responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 130
[بَذْلُ الْهِمَّةِ فِي طَلَبِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ اغْتَابَ رَجُلًا بِسَبٍّ أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ قَذَفَهُ، أَوْ خَانَهُ فِي أَهْلِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَابَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ تَوْبَتُهُ وَرُجُوعُهُ إِلَى اللَّهِ وَكَثْرَةُ ذِكْرِهِ وَعِبَادَتِهِ، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ تَحَلُّلِهِ مِنْ ذَلِكَ وَذِكْرِهِ لَهُ مَا ظَلَمَهُ بِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ؟ .
الْجَوَابُ: لَا بُدَّ مِنْ تَحَلُّلِهِ مِنْ ذَلِكَ وَذِكْرِهِ لَهُ مَا ظَلَمَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ التَّوْبَةِ، وَمَا لَمْ تَصِحَّ التَّوْبَةُ لَمْ يُكَفِّرِ الذَّنْبَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْآدَمِيِّ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ حَيْثُ تَعَذَّرَ الْوُقُوفُ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ لِمَوْتٍ أَوْ نَحْوِهِ - هَذَا الَّذِي جَزَمْتُ بِهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَقْلِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَلِلْآثَارِ.
أَمَّا النَّقْلُ فَقَالَ الشَّيْخُ محيي الدين النووي فِي الْأَذْكَارِ، فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْغِيبَةِ وَالتَّوْبَةِ مِنْهَا: اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنِ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً لَزِمَهُ الْمُبَادَرَةُ إِلَى التَّوْبَةِ مِنْهَا، وَالتَّوْبَةُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ يُشْتَرَطُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: أَنْ يُقْلِعَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ فِي الْحَالِ، وَأَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا، وَأَنْ يَعْزِمَ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَيْهَا، وَالتَّوْبَةُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ يُشْتَرَطُ فِيهَا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ، وَرَابِعٌ وَهُوَ رَدُّ الظُّلَامَةِ إِلَى صَاحِبِهَا وَطَلَبُ عَفْوِهِ عَنْهَا، وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا، فَيَجِبُ عَلَى الْمُغْتَابِ التَّوْبَةُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ الْغِيبَةَ حَقٌّ آدَمِيٌّ، وَلَا بُدَّ مِنِ اسْتِحْلَالِهِ مَنِ اغْتَابَهُ، وَهَلْ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ قَدِ اغْتَبْتُكَ فَاجْعَلْنِي فِي حِلٍّ، أَمْ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ مَا اغْتَابَهُ بِهِ؟
فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا: أَحَدُهُمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ، فَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ مَالٍ مَجْهُولٍ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُتَسَامَحُ فِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِخِلَافِ الْمَالِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَسْمَحُ بِالْعَفْوِ عَنْ غِيبَةٍ دُونَ غِيبَةٍ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْغِيبَةِ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا فَقَدْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْبَرَاءَةِ مِنْهَا، لَكِنْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَنْبَغِي أَنْ يُكْثِرَ الِاسْتِغْفَارَ لَهُ وَالدُّعَاءَ وَيُكْثِرَ مِنَ الْحَسَنَاتِ - هَذَا كَلَامُ النووي بِحُرُوفِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تقي الدين السبكي فِي تَفْسِيرِهِ: قَدْ وَرَدَ فِي الْغِيبَةِ تَشْدِيدَاتٌ كَثِيرَةٌ حَتَّى قِيلَ: إِنَّهَا أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الزَّانِيَ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَالْغَائِبُ لَا يُتَابُ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَحِلَّ مِنَ الْمَغِيبِ، رُوِيَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ لَكِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ، قَالَ: وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كُلِّهَا، فَفِي الْغِيبَةِ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ هَتْكُ الْأَعْرَاضِ وَانْتِقَاصُ الْمُسْلِمِينَ وَإِبْطَالُ الْحُقُوقِ بِمَا قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، وَإِيقَاعُ الشَّحْنَاءِ وَالْعَدَوَاتِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ: مَا تَقُولُ فِي حَدِيثِ كَفَّارَةِ الِاغْتِيَابِ أَنْ تَسْتَغْفِرَ

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست