responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 139
يَعْرِفُ قَلَّ الِاخْتِلَافُ، وَمَنْ قَصُرَ بَاعُهُ وَضَاقَ نَظَرُهُ عَنْ كَلَامِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَمَا لَهُ لِلتَّكَلُّمِ فِيمَا لَا يَدْرِيهِ وَالدُّخُولِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، وَحَقُّ مِثْلِ هَذَا أَنْ يَلْزَمَ السُّكُوتَ، وَإِذَا سَمِعَ شَيْئًا لَمْ يَسْمَعْهُ قَطُّ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ اسْتَفَادَ فَائِدَةً جَدِيدَةً فَيَعُدُّهَا نِعْمَةً مِنْ نَعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَيَدْعُو لِمَنْ أَجْرَاهَا عَلَى يَدَيْهِ وَيَشْكُرُ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ أَنْكَرَ تَرْجِيحَ الْقَوْلِ الثَّانِي فَهَذَا لَيْسَ مِنْ وَظِيفَتِهِ إِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ وَظِيفَةِ الْمُجْتَهِدِينَ الْعَالِمِينَ بِوُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ وَمَسَالِكِ الْأَدِلَّةِ وَطُرُقِ الْحِجَاجِ وَالنَّظَرِ، وَإِنْكَارُهُ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى جَهْلِهِ بِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ.
الْعَجَبُ الثَّانِي: مِنِ اسْتِدْلَالِهِ، فَإِنَّ الِاسْتِدْلَالَ إِنَّمَا يَسُوغُ لِلْمُجْتَهِدِ الْعَالِمِ بِطَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ أَمَّا غَيْرُهُ فَمَا لَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ التَّفْرِقَةِ: [شَرْطُ الْمُقَلِّدِ] أَنْ يَسْكُتَ وَيُسْكَتَ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ قَاصِرٌ عَنْ سُلُوكِ طَرِيقِ الْحِجَاجِ، وَلَوْ كَانَ أَهْلًا لَهُ كَانَ مُسْتَتْبَعًا لَا تَابِعًا وَإِمَامًا لَا مَأْمُومًا. وَإِنْ خَاضَ الْمُقَلِّدُ فِي الْمُحَاجَّةِ فَذَلِكَ مِنْهُ فُضُولٌ، وَالْمُشْتَغِلُ بِهِ ضَارِبٌ فِي حَدِيدٍ بَارِدٍ وَطَالِبٍ لِإِصْلَاحٍ فَاسِدٍ، وَهَلْ يُصْلِحُ الْعَطَّارُ مَا أَفْسَدَ الدَّهْرُ؟ هَذِهِ عِبَارَةُ الْغَزَالِيِّ، وَقَالَ الشَّيْخُ عز الدين بن عبد السلام: شَرْطُ الْمُفْتِي أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا، وَأَمَّا الْمُقَلِّدُ إِذَا أَفْتَى فَهُوَ نَاقِلٌ وَحَامِلُ فِقْهٍ لَيْسَ بِمُفْتٍ وَلَا فَقِيهٍ بَلْ هُوَ كَمَنْ يَنْقُلُ فَتْوَى عَنْ إِمَامٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ ثُمَّ أَطَالَ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ، وَالْعَجَبُ مِنْ هَذَا الْمُنْكِرِ اسْتِدْلَالُهُ بِآيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَيْسَ هُوَ مِمَّنْ أَتْقَنَ عِلْمَ الْمَعَانِي وَالْبَيَانِ الَّذِي لَا تُعْرَفُ بَلَاغَةُ الْقُرْآنِ وَأَسَالِيبُهُ إِلَّا بِهِ، وَذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِنْبَاطِ، بَلْ وَلَا أَتْقَنَ وَاحِدًا مِنَ الْعُلُومِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ الَّتِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْقُرْآنِ حَتَّى يُتْقِنَهَا، وَالْعَجَبُ مِنْ تَصَدِّيهِ لِذِكْرِ أَدِلَّةٍ وَلَوْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَدِلَّةً مُعَارِضَةً لِمَا ذَكَرَهُ لَمْ يَدْرِ كَيْفَ يَصْنَعُ فِيهَا، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَبْسُطَ الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِذِكْرِ أَدِلَّةِ الْقَوْلِ الرَّاجِحِ وَالْأَجْوِبَةِ عَمَّا عَارَضَهَا:
فَأَقُولُ: لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ حَكَاهُمَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُطْلَقُ الْإِسْلَامُ عَلَى كُلِّ دِينٍ حَقٍّ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الْمِلَّةِ - وَبِهَذَا أَجَابَ ابن الصلاح - وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْإِسْلَامَ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْمِلَّةِ الشَّرِيفَةِ، وَوَصْفُ الْمُسْلِمِينَ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَلَمْ يُوصَفْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ سِوَى الْأَنْبِيَاءِ فَقَطْ، فَشَرُفَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِأَنْ وُصِفَتْ بِالْوَصْفِ الَّذِي كَانَ يُوصَفُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ تَشْرِيفًا لَهَا وَتَكْرِيمًا. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ نَقْلًا وَدَلِيلًا لِمَا قَامَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ السَّاطِعَةِ، وَقَدْ خُصَّتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأُمَمِ بِخَصَائِصَ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدٍ سِوَاهَا إِلَّا لِلْأَنْبِيَاءِ [فَقَطْ] ، مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ فَإِنَّهُ خِصِّيصَةٌ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَمِ يَتَوَضَّأُ إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ فَقَطْ فِي أَشْيَاءَ أُخَرَ.

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 2  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست