responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 156
[تَنْزِيهُ الِاعْتِقَادِ عَنِ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى. الْقَوْلُ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ الَّذِي هُوَ أَخُو الْحُلُولِ أَوَّلُ مَنْ قَالَ بِهِ النَّصَارَى، إِلَّا أَنَّهُمْ خَصُّوهُ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ بِهِ وبمريم أُمِّهِ وَلَمْ يُعَدُّوهُ إِلَى أَحَدٍ، وَخَصُّوهُ بِاتِّحَادِ الْكَلِمَةِ دُونَ الذَّاتِ بِحَيْثُ إِنَّ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ سَلَكُوا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ طَرِيقَ إِلْزَامِهِمْ بِأَنْ يَقُولُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِي الذَّاتِ أَيْضًا، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِالْأَمْرَيْنِ، وَإِذَا سَلَّمُوا بُطْلَانَ ذَلِكَ لَزِمَ إِبْطَالُ مَا قَالُوهُ، أَمَّا الْمُتَوَسِّمُونَ بِسِمَةِ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَبْتَدِعْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذِهِ الْبِدْعَةَ وَحَاشَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ أَذْكَى فِطْرَةً وَأَصَحُّ لُبًّا مِنْ أَنْ يَمْشِيَ عَلَيْهِمْ هَذَا الْمُحَالُ، وَإِنَّمَا مَشَى ذَلِكَ عَلَى النَّصَارَى لِأَنَّهُمْ أَبْلَدُ الْخَلْقِ أَذْهَانًا وَأَعْمَاهُمْ قُلُوبًا، غَيْرَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ غُلَاةِ الْمُتَصَوِّفَةِ نُقِلَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَزَادُوا عَلَى النَّصَارَى فِي تَعْدِيَةِ ذَلِكَ، وَالنَّصَارَى قَصَرُوهُ عَلَى وَاحِدٍ، فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمْ فَقَدْ زَادُوا فِي الْكُفْرِ عَلَى النَّصَارَى، وَأَحْسَنُ مَا اعْتُذِرَ عَمَّنْ صَدَرَتْ مِنْهُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ وَهِيَ قَوْلُهُ: أَنَا الْحَقُّ، بِأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي حَالِ سُكْرٍ وَاسْتِغْرَاقِ غَيْبُوبَةِ عَقْلٍ، وَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ التَّكْلِيفَ عَمَّنْ غَابَ عَقْلُهُ وَأَلْغَى أَقْوَالُهُ فَلَا تُعَدُّ مَقَالَتُهُ هَذِهِ شَيْئًا وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهَا فَضْلًا عَنْ أَنْ تُعَدَّ مَذْهَبًا يُنْقَلُ، وَمَا زَالَتِ الْعُلَمَاءُ وَمُحَقِّقُو الصُّوفِيَّةِ يُبَيِّنُونَ بُطْلَانَ الْقَوْلِ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ وَيُنَبِّهُونَ عَلَى فَسَادِهِ وَيُحَذِّرُونَ مِنْ ضَلَالِهِ، وَهَذِهِ نُبْذَةٌ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ: قَالَ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ فِي بَابِ السَّمَاعِ: الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: سَمَاعُ مَنْ جَاوَزَ الْأَحْوَالَ وَالْمَقَامَاتِ، فَعَزَبَ عَنْ فَهْمِهِ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى عَزَبَ عَنْ نَفْسِهِ وَأَحْوَالِهَا وَمُعَامَلَاتِهَا وَكَانَ كَالْمَدْهُوشِ الْغَائِصِ فِي عَيْنِ الشُّهُودِ الَّذِي يُضَاهِي حَالُهُ حَالَ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ فِي مُشَاهَدَةِ جَمَالِ يُوسُفَ حَتَّى بُهِتْنَ وَسَقَطَ إِحْسَاسُهُنَّ، وَعَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ يُعَبِّرُ الصُّوفِيَّةُ بِأَنَّهُ فَنَى عَنْ نَفْسِهِ، وَمَهْمَا فَنَى عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ عَنْ غَيْرِهِ أَفْنَى، فَكَأَنَّهُ فَنَى عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا عَنِ الْوَاحِدِ الْمَشْهُودِ، وَفَنَى أَيْضًا عَنِ الشُّهُودِ، فَإِنَّ الْقَلْبَ إِنِ الْتَفَتَ إِلَى الشُّهُودِ وَإِلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ مُشَاهِدٌ فَقَدْ غَفَلَ عَنِ الْمَشْهُودِ، فَالْمُسْتَهْتِرُ بِالْمَرْئِيِّ لَا الْتِفَاتَ لَهُ فِي حَالِ اسْتِغْرَاقِهِ إِلَى رُؤْيَتِهِ وَلَا إِلَى عَيْنِهِ الَّتِي بِهَا رُؤْيَتُهُ، وَلَا إِلَى قَلْبِهِ الَّذِي بِهِ لَذَّتُهُ ; فَالسَّكْرَانُ لَا خِبْرَةَ لَهُ مِنْ سُكْرِهِ، وَالْمُتَلَذِّذُ لَا خِبْرَةَ لَهُ مِنِ الْتِذَاذِهِ، إِنَّمَا خِبْرَتُهُ مِنَ الْمُلْتَذِّ بِهِ فَقَطْ، وَمِثَالُهُ الْعِلْمُ بِالشَّيْءِ، فَإِنَّهُ مُغَايِرٌ لِلْعِلْمِ بِالْعِلْمِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ، فَالْعَالِمُ بِالشَّيْءِ مَهْمَا وَرَدَ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست