responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 161
يَصِحَّ لَهُ سُلُوكٌ، وَقَدْ قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ: اجْتَنِبْ صُحْبَةَ ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ مِنَ النَّاسِ الْجَبَابِرَةِ الْغَافِلِينَ وَالْقُرَّاءِ الْمُدَاهِنِينَ وَالْمُتَصَوِّفَةِ الْجَاهِلِينَ، فَافْهَمْ وَلَا تَغْلَطْ فَإِنَّ الدِّينَ وَاضِحٌ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ لَفْظُ الِاتِّحَادِ إِشَارَةً مِنْهُمْ إِلَى حَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ، فَإِنَّ الِاتِّحَادَ عِنْدَهُمْ هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّوْحِيدِ، وَالتَّوْحِيدُ مَعْرِفَةُ الْوَاحِدِ وَالْأَحَدِ فَاشْتَبَهَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا يَفْهَمُ إِشَارَاتِهِمْ فَحَمَلُوهُ عَلَى غَيْرِ مَحْمِلِهِ فَغَلِطُوا وَهَلَكُوا بِذَلِكَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِ اتِّحَادِ الْعَبْدِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ الِاتِّحَادَ بَيْنَ مَرْبُوبَيْنِ مُحَالٌ، فَإِنَّ رَجُلَيْنِ مَثَلًا لَا يَصِيرُ أَحَدُهُمَا عَيْنَ الْآخَرِ لِتَبَايُنِهِمَا فِي ذَاتَيْهِمَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، فَالتَّبَايُنُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْظَمُ، فَإِذَنْ أَصْلُ الِاتِّحَادِ بَاطِلٌ مُحَالٌ مَرْدُودٌ شَرْعًا وَعَقْلًا وَعُرْفًا بِإِجْمَاعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَمَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ هَذَا مَذْهَبَ الصُّوفِيَّةِ وَإِنَّمَا قَالَهُ طَائِفَةٌ غُلَاةٌ لِقِلَّةِ عِلْمِهِمْ وَسُوءِ حَظِّهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَشَابَهُوا بِهَذَا الْقَوْلِ النَّصَارَى الَّذِينَ قَالُوا فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ اتَّحَدَ نَاسُوتُهُ بِلَاهُوتِهُ، وَأَمَّا مَنْ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْعِنَايَةِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوا اتِّحَادًا وَلَا حُلُولًا، وَإِنْ وَقَعَ مِنْهُمْ لَفْظُ الِاتِّحَادِ فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ مَحْوَ أَنْفُسِهِمْ وَإِثْبَاتَ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ، قَالَ: وَقَدْ يُذْكَرُ الِاتِّحَادُ بِمَعْنَى فَنَاءِ الْمُخَالِفَاتِ وَبَقَاءِ الْمُوَافِقَاتِ، وَفَنَاءِ حُظُوظِ النَّفْسِ مِنَ الدُّنْيَا وَبَقَاءِ الرَّغْبَةِ فِي الْآخِرَةِ، وَفَنَاءِ الْأَوْصَافِ الذَّمِيمَةِ، وَبَقَاءِ الْأَوْصَافِ الْحَمِيدَةِ، وَفَنَاءِ الشَّكِّ وَبَقَاءِ الْيَقِينِ، وَفَنَاءِ الْغَفْلَةِ وَبَقَاءِ الذِّكْرِ. قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي يَزِيدَ الْبَسْطَامِيُّ: سُبْحَانِي مَا أَعْظَمَ شَانِي، فَهُوَ فِي مَعْرِضِ الْحِكَايَةِ عَنِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ أَنَا الْحَقُّ مَحْمُولٌ عَلَى الْحِكَايَةِ، وَلَا يُظَنُّ بِهَؤُلَاءِ الْعَارِفِينَ الْحُلُولُ وَالِاتِّحَادُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَظْنُونٍ بِعَاقِلٍ، فَضْلًا عَنِ الْمُتَمَيِّزِينَ بِخُصُوصِ الْمُكَاشَفَاتِ وَالْيَقِينِ وَالْمُشَاهَدَاتِ، وَلَا يُظَنُّ بِالْعُقَلَاءِ الْمُتَمَيِّزِينَ عَلَى أَهْلِ زَمَانِهِمْ بِالْعِلْمِ الرَّاجِحِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْمُجَاهَدَةِ وَحِفْظِ حُدُودِ الشَّرْعِ الْغَلَطُ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ كَمَا غَلِطَ النَّصَارَى فِي ظَنِّهِمْ ذَلِكَ فِي حَقِّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِنَّمَا حَدَثَ ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ وَاقِعَاتِ جَهَلَةِ الْمُتَصَوِّفَةِ، وَأَمَّا الْعُلَمَاءُ الْعَارِفُونَ الْمُحَقِّقُونَ فَحَاشَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ. هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ مِعْيَارِ الْمُرِيدِينَ بِلَفْظِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ الِاتِّحَادِ مُشْتَرَكٌ فَيُطْلَقُ عَلَى الْمَعْنَى الْمَذْمُومِ الَّذِي هُوَ أَخُو الْحُلُولِ وَهُوَ كُفْرٌ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَقَامِ الْفَنَاءِ اصْطِلَاحًا - اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الصُّوفِيَّةُ - وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ، إِذْ لَا يَمْنَعُ أَحَدٌ مِنِ اسْتِعْمَالِ لَفْظٍ فِي مَعْنًى صَحِيحٍ لَا مَحْذُورَ فِيهِ شَرْعًا، وَلَوْ كَانَ مَمْنُوعًا لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَفَوَّهَ بِلَفْظِ الِاتِّحَادِ وَأَنْتَ تَقُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ صَاحِبِي زَيْدٍ اتِّحَادٌ، وَكَمِ اسْتَعْمَلَ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست