responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 154
إذَا عَرَفْت هَذَا فَإِنَّا نَجِدُ الْبِلَادَ فِيهَا بَعْضَ الْأَوْقَاتِ مَحَارِيبُ مُخْتَلِفَةٌ فَقَدْ شَاهَدْنَا فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ قِبْلَةَ جَامِعِ الْحَاكِمِ وَجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَجَامِعِ الصَّالِحِ وَغَيْرِهَا صِحَاحًا وَشَاهَدْنَا قِبْلَةَ جَامِعِ طُولُونَ وَغَيْرَهَا مُنْحَرِفَةً إلَى الْغَرْبِ وَالصَّوَابُ التَّيَاسُرُ فِيهَا وَكَذَلِكَ شَاهَدْنَا فِي الشَّامِ هَذَا الِاخْتِلَافَ بِجَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ وَهُوَ أَقْدَمُهَا وَأَشْهَرُهَا فِيهِ انْحِرَافٌ إلَى جِهَةِ الْغَرْبِ وَجَامِعُ تَنْكُزَ فِيهِ انْحِرَافٌ أَكْثَرُ مِنْهُ وَجَامِعُ جَرَّاحٍ أَكْثَرُهَا انْحِرَافًا وَهُوَ السَّبَبُ الدَّاعِي إلَى كِتَابَتِي هَذِهِ الْأَوْرَاقَ لِأَنَّهُ لَمَّا عُلِمَ كَثْرَةُ انْحِرَافِ قِبْلَتِهِ تَطَوَّعَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِمَا يَعْمُرُ بِهِ وَتُجْعَلُ قِبْلَتُهُ صَحِيحَةً فَأَرَدْت أَنْ أَجْعَلَهَا عَلَى الْوَضْعِ الصَّحِيحِ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ أَدِلَّةُ الْقِبْلَةِ الْمَسْطُورَةِ فِي كُتُبِ أَهْلِ هَذَا الْعِلْمِ فَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْمُتَفَقِّهَةِ وَبَعْضِ الْعَوَامّ إنْكَارُ ذَلِكَ وَطَلَبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قِبْلَةِ جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ قِبْلَةَ جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ هِيَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ لِأَنَّهَا عَلَى مَا زَعَمَ صَلَّى إلَيْهَا الصَّحَابَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ.
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ أَوْجُهٍ: (أَحَدُهَا) : مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فِي التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا جَامِعَ بَنِي أُمَيَّةَ فِي ذَلِكَ بَلْ كَلَامُهُمْ يَشْمَلُهُ وَيَقْتَضِي أَنَّ الصَّحِيحَ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِيهِ بِالتَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ.
(الثَّانِي) : مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْعِلْمِ مِنْهُمْ قَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرُ الدِّينِ أَنَّ قِبْلَتَهُ مُنْحَرِفَةٌ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْخِلَافُ بَلْ يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ قَطْعًا وَإِذَا جَازَ هَلْ يَجِبُ أَوْ لَا وَجْهَانِ.
(الثَّالِثُ) : إنَّ الْوَاجِبَ فِي الْقِبْلَةِ إنْ كَانَ الْجِهَةُ وَالتَّيَاسُرُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْجِهَةِ وَالتَّيَاسُرِ جَائِزٌ هَهُنَا فَيَكُونُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْعِلْمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ جَائِزًا لَا وَاجِبًا وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ الْعَيْنَ حَصَلَ التَّرَدُّدُ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ اسْتِقْبَالُ الْأَصْلِ أَوْ التَّيَاسُرُ فَمَنْ يَقُولُ الْوَاجِبُ الْجِهَةُ يُجَوِّزُ التَّيَاسُرَ قَطْعًا وَمَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْوَاجِبَ الْعَيْنُ وَيُسَلِّمُ أَدِلَّةَ هَذَا الْعِلْمِ يُوَافِقُهُ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى الْجَوَازِ وَمُخْتَلِفَانِ فِي الْمِحْرَابِ الْأَصْلِيِّ فَكَانَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ.
وَمَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْوَاجِبَ الْعَيْنُ وَيَقُولُ: إنَّ هَذَا الْعِلْمَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِ.
(الرَّابِعُ) : إنَّ جَامِعَ جَرَّاحٍ لَيْسَ مُسْتَهْدَمًا وَإِنَّمَا يُقْصَدُ هَدْمُهُ لِإِقَامَةِ الْقِبْلَةِ عَلَى الْحَقِّ فَإِذَا هُدِمَ وَجُعِلَ عَلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي يَدُلُّ الْعِلْمُ عَلَيْهَا كَانَ عَلَى الْأَحَقِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ إلَّا مَنْ لَا يُعْبَأُ بِقَوْلِهِ فَمَنْ يَقُولُ: إنَّ الْوَاجِبَ الْعَيْنُ وَلَا يَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ وَإِذَا جَعَلَ عَلَى قِبْلَةِ جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ كَانَ عَلَى خِلَافِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعِلْمُ وَلَا يَجُوزُ تَضْيِيعُ أَمْوَالِ النَّاسِ وَوَضْعُ مِحْرَابٍ نَعْتَقِدُ نَحْنُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ الصَّوَابِ.
(الْخَامِسُ) : إنَّ جَامِعَ بَنِي أُمَيَّةَ لَمْ يُبْنَ جَامِعًا وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ قَبْلِ الْإِسْلَامِ فَمِنْ أَيْنَ لَنَا أَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى الْكَعْبَةِ وَلَمَّا فَتَحَ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست