responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام نویسنده : الطرابلسي، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 188
وَيُسْتَحَبُّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَخْتَارَ رَجُلًا عَدْلًا لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى أَهْلِهَا عَارِفًا بِوُجُوهِ ذَلِكَ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَقِّ، فَقَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُقِيمُ الْحَدَّ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي خِلَافَتِهِمَا، وَلَا تُقَامُ الْحُدُودُ إلَّا بِالسَّوْطِ وَلَا تَكُونُ بِالدِّرَّةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِنَّمَا كَانَتْ دِرَّةُ عُمَرَ لِلْأَدَبِ، فَإِذَا حَضَرَتْ الْحُدُودُ قُرِّبَ السَّوْطُ، وَلَا يُعَادُ الْحَدُّ بِالسَّوْطِ إذَا أُقِيمَ بِالدِّرَّةِ، فَقَدْ يَكُونُ مِنْ الدِّرَّةِ مَا هُوَ أَوْجَعَ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ السِّيَاطِ، فَلَا يُجْمَعُ عَلَيْهِ حَدَّانِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الدِّرَّةُ لَطِيفَةً لَا تُؤْلِمُ وَلَا تُوجِعُ فَيُعَادُ الْحَدُّ بِالسَّوْطِ، وَلَا يُعْتَمَدُ بِضَرْبَةٍ مَكَانَ ضَرْبَةٍ قَبْلَهَا، بَلْ يُفَرَّقُ عَلَيْهِ الضَّرْبُ؛ إذْ فِيهِ رَاحَةٌ لَهُ، وَلَا يُشَطَّطُ بِالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ وَلَا يُمَدُّ بِحَالٍ، وَلَا تُرْبَطُ يَدَاهُ بَلْ تُتْرَكُ لَهُ يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ. هَذَا فِي الْحُدُودِ.
وَأَمَّا الْعُقُوبَاتُ وَالتَّعْزِيرَاتُ فَمَا عَظُمَ مِنْهَا فَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُدُودِ، وَمَا خَفَّ مِنْهَا عُوقِبَ صَاحِبُهُ عَلَى شَأْنِهِ، وَرُبَّمَا كَانَ بِحَبْسٍ دُونَ ضَرْبٍ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.
وَيَكُونُ السَّوْطُ الَّذِي يُجْلَدُ بِهِ مُتَوَسِّطًا لَا جَدِيدًا وَلَا خَلَقًا، وَيَكُونُ قَدْ قُطِعَتْ ثَمَرَتُهُ وَثَمَرَةُ السَّوْطِ عُقْدَةُ طَرَفِهِ، كَذَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ.

[فَصْلٌ فِي الْقَذْفِ]
(فَصْلٌ) :
عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ فِي رِضًا أَوْ غَضَبٍ: لَسْتَ لِأَبِيكَ فَهَذَا قَذْفٌ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ قَالَ لَيْسَ هَذَا أَبَاكَ، فَإِنْ قَالَ فِي رِضًا أَوْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِفْهَامِ فَلَيْسَ بِقَاذِفٍ، وَلَوْ قَالَ فِي غَضَبٍ أَوْ عَلَى وَجْهِ التَّعْزِيرِ فَهُوَ قَذْفٌ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ قَالَ: لَسْتَ لِأَبِيكَ فَلَيْسَ بِقَذْفٍ بِالزِّنَا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَمْ تَلِدْكَ أُمُّكَ، وَإِنَّمَا الزَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي تَلِدُ مِنْ الزِّنَا لَا الَّتِي لَا تَلِدُ، بِخِلَافِ نَفْيِهِ مِنْ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ وَنَفَاهُ، وَإِنَّمَا يَنْتَفِي بِزِنَا الْأُمِّ فَكَانَ قَذْفًا.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ قَالَ: يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ، وَأُمُّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ مُسْلِمَةٌ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا يُبَالِي بِحَالِ الْجَدَّةِ؛ لِأَنَّ الْأُمِّيَّةَ حَقِيقَةٌ لِلْوِلَادَةِ، وَالْجَدَّةُ تُسَمَّى بِهَا مَجَازًا.

(فَرْعٌ) :
وَلَوْ قَالَ: يَا ابْنَ مِائَةِ زَانِيَةٍ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالُ الْأُمِّ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ زَنَتْ مِائَةَ مَرَّةٍ.

(فَرْعٌ) :
لَوْ قَالَ: أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ فِي حَالِ الْغَضَبِ فَهُوَ قَاذِفٌ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلِأُمِّ ذَلِكَ الَّذِي خَاطَبَ؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ لِنَفْيِ النَّسَبِ لَكِنْ يُسْتَعْمَلُ لِلتَّشْبِيهِ بِهِ فِي أَخْلَاقِهِ فَتُحْكَمُ الْحَالَةُ، فَإِنْ كَانَ فِي غَضَبٍ يُجْعَلُ قَذْفًا لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَالَةَ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي رِضًا يُحْمَلُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِدَلَالَةِ حَالِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ التَّجْرِيدِ.

(فَرْعٌ) :
وَلَوْ قَالَ: لَسْتَ لِآدَمَ أَوْ لِإِنْسَانٍ أَوْ لِرَجُلٍ لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى نِسْبَةِ الْأُمِّ إلَى الزِّنَا فَلَمْ يَكُنْ قَذْفًا.

وَلَوْ قَالَ: يَا ابْنَ الزِّنَا فَهُوَ قَاذِفٌ.

وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا مَقْبُوحُ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ، وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ حَتَّى يُضِيفَ الْفِعْلَ إلَى السَّبِيلِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَكُونُ قَذْفًا بِحَالٍ وَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ؛ لِأَنَّ اللِّوَاطَةَ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا بِمَعْنَى الزِّنَا.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ قَالَ: يَا ابْنَ الْقَحْبَةِ يُعَزَّرُ؛ لِأَنَّ الْقَحْبَةَ اسْمٌ لِلْمُتَعَرِّضَةِ لِلزِّنَا دُونَ الزَّانِيَةِ.

[فَصْلٌ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَذْفِ وَاخْتَلَفَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي قَذَفَهُ فِيهِ]
(فَصْلٌ) :
وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَذْفِ وَاخْتَلَفَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي قَذَفَهُ فِيهِ أَوْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَذَفَهُ فِيهِ وَجَبَ الْحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: لَا يَجِبُ الْحَدُّ.
وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ فَقَالُوا رَأَيْنَاهُ يَزْنِي فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ قَالَ لَا يُحَدُّ وَلَا يُحَدُّونَ.
وَلَوْ قَالُوا: رَأَيْنَاهُ يَزْنِي ثُمَّ قَالُوا بَعْدَ قَطْعِ الْكَلَامِ زَنَى فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ ضُرِبُوا الْحَدَّ.
اُنْظُرْ الْإِيضَاحَ.

نام کتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام نویسنده : الطرابلسي، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست