responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 21
الثَّابِتَةَ لَهُ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَوِ اتَّسَعَ وَأُزِيلَتْ جُدُرُهُ وَأُعِيدَتْ عَادَتْ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ، فَإِنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ مَنُوطٌ بِالْمَسْجِدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِذَاكَ الْجِدَارِ بِعَيْنِهِ، وَقَدْ بُنِيَ فِي زَمَنِ عمر وَوُسِّعَ فِي زَمَنِ عثمان وَغَيْرِهِ فِي الْقَرْنِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَهُ، وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ هَذَا الْحُكْمِ، وَإِنْ قِيلَ بِجَوَازِ الْفَتْحِ فِي الْجِدَارِ الَّذِي هُوَ مِلْكُ الْفَاتِحِ، قُلْنَا: إِنْ كَانَ مَعَ إِعَادَةِ حَائِطِ الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ كَمَا كَانَتْ بِحَيْثُ يُسَدُّ الْبَابُ وَالشَّبَابِيكُ الَّتِي فِي الْجِدَارِ فَلَا يُسْتَطْرَقُ مِنْهُ، وَلَا يُطَّلَعُ مِنْهَا فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ مَعَ إِزَالَةِ حَائِطِ الْمَسْجِدِ وَبَقَاءِ الِاسْتِطْرَاقِ وَالِاطِّلَاعِ، فَمَعَاذَ اللَّهِ فَإِنَّ هَذِهِ ذَرِيعَةٌ وَحِيلَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ الشَّرِيفِ، وَإِذَا مَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمر مِنْ فَتْحِ كُوَّةٍ يَنْظُرُهُ مِنْهَا حِينَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَكَيْفَ يَهْدِمُ الْحَائِطَ جَمِيعَهُ؟ بَلْ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَأَقُولُ لَوْ أُعِيدَ حَائِطُ الْمَسْجِدِ وَبُنِيَ خَلْفَهُ جِدَارٌ أَطْوَلُ مِنْهُ وَفُتِحَ فِي أَعْلَاهُ كُوَّةٌ يُطَّلَعُ مِنْهَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ ; احْتِيَاطًا لِلْحَدِيثِ، وَإِنِ انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ الشَّبَابِيكَ تَصِيرُ مُعَدَّةً لِمَنْ يَجْلِسُ فِيهَا مُرْتَفِعًا، وَالْقَبْرُ الشَّرِيفُ تَحْتَهُ فَهَذَا أَشَدُّ وَأَشَدُّ، وَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُتَحَرٍّ الِاحْتِيَاطُ لِدِينِهِ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ، وَأَنَّهُ لَا رَأْيَ لِأَحَدٍ فِيهِ بَعْدَ نَصِّهِ، وَأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِمَا يُخَالِفُ النَّصَّ يُنْقَضُ وَفَتْوَى الْمُفْتِي بِمَا يُعَارِضُ تُرَدُّ، وَالتَّوَصُّلُ إِلَى خِلَافِهِ بِالْحِيَلِ الْفَاسِدَةِ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتِ الْيَهُودُ: تَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ» .

فَصْلٌ: اعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ مُفْتِي عَصْرِنَا أَفْتَوْا بِجَوَازِ فَتْحِ الْبَابِ وَالْكُوَّةِ وَالشُّبَّاكِ مِنْ دَارٍ بُنِيَتْ مُلَاصِقَةً لِلْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمُ اسْتِرْوَاحًا وَعَدَمَ وُقُوفٍ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ رُوجِعَ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي مُسْتَنَدِهِ فِيمَا أَفْتَى بِهِ فَأَبْدَوْا شُبَهًا كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ، وَلَوْلَا جَنَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَظَمَتُهُ الرَّاسِخَةُ فِي الْقَلْبِ، لَمْ أَتَكَلَّمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَكُنْتُ إِلَى السُّكُوتِ أَمْيَلَ لَكِنْ لَا أَرَى السُّكُوتَ يَسَعُنِي فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا عَهْدٌ عَهِدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ وَفَاتِهِ فَوَجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَهُ، وَلَا يُرَاعِيَ فِيهِ صَدِيقًا وَلَا حَبِيبًا، وَلَا بَعِيدًا وَلَا قَرِيبًا، وَأَنَا أَذْكُرُ شُبَهَ الْمُفْتِينَ وَأَرُدُّهَا وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا نَقْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَهْلِ مَذْهَبِنَا وَنَقُولُ بِالْجَوَازِ اسْتِحْسَانًا حَيْثُ لَا ضَرَرَ، وَجَوَابُ هَذَا أَنَّهُ لَا اسْتِحْسَانَ مَعَ النُّصُوصِ النَّبَوِيَّةِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ الْمَسَاجِدِ حَيْثُ رَأَى النَّاظِرُ ذَلِكَ، وَجَوَابُ هَذَا أَنَّ النَّصَّ مَنَعَ الْقِيَاسَ، وَدَلَّتِ الْأَحَادِيثُ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ انْفَرَدَ بِهَذِهِ الْخُصُوصِيَّةِ عَلَى سَائِرِ الْمَسَاجِدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ مَنُوطٌ بِرَأْيِ الْإِمَامِ. وَجَوَابُ هَذَا أَنَّهُ لَا رَأْيَ لِأَحَدٍ مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَلْ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَنْ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست