responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 129
احتجنا إِلَى غَيره لقصورنا، وَقد كَانَت أَحْكَام نَبينَا كلهَا مَأْخُوذَة من الْقُرْآن، وَمن ثمَّ قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: كل مَا حكم بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ مِمَّا فهمه من الْقُرْآن، فَلَا يبعد أَن عِيسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكون كَذَلِك أَو بِرِوَايَة السّنة عَن نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ اجْتمع بِهِ فِي حَيَاته مَرَّات وَمن ثمَّ عُدَّ من الصَّحَابَة. أخرج ابْن عدي عَن أنس رَضِي الله عَنهُ (بَينا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ رَأينَا بُرْداً ويداً فَقُلْنَا يَا رَسُول الله مَا هَذَا الْبرد الَّذِي رَأينَا وَالْيَد؟ قَالَ: قد رَأَيْتُمُوهُ؟ قُلْنَا نعم. قَالَ: ذَلِك عِيسَى بن مَرْيَم سلم عليَّ) . وَفِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر عَنهُ (كنت أَطُوف مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حول الْكَعْبَة إِذْ رَأَيْته صَافح شَيْئا وَلم أره قُلْنَا يَا رَسُول الله رَأَيْنَاك صافحت شَيْئا وَلَا نرَاهُ، قَالَ: ذَلِك أخي عِيسَى بن مَرْيَم انتظرته حَتَّى قضى طَوَافه فَسلمت عَلَيْهِ) وحينئذٍ فَلَا مَانع أَنه حينئذٍ تلقى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحْكَام شَرِيعَته الْمُخَالفَة لشريعة الْإِنْجِيل لعلمه أَنه سينزل وَأَنه يحْتَاج لذَلِك فَأَخذهَا مِنْهُ بِلَا وَاسِطَة. وَفِي حَدِيث ابْن عَسَاكِر (أَلا إِن ابْن مَرْيَم لَيْسَ بيني وَبَينه نَبِي وَلَا رَسُول أَلا إِنَّه خليفتي فِي أمتِي من بعدِي) وَقد صرح السُّبْكِيّ بِأَنَّهُ يحكم بشريعة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقُرْآنِ وَالسّنة إِمَّا بِكَوْنِهِ يتلقاها من نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شفاها بعد نُزُوله مِنْ قَبره، وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أبي يعلى (وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لينزلنّ عِيسَى بن مَرْيَم ثمَّ لَئِن قَامَ على قَبْرِي وَقَالَ يَا مُحَمَّد لأجُيبنَّه) وَإِمَّا بِكَوْنِهِ تَعَالَى أوحاها إِلَيْهِ فِي كِتَابه الْإِنْجِيل أَو غَيره، لِأَن جَمِيع الْأَنْبِيَاء كَانُوا يعلمُونَ فِي زمانهم بِجَمِيعِ شرائع مَنْ قَبْلهم ومَنْ بَعْدَهم بِالْوَحْي من الله على لِسَان جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وبالتنبيه على ذَلِك فِي كتبهمْ الْمنزلَة عَلَيْهِم كَمَا دلّ على ذَلِك أَحَادِيث وآثار، وَلَا بعد فِيمَا يفهم من هَذَا أَن جَمِيع مَا فِي الْقُرْآن مُضمَّن فِي الْكتب السَّابِقَة لقَوْله تَعَالَى: {مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [الْبَقَرَة: 97] أَي كتب من قبله {إِنَّ هَاذَا لَفِى الصُّحُفِ الاٍّولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الْأَعْلَى: 18، 19] {وَإِنَّهُ لَفِى زُبُرِ الأٌّوَّلِينَ} [الشُّعَرَاء: 196] أَي كتبهمْ.
وَقد أَخذ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ قَوْله بِجَوَاز قِرَاءَة الْقُرْآن بِغَيْر الْعَرَبيَّة من هَذِه الْآيَة قَالَ: لِأَن الْقُرْآن مضمن فِي الْكتب السَّابِقَة وَهِي بِغَيْر الْعَرَبيَّة. 173 وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: عَمَّن روى حَدِيث (يُوشك أَن يمْلَأ الله أَيْدِيكُم من الْعَجم فَيَأْكُلُونَ فِيكُم) ؟ ، فَأجَاب: بقوله رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ.
174 - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: هَل ثَبت أَن عِيسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد نُزُوله يَأْتِيهِ الْوَحْي؟ فَأجَاب بقوله: نعم بِوَحْي إِلَيْهِ وَحي حَقِيقِيّ كَمَا فِي حَدِيث مُسلم وَغَيره عَن النواس بن سمْعَان؛ وَفِي رِوَايَة صَحِيحَة (فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إذْ أوحى إِلَيْهِ يَا عِيسَى إِنِّي قد أخرجت عباداً لي لَا يَد لأحد بقتالهم حوَّل عبَادي إِلَى الطّور) وَذَلِكَ الْوَحْي على لِسَان جِبْرِيل إِذْ هُوَ السفير بَين الله وأنبيائه لَا يعرف ذَلِك لغيره وَعِيسَى نَبِي كريم بَاقٍ على نبوته ورسالته، لَا كَمَا زَعمه مَنْ لَا يعتدَّ بِهِ أَنه وَاحِد من هَذِه الْأمة، لِأَن كَونه وَاحِدًا مِنْهُم يحكم بشريعتهم لَا يُنَافِي بَقَاءَهُ على نبوته ورسالته.
وَخبر (لَا وَحي بعدِي) بَاطِل، نعم إِنَّمَا يتلَقَّى جِبْرِيل الْوَحْي عَن الله بِوَاسِطَة إسْرَافيل كَمَا دلّت عَلَيْهِ الْأَحَادِيث، وَمَا اشْتهر أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لَا ينزل إِلَى الأَرْض بعد موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ لَا أصل لَهُ. وَيَردهُ خبر الطَّبَرَانِيّ (مَا أحب أَن يرقد الجُنب حَتَّى يتَوَضَّأ فَإِنِّي أَخَاف أَن يتوفى وَمَا يحضرهُ جِبْرِيل) فَدلَّ على أَن جِبْرِيل ينزل إِلَى الأَرْض ويحضر موت كل مُؤمن توفاه الله وَهُوَ على طَهَارَة. وَفِي حَدِيث الطَّبَرَانِيّ وَغَيره (أَن مِيكَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام يمْنَع الدَّجَّال مَكَّة، وَجِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يمنعهُ من الْمَدِينَة) وَلَا يُنَافِي مَا تقرر أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ السفير نزُول إسْرَافيل على نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فقد صَحَّ عَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ: أنزلت عَلَيْهِ النبوّة وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ سنة، فقرن بنبوّته إسْرَافيل ثَلَاث سِنِين لِأَن هَذَا أثر مُرْسل أَو معضل فَلَا يُنَافِي الثَّابِت فِي أَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا أَن صَاحب الْوَحْي هُوَ جِبْرِيل، على أَن المُرَاد بالسفير المرصد لذَلِك، فَلَا يُنَافِي ذَلِك مَجِيء غَيره من الْمَلَائِكَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض الْأَخْبَار، إِذْ كم من ملك غير إسْرَافيل جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قضايا مُتعَدِّدَة كَمَا هُوَ فِي كثير من الْأَحَادِيث. وَمِمَّا يُنَازع فِي أثر الشّعبِيّ قَول جمَاعَة من الْعلمَاء فِي خبر مُسلم وَغَيره (بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس وَعِنْده جِبْرِيل إِذْ سمع نقيضاً من السَّمَاء من فَوق فَرفع جِبْرِيل بَصَره إِلَى السَّمَاء فَقَالَ يَا مُحَمَّد هَذَا ملك قد نزل لم ينزل إِلَى الأَرْض قطّ. قَالَ: فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسلم عَلَيْهِ) الحَدِيث أَن هَذَا الْملك إسْرَافيل. وَأخرج الطَّبَرَانِيّ حَدِيث: (لقد هَبَط عليّ ملك من السَّمَاء مَا هَبَط

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست