responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 303
نَقُولَ يُطَالَبُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ؛ وَمِنْهَا الْمَدْيُونُ إذَا حَضَرَ الدَّيْنُ فَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْحَقِّ مِنْ قَبْضِهِ، فَإِمَّا أَنْ نَقُولَ: يُطَالِبُهُ بِالْقَبْضِ، أَوْ الْإِبْرَاءِ، وَإِمَّا أَنْ نَقُولَ: يُطَالِبُهُ بِالْقَبْضِ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ بِالْإِبْرَاءِ، وَهَذَا الِاسْتِحْقَاقُ الْحَاصِلُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ لَا شَكَّ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ الرَّهْنِ مِنْ الْوَفَاءِ فَلَا يُمْكِنُنَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْقَصُ مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْمُهِمَّ أَنْقَصُ مِنْ الْعَيْنِ، وَهُوَ كَانَ قَبْلَ الرَّهْنِ يَسْتَحِقُّ الْوَفَاءَ عَيْنًا فَكَيْف يَنْقُصُ حَقُّهُ بِالرَّهْنِ فَثَبَتَ أَنَّ لَهُ بِالرَّهْنِ حَقًّا زَائِدًا عَلَى الْوَفَاءِ عَيْنًا مُضَافًا مَعَهُ، وَهُوَ بَيْعُ الرَّهْنِ إلَّا أَنْ يَسْقُطَ هَذَا الْحَقُّ الثَّانِي بِالْوَفَاءِ.
فَإِنْ قُلْت: مِنْ جُمْلَةِ طُرُقِ الْوَفَاءِ بَيْعُ الرَّهْنِ فَكَيْف يَكُونُ مُعَادِلًا لِلْوَفَاءِ، وَالْوَفَاءُ مِنْ الرَّهْنِ أَحَدُ أَقْسَامِ الْوَفَاءِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَسِيمُ الشَّيْءِ قِسْمًا مِنْهُ. قُلْت: لَمْ نَجْعَلْ قَسِيمَ الشَّيْءِ قِسْمًا مِنْهُ وَلَا عَادَلْنَا بَيْنَ الْوَفَاءِ وَبَيْنَ الْوَفَاءِ مِنْ الرَّهْنِ بَلْ الْوَفَاءُ بَيْعُ الرَّهْنِ، وَبَيْعُ الرَّهْنِ طَرِيقٌ مِنْ طُرُقِ الْوَفَاءِ، وَطَرِيقُ الشَّيْءِ مُغَايِرَةٌ لَهُ تَجُوزُ الْمُعَادَلَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَمِمَّا نُنَبِّهُ عَلَيْهِ هُنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَفَاءِ تَأْدِيَةُ الدَّيْنِ لِمُسْتَحِقِّهِ، أَوْ تَعْوِيضُهُ عَنْهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَتَرَاضَيَا بِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي يُؤَدِّيه، أَوْ يُعَوِّضُهُ فِي مِلْكِهِ، أَوْ يُحَصِّلُهُ بِاقْتِرَاضٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ طُرُقِ التَّحْصِيلِ كَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْ جُمْلَةِ الطُّرُقِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ.
وَمِنْ جُمْلَةِ الطُّرُقِ بَيْعُ الرَّهْنِ، وَجَمِيعُ هَذِهِ الطُّرُقِ يَسْتَقِلُّ الرَّاهِنُ بِهَا إلَّا بَيْعَ الرَّهْنِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا شَيْءَ مِنْ الطُّرُقِ جَمِيعِهَا مُسْتَحَقٌّ إلَّا بَيْعُ الرَّهْنِ خَاصَّةً فَإِنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، فَإِذَا قُلْنَا لِلرَّاهِنِ: إمَّا أَنْ تَبِيعَ الرَّهْنَ، وَإِمَّا أَنْ تُوَفِّيَ الدَّيْنَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ شِئْت، وَإِمَّا أَنْ تُوَفِّيَ مِنْ النَّقْدِ الَّذِي بِيَدِك، وَإِمَّا أَنْ تَبِيعَ عَيْنًا مِنْ مَالِك غَيْرَ الرَّهْنِ وَتُوَفِّيَ مِنْهُ كَانَ تَخْيِيرًا بَيْنَ الْخَصْلَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ تَخْيِيرًا بَيْنَ أَمْرَيْنِ وَاجِبَيْنِ عَلَيْهِ.
أَمَّا الثَّالِثَةُ، وَالرَّابِعَةُ فَلَا تَجِبُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُمَا مُسْتَحَقًّا. وَسَنَزِيدُ هَذَا بَيَانًا وَتَقْرِيرًا إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي تَقْرِيرِ الْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ. فَإِنْ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخَيَّرَ الرَّاهِنُ إلَّا بَيْنَ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا وَفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ، وَالْآخَرُ أَيُّ طَرِيقٍ شَاءَ مِنْ طُرُقِ التَّحْصِيلِ؛ إمَّا بَيْعُ الرَّهْنِ، وَإِمَّا بَيْعُ غَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِهِ، وَإِمَّا تَحْصِيلُهُ بِجِهَةٍ أُخْرَى بَلْ لَا يَكُونُ الْوَاجِبُ إلَّا وَفَاءَ الدَّيْنِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَجَمِيعُ الطُّرُقِ وَسَائِلُ إلَيْهِ.
قُلْت يَرُدُّهُ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ يَبِيعُ الْقَاضِي الرَّهْنَ، وَلَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُ مِنْ اسْتِوَاءِ الطُّرُقِ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ وَغَيْرَهُ مَعَ امْتِنَاعِ الرَّاهِنِ وَحُضُورِهِ وَلَا قَائِلَ بِهِ نَعْلَمُهُ، وَذَلِكَ يُبَيِّنُ أَنَّ بَيْعَ الرَّهْنِ مُسْتَحَقٌّ.

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 303
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست