responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 149
بِصَرِيحِهِ مُبْطِلًا لِكُلِّ مَا سِوَى ذَلِكَ الْمَذْهَبِ، وَذَلِكَ مِمَّا يَنْفِرُ أَرْبَابُ سَائِرِ الْمَذَاهِبِ عَنْ قَبُولِهِ وَعَنِ النَّظَرِ فِيهِ، قَالَ: وَأَيْضًا إِذَا كَانَ الْقُرْآنُ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمُتَشَابِهِ افْتَقَرَ إِلَى الْعِلْمِ بِطَرِيقِ التَّأْوِيلَاتِ وَتَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، وَافْتَقَرَ فِي تَعَلُّمِ ذَلِكَ إِلَى تَحْصِيلِ عُلُومٍ كَثِيرَةٍ مِنْ عِلْمِ اللُّغَةِ، وَالنَّحْوِ، وَالْمَعَانِي، وَالْبَيَانِ، وَأُصُولِ الْفِقْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ مَزِيدُ مَشَقَّةٍ فِي الْوُصُولِ إِلَى الْمُرَادِ مِنْهُ، وَزِيَادَةُ الْمَشَقَّةِ تُوجِبُ مَزِيدَ الثَّوَابِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى تَحْصِيلِ هَذِهِ الْعُلُومِ الْكَثِيرَةِ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ تُوجِبُ مَزِيدَ الثَّوَابِ وَكَانَ يَسْتَوِي فِي إِدْرَاكِ الْحَقِّ مِنْهُ الْخَوَاصُّ وَالْعَوَامُّ، هَذَا كَلَامُ الإمام فخر الدين.
قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَحِلُّ لِمَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ وَاحِدًا مِنَ الْعُلُومِ الْمُشْتَرَطَةِ التَّكَلُّمُ فِي الْقُرْآنِ وَعِدَّتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ أَنْ يَتَجَرَّأَ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِآيَاتِ الْقُرْآنِ عَلَى حُكْمٍ مِنَ الْأَحْكَامِ أَوْ عَلَى أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ جَاهِلًا بِطَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ عَاجِزًا عَنْ تَحْصِيلِ شُرُوطِهِ؟ وَمِثْلُ هَذَا هُوَ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الْحَدِيثُ: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَدْ كَفَرَ. وَالْعَجَبُ أَنَّهُ يَعْمِدُ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِآيَاتٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مُعَارِضِهَا وَعَنِ النَّظَرِ فِيهَا هَلْ هِيَ مَصْرُوفَةٌ عَنْ ظَاهِرِهَا أَوْ لَا؟ وَقَدْ أَوْجَبَ أَهْلُ الْأُصُولِ عَلَى الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَدِلِّ بِآيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ أَنْ يَبْحَثَ عَنِ الْمُعَارِضِ وَجَوَابِهِ وَعَنِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ هَلْ مَعَهُ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ؟ وَهَذَا نَطْحٌ مَعَ النَّاطِحِينَ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَلَا مُرَاعَاةٍ لِشَرْطٍ مِنَ الشُّرُوطِ، فَلَوِ اسْتَحْيَا هَذَا الرَّجُلُ مِنَ اللَّهِ لَوَقَفَ عِنْدَ مَرْتَبَتِهِ وَهِيَ التَّقْلِيدُ وَتَرْكُ الِاسْتِدْلَالِ لِأَهْلِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] وَأُولُو الْأَمْرِ هُمُ الْمُجْتَهِدُونَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُجَاهِدٌ، وأبو العالية، والضحاك، وَغَيْرُهُمْ: أُولُو الْأَمْرِ هُمْ أُولُو الْفِقْهِ، وَأُولُو الْخَبَرِ، وَلَفْظُ مُجَاهِدٍ: هُمُ الْفُقَهَاءُ وَالْعُلَمَاءُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أبي العالية فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ لَفْظَ الْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ إِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى الْمُجْتَهِدِينَ، وَأَمَّا الْمُقَلِّدُ فَلَا يُسَمَّى فَقِيهًا وَلَا عَالِمًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ، وَامْتِنَاعُ إِطْلَاقِ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست