responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 198
الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ لَمْ يَضْمَنْ.
فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ آخَرُ؟ قُلْت: نَعَمْ لَهُمْ بِحَقٍّ وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ صَاحِبِ إبِلٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا» وَقَوْلُ الصِّدِّيقِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ فَإِذَا قَالُوا: إنَّ الْعُشْرَ حَقُّ الْأَرْضِ بِلَا دَلِيلٍ وَقُلْنَا نَحْنُ فَالزَّكَاةُ مِنْ الْمَالِ بِدَلِيلٍ فَكَمَا يَجِبُ الْعُشْرُ عَلَى الصَّبِيِّ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَمَعْنَى حَقِّ الْمَالِ حَقُّ شُكْرِهِ لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ مِنْ اللَّهِ يَسْتَحِقُّ بِهَا اللَّهُ الشُّكْرَ فَزَكَاتُهُ شُكْرُهُ.
فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] هَلْ مَعْنَاهُ صَلُّوا وَزَكُّوا أَوْ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ؟ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَجْعَلَهَا قَائِمَةً ظَاهِرَةَ الشِّعَارِ عَالِيَةَ الْمَنَارِ فَيُصَلِّيهَا بِنَفْسِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ وَيَأْمُرُ غَيْرَهُ بِهَا إذَا قَدَرَ فَهِيَ فَرْضٌ عَلَيْهِ عَيْنًا بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَفَرْضٌ عَلَيْهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ بِفِعْلِ غَيْرِهِ، وَهَذَا عَامٌّ فِي حَقِّ الْأَوْلِيَاءِ وَوُلَاةِ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ يُمْكِنُ قَوْلُهُ فِي الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَفَرْضِيَّتُهَا فِي الْأَمْوَالِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمُكَلَّفِينَ بِهَا وَجَبَ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْأَمْرُ بِإِخْرَاجِهَا بِتِلْكَ الْمَقَادِيرِ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيصَالِهَا إلَى مُسْتَحِقِّيهَا.
فَإِنْ قُلْتَ: وُجُوبُهَا عَلَى الصَّبِيِّ هَلْ تَأْخُذُونَهُ مِنْ النُّصُوصِ أَوْ بِالْقِيَاسِ؟ قُلْتُ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ النُّصُوصِ بِالطُّرُقِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا وَالْعُمُومَاتِ، وَلَوْ فَرَضْنَا اقْتِصَارَ النُّصُوصِ عَلَى الْبَالِغِينَ أَمْكَنَ أَخْذُهَا فِي الصَّبِيِّ بِالْقِيَاسِ بِمَعْنَى الْمُوَاسَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَى شَخْصٍ شَيْءٌ لِمَعْنًى وَشَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى عُدِّيَ إلَيْهِ. فَإِنْ قُلْتَ: أَصْحَابُكُمْ نَصَبُوا الْخِلَافَ بَيْنَ الْإِمَامَيْنِ فِي تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالذِّمَّةِ أَوْ بِالْعَيْنِ وَجَعَلُوا الْأَوَّلَ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ وَالثَّانِيَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَذَكَرُوا مِنْ اسْتِدْلَالِ الْحَنَفِيَّةِ {فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: 24] وَنَحْوَهُ وَأَجَابَ أَصْحَابُكُمْ بِأَنَّهُ لِبَيَانِ الْمَحَلِّ وَالْمِقْدَارِ وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ دَلِيلًا لَكُمْ؟
قُلْتُ: الْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَةِ الْخِلَافِيَّةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ يَقْطَعُهَا عَنْ الذِّمَّةِ خِلَافًا لَنَا وَإِنَّهَا لَا بُدَّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا تَعَلُّقُهَا بِالْعَيْنِ.

فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا تَخْتَارُهُ فِي تَعْلِيقِ الزَّكَاةِ؟ قُلْتُ: قَدْ ذَكَرُوا مَعَانِيَ:
(أَحَدُهَا) : الِابْتِلَاءُ وَالِامْتِحَانُ وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ التَّكَالِيفِ الَّتِي كَلَّفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عِبَادَهُ وَفِي كُلِّ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَالْمُرَادُ بِالِابْتِلَاءِ إمَّا الِاخْتِبَارُ لِيَظْهَرَ مُحْسِنُهُمْ مِنْ مُسِيئِهِمْ وَطَائِعُهُمْ مِنْ عَاصِيهِمْ وَإِمَّا الْبَلْوَى بِإِتْعَابِ الْبَدَنِ وَتَنْقِيصِ الْمَالِ وَالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى.
وَ (الثَّانِي) : صَلَاحُ الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ فَإِنَّ الْقَلْبَ وَالْبَدَنَ يَصْلُحَانِ بِالطَّاعَةِ وَيَفْسُدَانِ بِالْمَعْصِيَةِ وَهَذَا أَيْضًا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْمَأْمُورَاتِ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست