responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام نویسنده : الطرابلسي، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 66
التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؛ وَالْيَهُودِيُّ يَقُولُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِأَنَّ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ وَالتَّوْرَاةَ هُوَ اللَّهُ، وَالْمَجُوسِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ تَعْظِيمَ النَّارِ فَيُغَلِّظُ فِي يَمِينِهِ بِمَا يَعْتَقِدُ تَعْظِيمَهُ وَهُوَ النَّارُ كَمَا فِي النَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِيِّ.
وَعِنْدَهُمَا يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ تَغْلِيظَ الْيَمِينِ بِغَيْرِ اللَّهِ لَا يَجُوزُ، إلَّا أَنَّ فِي حَقِّ النَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِيِّ وَرَدَ نَصٌّ وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ صُورِيَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى» . وَالنَّصُّ الْوَارِدُ فِي التَّغْلِيظِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لَيْسَ لِلنَّارِ لَا يَكُونُ وَارِدًا فِي النَّارِ دَلَالَةً.
وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ، وَلَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْوَثَنَ وَالصَّنَمَ؛ لِأَنَّ فِي تَغْلِيظِ الْيَمِينِ بِالصَّنَمِ تَعْظِيمًا لَهُ مِنْ وَجْهٍ وَقَدْ أُمِرْنَا بِإِهَانَتِهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ اتَّخَذَهُ إلَهًا وَلَمْ يُؤْمَرْ بِإِهَانَةِ النَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّخِذْهَا أَحَدٌ إلَهًا، وَلِهَذَا جَوَّزَ مُحَمَّدٌ التَّغْلِيظَ بِذِكْرِ النَّارِ وَلَمْ يُجَوِّزْهُ بِذِكْرِ الصَّنَمِ.

(فَرْعٌ) :
وَاسْتِحْلَافُ الْأَخْرَسِ أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي: عَلَيْكَ عَهْدُ اللَّهِ إنْ كَانَ لِهَذَا هَذَا الْحَقُّ، وَيُشِيرُ الْأَخْرَسُ أَيْ نَعَمْ، وَلَا يَسْتَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْكَ أَلْفٌ فَيُشِيرُ الْأَخْرَسُ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْ الْأَخْرَسِ إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً مِنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْعِبَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ، فَكَذَا فِي حَقِّ الْحَلِفِ.
وَالْقَاضِي لَوْ اسْتَحْلَفَ النَّاطِقَ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ: نَعَمْ. لَا يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ أَحْلِفُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ حَلِفًا، فَكَذَلِكَ الْأَخْرَسُ.
وَلَوْ قَالَ عَلَيْكَ عَهْدُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُمْ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ كَانَ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ إنْ كَانَ لِهَذَا عَلَيَّ كَذَا.

[فَصْلٌ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى قِسْمَيْنِ]
(فَصْلٌ) :
ثُمَّ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَلَى الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالْآخَرُ عَلَى الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُهُ عَلَى الْحَاصِلِ بِالْعَقْدِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ قِبَلَكَ مَا ادَّعَى مِنْ الْحَقِّ وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَى السَّبَبِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْكَفَالَةُ وَنَحْوُهَا.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ يُحَلِّفُهُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْتُ وَلَا اسْتَأْجَرْتُ وَلَا كَفَلْتُ وَنَحْوَهَا، إلَّا أَنْ يَعْرِضَ الْقَاضِي فَيَقُولُ: كَمْ مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ يَفْسَخُ الْعَقْدَ؟ فَيُحَلِّفُهُ عَلَى الْحَاصِلِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَجِبُ عَلَى حَسَبِ الدَّعْوَى وَرَفْعِهِ، وَالدَّعْوَى وَقَعَتْ فِي الْعَقْدِ لَا فِي الْحَاصِلِ بِهِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ وَهِيَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْحَاصِلِ لَا عَلَى السَّبَبِ كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ وَالْمَسْرُوقُ قَائِمًا يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الثَّوْبُ لِهَذَا وَلَا عَلَيْكَ تَسْلِيمُهُ وَلَا تَسْلِيمُ شَيْءٍ مِنْهُ إلَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا قِيلَ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْقِيمَةِ لَا غَيْرُ.
وَقِيلَ يَحْلِفُ عَلَى الثَّوْبِ وَالْقِيمَةِ جَمِيعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا يَحْلِفُ عَلَى الْقِيمَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَهُمَا الْحَقَّ فِي الْقِيمَةِ لَا فِي الْعَيْنِ.
وَعِنْدَهُ الْحَقُّ فِي الْعَيْنِ لَا فِي الْقِيمَةِ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ أَوْ يَتَرَاضَيَا عَلَيْهَا، حَتَّى لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ جَازَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.
وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَضَعَ عَلَى حَائِطِهِ خَشَبَةً، أَوْ بَنَى عَلَيْهِ بِنَاءً، أَوْ أَجْرَى عَلَى سَطْحِهِ أَوْ فِي دَارِهِ مِيزَابًا، أَوْ فَتَحَ عَلَيْهِ فِي حَقِّهِ بَابًا، أَوْ رَمَى تُرَابًا فِي أَرْضِهِ أَوْ مَيْتَةً، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ نَقْلُهُ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا فَعَلْتَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي التَّحْلِيفِ هَا هُنَا ضَرَرٌ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَمَا ثَبَتَ هَذَا الْحَقُّ لِلْمُدَّعِي وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ رَفْعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَنْ أَرْضِهِ لَا يَتَضَرَّرُ بِسُقُوطِهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ، فَإِنَّهُ لَوْ أُذِنَ لَهُ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَضَعَ الْخَشَبَةَ عَلَى حَائِطِهِ أَوْ يُلْقِيَ الْمَيْتَةَ فِي أَرْضِهِ كَانَ ذَلِكَ إعَارَةً مِنْهُ، فَمَتَى بَدَا لَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِرَفْعِهِ، وَإِنْ بَاعَ مِنْهُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعُ الْحَقِّ وَبَيْعُ الْحَقِّ لَا يَجُوزُ.

[فَصْلٌ مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَمَنْ لَا يَتَوَجَّهُ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَمَنْ لَا يَتَوَجَّهُ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمُحَمَّدٌ: لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

نام کتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام نویسنده : الطرابلسي، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست