responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 201
الِاخْتِلَافُ لَا يَضُرُّنَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ.
فَإِنْ قُلْت: هَذَا كُلُّهُ فِي الْوُجُوبِ فَمَا دَلِيلُكُمْ فِي أَنَّ لِلْوَلِيِّ وِلَايَةَ الْأَدَاءِ وَقَدْ تَنَازَعَ فِي ذَلِكَ كَمَا قَدَّمْتُمْ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى.
قُلْت: دَلِيلُنَا فِعْلُ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةِ الَّتِي تَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ، وَبِأَنَّهَا حَقُّ الْفُقَرَاءِ وَهِيَ فِي يَدِ الْوَلِيِّ فَيَجِبُ تَمْكِينُهُمْ مِنْ حَقِّهِمْ وَإِيصَالُهُ إلَيْهِمْ.
فَإِنْ قُلْتَ: فِعْلُ الصَّحَابَةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَدَاءِ الْوَلِيِّ لَا عَلَى وُجُوبِهِ. قُلْتُ: يُؤْخَذُ الْوُجُوبُ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ وَحَقِّ الْفُقَرَاءِ وَتَقْدِيرِ كَوْنِ الْأَمْرِ بِالزَّكَاةِ لِلْفَوْرِ لِتَحَقُّقِ حَاجَةِ الْفُقَرَاءِ وَعَدَمِ انْحِصَارِهِمْ وَذَلِكَ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مُطَالَبَةِ صَاحِبِ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ فَيَصِيرُ تَأْخِيرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَطْلًا وَظُلْمًا، وَفِي وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ الْحَالِّ قَبْلَ الطَّلَبِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ إلَّا إنْ كَانَ وَجَبَ بَعْضُهُ أَوْ كَانَ صَاحِبُهُ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَيَعْلَمُهُ.
فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ لِلْوَلِيِّ وِلَايَةُ التَّفْرِقَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْقَاضِي؟ قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ بَلْ لَهُ الِانْفِرَادُ بِذَلِكَ وَيَدُلُّ لَهُ فِعْلُ عَائِشَةَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ بِلَا شَكٍّ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَتَسْلِيمُهَا إلَى الْمُسْتَحِقِّ وَهُمْ الْأَصْنَافُ عَلَى الْعُمُومِ فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْإِمَامِ أَوْ الْقَاضِي وَقَسَمَهَا أَحَدُهُمَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ فَلَا شَكَّ فِي بَرَاءَتِهِ وَإِنْ أَوْصَلَهَا هُوَ إلَى مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمْ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَكْفِي كَمَا فِي الْمُزَكِّي عَنْ نَفْسِهِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ وِلَايَةُ الدَّفْعِ وَالْفَقِيرُ لَهُ الْأَخْذُ وَهَذَا أَكَادُ أَقْطَعُ بِهِ.
وَأَمَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَامٌّ فَلَا بُدَّ مِنْ وَلِيِّ أَمْرٍ عَامٍّ يَقْضِيهِ عَنْهُ لِيَتَعَيَّنَ لَهُ ثُمَّ يَخْتَصُّ بِهِ مَنْ يَرَاهُ مِنْ الْأَفْرَادِ، وَذَلِكَ خَيَالٌ لَا أَرَى لَهُ وَجْهًا وَلَوْ لَزِمَ ذَلِكَ لَزِمَ فِي الْمُزَكِّي عَنْ نَفْسِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: أَيُّ الْأَمْرَيْنِ أَوْلَى لَهُ أَنْ يُفَرِّقَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْإِمَامِ؟ قُلْتُ: إذَا انْفَرَدَ بِنَفْسِهِ كَانَ عَلَى خَطَرٍ فَرَّقَ أَوْ لَمْ يُفَرِّقْ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا أَثِمَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ وَضَمِنَهَا لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا أَثِمَ وَضَمِنَهَا الصَّبِيُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى.
وَمِنْ الْفُقَهَاءِ فَإِنْ أَخْرَجَهَا بِنَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى حَاكِمٍ يَحْكُمُ بِبَرَاءَتِهِ حَتَّى لَا يُطَالِبَهُ الصَّبِيُّ بِهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ وَإِنْ أَخْرَجَهَا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْ الْحَاكِمِ فَتَنْتَفِي عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ.
فَإِنْ قُلْتَ: فَالصَّحَابَةُ الَّذِينَ أَخْرَجُوهَا، قُلْت: عُمَرُ كَانَ إمَامًا وَكَذَا عَلِيٌّ وَعَائِشَةُ لَعَلَّهَا كَانَ مَأْذُونًا لَهَا وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ قُلْتَ: لَوْ أَرَادَ الْوَلِيُّ أَنْ يُمَكِّنَ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ مِنْ الدَّفْعِ إلَى الْفَقِيرِ وَالنِّيَّةِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: أَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فَلَا يُجْزِئُ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّبِيِّ فِي الصَّبِيِّ لَا تُعْتَبَرُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا وَلَيْسَ كَنِيَّتِهِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَيْسَ هُوَ أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ وَالنِّيَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ هِيَ الْمُقَارَنَةُ لِتَصَرُّفٍ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست