responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 225
بِهِ فَلَا يَخْفَى تَحْرِيمُهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» فَيَحْتَاجُ إلَى فَهْمِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ لَا فِي تَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَلَا فِي غَيْرِهِمَا لَا فِيمَنْ تَرَكَ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَلَا فِيمَنْ لَمْ يَتْرُكْ، وَهَذَا أَمْرٌ مَقْطُوعٌ بِهِ لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ وَإِنَّمَا وَجْهُ هَذَا الْكَلَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مِمَّا خَطَرَ لِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَلَّفَ عِبَادَهُ بِتَكَالِيفَ تَعُودُ إلَيْهِمْ إمَّا لِحَاجَتِهِمْ إمَّا قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِي قَلْبِهِ أَوْ فِي بَدَنِهِ وَإِمَّا مُتَعَدِّيَةٌ إلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْعِبَادِ لِحَاجَتِهِمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ غَنِيٌّ عَنْ جَمِيعِ عِبَادَاتِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37] وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ تَقْوَانَا أَيْضًا وَإِنَّمَا أَمَرَنَا بِهَا لِحَاجَتِنَا وَحَاجَةِ بَقِيَّةِ الْعِبَادِ إلَيْهَا.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ» ، ثُمَّ إنَّهُ تَعَالَى تَلَطَّفَ فِي الْخِطَابِ وَالْأَمْرِ وَتَحْصِيلِ مَصَالِحِنَا فَقَالَ تَعَالَى {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْغَنِيُّ الْمُطْلَقُ الَّذِي لَا حَاجَةَ لَهُ فِي قَرْضٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْفُقَرَاءُ مِنْ عِبَادِهِ الَّذِينَ جَعَلَهُمْ - اخْتِبَارًا لَهُمْ هَلْ يَصْبِرُونَ أَوْ لَا وَلِلْأَغْنِيَاءِ مِنْ خَلْقِهِ هَلْ يَقُومُونَ بِحَقِّهِمْ أَوْ لَا - مُحْتَاجِينَ جَعَلَ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ كَالْقَرْضِ مِنْهُمْ لِيُوَفُّوهُمْ إيَّاهُمْ مِنْ فَضْلِ رَبِّهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ بَالَغَ فَجَعَلَ ذَلِكَ قَرْضًا لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَكَذَلِكَ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: «يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُك فَلَمْ تُطْعِمْنِي فَيَقُولُ: يَا رَبِّ كَيْفَ أُطْعِمُك وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: اسْتَطْعَمَك عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ فَلَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْت ذَلِكَ عِنْدِي ثُمَّ يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُك فَلَمْ تَسْقِنِي فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ: اسْتَسْقَاك عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ فَلَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْت ذَلِكَ عِنْدِي ثُمَّ يَقُولُ: مَرِضْت فَلَمْ تَعُدْنِي فَيَقُولُ: يَا رَبِّ كَيْف أَعُودُك وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: مَرِضَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَعُدْهُ فَلَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ» .
(فَائِدَةٌ عَارِضَةٌ) قَالَ فِي الْأَوَّلَيْنِ " لَوَجَدْت ذَلِكَ عِنْدِي " وَفِي هَذَا " لَوَجَدْتنِي عِنْدَهُ " لِأَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَرُوحُ إلَى أَحَدٍ بَلْ يَأْتِي النَّاسُ إلَيْهِ فَنَاسَبَ أَنْ يَقُولَ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَطْعِمِ وَالْمُسْتَسْقِي فَإِنَّهُمَا قَدْ يَأْتِيَانِ إلَى غَيْرِهِمَا مِنْ النَّاسِ، فَإِذَا عُرِفَ هَذَا ظَهَرَ حُسْنُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» أَيْ أَنَّ مُجَرَّدَ تَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ السِّرِّ فِي الْأَمْرِ بِهِ مِنْ نَفْعٍ يَحْصُلُ فِي قَلْبِ الصَّائِمِ أَوْ فِي بَدَنِهِ أَوْ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ لَا حَاجَةَ فِيهِ لِأَحَدٍ مِنْ الْعِبَادِ لَا لِلصَّائِمِ لِأَنَّهُ تَعْذِيبُ بَدَنِهِ بِتَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ غَيْرِ نَتِيجَةٍ فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست