responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 189
وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيَؤُمُّهُمْ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَتَلَ اللَّهُ الدَّجَّالَ وَأَظْهَرَ الْمُؤْمِنِينَ» .
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عِيسَى يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ يَوْمَئِذٍ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَهَذَا الذِّكْرُ فِي الِاعْتِدَالِ مِنْ خَوَاصِّ صَلَاةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ ذَكَرْتُهُ فِي كِتَابِ الْمُعْجِزَاتِ وَالْخَصَائِصِ، وَأَخْرَجَ ابن عساكر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " «يَهْبِطُ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ فَيُصَلِّي الصَّلَوَاتِ وَيُجَمِّعُ الْجُمَعَ» "، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَنْزِلُ بِشَرْعِنَا ; لِأَنَّ مَجْمُوعَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصَلَاةِ الْجُمْعَةِ لَمْ يَكُونَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمِلَّةِ، وَأَخْرَجَ ابن عساكر مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ تَهْلِكُ أُمَّةٌ أَنَا أَوَّلُهَا وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ آخِرُهَا» .
وَأَخْرَجَ ابن عساكر أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ تَهْلِكُ أُمَّةٌ أَنَا أَوَّلُهَا وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ آخِرُهَا والمهدي مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فِي وَسَطِهَا؟» وَقَوْلُ السَّائِلِ: وَإِذَا قُلْتُمْ: إِنَّهُ يَحْكُمُ بِشَرْعِ نَبِيِّنَا فَكَيْفَ طَرِيقُ حُكْمِهِ بِهِ أَبِمَذْهَبٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ الْمُقَرَّرَةِ أَوْ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ؟ هَذَا السُّؤَالُ عَجَبٌ مِنْ سَائِلِهِ وَأَشَدُّ عَجَبًا مِنْهُ قَوْلُهُ فِيهِ: بِمَذْهَبٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، فَهَلْ خَطَرَ بِبَالِ السَّائِلِ أَنَّ الْمَذَاهِبَ فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ الشَّرِيفَةِ مُنْحَصِرَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ وَالْمُجْتَهِدُونَ مِنَ الْأُمَّةِ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً، وَكُلٌّ لَهُ مَذْهَبٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِ التَّابِعِينَ وَهَلُمَّ جَرًّا، وَقَدْ كَانَ فِي السِّنِينَ الْخَوَالِي نَحْوُ عَشَرَةِ مَذَاهِبَ مُقَلِّدَةٌ أَرْبَابُهَا مُدَوَّنَةٌ كُتُبُهَا وَهِيَ: الْأَرْبَعَةُ الْمَشْهُورَةُ، وَمَذْهَبُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَمَذْهَبُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَمَذْهَبُ إسحاق بن راهويه، وَمَذْهَبُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَمَذْهَبُ داوود، وَكَانَ لِكُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ أَتْبَاعٌ يُفْتُونَ بِقَوْلِهِمْ وَيَقْضُونَ، وَإِنَّمَا انْقَرَضُوا بَعْدَ الْخَمْسِمِائَةِ لِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ وَقُصُورِ الْهِمَمِ، فَالْمَذَاهِبُ كَثِيرَةٌ، فَلِأَيِّ شَيْءٍ خَصَّصَ السَّائِلُ الْمَذَاهِبَ الْأَرْبَعَةَ؟ ثُمَّ كَيْفَ يُظَنُّ بِنَبِيٍّ أَنَّهُ يُقَلِّدُ مَذْهَبًا مِنَ الْمَذَاهِبِ، وَالْعُلَمَاءُ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا، فَإِذَا كَانَ الْمُجْتَهِدُ مِنْ آحَادِ الْأُمَّةِ لَا يُقَلِّدُ فَكَيْفَ يُظَنُّ بِالنَّبِيِّ أَنَّهُ يُقَلِّدُ؟ فَإِنْ قُلْتَ: فَتَعَيَّنَ حِينَئِذٍ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِالِاجْتِهَادِ، قُلْتُ: لَا لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْكُمُ بِمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ اجْتِهَادًا، كَمَا لَا يُسَمَّى تَقْلِيدًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ حَكَوْا خِلَافًا فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ بِمَا يَفْهَمُهُ مِنَ الْقُرْآنِ يُسَمَّى اجْتِهَادًا لَمْ تَتَّجِهْ حِكَايَةُ الْخِلَافِ.

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست