responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 245
فِي هَذَا الْمَقَامِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ مِنْ شَيْخِنَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ شرف الدين المناوي، فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ وَالِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ هُوَ فِي النَّارِ؟ فَزَأَرَ فِي السَّائِلِ زَأْرَةً شَدِيدَةً، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: هَلْ ثَبَتَ إِسْلَامُهُ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ، وَلَا تَعْذِيبَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ. وَنَقَلَهُ سبط ابن الجوزي فِي كِتَابِ " مِرْآةِ الزَّمَانِ " عَنْ جَمَاعَةٍ، فَإِنَّهُ حَكَى كَلَامَ جَدِّهِ عَلَى حَدِيثِ إِحْيَاءِ أُمِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَقَالَ قَوْمٌ: قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] وَالدَّعْوَةُ لَمْ تَبْلُغْ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَمَا ذَنْبُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ الآبي فِي " شَرْحِ مُسْلِمٍ "، وَسَأَذْكُرُ عِبَارَتَهُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي أَهْلِ الْفَتْرَةِ أَحَادِيثُ، أَنَّهُمْ يُمْتَحَنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَآيَاتٌ مُشِيرَةٌ إِلَى عَدَمِ تَعْذِيبِهِمْ، وَإِلَى ذَلِكَ مَالَ حَافِظُ الْعَصْرِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أبو الفضل بن حجر فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، فَقَالَ: وَالظَّنُّ بِآلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي الَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَ الْبَعْثَةِ - أَنَّهُمْ يُطِيعُونَ عِنْدَ الِامْتِحَانِ إِكْرَامًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِتَقَرَّ بِهِمْ عَيْنُهُ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ قَالَ فِي " الْإِصَابَةِ ": وَرَدَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ فِي حَقِّ الشَّيْخِ الْهَرِمِ وَمَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ، وَمِنْ وُلِدَ أَكْمَهَ أَعْمَى أَصَمَّ، وَمَنْ وُلِدَ مَجْنُونًا أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يُدْلِي بِحُجَّةٍ وَيَقُولُ: لَوْ عَقَلْتُ أَوْ ذُكِّرْتُ لَآمَنْتُ، فَتُرْفَعُ لَهُمْ نَارٌ وَيُقَالُ: ادْخُلُوهَا، فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ لَهُ بَرْدًا وَسَلَامًا، وَمَنِ امْتَنَعَ أُدْخِلَهَا كُرْهًا، هَذَا مَعْنَى مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ جَمَعْتُ طُرُقَهُ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ قَالَ: وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ يَدْخُلَ عبد المطلب وَآلُ بَيْتِهِ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَدْخُلُهَا طَائِعًا فَيَنْجُوَ، إِلَّا أبا طالب؛ فَإِنَّهُ أَدْرَكَ الْبَعْثَةَ وَلَمْ يُؤْمِنْ، وَثَبَتَ أَنَّهُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَقَدْ جُعِلَتْ قِصَّةُ الِامْتِحَانِ دَاخِلَةً فِي هَذَا الْمَسْلَكِ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا مَسْلَكٌ مُسْتَقِلٌّ، لَكِنِّي وَجَدْتُ ذَلِكَ لِمَعْنًى دَقِيقٍ لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي التَّحْقِيقِ.

ذِكْرُ الْآيَاتِ الْمُشِيرَةِ إِلَى ذَلِكَ:
الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] وَهَذِهِ الْآيَةُ هِيَ الَّتِي أَطْبَقَتْ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهَا فِي أَنَّهُ لَا تَعْذِيبَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ، وَرَدُّوا بِهَا عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ فِي تَحَكُّمِ الْعَقْلِ، أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرَيْهِمَا، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِمُعَذِّبٍ أَحَدًا حَتَّى يَسْبِقَ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ خَبَرٌ، أَوْ تَأْتِيهِ مِنَ اللَّهِ بَيِّنَةٌ.
الْآيَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} [الأنعام: 131] أَوْرَدَ هَذِهِ الْآيَةَ الزركشي فِي " شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ " اسْتِدْلَالًا عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ شُكْرَ الْمُنْعِمِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَقْلًا

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست