responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 158
أَوْ لِاشْتِغَالِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ بَيَانَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ مِمَّا لَا يَعْنِيهِمْ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ تَحَزَّبَ النَّاسُ إِلَى قَاصِرِينَ مَالُوا إِلَى التَّشْبِيهِ الظَّاهِرِ، وَإِلَى غَالِينَ مُسْرِفِينَ تَجَاوَزُوا إِلَى الِاتِّحَادِ وَقَالُوا بِالْحُلُولِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: أَنَا الْحَقُّ، وَضَلَّ النَّصَارَى فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالُوا: هُوَ الْإِلَهُ، وَقَالَ آخَرُونَ: تَدَرَّعَ النَّاسُوتُ بِاللَّاهُوتِ، وَقَالَ آخَرُونَ: اتَّحَدَ بِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ انْكَشَفَ لَهُمُ اسْتِحَالَةُ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ وَاسْتِحَالَةُ الِاتِّحَادِ وَالْحُلُولِ، وَاتَّضَحَ لَهُمْ وَجْهُ الصَّوَابِ فَهُمُ الْأَقَلُّونَ، انْتَهَىكَلَامُ الْغَزَالِيِّ، وَبَدَأْنَا بِالنَّقْلِ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ فَقِيهٌ أُصُولِيٌّ مُتَكَلِّمٌ صُوفِيٌّ، وَهُوَ أَجَلُّ مَنِ اعْتُمِدَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ ; لِاجْتِمَاعِ هَذِهِ الْفُنُونِ فِيهِ.
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْإِرْشَادِ: أَصْلُ مَذْهَبِ النَّصَارَى أَنَّ الِاتِّحَادَ لَمْ يَقَعْ إِلَّا بِالْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَاخْتَلَفَتْ مَذَاهِبُهُمْ فِيهِ، فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَعْنَى بِهِ حُلُولُ الْكَلِمَةِ جَسَدَ الْمَسِيحِ لَا يَحِلُّ الْعَرَضُ مَحَلَّهُ، وَذَهَبَتِ الرُّومُ إِلَى أَنَّ الْكَلِمَةَ مَازَجَتْ جَسَدَ الْمَسِيحِ وَخَالَطَتْهُ مُخَالَطَةَ الْخَمْرِ اللَّبَنَ، وَهَذَا كُلُّهُ خَبْطٌ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنِ فَوْرَكٍ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالنِّظَامِيِّ فِي أُصُولِ الدِّينِ: قَالَتِ النَّصَارَى: إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَاهُوتِيٌّ نَاسُوتِيٌّ، وَتَكَلَّمُوا فِي حُلُولِ الْكَلِمَةِ لمريم عَلَيْهَا السَّلَامُ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْكَلِمَةَ حَلَّتْ فِي مريم حُلُولَ الْمُمَازَجَةِ كَمَا يَحِلُّ الْمَاءُ فِي اللَّبَنِ حُلُولَ الْمُمَازَجَةِ وَالْمُخَالَطَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا حَلَّتْ فِيهَا مِنْ غَيْرِ مُمَازَجَةٍ كَمَا أَنَّ شَخْصَ الْإِنْسَانِ يَتَبَيَّنُ فِي الْمِرْآةِ الصَّقِيلَةِ مِنْ غَيْرِ مُمَازَجَةٍ بَيْنَهُمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ مَثَلَ اللَّاهُوتِ مَعَ النَّاسُوتِ مَثَلُ الْخَاتَمِ مَعَ الشَّمْعِ فِي أَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ فِيهِ النَّقْشُ ثُمَّ لَا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَثَرِ، وَالْأَوَّلُ طَرِيقَةُ الْيَعْقُوبِيَّةِ، وَالثَّانِي طَرِيقَةُ الْمَلْكِيَّةِ، وَالثَّالِثُ طَرِيقُ النَّسْطُورِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا بِالِاتِّحَادِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فِي مَعْنَى الِاتِّحَادِ: الْكَلِمَةُ الَّتِي هِيَ كُنْ حَلَّتْ جَسَدَ الْمَسِيحِ، وَقَالَتِ الْيَعْقُوبِيَّةُ: إِنَّ الِاتِّحَادَ اخْتِلَاطٌ وَامْتِزَاجٌ، وَزَعَمَتْ أَنَّ كَلِمَةَ اللَّهِ انْقَلَبَتْ لَحْمًا وَدَمًا بِالِاتِّحَادِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: إِنَّ الِاتِّحَادَ هُوَ: أَنَّهُ أَوْدَعَهَا بِإِظْهَارِ رُوحِ الْقُدُسِ عَلَيْهِ، وَقَدْ حَكَيْنَا عَمَّنْ قَالَهُ: يَجْرِي هَذَا الِاتِّحَادُ مَجْرَى وُقُوعِ الْهَيْئَةِ فِي الْمِرْآةِ وَالنَّقْشِ مِنَ الْخَاتَمِ فِي الشَّمْعِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ، وَيُقَالُ لِهَذِهِ الطَّائِفَةِ مِنْهُمْ: إِنَّ ظُهُورَ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْمِرْآةِ وَالشَّيْءِ الصَّقِيلِ لَيْسَ اخْتِلَاطَ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست