُ مِنْهُ، وَأَخَذَ الرَّهْنَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا مَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ فَلَا حَقَّ لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِ غَيْرِ الرَّهْنِ غَائِبًا كَانَ الرَّاهِنُ، أَوْ حَاضِرًا لِمَا قَدَّمْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ بَيْعُ الرَّهْنِ أَرْوَجَ، أَوْ مُسَاوِيًا، وَطَلَبَهُ الْمُرْتَهِنُ فَلَا شَكَّ فِي إجَابَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ بِبَيْعِ غَيْرِ الرَّهْنِ، وَتَوْفِيَتِهِ فَيَجُوزُ لِلرَّاهِنِ، وَلِلْقَاضِي فِي غَيْبَتِهِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ، وَذَلِكَ حَقٌّ لِلرَّاهِنِ لَا عَلَيْهِ لَكِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَيْعُ غَيْرِ الرَّهْنِ أَرْوَجَ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: إنَّا نَطْلُبُ الْمُبَادَرَةَ بِالْوَفَاءِ فَهَلْ يَجِبُ تَعْجِيلًا بِوَفَاءِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِالرَّهْنِ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْأَصْحَابُ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ، وَإِطْلَاقُ كَلَامِ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 310
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست