responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 154
{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [آل عمران: 199] ، فَأَكْثَرُ مَا أَطْلَقَ عَلَيْهِمْ عِنْدَ الْمَدْحِ وَصْفُهُمْ بِأَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ، وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ هَذَا فِي كِتَابِنَا، وَأَمَّا كُتُبُهُمْ فَوَصَفَ فِيهَا هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالْإِسْلَامِ كَمَا قَالَ: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: 78] ، قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: أَيْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَلَمْ يَصِفْهُمْ فِيهَا بِالْإِسْلَامِ الْبَتَّةَ، أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ خيثمة قَالَ: مَا تَقْرَءُونَ فِي الْقُرْآنِ: " {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104] " فَإِنَّهُ فِي التَّوْرَاةِ يَا أَيُّهَا الْمَسَاكِينُ.

فَصْلٌ: رَأَيْتُ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ الْمُرْسِيِّ مَا يَشْهَدُ لِمَا قَدَّمْتُهُ فَقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: 65] مَا نَصُّهُ: لَمَّا قَالَ الْفَرِيقَانِ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَى دِينِهِمَا رَدَّ عَلَيْهِمَا وَأَخْبَرَ أَنَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ أَيْضًا نَازِلٌ بَعْدَهُ؟ قِيلَ: الْقُرْآنُ أَخْبَرَ بِذَلِكَ وَمَا أَخْبَرَتْ كُتُبُهُمْ بِمَا ادَّعَوْا.
فَإِنْ قِيلَ: إِنْ أُرِيدَ بِكَوْنِ إِبْرَاهِيمَ مُسْلِمًا كَوْنُهُ مُوَافِقًا لَهُمْ فِي الْأُصُولِ، فَهُوَ أَيْضًا مُوَافِقٌ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ كَانُوا عَلَى مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى وَعِيسَى فِي الْأُصُولِ فَإِنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ مُتَوَافِقُونَ فِي الْأُصُولِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ فَيَكُونُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقَرِّرًا لَا شَارِعًا، وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّقَيُّدَ بِالْقُرْآنِ مَا جَاءَ مَوْجُودًا فِي زَمَانِ إِبْرَاهِيمَ، فَتِلَاوَتُهُ مَشْرُوعَةٌ فِي صَلَاتِنَا، وَغَيْرُ مَشْرُوعَةٍ فِي صَلَاتِهِمْ.
قِيلَ: أُرِيدَ الْفُرُوعُ، وَيَكُونُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَارِعًا لَا مُقَرِّرًا ; لِأَنَّ اللَّهَ نَسَخَ شَرِيعَةَ إِبْرَاهِيمَ بِشَرِيعَةِ مُوسَى وَعِيسَى ثُمَّ نَسَخَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِيعَتَهُمْ فَكَانَ صَاحِبَ شَرِيعَةٍ لِذَلِكَ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ مُوَافِقًا فِي الْأَكْثَرِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي الْأَقَلِّ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي الْمُوَافَقَةِ، انْتَهَى كَلَامُ المرسي وَهُوَ سُؤَالٌ حَسَنٌ وَجَوَابٌ نَفِيسٌ.

فَصْلٌ: دَلِيلٌ ثَالِثٌ وَعِشْرُونَ: وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة: 208] قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: نَزَلَتْ فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَبَقِيَ عَلَى تَعْظِيمِ بَعْضِ شَرِيعَتِهِ كَالسَّبْتِ وَتَرْكِ لُحُومِ الْإِبِلِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا فِي شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ كَافَّةً، وَلَا يَتَمَسَّكُوا بِشَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ ; لِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فِي التَّمَسُّكِ بِبَعْضِ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ بَعْدَ أَنْ عَرَفْتُمْ نَسْخَهُ، وَكَافَّةُ مَنْ وَصَفَ السِّلْمَ كَأَنَّهُ قِيلَ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست