responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 362
وَمِنَ الْمَعْرُوفِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مَا قَاسَاهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ مِنْ جُهَّالِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَشَكْوَاهُمْ إِيَّاهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَتَّى قَالَ لَهُ عمر: شَكَوْكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى قَالُوا: إِنَّكَ لَا تُحْسِنُ أَنْ تُصَلِّيَ! فَانْظُرُوا بِاللَّهِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا الْبَارِحَةَ يَزْعُمُونَ فِي صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَانَ يُسَمَّى ثُلُثَ الْإِسْلَامِ أَوْ رُبُعَهُ - أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الصَّلَاةَ، وَكَذَلِكَ مِنَ الْمَعْلُومِ مَا قَاسَاهُ الْإِمَامُ مالك مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ لَمَّا بَرَزَ عَلَيْهِمْ، وَمَا قَاسَاهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ لَمَّا أَلَّفَ الرَّدَّ عَلَى مالك وَاضْطِرَابُ الْبَلَدِ حَتَّى كَادَ الْبَلَدُ يَفْتَتِنُ، وَمَا قَاسَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ أَنْدَادِهِ، وَالْغَزَالِيُّ مِنْ أَعْدَائِهِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَدِ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، وَظَهَرَ لَهُمُ الْمُحِقُّ مِنَ الْمُبْطِلِ، وَالْأَرْفَعُ رُتْبَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَظَهَرَ لَنَا مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الدَّارِ بِبَقَاءِ كَلَامِ هَذِهِ الْأَئِمَّةِ وَانْتِشَارِهِ، وَظُهُورِهِ وَاضْمِحْلَالِ مَنْ رَدَّ عَلَيْهِمْ وَطَمْسِ ذَلِكَ وَدُثُورِهِ.
وَهَذِهِ الْأَسْئِلَةُ قَدْ رُفِعَتْ إِلَيَّ، وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إِلَى فَضْلِ نَظَرٍ وَسِعَةِ اطِّلَاعٍ، فَأَجَبْتُ عَنْهَا أَوَّلًا نَثْرًا، ثُمَّ أَعْقِدُهُ نَظْمًا، فَأَقُولُ: أَمَّا السُّؤَالُ الْأَوَّلُ، فَقَدْ وَرَدَ عَلَيَّ مِنْ مُدَّةٍ وَأَجَبْتُ عَنْهُ بِمَا نَصُّهُ: الْإِعْدَادُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُرَتَّبٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْمَوْصُوفِينَ بِكُلِّ مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ مِنَ الصِّفَاتِ، لَا عَلَى فَرْدٍ فَرْدٍ مِنَ الصِّفَاتِ، وَالْمَعْطُوفَاتُ مِنْ عَطْفِ الصِّفَةِ لَا مِنْ عَطْفِ الذَّوَاتِ، وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْبَالِغُونَ دَرَجَةَ الْكَمَالِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُعَدِّ أَكْمَلُ مَا أُعِدَّ ; بِدَلِيلِ تَنْكِيرِ مَغْفِرَةٍ الدَّالِّ عَلَى التَّعْظِيمِ، وَتَنْكِيرِ أَجْرٍ الدَّالِّ عَلَيْهِ أَيْضًا وَوَصْفِهِ تَعْظِيمًا، وَإِذَا قَالَ اللَّهُ لِشَيْءٍ عَظِيمٌ فَهُوَ عَظِيمٌ جِدًّا لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَبْلَغُ مِمَّا أُعِدَّ لِلْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَمْ يَتَّصِفُوا بِكُلِّ هَذِهِ الصِّفَاتِ أَوْ بِبَعْضِهَا، فَإِنَّ أَجْرَهُمْ دُونَ ذَلِكَ، هَذَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِنْبَاطِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْمَعَانِي، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ النَّقْلِ عَنِ الْعُلَمَاءِ فَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ: إِنَّ الْمَوْعُودَ فِي الْقُرْآنِ بِالْجَنَّةِ لَمْ يَقَعْ مُرَتَّبًا عَلَى مُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ أَوِ الْإِيمَانِ، بَلْ لَمْ يَقَعْ إِلَّا مَقْرُونًا بِاشْتِرَاطِ انْضِمَامِ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ، ذُكِرَ ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ الْحَثِّ عَلَى الْأَعْمَالِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْأَعْمَالِ الْوَاقِعَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، كُلٌّ مِنْهَا جُزْءُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كُلٌّ مِنْهَا مَحْكُومًا عَلَيْهِ اسْتِقْلَالًا، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِنْبَاطِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كُلُّ فَرْدٍ مَحْكُومًا عَلَيْهِ اسْتِقْلَالًا لَزِمَ الْحُكْمُ عَلَى فَرْدٍ مِنَ الْأَعْمَالِ كَالصَّوْمِ أَوِ الصَّدَقَةِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ مُجَرَّدًا عَنِ الْوَصْفِ الْمُصَدَّرِ بِهِ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَالْإِيمَانُ، وَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِذَا بَطَلَ اللَّازِمُ بَطَلَ الْمَلْزُومُ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هَذَا مُسْتَثْنًى لَا بُدَّ مِنَ اعْتِبَارِهِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ خَارِجٍ، قُلْتُ: وَالْبَاقِي

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 362
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست