responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 265
وَتَمْوِيهُهُ بِالذَّهَبِ حَرَامٌ عِنْدَنَا مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حَرُمَتْ اسْتِدَامَتُهُ وَحَرُمَ لُبْسُهُ وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَذْهَبُنَا وَكَرِهَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لِلْمَالِكِيَّةِ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ فِي خَاتَمِهِ مِنْ الْفِضَّةِ قَدْرَ الْحَبَّةِ مِنْ الذَّهَبِ لِئَلَّا يَصْدَأَ أَوْ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ الْحَدِيدَ يُكْرَهُ التَّخَتُّمُ بِهِ وَكَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ لِلرِّجَالِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيّ وَقَدْ جَاءَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ أَيْ: نُحَاسٍ فَقَالَ لَهُ: إنِّي لَأَجِدُ مِنْهُ رِيحَ الْأَصْنَامِ وَقَالَ لِآخَرَ: مَا لِي أَرَى عَلَيْك حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ» لَكِنْ اسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الصَّدَاقِ «اتَّخِذْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ.» وَجَاءَ «عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي هَذِهِ وَهَذِهِ يَعْنِي الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ»
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التَّخَتُّمَ فِي الْإِصْبَعَيْنِ وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّة فَقَالَ: إنَّمَا الْمَعْنَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لَا يَتَشَبَّهُ الرَّجُلُ بِالنِّسَاءِ فِي التَّخَتُّمِ فِي الْأَصَابِعِ كُلِّهَا قِيلَ: وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ يُجْعَلُ فِي الْخِنْصِرِ وَثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ وَزْنَهُ دِرْهَمَانِ مِنْ فِضَّةٍ وَأَنَّ فَصَّهُ مِنْهُ وَأَنَّهُ جَعَلَهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ. اهـ. وَالْأَخِيرَانِ مُسْلِمَانِ وَالْأَوَّلُ فِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْحَدِيثِ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ مِثْقَالًا.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ: مَا حُكْمُ لُبْسِ زِيِّ الصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ لَهُمْ. أَوْ لِغَيْرِهِمْ وَمَا الْعَمَلُ الَّذِي يَسُدُّ خَوْفَ الرِّيَاءِ وَكَيْفَ حَالُ سَنَدِهِمْ فِي لُبْسِ الْخِرْقَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: مَنْ تَزَيَّا زِيَّ صَالِحٍ أَوْ عَالِمٍ فَإِنْ قَوِيَ يَقِينُهُ بِحَيْثُ لَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ رِيَاءً وَنَحْوَهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ بَأْسٌ، وَإِنْ خَشِيَ تَرَكَهُ وَإِنْ كَانَ صَالِحًا أَوْ عَالِمًا ذَكَرَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ: وَالْعَمَلُ إمَّا أَنْ يُشْرَعَ فِيهِ السِّرُّ وَالْخَفَاءُ كَقِيَامِ اللَّيْلِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ فَهَذَا لَا يُظْهِرُهُ وَإِلَّا خَالَفَ السُّنَّةَ وَتَعَرَّضَ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَإِمَّا أَنْ يُشْرَعَ فِيهِ الْجَهْرُ كَالْأَذَانِ وَتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ وَالْجِهَادِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْوِلَايَاتِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْإِمَامَةِ. فَهَذَا لَا يُتْرَكُ خَوْفَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ بَلْ يُجَاهِدُ نَفْسَهُ فِي دَفْعِهِمَا وَعَلَى هَذَا دَرَجَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَإِمَّا أَنْ يُخَيِّرَ الشَّرْعُ فِيهِ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ كَالصَّدَقَةِ قَالَ تَعَالَى {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271] الْآيَةَ فَهَذَا إخْفَاؤُهُ خَيْرٌ مِنْ إظْهَارِهِ لِلْأَمْنِ مِنْ الرِّيَاءِ نَعَمْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فَإِظْهَارُهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ أَفْضَلُ إذَا قَوِيَ عَلَى حِفْظِ نَفْسِهِ مِنْ شَوَائِبِ الْفِتْنَةِ وَالرِّيَاءِ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ فِي التَّوْسِعَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَمَثُوبَةِ الْأَغْنِيَاءِ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا. اهـ. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ كَرِهُوا الْإِفْرَاطَ فِي بَذَاذَةِ اللِّبَاسِ وَعُلُوِّهِ.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ: الْبَسْ مِنْ الثِّيَابِ مَا لَا يُشْهِرُك عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَلَا يُحَقِّرُك عِنْدَ السُّفَهَاءِ. وَأَغْرَاضُ السَّلَفِ مُتَفَاوِتَةٌ فِي إيثَارِ الرَّفِيعِ وَالْخَسِيسِ فَكَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَلْبَسُ الْخَزَّ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَلْبَسُ الصُّوفَ وَلَا يُنْكِرُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَكَانَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ لَا يَلْبَسُونَ الْخَزَّ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ الزُّهْدِ وَدَاعٍ إلَى الزَّهْوِ فَفِي الْمُوَطَّإِ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَلْبَسُ ثَوْبًا قَدْ رَقَّعَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِرِقَاعٍ ثَلَاثٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ قَالَ الْبَاجِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَقَّعَهُ مَرَّةً وَتَخَرَّقَ ثُمَّ رَقَّعَهُ بَعْدُ مَرَّةً أُخْرَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ وَيَلْبَسَ غَيْرَ ذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ يَكُونَ لَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ فَاشِيًا بَيْنَ أَبْنَاءِ الزَّمَانِ فَلَا يُشْتَهَرُ بِهِ مَنْ لَبِسَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخَذَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ اُشْتُهِرَ بِالتَّقَدُّمِ فِي الدِّينِ وَشُهِدَ لَهُ بِالْجَنَّةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَالَهُ لَمْ يَتَّسِعْ لِأَكْثَرَ وَكَانَ يُحِبُّ التَّقْلِيلَ مِنْ الْأَخْذِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ فِي هَذِهِ بَعْدَ الْوِلَايَةِ أَقْوَى مِنْهُ قَبْلَهَا وَكَذَا كَانَ بَعْضُ ذُرِّيَّتِهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَبِسَ أَبُو بَكْرٍ الْكِسَاءَ حَتَّى عُرِفَ بِهِ وَقَالَتْ غَطَفَانُ فِي الرِّدَّةِ مَا كُنَّا نُتَابِعُ صَاحِبَ الْكِسَاءِ وَكَانَ عَلَى غَايَةٍ مِنْ الْخُشُونَةِ فِي لِبَاسِهِ وَمَطْعَمِهِ كَانَ قَمِيصُهُ إلَى نِصْفِ سَاقِهِ وَكُمَّاهُ إلَى طَرَفِ يَدِهِ.
وَقَالَ هُوَ أَجْمَعُ لِلْقَلْبِ وَأَبْعَدُ مِنْ الْكِبْرِ وَأَحْرَى أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ الْمُؤْمِنُ وَكَانَ سَلْمَانُ وَأَبُو ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي غَايَةٍ مِنْ الزُّهْدِ وَالرِّضَا بِالْيَسِيرِ وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ أَبَاهُ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَعَلَيْهِ إزَارٌ فِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ رُقْعَةً بَعْضُهَا مِنْ أَدَمٍ وَكَتَبَ إلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ لِيَكُنْ طَعَامُكُمْ وَلِبَاسُكُمْ خَشِنًا خَلَقًا قِيلَ: وَمِنْ

نام کتاب : الفتاوى الفقهية الكبرى نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 265
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست