responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 329
يَقْصِدِ التِّلَاوَةَ جَازَ لِلْإِنْسَانِ النُّطْقُ بِاللَّفْظِ الْمُوَافِقِ لِلتِّلَاوَةِ سَوَاءٌ كَانَ جُنُبًا أَوْ مُتَطَهِّرًا أَوْ يَجُوزُ مَسُّهُ مَكْتُوبًا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ; لِأَنَّهُ إِذْ ذَاكَ لَيْسَ بِقُرْآنٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ أَنْ يَزِيدَ لَفْظًا وَيَنْقُصَ لَفْظًا كَغَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ.
قَالَ: وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خُصُوصًا فِي وَقْتٍ وَتَرَدَّدَ سُؤَالُ النَّاسِ مِنِّي عَنْهَا، وَأَجَبْتُ عَنْهَا، قَالَ: وَهَذَا نَصُّ السُّؤَالِ: هَلْ يَجُوزُ ذِكْرُ كَلِمَاتٍ يَسِيرَةٍ مِمَّا يُذْكَرُ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَيُقْصَدُ بِهِ مَعْنًى غَيْرُ مَا هُوَ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ لِمَنِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] أَوْ {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12] أَوْ عَتَبٌ عَلَى أَمْرٍ فَقَالَ: {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} [الإسراء: 58] فَإِنَّ مَدْلُولَ اسْمِ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ مَا هُوَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ حَالِ نَفْسِهِ هُوَ فَقَالَ: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: 53] أَوْ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ فَثَبَتَ قَوْمٌ وَاضْطَرَبَ آخَرُونَ فَقَالَ: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42] أَوْ ضَمَّنَ ذَلِكَ خُطْبَةً أَوْ رِسَالَةً قَاصِدًا سِيَاقَ قَوْلِهِ غَيْرَ قَاصِدٍ مَعَانِيَ التِّلَاوَةِ، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي ذَلِكَ وَيَنْقُصَ مِنْهُ أَوْ يُغَيِّرَ نَظْمَهُ بِتَقْدِيمٍ أَوْ تَأْخِيرٍ أَوْ تَغْيِيرِ حَرَكَةِ إِعْرَابٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَنَصُّ الْجَوَابِ: الْكَلَامُ فِي جَوَابِ هَذَا السُّؤَالِ مُسْتَمَدٌّ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا تَحْقِيقُ مَعَانِي ذَلِكَ وَتَبْيِينُ وُجُوهِ قَوَاعِدَ تَنْبَنِي عَلَيْهَا وُجُوهُ مَعَانِيهِ، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي الْكَلَامَ مِنْ عُلُومٍ غَامِضَةٍ جَلِيلَةٍ هِيَ أَسَاسُ الْعُلُومِ، وَمُسْتَنَارُ الْفُهُومِ قَلَّ مَنْ يَصِلُ بِالتَّحْقِيقِ إِلَيْهَا، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهَا، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِعُلُوِّهَا عَنْ فَهْمِ الْعُمُومِ، وَغُمُوضِ مَعَانِيهَا عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْفُهُومِ كَعِلْمِ قَوَاعِدِ مَعْرِفَةِ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ، وَعِلْمِ أُصُولِ الدِّينِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ، وَدَقَائِقِ عُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ وَاللُّغَةِ وَأَسْرَارِهِمَا، وَعِلْمِ الْبَيَانِ وَالْبَدِيعِ وَالْمَعَانِي وَتَصَرُّفِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَسَعَةِ مَيْدَانِهِ، وَالنَّظَرِ فِي سُرْعَةِ تَصْرِيفِ جَوَادِ الْبَلَاغَةِ عِنْدَ إِطْلَاقِ عِنَانِهِ فِي أَنْحَاءِ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ وَالتَّصَرُّفِ فِي بَدَائِعِ الْمَعَانِي فِي التَّوَصُّلِ إِلَى الْإِفْهَامِ، وَلِكُلِّ عَبْدٍ فِي مِقْدَارِ فَهْمِهِ وَمَبْلَغِ عِلْمِهِ حَالٌ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ.
وَلَقَدْ بَلَغَنِي عَنِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ عز الدين بن عبد السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي نَحْوِ ذَلِكَ، وَكَانَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَقَالَ: لَا أُجِيبُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِدِقَّةِ الْجَوَابِ عَنْ أَفْهَامِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ ; لِأَنَّهُ إِذَا لَطُفَ الْكَلَامُ فِي دَقَائِقِ الْعُلُومِ اسْتَصْعَبَ ذَلِكَ عَلَى فَهْمِ مَنْ لَمْ يَكُنْ ذَا فَهْمٍ ثَاقِبٍ، وَذِهْنٍ صَحِيحٍ وَمُمَارَسَةٍ لِكَثِيرٍ مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ أَدَوَاتٌ لِإِدْرَاكِ غَامِضِ الْمَعَانِي، وَلَقَدْ ذَاكَرْتُ الشَّيْخَ الْإِمَامَ شَيْخَ وَقْتِهِ وَإِمَامَ عَصْرِهِ شَيْخَنَا الشَّيْخَ شمس الدين الجزري فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِي: حَضَرْتُ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 329
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست