responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 250
وَقَالَ النووي فِي " شَرْحِ مُسْلِمٍ " فِي مَسْأَلَةِ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ: الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] قَالَ: وَإِذَا كَانَ لَا يُعَذَّبُ الْبَالِغُ لِكَوْنِهِ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى، انْتَهَى.
فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا الْمَسْلَكُ الَّذِي قَرَّرْتَهُ هَلْ هُوَ عَامٌّ فِي أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كُلِّهِمْ؟ قُلْتُ: لَا، بَلْ هُوَ خَاصٌّ بِمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا، أَمَّا مَنْ بَلَغَتْهُ مِنْهُمْ دَعْوَةُ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ ثُمَّ أَصَرَّ عَلَى كُفْرِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ قَطْعًا، وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ. وَأَمَّا الْأَبَوَانِ الشَّرِيفَانِ، فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِمَا مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ هَذِهِ الطَّائِفَةُ مِنْ عَدَمِ بُلُوغِهِمَا دَعْوَةُ أَحَدٍ، وَذَلِكَ لِمَجْمُوعِ أُمُورٍ: تَأَخُّرِ زَمَانِهِمَا، وَبُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ، فَإِنَّ آخِرَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَتِ الْفَتْرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا نَحْوَ سِتِّمِائَةِ سَنَةٍ، ثُمَّ إِنَّهُمَا كَانَا فِي زَمَنِ جَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ طَبَّقَ الْجَهْلُ الْأَرْضَ شَرْقًا وَغَرْبًا، وَفُقِدَ مَنْ يُعَرِّفُ الشَّرَائِعَ وَيُبَلِّغُ الدَّعْوَةَ عَلَى وَجْهِهَا، إِلَّا نَفَرًا يَسِيرًا مِنْ أَحْبَارِ أَهْلِ الْكِتَابِ مُفَرَّقِينَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، كَالشَّامِ وَغَيْرِهَا، وَلَمْ يُعْهَدْ لَهُمَا تَقَلُّبٌ فِي الْأَسْفَارِ سِوَى إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَا عَمَّرَا عُمْرًا طَوِيلًا بِحَيْثُ يَقَعُ لَهُمَا فِيهِ التَّنْقِيبُ وَالتَّفْتِيشُ، فَإِنَّ وَالِدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعِشْ مِنَ الْعُمْرِ إِلَّا قَلِيلًا.
قَالَ الْإِمَامُ الحافظ صلاح الدين العلائي فِي كِتَابِهِ " الدُّرَّةِ السَّنِيَّةِ فِي مَوْلِدِ سَيِّدِ الْبَرِيَّةِ ": كَانَ سِنُّ عبد الله حِينَ حَمَلَتْ مِنْهُ آمنة بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَمْتَارَ مِنْهَا تَمْرًا لِأَهْلِهِ، فَمَاتَ بِهَا عِنْدَ أَخْوَالِهِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمْلٌ عَلَى الصَّحِيحِ، انْتَهَى.
وَأُمُّهُ قَرِيبَةٌ مِنْ ذَلِكَ، لَا سِيَّمَا وَهِيَ امْرَأَةٌ مَصُونَةٌ مُحَجَّبَةٌ فِي الْبَيْتِ عَنِ الِاجْتِمَاعِ بِالرِّجَالِ، وَالْغَالِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَنَّهُنَّ لَا يَعْرِفْنَ مَا الرِّجَالُ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الدِّيَانَاتِ وَالشَّرَائِعِ، خُصُوصًا فِي زَمَانِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِي رِجَالُهُ لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ فَضْلًا عَنْ نِسَائِهِ؛ وَلِهَذَا لَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجَّبَ مِنْ بَعْثَتِهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَقَالُوا: {أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 94] . وَقَالُوا: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 24] . فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ مِنْ بَعْثَةِ الرُّسُلِ مَا أَنْكَرُوا ذَلِكَ، وَرُبَّمَا كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بُعِثَ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا مَنْ يُبَلِّغُهُمْ شَرِيعَةَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى وَجْهِهَا؛ لِدُثُورِهَا وَفَقْدِ مَنْ يَعْرِفُهَا، إِذْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ أَزْيَدُ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ سَنَةٍ، فَاتَّضَحَ بِذَلِكَ صِحَّةُ دُخُولِهِمَا فِي هَذَا الْمَسْلَكِ.

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 250
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست