responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 152
إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُقَاتِلُونَ وَاللَّهِ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَاتَّبَعْنَاكَ، وَفِي لَفْظٍ: لَوْ خُضْتَ بِنَا الْبَحْرَ لَخُضْنَاهُ مَعَكَ، فَلِذَلِكَ اخْتُصَّتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِأَنْ سُمُّوا مُسْلِمِينَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأُمَمِ، وَكُلُّ مَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ السَّلَفِ مِنْ قَوْلِهِمْ: الْإِسْلَامُ دِينُ الْأَنْبِيَاءِ وَنَحْوُهُ، فَمُرَادُهُمْ بِهِ دِينُ الْأَنْبِيَاءِ وَحْدَهُمْ دُونَ أُمَمِهِمْ ; لِمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» .

فَصْلٌ: لَمَّا فَرَغْتُ مِنْ تَأْلِيفِ هَذِهِ الْكُرَّاسَةِ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى الْفِرَاشِ لِلنَّوْمِ وَرَدَ عَلَيَّ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ - وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} [القصص: 52 - 53] فَكَأَنَّمَا أُلْقِيَ عَلَيَّ جَبَلٌ، فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ ظَاهِرُهَا الدَّلَالَةُ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ الْخُصُوصِيَّةِ، وَقَدْ فَكَّرْتُ فِيهَا سَاعَةً وَلَمْ يَتَّجِهْ لِي شَيْءٌ، فَلَجَأْتُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرَجَوْتُ أَنْ يَفْتَحَ بِالْجَوَابِ عَنْهَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ وَقْتَ السَّحَرِ إِذَا بِالْجَوَابِ قَدْ فُتِحَ، فَظَهَرَ لِي عَنْهَا ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْوَصْفَ فِي قَوْلِهِ: " مُسْلِمِينَ " اسْمُ فَاعِلٍ مُرَادٌ بِهِ الِاسْتِقْبَالُ كَمَا هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِ لَا الْحَالُ وَلَا الْمَاضِي الَّذِي هُوَ مَجَازٌ، وَالتَّمَسُّكُ بِالْحَقِيقَةِ هُوَ الْأَصْلُ، وَتَقْدِيرُ الْآيَةِ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِ مَجِيئِهِ عَازِمِينَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِهِ إِذَا جَاءَ لِمَا كُنَّا نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا مِنْ نَعْتِهِ وَوَصْفِهِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] فَالْوَصْفَانِ مُرَادٌ بِهِمَا الِاسْتِقْبَالُ أَيْ سَتَمُوتُ وَسَيَمُوتُونَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمَا الْحَالَ قَطْعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَكَذَلِكَ الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ: إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ نَاوِينَ أَنْ سَنُسْلِمُ إِذَا جَاءَ، وَيُرَشِّحُ هَذَا الْجَوَابَ أَنَّ السِّيَاقَ يُرْشِدُ إِلَى أَنَّ قَصْدَهُمُ الْإِخْبَارُ بِحَقِيقَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى قَصْدِ الْإِسْلَامِ بِهِ إِذَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ صِفَاتِهِ وَظَهَرَ لَهُمْ مِنْ دُنُوِّ زَمَانِهِ وَاقْتِرَابِ بِعْثَتِهِ، وَلَيْسَ قَصْدُهُمُ الثَّنَاءَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِي حَدِّ ذَاتِهِمْ بِأَنَّهُمْ كَانُوا بِصِفَةِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْبُو عَنْهُ الْمَقَامُ كَمَا لَا يَخْفَى.
الْجَوَابُ الثَّانِي: أَنْ يُقَدَّرَ فِي الْآيَةِ: إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ بِهِ مُسْلِمِينَ، فَوَصْفُ الْإِسْلَامِ سَبَبُهُ الْقُرْآنُ لَا التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ، وَيُرَشِّحُ ذَلِكَ ذِكْرُ الصِّلَةِ فِي الْآيَةِ الْأُولَى حَيْثُ قَالَ: " هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الصِّلَةَ مُرَادَةٌ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا حُذِفَتْ كَرَاهَةً لِتَكْرَارِهَا فِي الْآيَةِ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست