ثم إن المسلم إذا رأى في منامه رؤيا فليتبع الأدب النبوي في ذلك، فإن كانت رؤيا تسره ويحبها فليحمد الله ولا يحدث بها إلا من يحب، وإن رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان ويتفل ثلاثا ولا يحدث بها أحدا، ويتحول عن شقه الذي كان عليه ولا تضره الرؤيا.
وقد جاء في بيان ذلك أحاديث صحيحة، منها حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: كنت أرى الرؤيا فتمرضني، حتى سمعت أبا قتادة يقول: وأنا كنت لأرى الرؤيا تمرضني، حتى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الرؤيا الحسنة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان وليتفل ثلاثا ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره [1] » أخرجه البخاري، وجاء عند ابن ماجه ذكر التحول عن شقه الذي كان عليه.
هذا هو الأدب النبوي العام في الرؤى، فإن أراد الرائي تعبير رؤياه فإنه يقصها على عالم بالتعبير ناصح أمين على الرؤيا. هذا ما يتعلق بالرائي.
أما المعبرون فالواجب عليهم تقوى الله عز وجل، والحذر من الخوض في هذا الباب بغير علم فإن تعبير الرؤى فتوى لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [2] .
ومعلوم أن الفتوى بابها العلم لا الظن والتخرص، ثم أيضا تأويل الرؤى ليس من العلم العام الذي يحسن نشره بين المسلمين ليصححوا اعتقاداتهم وأعمالهم، بل هي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مبشرات، وكما قال بعض السلف: الرؤيا تسر المؤمن ولا تضره. [1] صحيح البخاري التعبير (7044) ، صحيح مسلم الرؤيا (2261) ، سنن الترمذي الرؤيا (2277) ، سنن أبو داود الأدب (5021) ، سنن ابن ماجه تعبير الرؤيا (3909) ، مسند أحمد بن حنبل (5/303) ، موطأ مالك الجامع (1784) ، سنن الدارمي الرؤيا (2142) . [2] سورة يوسف الآية 43