وأفضل الأوقات للاعتكاف هو شهر رمضان وأفضل أيام الشهر ولياليه، هو العشر الأخيرة منه، وقد استقرت سنة النبي صلى الله عليه وسلم على الاعتكاف في العشر الأخيرة من رمضان تحريا لليلة القدر، فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سألت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قلت: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ليلة القدر؟ قال: نعم، «اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان، قال فخرجنا صبيحة عشرين. قال فخطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عشرين، فقال: إني أريت ليلة القدر، وإني أنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر في وتر، فإني رأيت أني أسجد في ماء وطين، ومن كان اعتكف مع رسول الله فليرجع، فرجع الناس إلى المسجد، وما نرى في السماء قزعة، قال: فجاءت سحابة، فمطرت وأقيمت الصلاة فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطين والماء، حتى رأيت الطين في أرنبته وجبهته [1] » . رواه البخاري.
ويشرع لمن أراد اعتكاف العشر أن يدخل معتكفه بعد صلاة الصبح من اليوم الحادي والعشرين؛ لحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في الصحيحين: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الصبح دخل معتكفه [2] » متفق عليه.
وقد ذكر بعض العلماء أن المعتكف ينبغي له أن يبدأ في اعتكافه من غروب شمس يوم العشرين من رمضان؛ ليدرك ليلة إحدى وعشرين وهي إحدى الليالي الوتر التي يرجى فيها ليلة القدر، بل قد حصل ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكانت ليلة القدر هي ليلة إحدى وعشرين، كما مر قريبا في حديث أبي سعيد الخدري. [1] صحيح البخاري الاعتكاف (2036) ، صحيح مسلم الصيام (1167) ، سنن أبو داود الصلاة (1382) ، مسند أحمد بن حنبل (3/74) . [2] صحيح البخاري الاعتكاف (2045) ، صحيح مسلم الاعتكاف (1173) ، سنن الترمذي الصوم (791) ، سنن النسائي المساجد (709) ، سنن أبو داود الصوم (2464) ، سنن ابن ماجه الصيام (1771) ، مسند أحمد بن حنبل (6/84) ، موطأ مالك الاعتكاف (699) .