responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام نویسنده : الطرابلسي، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 121
مِنْهَا أَوْ وَهَبَهَا لِي وَهُوَ مِنْ بَلَدِ كَذَا، فَأَخَافُ أَنْ يَصِيرَ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ فَيَأْخُذَ لِي بِهَذَا الْمَالِ وَلِي شُهُودٌ هَاهُنَا فَاسْمَعْ مِنْهُمْ وَاكْتُبْ لِي إلَى ذَلِكَ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِهِ وَلَا يَكْتُبُ لَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَكْتُبُ لَهُ، وَلَوْ قَالَ يَجْحَدُنِي الِاسْتِيفَاءَ وَيُخَاصِمُنِي مَرَّةً أُخْرَى حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْحَقَّ مِنِّي مَرَّتَيْنِ، وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَفَاءِ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِهِ وَيَكْتُبُ لَهُ.
الْكُلُّ مِنْ الْمُحِيطِ وَشَرْحِ التَّجْرِيدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْقَضَاءِ بِمُشَافَهَةِ الْقَاضِي لِلْقَاضِي]
فِي الْقَضَاءِ بِمُشَافَهَةِ الْقَاضِي لِلْقَاضِي.
رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ: فِي مِصْرٍ قَاضِيَانِ، فِي كُلِّ جَانِبٍ مِنْهُ قَاضٍ، فَكَتَبَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ كِتَابًا يَقْبَلُ كِتَابَهُ، وَلَوْ أَتَى أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ فَأَخْبَرَهُ بِالْحَادِثَةِ بِنَفْسِهِ لَمْ يَقْبَلْ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ جُعِلَ كَأَنَّ الْكَاتِبَ خَاطَبَهُ فِي مَوْضِعِ الْقَضَاءِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي كَأَنَّهُ خَاطَبَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْقَضَاءِ كَذَا هَذَا.

(مَسْأَلَةٌ) :
لَوْ أَنَّ قَاضِيَيْنِ الْتَقَيَا فِي عَمَلِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي مِصْرٍ لَيْسَ مِنْ عَمَلِهِمَا فَقَالَ لَهُ: قَدْ ثَبَتَ عِنْدِي لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ كَذَا وَكَذَا عَلَى فُلَانٍ فَاعْمَلْ بِهِ، لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْفِذْهُ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ أَوْ السَّمَاعَ وُجِدَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاؤُهُ فَصَارَ كَخِطَابِ غَيْرِ الْقَاضِي أَوْ كَسَمَاعِهِ وَهُوَ غَيْرُ قَاضٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي قَضَائِهِ، بِخِلَافِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّ خِطَابَ الْكَاتِبِ إنَّمَا وُجِدَ فِي مَوْضِعٍ يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاؤُهُ وَيَثْبُتُ ذَلِكَ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاؤُهُ أَيْضًا، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي يُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ لِهَذَا النَّقْلِ حُكْمَ الْقَضَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا النَّقْلُ إلَّا مِنْ الْقَاضِي، وَوَجَبَ هَذَا النَّقْلُ عَلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ، وَمَا يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ يَكُونُ قَضَاءً، وَيَجُوزُ الْقَضَاءُ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ مِنْ مِصْرٍ وَاحِدٍ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ الْقَضَاءِ بِعِلْمِ الْقَاضِي وَنُفُوذِ قَوْلِهِ]
فِي الْقَضَاءِ بِعِلْمِ الْقَاضِي وَنُفُوذِ قَوْلِهِ.
الْقَاضِي إذَا عَلِمَ بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ سَمَاعِ الْإِقْرَارِ أَوْ مُشَاهَدَةِ الْأَقْوَالِ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الْحُقُوقِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ يُسَاوِي الْقَاضِيَ، ثُمَّ غَيْرُ الْقَاضِي إذَا عَلِمَ لَا يُمْكِنُهُ إقَامَةُ الْحَدِّ، فَكَذَا الْقَاضِي إلَّا فِي السَّكْرَانِ فَإِنَّهُ إذَا وَجَدَ سَكْرَانَ أَوْ وَجَدَ رَجُلًا بِهِ أَمَارَاتُ السُّكْرِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَزِّرَهُ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حَدًّا.
وَمِنْ لَطَائِفِ مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ قُضَاةِ الْعَدْلِ، قَالَ أَصْحَابُ هَذَا الْقَاضِي: وَكُنَّا مَعَهُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ فِي مَوْكِبٍ حَافِلٍ مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ، إذْ عَرَضَ لَنَا فَتًى شَابٌّ قَدْ خَرَجَ مِنْ بَعْضِ الْأَزِقَّةِ يَتَمَايَلُ سُكْرًا، فَلَمَّا رَأَى الْقَاضِيَ هَابَهُ وَأَرَادَ الِانْصِرَافَ فَخَانَتْهُ رِجْلَاهُ فَاسْتَنَدَ إلَى الْحَائِطِ وَأَطْرَقَ، فَلَمَّا قَرُبَ الْقَاضِيَ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
أَلَا أَيُّهَا الْقَاضِي الَّذِي عَمَّ عَدْلُهُ ... فَأَضْحَى بِهِ فِي الْعَالَمِينَ فَرِيدَا
قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ تِسْعِينَ مَرَّةً ... فَلَمْ أَرَ فِيهِ لِلشَّارِبِينَ حُدُودًا
فَإِنْ شِئْت أَنْ تَجْلِدَ فَدُونَكَ مَنْكِبًا ... صَبُورًا عَلَى رِيَبِ الزَّمَانِ جَلِيدَا
وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَعْفُوَ تَكُنْ لَكَ مِنَّةٌ ... تَرُوحُ بِهَا فِي الْعَالَمِينَ حَمِيدَا
وَإِنْ كُنْتَ مُخْتَارَ الْحَدِّ فَإِنَّ لِي ... لِسَانًا عَلَى هَجْوِ الزَّمَانِ حَدِيدَا

نام کتاب : معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام نویسنده : الطرابلسي، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست