responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 164
وَالشَّرْعِ، وَإِنَّهُ بَاطِلٌ وَضَلَالٌ، وَقَدْ سُقْتُ بَقِيَّةَ كَلَامِهِ فِيهِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَلَّفْتُهُ فِي ذَمِّ الْقَوْلِ بِالْوَحْدَةِ الْمُطْلَقَةِ، فَإِنَّهُ بِهِ أَجْدَرُ، وَذَكَرَ السَّيِّدُ الجرجاني فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ نَحْوَ ذَلِكَ، وَقَدْ سُقْتُ أَيْضًا عِبَارَتَهُ فِي الْكِتَابِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ شمس الدين بن القيم فِي كِتَابِهِ شَرْحِ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ: الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ دَرَجَاتِ الْفَنَاءِ فَنَاءُ خَوَاصِّ الْأَوْلِيَاءِ وَأَئِمَّةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَهُوَ الْفَنَاءُ عَنْ إِرَادَةِ السِّوَى، شَائِمًا بَرْقَ الْفَنَا عَنْ إِرَادَةِ مَا سِوَاهُ، سَالِكًا سَبِيلَ الْجَمْعِ عَلَى مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، فَانِيًا بِمُرَادِ مَحْبُوبِهِ مِنْهُ عَنْ مُرَادِهِ هُوَ مِنْ مَحْبُوبِهِ، فَضْلًا عَنْ إِرَادَةِ غَيْرِهِ، قَدِ اتَّخَذَ مُرَادَهُ بِمُرَادِ مَحْبُوبِهِ أَعْنِي الْمُرَادَ الدِّينِيَّ الْأَمْرِيَّ لَا الْمُرَادَ الْكَوْنِيَّ الْقَدَرِيَّ، فَصَارَ الْمَرَادَانِ وَاحِدًا قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْعَقْلِ اتِّحَادٌ صَحِيحٌ إِلَّا هَذَا، وَالِاتِّحَادُ فِي الْعِلْمِ وَالْخَبَرِ، فَيَكُونُ الْمُرَادَانِ وَالْمَعْلُومَانِ وَالْمَذْكُورَانِ وَاحِدًا مَعَ تَبَايُنِ الْإِرَادَتَيْنِ وَالْعِلْمَيْنِ وَالْخَبَرَيْنِ، فَغَايَةُ الْمَحَبَّةِ اتِّحَادُ مُرَادِ الْمُحِبِّ بِمُرَادِ الْمَحْبُوبِ، وَفَنَاءُ إِرَادَةِ الْمُحِبِّ فِي مُرَادِ الْمَحْبُوبِ، فَهَذَا الِاتِّحَادُ وَالْفَنَاءُ هُوَ اتِّحَادُ خَوَاصِّ الْمُحِبِّينَ وَفَنَاؤُهُمْ، قَدْ فَنَوْا بِعِبَادَتِهِ عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ وَبِحُبِّهِ وَخَوْفِهِ وَرَجَائِهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِ وَالطَّلَبِ مِنْهُ عَنْ حُبِّ مَا سِوَاهُ، وَمَنْ تَحَقَّقَ بِهَذَا الْفَنَاءِ لَا يُحِبُّ إِلَّا فِي اللَّهِ، وَلَا يُبْغِضُ إِلَّا فِيهِ، وَلَا يُوَالِي إِلَّا فِيهِ، وَلَا يُعَادِي إِلَّا فِيهِ، وَلَا يُعْطِي إِلَّا لِلَّهِ، وَلَا يَمْنَعُ إِلَّا لِلَّهِ، وَلَا يَرْجُو إِلَّا إِيَّاهُ، وَلَا يَسْتَعِينُ إِلَّا بِهِ، فَيَكُونُ دِينُهُ كُلُّهُ ظَاهِرًا لِلَّهِ، وَيَكُونُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، فَلَا يُوَادُّ مَنْ حَادَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانَ أَقْرَبَ الْخَلْقِ إِلَيْهِ بَلْ:
يُعَادِي الَّذِي عَادَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمُ ... جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ الْحَبِيبَ الْمُصَافِيَا
وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ فَنَاؤُهَا عَنْ هَوَى نَفْسِهِ وَحُظُوظِهَا بِمَرَاضِي رَبِّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِهِ، وَالْجَامِعُ لِهَذَا كُلِّهِ تَحْقِيقُ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِلْمًا وَمَعْرِفَةً وَعَمَلًا وَحَالًا وَقَصْدًا، وَحَقِيقَةُ هَذَا النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ هُوَ الْفَنَاءُ وَالْبَقَاءُ، فَفَنَى عَنْ تَأَلُّهِ مَا سِوَاهُ عِلْمًا وَإِفْرَادًا وَتَعَمُّدًا، وَبَقِيَ تَأَلُّهُهُ وَحْدَهُ، فَهَذَا الْفَنَاءُ وَهَذَا الْبَقَاءُ هُوَ حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُرْسَلُونَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَأُنْزِلَتْ بِهِ الْكُتُبُ وَخُلِقَتْ لِأَجْلِهِ الْخَلِيقَةُ، وَشُرِعَتْ لَهُ الشَّرَائِعُ وَقَامَتْ عَلَيْهِ سُوقُ الْجَنَّةِ وَأُسِّسَ عَلَيْهِ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، إِلَى أَنْ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست