responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 394
تَجْدِيدَ الْعَهْدِ الْقَدِيمِ وَتَذْكِيرَ الْوُدِّ الْقَدِيمِ، فَأَقُولُ وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ هَذِهِ الْأَسْئِلَةُ كُلُّهَا مَسْطُورَةٌ وَأَجْوِبَتُهَا مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ.
أَمَّا السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: فَقَدْ ذَكَرَهُ وَجَوَابَهُ القرافي عَلَّامَةُ الْمَالِكِيَّةِ لَكِنْ فِي الْمُضْمَرِ فَقَالَ: اخْتَلَفَ الْفُضَلَاءُ فِي مُسَمَّى الْمُضْمَرِ حَيْثُ وُجِدَ هَلْ هُوَ جُزْئِيٌّ أَوْ كُلِّيٌّ؟ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: مُسَمَّاهُ جُزْئِيٌّ وَاحْتَجُّوا بِإِجْمَاعِ النُّحَاةِ عَلَى أَنَّهُ مَعْرِفَةٌ، وَلَوْ كَانَ مُسَمَّاهُ كُلِّيًّا لَكَانَ نَكِرَةً، وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كُلِّيًّا كَانَ دَالًّا عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ، وَالْقَاعِدَةُ الْعَقْلِيَّةُ أَنَّ الدَّالَّ عَلَى الْأَعَمِّ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى الْأَخَصِّ، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَدُلَّ الْمُضْمَرُ عَلَى شَخْصٍ خَاصٍّ الْبَتَّةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ السَّائِلِ حَفِظَهُ اللَّهُ - وَإِنْ قُلْتَ بِالْأَوَّلِ - وَرَدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِطْلَاقُهَا عَلَيْهِ إِلَى آخِرِهِ.
ثُمَّ قَالَ القرافي: وَذَهَبَ الْأَقَلُّونَ وَهُوَ الَّذِي أَجْزِمُ بِصِحَّتِهِ إِلَى أَنَّ مُسَمَّاهُ كُلِّيٌّ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسَمَّاهُ جُزْئِيًّا لَمَا صَدَقَ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ إِلَّا بِوَضْعٍ آخَرَ كَالْإِعْلَامِ، فَإِنَّهَا لَمَّا كَانَ مُسَمَّاهَا جُزْئِيًّا لَمْ يَصْدُقْ عَلَى غَيْرِ مَنْ وُضِعَتْ لَهُ إِلَّا بِوَضْعٍ ثَانٍ، فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: أَنَا فَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا بِإِزَاءِ خُصُوصِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ وَخُصُوصُهُ لَيْسَ مَوْجُودًا فِي غَيْرِهِ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَصْدُقَ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا بِوَضْعٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعًا لِمَفْهُومِ الْمُتَكَلِّمِ بِهَا وَهُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَالْمُشْتَرَكُ كُلِّيٌّ فَيَكُونُ لَفْظُ أَنَا حَقِيقَةً فِي كُلِّ مَنْ قَالَ أَنَا لِأَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِهَذَا الَّذِي هُوَ مُسَمَّى اللَّفْظِ، فَيَنْطَبِقُ ذَلِكَ عَلَى الْوَاقِعِ، قَالَ: وَالْجَوَابُ عَمَّا احْتَجَّ بِهِ الْأَوَّلُونَ أَنَّ دَلَالَةَ اللَّفْظِ عَلَى الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ لَهَا سَبَبَانِ: أَحَدُهُمَا وَضْعُ اللَّفْظِ بِإِزَاءِ خُصُوصِهِ فَيَفْهَمُ الشَّخْصُ حِينَئِذٍ لِلْوَضْعِ بِإِزَاءِ الْخُصُوصِ وَهَذَا كَالْعِلْمِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُوضَعَ اللَّفْظُ بِإِزَاءِ مَعْنًى عَامٍّ وَيَدُلُّ الْوَاقِعُ عَلَى أَنَّ مُسَمَّى اللَّفْظِ مَحْصُورٌ فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، فَيَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ لِانْحِصَارِ مُسَمَّاهُ فِيهِ لَا لِلْوَضْعِ بِإِزَائِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمُضْمَرَاتُ وَضَعَتِ الْعَرَبُ لَفْظَةَ أَنَا مَثَلًا لِمَفْهُومِ الْمُتَكَلِّمِ بِهَا، فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ أَنَا - فُهِمَ هُوَ - لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ الْآنَ إِلَّا هُوَ فَفَهِمْنَاهُ لِانْحِصَارِ الْمُسَمَّى فِيهِ لَا لِلْوَضْعِ بِإِزَائِهِ - وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْمُضْمَرَاتِ - قَالَ: وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنِ الْقَاعِدَةِ الْعَقْلِيَّةِ أَنَّ اللَّفْظَ الْمَوْضُوعَ لِمَعْنًى أَعَمَّ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ، فَإِنَّ الدَّلَالَةَ لَمْ تَأْتِ مِنَ اللَّفْظِ، وَإِنَّمَا أَتَتْ مِنْ جِهَةِ حَصْرِ الْوَاقِعِ الْمُسَمَّى فِي ذَلِكَ الْأَخَصِّ - هَذَا كَلَامُ القرافي مُلَخَّصًا - وَمَا قَالَهُ فِي الْمُضْمَرَاتِ بِعَيْنِهِ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ، وَقَوْلُ السَّائِلِ حَفِظَهُ اللَّهُ: إِنْ قُلْتَ بِالْأَوَّلِ وَرَدَ كَذَا، وَإِنْ قُلْتَ بِالثَّانِي لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا وَلَا قَائِلَ بِهِ إِلَى آخِرِهِ.

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 394
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست